بسم الله الرحمن الرحيم
دراسة توثيقية
"للوزارة التي تصنع الحياة"
وللمهندسين الذين "ترسوا البحر وصددوا"
1 من 3
بروفيسور
د. د. محمد الرشيد قريش*
مستشار هندسي
gore0111@hotmail.com
مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية
لهندسة المياه والنقل والطاقة والتصنيع
1 يناير 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
استدعاء التاريخ:
لمن تقرع أجراس التكريم
في تشيد وتعلية سد الروصيرص
1 من 3
بروفيسور د.د. محمد الرشيد قريش
E-mail: gore0111@hotmail.com
مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية
لهندسة المياه والنقل والطاقة والتصنيع
استهلال:
"الوزارة التي تصنع الحياة"
--"كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ" (طه 99)
يحي عبد القادر --الصحفي الشهير في ستينيات القرن الماضي-- أصدر عددا خاصا من صحيفته "أنباء السودان" في 16 نوفمير 1961،عن "وزارة الري والقوي الكهربائية المائية"—كما كانت تسمي وقتها-- وذلك "بمناسبة بدء العمل في تشيد خزان الروصيرص … والقائمين علي ذلك العمل من مهندسي الري ، و"احتفاءا ، بدور(الوزارة)" …كرأس الرمح في المعركة الفاصلة... من أجل رفع مستوي حياة الأمة ... وهي (التي) تنشيء الخزانات لتوفير مياه الري ، وهي التي تتولي تنفيذ وتصميم المشروعات الزراعية الكبري و ...مهمة توليد الطاقة الكهربائية... ، و(هي) في هذه الفترة ... فرغت من انشاء امتداد المناقل... واضطلعت ببناء خزانين علي النيل الأزرق ونهر عطبرة وتقوم بتصميم مشروع كنانة ... ومشروع خشم القربة ...هذا بجانب مشروع توليد الكهرباء من خزان سنار"(انتهي)!
تسعي هذه الدراسة للتوثيق للمرحلة الأولي من تشيد سد الروصيرص بما في ذلك تصميمه ليتقبل تعليته لاحقا وللتوثيق للذين أسهموا في ذلك وممن ساهموا في استغلال وتوظيف موارده البلاد المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد وغيبتهم محافل التكريم مؤخرا، والدراسة بذلك تشكل توثيقا علميا لجزء هام من تاريخ "الوزارة اتي تصنع الحياة" وفق تعبير الصحفي يحي عبد القادر
" ( وفق مقولة المفكر العربي الكبير عبد الرحمن الكواكبى المشهورة ) ،
" أنظر علي وجه أتم الى الوراء ، لتري الي مدي أبعد إلى الأمام". (ونستون تشرشل)
ولا غرو في ما جاء في صحيفة "أنباء السودان"! فمن ذا الذي يذكر وزارة الري أو مياه النيل ولا يذكر الرعيل الأول من المهندسين الذين أداروا هذه الأعمال باقتدار،
سيسرد هذا الكاتب هنا أسماء تلك النخب ممن عرف علي المستوي الشخصي أوتعرف عليهم من حواراته مع المهندس عبد الوهاب فضل الله أو تعرف علي مهامهم وهو يقلب اصدارة العاملين بالخدمة المدنية لعام 1953 بدءا ، برأس سنام "مصلحة الري" وحجر رحاها قسم المشروعات (والتصميم) والذي كان علي رأسه في مطلع الخمسينيات مستر وولف ومستر ماثيو وقد حجز فية مقعدا –حسب أسبقية التحاقهم ب "مصلحة الري" -- كل من صالح العبيد ومحمد علي كوباوي والرشيد سيد أحمد ،ومكتب "مصلحة الري" في الخرطوم وعلي راسه مستر سميث يعاونه "الوكيل" عبد الرحمن عابدون ، ثم هناك "الرئاسة" في مدني والتي كان علي رأسها مستر دن يساعده مستر موريس مستشار الري ، ثم قسم خزان سنار وعلي رأسه ال “RE”مستر فنلي يعينه الهادي عبد الرحمن وصغيرون الزين وسيد عبد الله ، ثم قسم وادمدني وعلي رأسه مسترمكفاديين، يعاونه محمد علي اسماعيل وحسن علي ابراهيم ومحمد منور وسيدعمر العوض ومكي مدني وعبد القادر مرجان،وحسبو محمد احمد ، ثم قسم ابوعشر وعلي رأسه مستر بوثووي يعاونه احمد صادق حسن وخليل الأمين الأحيمر وخالد عبد العظيم وعمر بابكر فريجون ، وهناك قسم الجزيرة الغربي وعلي راسه مدثر محمود، يعاونه حسن كافي وبشير عبد الرحيم ومحمد صابر سليمان وادم محمد زين وعثمان حسن عمران وحسن محمد صالح ، ثم قسم التشييد الذي يراسه مستر هتشيسون يعاونه محرم عبد النبي ومحمود جادين ومزمل عبد الرسول ،ثم المنتدبين لمشروع القاش، الياس دفع الله ويوسف عبدالرحمن، ثم جاء بعدهم مرتضي أحمد ابرهيم ويحي عبد المجيد وعبد الله محمد علي و الطيب عبد الرازق ومحمود بشير جماع ومحمد عبد الكريم عساكر والريح عبد السلام وقاسم عثمان وأحمد عباس ومحمد صالح حسن وبخيت مكي وعباس هداية الله والطيب تاج الدين وعبد الله أحمد ابراهيم، ثم هناك الجيل الثالث من المهندسين من امثال عبد الوهاب فضل الله وابراهيم حمد و الخير حاج الأمين وكمال علي ود. محمد الأمين واسماعيل عبد الله،وجعفر محجوب وابراهيم المنصوري وعثمان محمد خير وهناك الدور الكبير والدعم االهام لمهندسي المياه من المهندسين الميكانيكين من أمثال خليفة الصلحي وعثمان مصطفي وهناك من أسهم في دعم قدرات وزارة الري من جامعة الخرطوم كبروفيسور دفع الله الترابي ، وبروفيسور عابدين صالح ،وهناك عدد كبير من المهندسين الجامعين وخريجي المعهد الفني يصعب حصرهم ، ومن وسط هؤلاء وغيرهم خرج المهندسون الذين أسهموا في سدي الروصيرص وخشم القربة –وان كان اسهامهم بدرجات متفاوتة – وكانوا –وكل منهم حسب كسبه -- وراء تلك المشروعات الزراعية الكبري كالمناقل وخشم القربة وكنانة و توليد الطاقة الكهربائية ، مما ورد ذكره أعلاه في العدد الخاص لصحيفة "أنباء السودان" ، والرسم أدناه يمثل الهيكل التنظيمي لوزارة الري (MOI) حينها (حيث يضطلع مساعد مهندس القسم (ADE) بمسؤلية تشغيل وصيانة الترع وبوابات أبوعشرين وامداد المستهلكين بالمياه ، بينما يضطلع مساعد المهندس(AE) بمسؤلية سجلات ضبط المياه الخ) والصورة بعدها تمثل العاملين في "وزارة الري" في الخرطوم في نوفمبر1955
تكريم الذين أسهموا في انشاء سد الروصيرص والمشروعات المائية الكبري –
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ..."
" فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء 135)
جاء في الأخبار مؤخرا إن كلية القانون بجامعة هارفارد نقشت علي حائطها الأية الكريمة أعلاه من سورة النساء واصفة اياها بأنها "أعظم عبارات العدالة في العالم"، ، ولو عقلوا لنقشوا معها الأية الكريمة المكملة لمقاصدها "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا"
(المائدة 8) فتأمل أيها القاريء في مغزي الحدث !—أخشي أن نصبح فنجد هدي القران فينا " كالحُمَّةِ (أي عين الماء الحارة) يأتِيهَا البُعْدَاءَ ويَزْهَدُ فِيها القُرْباءُ!
وعبر التاريخ كانت الأجراس تقرع في الأفراح ،كما انها تقرع في الأتراح وأيضا لجمع الناس لتكريم العلماء ،احقاقا للأية الكريمة " هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" (الزمر9) أوأعمالا للقسط في اختيار تخليد ذكري أو عرفانا لأصحاب الفضل .
وفي عددها الصادر في 10-12-2012 ، أشارت صحيفة الرأي العام الي احتفالية أقامتها وحدة تنفيذ السدود في العاشر من ديسمبر وجمعت لها الناس بمناسبة مرور46 عاما علي افتتاح سد الروصيرص في مرحلته الأولية ، وقيل أنها "تكريما وعرفانا للمهندسين الأوائل والعاملبن ووزراء الري السابقين الذين أسهموا في انشاء سد الروصيرص في مرحلته الأولي وساهموا في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد" (انتهي) ،
وفي عددها الصادر في 14-12-2012 أوردت نفس الجريدة ، احدي عشر أسما لأبرز الحاضرين ممن كرموا في تلك الأحتفائية لأنفسهم أو نيابة عن اسر اولئك المهندسين الذين اسهموا في انشاء سد الروصيرص وساهموا في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد .
“وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ” (البقرة 283)
و"لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ"(حديث شريف):
إنما يقدر الكرام كريم ويقيم الرجال وزن الرجال" (شوقي)
الملفت للنظر هنا أن تلك القائمة المشار اليها عاليه خلت تقريبا—الا في استثناء واحد أو اثنين -- من كل الأسماء التي حفل بها العدد الخاص بصحيفه"أنباء السودان" بتاريخ 16 نوفمير 1961 -- عن القائمين حينها علي تشيد خزان الروصيرص وعن أبرز من ارتبط اسمه من وزارة الري والقوي الكهربائية المائية بسد الروصيرص ، وجلهم ممن واصل عطاؤة مع مراحل بناء السد اللاحقة ، وممن خرج من وسطهم أبرز المهندسين الذين كانوا "وراء تلك الخزانات و المشروعات الزراعية الكبري كالمناقل وخشم القربة وكنانة و توليد الطاقة الكهربائية وخزاني النيل الأزرق و عطبرة " ، مما ورد ذكره أعلاه في عدد صحيفة "أنباء السودان" الخاص .
روى البخاري أن ناساً من الأنصار قالوا -- حين طفق النبي يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل : "يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويدعنا" !
قال أنس: فحُدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم…
فقال:" ما كان حديث بلغني عنكم ؟"
فقال له فقهاؤهم: أما ذوو الرأي فينا فلم يقولوا شيئاً،
وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: "يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويترك الأنصار" ….
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"…. أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله ؟ فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به"
قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا". (رواه البخاري)
بالطبع لا يملك أولئك النفر من المهندسين الأفذاد الذين غفل القوم عن تكريمهم ، أن يرجعوا الي رحالهم برسول الله (ص) ،كما آثرالأنصار (رضوان الله عليهم) ، وأحسب أن جلهم ما بدلوا بذلك الدنيا وما فيها ، كما أحسب أن فيهم من يصدق عليه قول رسول الله (ص):
"إن الله يحب الأخفياء الأحفياء الأتقياء الأبرياء
الذين إذا غابوا لم يفتقدوا
وإذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى ". (حديث شريف)
“نم قرير العين هانيها” عبد الرحمن الكواكبي، فالزمان الربيعي لم يخذلك وها هو
" يجود علينا باناس ينبهون الناس ويزيلون الألتباس":
ابن بارا البار ، القطب الأقتصادي والأديب المطبوع ، السيد الحاج مكي ذكرهذا الكاتب بقصيدة "فينوس" ("وفينوس" هي كناية عن "اللغة العربية") لشاعر السودان الأكبر أحمد محمد صالح –مالك ناصية جمال اللغة والشعرالعربي -- كما تشهد بذلك قصيدته العصماء تلك -- و يتطابق الموقف الان في اغفال دعوة هؤلاء النفر الأفذاذ لتلك الأحتفالية ، ممن ما كان ليكون سد الروصيرص بدونهم ، بما حدث فيما مضي لشاعر السودان الأكبرمن اغفال دعوته لأحتفائية تكريم الشعر العربي في شخص صديقه شاعر مصر علي الجارم وهو يزور الخرطوم، في حين كان شاعر فينوس هو الأحري بأن يكون علي رأس المدعوين ، وقد جاء في قصيدته تلك:
أخلفت يا حسناء وعدى وجفوتنى و منعت رفدى
فينوس يا رمز الجما ل ومتعــة الأيام عندى
لما جلوك على الملا وتخــيروا الخطاب بعدى
هرعوا إليك جماعة وبقيت مثل السيف وحدى
استنجز الوعد النسيم وأسأل الركبان جهدى
يا من رأى حسناء تخـ طر فى ثياب اللازورد
لو كان زندى واريا لتهيبوا كفى و زندى
أو كان لى ذهب المعز لأحسنوا صلتى وودى
لما تنكر ودهـــم جازيتهم صدا بصد
لى من بيانى صارم و كتائب العزمات جندى
حجبوا سناك و ما دروا أن الكواكب ذات وقد
رفعوا العماد و هللوا وأتوك وفدا إثر وفد
علمهـم أن العــقــول تحررت من كل قـيد
علمهم أن الحياة تسير في جزر ومد
مسئولية الأشراف علي الأعمال المرتبطة بالمرحلة الأولي لتشيد سد
الروصيرص—
"فسل به خبيرا"(الفرقان 59) ، و"قيمة كل أمريء ما يحسن" (علي بن أبي طالب –رض)
المهندس الرشيد سيد أحمد هو أحد ممن تحدث عنهم العدد الخاص من صحيفة "أنباء السودان" ، و في حفلة تكريمه عند تقاعده عام 1964، أشار المهندس محمد صادق حسن ،نائب وكيل وزارة الري الي أن الرشيد سودن مستشاريها البريطانيين (ألن ومورس) …” في ظرف من أحرج الظروف (وحيث) "ساهم... في التحضير والدراسة لقيام مشاريع الري الكبرى كخزان الروصيرص وخزان خشم القربة" "( انتهي)، و الصورة أدناه تدعم شهادة المهندس صادق حسن ، حيث يظهر فيها المهندس الرشيد وهو يراقب ويقيم أداء هيكل نموذجي مصغر (Experimental Scale Model) لخزان خشم القربة ، تستخدم نتائج اختباراته وتحليلات بياناته في وضع مواصفات السد النهائية وتحديد معايير التشغيل وصولا للتشغيل الأمثل والأمن للخزان :
وهناك شهادة أخري تدعم ما قاله المهندس صادق حسن ، من المهندس عبد الوهاب فضل الله ، الذي عمل سابقا ككبير مهندسي مشاريع النيل الأبيض و ككبير مهندسي مشاريع الأصلاح الزراعي للنيل الأزرق (حيث قام بخطوة ادارية فذة بتجميع المشاريع الصغيرة كحيازات أكبر لتحسين ادارتها وكفاءتها ، مما أهله .ليكون أول مدير للري لمشروع الرهد ، ومنح وسام الأنتاج الذهبي من السيد رئيس الجمهورية والميدالية البرونزية ، مع تقديرمستشاري مشروع الرهد - شركة ماكدونالد -- لأنجازاته تلك). المهندس عبد الوهاب—ذكر هذا الكاتب أن أحد أبرز اولئك المهندسين ممن ارتبط اسمهم بسد الروصيرص ، وصاحب الأسهام الأكبر فيه كان الرشيد سيد أحمد—بسبب عمله كسكرتير فني وكنائب مستشار ثم لاحقا كمستشار للري حيث كان أول من سودن مستشاريها البريطانيين (ألن ومورس) معا ! ،"و أن مستشار الري يعتبر بعد الوزير مباشرة —وان المهندس الرشيد تولي مع المستشارين الأجانب مسئولية الأشراف علي كل الأعمال الأولية المرتبطة بالمرحلة الأولي لتشيد سد الروصيرص" (انتهي)
المهندس الرشيد و"اسهامه في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد"إنما تعرف الشجرة من ثمارها:
هذه الأفادات لأثنين من كبار مهندسي وزارة الري تحملنا لأعتماد المهندس الرشيد كنموذج لمن غابوا أو غيبوا عن تلك الأحتفائية ، والمفترض أنها اقيمت "تكريما وعرفانا للمهندسين لأوائل والعاملبن ووزراء الري السابقين الذين أسهموا في انشاء سد الروصيرص في مرحلته الأولي وساهموا في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد" ، وفق ما جاء في تبرير تلك الأحتفائية ، ونحن اذ نعيد ذكر بعض انجازات هذا المهندس المبهرة هنا ، لا نعيدها فقط لأرتباطة الوثيق بكل واحد من تلك المشروعات الزراعية الكبري ، كالمناقل وخشم القربة وكنانة ، ومجاهداته في ترويض وكبح غلواء نهري القاش وبركة ، وامداد أهل طوكر بالطعام من الجو (حيث كاد يبتلعه النهر هو ورفاقه من العمال في الأولي ، وركب في الثانية مخاطر طائرة نزع عنها بابها ليشترك– وهو السكرتير الفني للوزارة !-- في اسقاط جوالات الطعام المحمولة جوا لأنقاذ أهالي مدينة طوكر--الذين عزلهم الفيضان--من الجوع !) ، كما اننا أيضا لا نعيد ذكر بعض سيرة هذا المهندس المهنية هنا ، لأرتباطة الوثيق بتوليد الطاقة الكهربائية من سد سنار وخزاني النيل الأزرق و ونهرعطبرة ، بل نعيدها هنا لأرتباطه اللصيق خاصة بتشيد المرحلة الأولي وماسبقها من تخطيط ودراسات وتمويل لسد الروصيرص ولتعليته اللاحقة ، مما لا يتم توثيق تاريخ سد الروصيرص بدونه —فقد كان هو "نقطة الأرتكاز"(Focal Point) في كل ذلك ، كما سنري بعد قليل ، خاصة لأن هذا المهندس ضن عن ذكر مآثره تلك واشادة الناس بها حتي عن بيته واولاده ، فمثلا:
كان لهذا المهندس الدور المعلي في تخطيط وتصميم مشروع المناقل
وهو الذي قام بتخطيط وتصميم كل الترع لمشروع القاش ومشروع دلتا طوكر وتشييد منشئات التحكم في المياه وترع وحياض الري لمشروع تسني باريتريا والمحافظة علي مجري القاش وخور بركة وتهذيبهما للحماية من – وضبط- الفيضانات من خلال إقامة السدود و منشئات ترويض النهر المختلفة (Cut-offs, Levees, Check Dams, Diversions
و بتخطيط وتصميم نصف مليون فدان من المشاريع الزراعية الخاصة بالنيل الأبيض والأزرق
وتخطيط وتصميم وتحسين 32 مشروعا من مشاريع الإصلاح الزراعي بالنيل الأبيض والأزرق
وتخطيط وتصميم المرحلة الأولي والثانية لمشروع الواحة
وإعادة تصميم مشروع طرمبات فطيسة
وتخطيط وتصميم قنوات ومصارف الهشابة
تصميم الترع والمصارف المرتبطة بقنطرة كيلو 57 وعمل الميزانيات لها
والمشاركة في تخطيط وتصميم امتداد مشروع الجنيد
والمشاركة في تخطيط وتصميم مشروع امتداد شمال غرب الجزيرة
وتخطيط وتصميم (بالاشتراك مع شركة مردوخ ماكدونالد):
امتداد مشروع الجنيد
وامتداد مشروع خشم القربة
مع التخطيط الأولي لمشروع ري أراضي الرهد والحواته
والتخطيط الأولي لأمتدادات المشاريع الزراعية بالنيل الأزرق والرئيسي و الشمالية
ومشاركته في أعمال "الإدارة المركزية للكهرباء والمياه" بحكم منصبه كمساعد مستشار وزارة الري والقوي الكهربائية المائية، ثم عمله كعضو في مجلس إدارتها بعد تقاعده
وقد شهد باسهامه في استغلال وتوظيف موارد السودان المائية -- لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد -- رؤساؤه وزملاؤة ومروسيه ، ودون القاريء الكريم :
شهادة العارف بالله وعميد المهندسين السودانيين صغيرون الزين الذي عمل معه عن كثب عشرات السنين، حين قال في حقه:
"والله لا أعرف أحدا أكثر منه علما أو أكثر منه تقوي أو أكثر منه نكرانا للذات"
وشهادة المهندس محمود جادين، أول وكيل لوزارة الري عنه حين قال:
"أرض الجزيرة الخضراء إن كانت تلفظ، لنطقت باسمه"
أو ما قاله زميله علي محمود في حفل تقاعده عام 1964من أن:
"اسمه سيظل مرتبطا بوزارة الري مدي الحياة نتيجة أعماله الجليلة التي أداها لهذا الوطن"
وافادات المهندس عبد الوهاب فضل الله —والذي عمل مع المهندس الرشيد في وزارة الري وفي مشروع السليت (الذي خططه وصممه ونفذه الرشيد )، حيث أنه يري أن ليس هناك مشروع ري في السودان يضاهي في دقة تصميمه وتنفيذه مشروع السليت--
وشهادة المؤرخ السوداني والمربي الكبير حسن نجيله في شأنه حين سمع عن تقاعده": ، "لا أدري كم لدينا من خبرات هندسية بشئون الري ومشاريعه القادمة والسابقة في عداده لنستغني عن خبرته لمجرد أنه بلغ الخمسة والخمسين"
وشهادة رئيس الجانب المصري للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل عن دوره المركزي في تأسيسها وعمله كنائب لرئيس الجانب السوداني فيها حين كتب له قائلا:
"وإنني إذ ذكرت فضلك وجهدك في خدمة مياه النيل وهيئتها، فما قلت إلا حقا لأنك كنت يدا قوية
بنت لهذه الهيئة تقاليدها"
كما أننا نستدعي للشهادة هنا في دورهذا المهندس المركزي المحوري ( في تشيد المرحلة الأولي لسد الروصيرص ولتعليته اللاحقة ، وماسبقها من تخطيط ودراسات وتمويل) ، أكثر من عشرين صورة لمراحل المشروع المختلفة (يجدها القاري هنا أو في منبر سودانيز أون لاين) ، و" الصورة تسوي ألف كلمة"، كما يقول المثل المنسوب في أصله الي حكمة صينية ، كما أن "الكاميرا لا تكذب ولا تتجمل" ! كما كان يقول البروفيسور البولندي استفان شارف (تلميذ المخرج الروسي الأشهر سيرجي ايزنستاين) لطلبته في قسم السينما بجامعة كولومبيا (وهذا الكاتب كان أحدهم) ، مستشهدا بمقولة سابقة للمخرج الأمريكي جين فرانكل !
وفي الصورة أدناه يظهر المهندس الرشيد وهو يشرح الاحتياجات المائية لمشاريع الري في السودان -- قبل وبعد سد الروصيرص --لقيادات وزارة الخارجية محمدعثمان يسن وخليفة عباس ، بحضور صغيرون الزين ومحمود جادين والسفير الاثيوبي ملس عندوم ، وعليك ان تتأمل أيها القاريء الكريم في هذه الصورة كيف كان المسؤولون في الوزارات السيادية حريصين علي الذهاب الي وزارة الخارجية في عقر دارها لأطلاع مسؤوليها بخططهم الفنية ذات البعد الخارجي ، وتستطيع أن تلمس في الصورة أيضا حرص وزارة الخارجية لكسب دعم المعنيين من دول الجوارمبكرا لتلك الخطط بدعوة ممثليهم لحضور تلك اللقاءات، انطلافا من مبدأ "اخضاع التعامل الخارجي لمقتضيات النمو الداخلي" ، بمعني أن السياسة الخارجية هي إمتداد للسيا سة الد اخلية للدولة ، وأن السيا سة الخارجية يجب أن توضع بعد وضع السياسات الداخلية (المائية و البئية وسياسات الطاقة والنقل الخ)، مما يعبر عنه عادة بالتعبير الأنجليزي (“All Politics Is Local”)!
لمحة عابرة عن مراحل تشيد سد الروصيرص—والتفاصيل الفنية تأتي لاحقا
(بما فيها جدلية زيادة التوليد الكهربائي بعد التعلية) ، ان شاء الله:
تحديد موقع سد الروصيرص :
في عام 1904 اقترح وليام قارستين (Garstin) انشاء سد علي شلالات الدمازين
وفي عام 1938أوضحت الدراسات المبدئية لمصلحة الري امكانية تخزين بسعة مليار واحد Milliard m3) 1) في الموقع
الأنشطة السابقة للمشروع: إعداد دراسة الجدوى الأستشرافية (Pre-feasibility Studies):
في عام 1954 قام مكتب السير الكسندر جيب وشركاه بالدراسات الخاصة بالمشروع وبالتوصية أن تكون سعة الخزان(1.2 Milliard m3) على أساس أعلي منسوب للتخرين ((R.L. 471.5 ، مدد فيما بعد إلى 480 م بعد دراسة جدوي لسعة اكبر من المقترحة سابقا، حيث استقر الرأي بعد الدراسة علي سعة تخزين تبلغ ثلاثة مليارات) (3.0 Milliards m3
تقييم الموقع المقترح للسد :
في عام 1957 دعت "وزارة الري والقوي الكهربائية المائية" الدكتور خوسلاKhosla)) لزيارة السودان ، والدكتور خوسلا هو خبير ري هندي و رئيس جامعة "روركي) Roorkee ، )والتي تعرف الأن ب Indian Institute of Technology (Roorkee ، وهو واضع تصور سد "هيراكود"( Hirakud) الهندي في عام 1945، والذي تم الانتهاء منه في عام 1957] وهوأطول سد ترابي في العالم (27.4 Km)، بينما الطول الكلي هو (32 Km) ، قارن مع سد الروصيرص بعد التعلية (25 Km)، ومع سد مروي 9.7 km ، وجبل أولياء [5Km .
دكتور خوسلا أشار في تقريره لوزارة الري إلى أن سدا في موقع شلالات الدمازين قادر علي تخزين حجما من المياه يفوق بعدة مرات الثلاثة مليارات المقدرة في التقيم السابق "، ومضيفا أن "سد الروصيرص يبدو هو المشروع الوحيد في السودان القادر على تخزين كميات كبيرة من المياه في موقع ... يطل على ، ويسقي (أي يتحكم في Commands) أكبر المناطق وأفضل الأراضي القابلة للري"
Source: DR. Khosla, 1957.Report on Some Aspects of the Development of Water Resources in the Sudan)
المهندس الرشيد والمشاركة في كل الأعمال الأولية المرتبطة بالمرحلة الأولي
لتشيد سد الروصيرص: "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة 111)
وفق شهادة المهندس محمد صادق حسن المشار اليها عاليه فأن "المهندس الرشيد سودن مستشاريها البريطانيين (معا ، ألن W.N. Allan ، وموريسH. Morrice) " في ظرف من أحرج الظروف (وحيث) "ساهم... في التحضير والدراسة لقيام مشاريع الري الكبرى كخزان الروصيرص وخزان خشم القربة"
وقد قامت "وزارة الري والقوي الكهربائية المائية" في هذه الفترة من عمل المهندس الرشيد كنائب مستشار الري باجراء تصويرا جويا ومسحا كونتوريا لتحديد أقصى مستوى ممكن للتخزين في خزان الروصيرص المقترح ، والخالي تماما من الأضرار أو خسائر التبخر المفرط . فحص وتقيم تلك المسوحات التي شارك فيها المهندس الرشيد أكد صدق ملاحظات دكتور خوسلا، مشيرة إلى سعة أكبر للتخزين في الروصيرص تبلغ 7.6 مليار(m3 Milliards 7.6) ، علي أن يتحقق ذلك في تعلية لاحقة ، وقد ذكر المهندس الرشيد لهذا الكاتب لاحقا أن دكتور خوسلا ترك انطباعا طيبا لديه حول سعة المام هذا الخبير الهندي بشئون المياه
في وقت مبكر من المشروع -- ومن باب الترويج لسد الروصيرص -- أوجز المهندس الرشيد مسوغات تشيد المرحلة الأولي للروصيرص:
دعنا نقرأ ما خطه يراع المهندس الرشيد سيد أحمد -- من باب الترويج لسد الروصيرص – وذلك عن الفوائد التي يجنيها السودان بعد تكملة المرحلة الأولي لسد الروصيرص وتخزين 3 مليارلات مكعبة من المياه—وهي محاججة بني عليها لاحقا مرافعته المثمرة امام الممولين الأجانب كما سنري بعد قليل:
ففي11-3-1961 ارسل المهندس الرشيد سيد أحمد –نائب مستشار الري--مذكرة لمدير وزارة الري يعدد فيها مسوغات تشيد المرحلة الأولي للروصيرص كالأتي:
"زيادة الرقعة الزراعية بالجزيرة والمناقل بمقدار (200 000) فدان وباحتياجات مائية تبلغ (162) مليون متر مكعب
زيادة الرقعة الزراعية في مشاريع الطلمبات العامة والخاصة ، بمقدار(600 000) فدان وباحتياجات مائية تبلغ (538) مليون متر مكعب
تكثيف الزراعة بالجزيرة والمناقل بزراعة محصول شتوي في مساحة قدرها
(290 000) فدان ،بعد الأنتهاء من زراعة الذرة ، وباحتياجات مائية تبلغ (700) مليون متر مكعب ، (تفصيلها كالأتي):
المناقل = (133 000)= (16.6 %)X (800 000) فدان
الجزيرة = (124 000)= (12.5 %)X (980 000) فدان
المناقل والجزيرة = (33 000)= (16.6 %)X (200 000) فدان
الجملة(290 000) فدان
حفظ منسوب ثابت بخزان سنار ،لمنسوب(417.2) لتوليد طاقة كهربائية ثابتة ، و وباحتياجات مائية تبلغ (332) مليون متر مكعب
موازنة ما ينتظر ان نفقده من تخزين في حالة الأستغناء عن خزان جبل أولياء، وباحتياجات مائية تبلغ (850) مليون متر مكعب
زيادة (مائية) لري سكر الجنيد، وباحتياجات مائية تبلغ (140) مليون متر مكعب
زيادة (مائية) لري سكر أبو نعامة أو أي مشروع اخر، وباحتياجات مائية تبلغ (92) مليون متر مكعب
الجملة(2814) مليون متر مكعب
صافي التخزين بالروصيرص لمرحلته لأولي2814)=(2940-126 مليون متر مكعب
والخزان ضروري لضمان حصتنا من المياه في الفترة الحرجة ، عن طريق التخزين فيه في فترة الفيضان ، خاصة لأن حصيلة النيل الأزرق غير ثابته ، وليست بكافية في بعض السنين لسد احتياجاتنا المائية
ولأن معظم التوسع الزراعي للقطر محصور في الأراضي الواقعة علي النيل الأزرق أو التي تروي منه كما أن هذا الخزان سيكون النواة الأولي لزيادة التخزين فيه الي (7.5) مليار متر مكعب ، الأمر الذي سيمكن من زيادة الرقعة الزراعية بأكثر من(1.5) مليون فدان بمنطقة كنانه وحدها" (انتهي)
المهندس الرشيد ودوره المحوري في تحقيق تعلية السد التي تحققت لاحقا في المرحلة الثانية—"قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا" (الأنعام 148)
المهندس الرشيد سيد أحمد قاد وحده مفاوضات السودان لتمويل خزاني الروصيرص وخشم القربة وكهربة خزان سنار ،:
وهناك نوعان من المقاربات لأي مفاوضات :
منهج "المقايضة – (Bargaining) ، حيث يعتبر الطرف الأخر "خصما"
(Win-Lose Situation)
منهج "الحل المشترك للمشكلة" Joint Problem-solving)"( ، حيث يعتبر الطرف الآخر مشاركا في "انتاج" الحل(Win-Win Situation)
والمفاوضات هي في جوهرها تبادل للمعلومات – أكان ذلك في منهج المقايضة ، ولكن بصفة خاصة في منهج "الحل المشترك للمشكلة”
مواصفات المفاوض الأمثل—المقاربة المهنية هي أنجع وسيلة للمفاوضات:
"أرسل حكيما ولا توصه، فالبلاء موكل بالمنطق" ، والرائد لا يكذب أهله،:
وفي مثل تلمس مصادر التمويل لأي مشروع ،ينبغي اطلاق العديد من الحوارات التجهزية
في مرحلة ماقبل بدء التفاوض مع كل الأطراف ذات الصلة داخل وخارج المؤسسة ، ويتم في هذه اللقاءت تحديد غايات المؤسسة (Goals, Mission, Vision)،
و وضع أهداف ( Objectives ) واقعية للمفاوضات منطلقة من فلسفة المؤسسة وفرضياتها وتعريف النهايات المبتغاة (المقاصد الكلية) من تلك المفاوضات ، ويتم بعدها دمج وصياغة تلك الأهداف والغايات في شكل سياسات ( Policies ).وخطط (Plans ). وإستراتيجيات صغرى ( Micro Strategies ).وتكتيكات ( Tactics )، تفصح عن نفسها في القرارات التي تحكم مسار التفاوض و ترسم حدود تفويض المفاوضين
وفي مرحلة التفاوض ،ينبغي علي المفاوض بأسم الموسسة أو الدولة ان كان سيحقق أهدافه أن:
§ يبدأ بتعريف المشكلة بطريقة مقبولة للطرفين وقادرة علي أن تكسب اهتمام ورضا الطرف الأخر وذلك من خلال استخدم معاير موضوعية في مقارباته و بناء مواقفه علي قاعدة من المبادئ العلمية المتفق عليها
§ ويجوز للمفاوض الجيد محاولة تثقيف الطرف الآخر ان كان أقل الماما بكل جوانب القضايا الخلافية موضع الحوار ، وذلك من خلال الأقناع الراشد (Rational Persuasion) و"التعليم عن طريق ضرب المثل" (Teaching by Example)، فان وجد الطرف الأخر مقاربة نظيره للقضية مقاربة مهنية أصابته "عدوي" تلك المقاربة !
وفي مثل تلمس مصادر التمويل لمشروع مائي (كبناء سد مثلا ) ، ينبغي أن يكون المفاوض على دراية تامة:
بقضايا الموارد المائية في بلده
وبعلم "المائيات" (الهيدرولوجيا) ، أي ذلك الضرب من الدراسات العلمية التي تعني بخصائص ، وتوزيع ، وآثار المياه على سطح الأرض ، في التربة وفي الصخور الكامنة ،
و بعلم "الهيدروليكا" ، أي ذلك الضرب من الدراسات العلمية التي تعني بدراسة ميكانيكا المياه وبدراسة المبادئ التي تحكم سلوك السوائل والسيطرة علي المياه ، (مثلا من خلال المنشئات الهندسية -- على سبيل المثال تصميم السدود الإنشائية، والماخذ (Outlets)والقنوات والتحويلات (Diversions)، ومرافق توليد الطاقة، وضبط الأنهر) ،
وبمشاكل الري والصرف
وبمشاكل الإدارة - القيود المؤسسية لتخطيط وتصميم و تشغيل مشاريع الموارد المائية
ومما يعرف "بالقانون الدولي للمياه" – أي المفاهيم القانونية والمذاهب المتصلة بمجال المياه ، وترجمتها إلى القانون، على سبيل المثال، الحقوق المشاطئة، و الأستخدام المفيد الخ،
المهندس الرشيد ودوره المحوري في تحقيق التمويل الأول الأساسي للمرحلة الأولي والثانية لسد الروصيرص --"وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" (آل عمران 44):
ومن اشراقات سيدنا عمر (رض) التي لم يقف عندها المسلمون كثيرا، هي انه عندما طلب منه الرسول (ص) أن يذهب ليفاوض أهل مكة قال: "ارسل عثمان فان له وزنا عندهم" ، أحسب أن ما أرد أن يقوله الخليفة الملهم هو أن توفر الثقة في الطرف الأخر هي جزء لا يتجزأ من نجاح المفاوضات، والمفاوضون الكبار عادة يفضلون كثيرا التعامل مع مفاوضين مهرة أخرين ، بنفس الطريقة التي يفضل بها الرياضي الماهر التنافس ضد رياضي "ذي وزن عندهم"—مثلا في مستواهم من المهارة ، وليس ضد مبتدئين :
وقد سبق هذا المهندس الي المفاوضات ، صيته عند مستشاري الري الأنجليز كتقييم مستشار الري ألن (W.N. Allan) لدوره في تخطيط وتصميم كل الترع لمشروع القاش ومشروع دلتا طوكر وتشييد منشئات التحكم في المياه وترع وحياض الري لمشروع تسني باريتريا وعمل الميزانيات لها والمحافظة علي مجري القاش وخور بركة وتهذيبهما للحماية من – وضبط- الفيضانات من خلال إقامة السدود و منشئات ترويض النهر المختلفة (Cut-offs, Levees, Check Dams, Diversions) وهو عمل بارز شهد له به كبير مهندسي الري الإنجليز هذا عند انتهاء عمله في شرق السودان قائلا:
"أود أن أشكر لك... كل الحرص والتفاني في العمل والإخلاص للواجب الذي أظهرته...وللمعايير الهندسية العالية التي عالجت بها العديد من المشاكل الصعبة التي نشأت في القاش" (رسالة ن. ألن -- 1945)
أسباب تثمين مستشار الري الأنجليزي لهذا الأنجاز يمكن ادراكها بصورة أفضل لو استذكر القاريء الكريم شيئين اثنين : طبيعة نظام الجريان (River Regime) لنهر القاش (وبركة) ، و"حالة الفن"(State-of-the-Art) في علم "المائيات" (الهيدرولوجيا، أي خصائص ، وآثار دفق المياه على سطح الأرض وفي التربة) ، و علم "الهيدروليكا" ، ( أي ميكانيكا المياه و المبادئ التي تحكم سلوك والسيطرة علي المياه) في عشرينيات القرن الماضي:
فالقاش نهرلا يمكن اقامة منشئات رئيسية (Headworks) دائمة عبره: (فقط منشئات قصيرة الأجل (1-2 سنوات مع معالجة التغيرات الملازمة لذلك في منسوب قاع النهر)
§ اذ أن أية منشئات رئيسية تقام عبره يمكن أن يجرفها التيار كما حدث مع الهدار (Weir) الذي شيد في كسلا عام 1905!
§ وأن “نظام الجريان (River Regime)غير المستقر للنهر (الذي يتقلب بين الجريان الصفحي Sheet Flow وتغير المجري Avulsion ) يجرد مواقع المنشئات الرئيسية القائمة من ميزتها، ويدفع في اتجاه هجرها ،
§ وأن أية محاولة لحصر وحبس النهر في مجري محدد(River Confinement)، تؤدي الي رفع مستوى القاع باطراد في الأحباس السفلي ، نتيجة لترسب الطمي ، وفي النهاية يفيض النهر عند تصريفه العالي ويتخلي عن مجراه القديم !
§ وأية محاولة لتهذيب مجراه (River Training)لاستعادة موقع المنشأة المواتي السابق، تعيقه دورات الجريان الصفحي وتغير المجري الحتمية والتي لا يمكن تجنبها ولكن يمكن أن تأخير وقوعها الي حين عن طريق السدود (Leveesحماية الجسورالضفية) وتلك هي طبيعة "المشاكل الصعبة التي نشأت في القاش" ، حسب تعبير خبير الري الأنجليزي !
أما بالنسبة للمنهج الدراسي في قسم الهندسة في كلية غردون في العشرينيات من القرن الماضي حين كان هذا المهندس طالبا ، فهو لم يتعرض كثيىرا للجريان النهري "غير المضطرد وغير الثابت" ("(Un-Steady Non-Uniform Flow ، الذي يسم موجات فيضان القاش وطوكر العارمة أو اندفاعها المفاجيء ، حيث أن كل خواص الدفق (كسرعة الجيران أو عمق المياه الخ ) تتغير علي طول المجري و مع مرور الوقت ، ذلك لأن النظريات في هذا الشأن لم تبدأ تتبلور الا في الثلاثينيات من ذلك القرن ، وقد كان جل تركيز المنهج الذي تلقاه هذا المهندس علي التدفق المنتظم و المضطرد(Steady Uniform Flow) والثابت نسبيا ، أي لا تتغير خواص الدفق (كسرعة الجيران أو عمق المياه) علي طول المجري أو بمرور الوقت --كما في انسياب الترع--وهو أمر نادر الحدوث في الأنهاركالقاش أو خوربركة ذات “الفيضان اللمحي” (Torrential Rivers with Flash Flood) والذي يبلغ تصريفه في حالة القاش حتي (800 m3/sec)، وفي خور بركة حتي (1200 m3/sec) وحيث تقلبات التدفق عالية جدا وتتغير مع المواسم ، والقاش وبركة "أنهار" عصية علي الترويض، فالقاش مثلا نهر عنيف ولا يكف عن تغيرمجراه (Channel Migration) ، وبالتالي لا يجدي معه نصب منشئات ضبط (Control Works) ثابتةعبر مجراه! فكون أن هذا المهندس استطاع أن يجد حلولا فنية ناجحة من خارج ما درب عليه في كلية غردون ، في خطوة متقدمة حتي علي "حالة الفن" السائدة وقتها (State-of-the-Art) في حق الجريان النهري "غير المضطرد وغير الثابت" ("(Un-Steady Non-Uniform Flow ، الذي يسم موجات الفيضان العارمة و والأندفاع المفاجيء للأنهر المهاجرة (Migratory Rivers)كنهري القاش وبركة في السودان و نهر هنتر (Hunter)في استراليا ونهر بيتون(Beatton) في كندا ، ذوي السلوكيات المشابه، فذلك ما اعتبره الخبير الأنجليزي المتمرس ضربا من "المعايير الهندسية العالية" ، وقد وثق هذا الكاتب لتلك التجارب الفنية الناجحة علي شكل "دراسة حالة" (Case Study) لتدرس لداسي هندسة الأنهار من الطلبة ، وذلك في ورقة بعنوان :
“A Case Study on a Pioneering Work of Successful Design & Execution of Stream Training & Flood Damage Abatement Plan, 1993”
واستطرادا لما سبق ، نقول أنه سبق هذا المهندس الي المفاوضات أيضا صيته عند رؤسائه من خبراء الري الأنجليز أمثال ألن و موريس --وهم المؤمنون بأنهم الأمثل—وقولهم في ِشأن هذا المهندس : "هذا معيار إنجليزي" (This is British Standard”! ")، أي المثال الأعلى والمتميز الذي يقاس عليه،
كما سبقه الي المفاوضات الدور المعلي له في تخطيط وتصميم مشروع المناقل ، مما جعله يكني وسط خبراء الري الإنجليز بالوزارة: ب "رشيد المناقل" (Rashid of Managil) --وهو ما يسمي في اللغة الإنجليزية (Eponymy)، أي المعادل المعنوي لمنح صاحب الإنجاز البارز، المواطنة الشرفية لذلك الإقليم ، وقد لا يعلم الكثيرون أن مهندسي الري الأنجليز الذين ثمنوا عمل هذا المهندس هم من أميز مهندسي الري لدي بلدهم ، وهم ممن صقلوا حرفتهم في الهند والمستعمرت الأنجليزية الاخري ، فما كان في السودان شيء أهم لبريطانيا من "مشروع الجزيرة" وري قطنه -عصب صناعة النسيج في لانكشير ، والتي كانت الاولي في العالم ، ثم "النيل" الرافعة السياسة الكبري لسياسات بريطانيا في كل دول حوض النيل ، خاصة مصر الدولة المفصلية في الشرق الأوسط ،وما قصة الهياج الذي انطلق في مصر في البدء عندما أقترحت الحكومة البريطانية بناء خزان جبل أولياء ببعيد، لذلك دفعت بريطانيا للسودان بأوثق ما في كنانتها من اسهم في شئون الري !
ومن ضمن افادات المهندس عبد الوهاب فضل الله لهذا الكاتب في هذا الشأن أن جيمس ويلسون روبنسون، السكرتير الإداري البريطاني عندما سئل من قبل محرر جريدة الصراحة عما استرعي انتباهه وهو يزور السودان المستقل ، أجاب من دون تردد: "مشروع المناقل ! -- أن ينفذ السودانيون مشروعا مساحته مليون فدان في 4 سنوات بينما استغرق منا تنفيذ مشروع الجزيرة –ذي ال800 الف فدان -- 12 عاما"!)،
"الحوار الغلب شيخه": "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا" (يوسف 26)
مشروع الجزيرة الذي أشار اليه روبنسون هو كما قال استغرق تنفيذه 12 عاما"(من 1923 الي 1935)، وذلك في خمسة مراحل ، بينما مشروع المناقل تم تنفيذه في أربعة مراحل (من 1957 الي 1961) ، و روبنسون هنا يتحدث عن المجال المادي ( أي البني التحتية) وهذا ما يطلق عليه "نظام قنوات الري" ، والذي يشمل:
منشآت (وسائل) نقل المياه ، (كالقنوات و السيفونات المقلوبة الخ...)
و نظم التحكم (القناطر والمنظمات ومنشئات تبديد الطاقة الخ…)
و المنشآت الواقية، (للحماية من السيول و الفيضانات مثل المفيض
والمخرات وقنوات الصرف والمداخل)
والمنشآت الأخري ، مثل أحواض التثبت والبيارات والجسور الخ…)
الرسم أدناه يوضح بصورة أكثر تفصيلا "نظام قنوات الري" الكامل الذي بز السودانيون في اخراج بعضه الي الوجود شيوخهم من الأنجليز، بشهادة أبرز اداريهم في العهد الأستعماري!
“فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الأعراف 176)
" صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" (النمل 88) "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (المؤمنون 14)
"اللوحة (أقرأ هنا "القناة" في عيون مهندس الري) عندي هي الفكرة ، ثم طريقة التنفيذ ، وذلك هو الفن (أقرأ هنا "التصميم") عموما : هو تلك القدرة علي جعل الأفكار مجسدة ...وبذلك تستطيع الأفكار أن تمشي بين الناس... وبذا فان الفن (أو التتصميم) في جزء منه هو هذه الخبرة العملية (أي) "الحرفة" التي تشحن الصور(أقرأ هنا "القنوات") بالحيوية وتمتلي من ثم بالحياة ، وهنا يلتقي الخيال بالصنعة التي هي خبرة اليد علي التشكيل الماد(ي) لهذا الخيال " (الفنان التشكيلي الفذ ابرهيم الصلحي وهو يتحدث عن "اللوحة التشكيلية" لعيسي الحلو في الرأي العام 1-2-2013)
إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ"
(البقرة 243)
من فضل الله سبحانه وتعالي علي المبدعين -- و"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ" (الحشر 24) و"البديع" -- أن كرمهم بتماثل حرفتهم في الصفات مع أسمائه الحسني الأربعة تلك -- وهو الذي "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" (الشوري 11) ، ، ثم رفع الله لهم ذكرهم بأن قرن صنيعهم بواحد من أخص صفاته التي لا يشاركه فيها أحد--"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة117) -- حين قال "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" (الأعراف 54) ، ذلك لأن العرب كانت تسمي كل "صانع" "خالقاً" ، و"الخلق" أصله "الأيجاد ، علي تقدير وتسوية" ، كقول عيسى عليه السلام: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْر"ِ،وهذا في حق الله سبحانه وتعالي حقيقة ، أما في حق الصلحي الفنان أو الصلحي المهندس فهو مجازا، فالفنان أو المهندس"كخالق" هو الذي يبتدع الفكرة ويقدر احتاجاتها من مواد وهو "كباريء" أي "موجد أو منفذ" هو المبرز لما قدره للوجود ، وهو "كمصور" هوالذي ينفذ ما يريد ايجاده علي الصفة التي يريدها
"ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا فليتقنه" (حديث شريف):
من ضمن افادات المهندس صغيرون الزين التي خص بها هذا الكاتب أن وفدا من البنك الدولي زار مشروع المناقل هذا وسأل الوفد عمن خطط وصمم للسودان مشروع المناقل وقنوات الري فيه تلك؟ (لاحظ الأفتراض التبخيسي الذي ينطوي عليه السؤال!)
وعندما أجيب بأن السودانيين هم أنفسهم من خططوه وصمموا قنواته ، كتب الوفد في تقريره النهائي أن السودانيين هم أحسن من يخطط ويصمم وينفذ قنوات الري ومشاريع المياه في العالم الثالث وتأتي من بعدهم باكستان ثم مصر! علما بان البنك الدولي –الممول الأكبر عالميا للمشاريع المائية -- علي معرفة تامة ولصيقة بقدرات كل دول العالم في هذا الشان ، وهو يعلم بأن الكثيرمن المشاريع المروية تنهار بسبب فشل قنوات الري فيها، وأن أكثرأسباب فشل قنوات الري تلك شيوعا في العالم الثالث –وبالتالي فشل المشاريع المروية--هي بسبب التخطيط والتصميم غير الصحيحين لتلك الترع (Faulty Canalization Design --لا بسبب سوء الأدارة ، كما هو الحال في مشاريع السودان المروية كالجزيرة والسليت اوغيرهما (فمثلا عدم حصول بعض الأراضي علي السقيا في مشروع الجزيرة ، كثيرا ما يرد الي الأخفاقات الأدارية—ولهذا الكاتب سمنار كامل عن هذه المشكلة )، وأهمية التصميم السليم والكفء للترع تنبع ليس فقط من كون أن شبكة قنوات الري تشكل أهم عناصر المشروع المائي وأعلاها كلفة ، بل لأن مدي كفاءة هذا التصميم ذات تأثير حاسم علي كل جوانب المشروع الأخري من تشغيل وصيانة وضبط ووتقيم !
و مثل هذا الفشل عادة مايحدث عند منطقة التماس (Interface)بين العنصر البشري والنظام المائي : على سبيل اخفاق الأدارة في التعامل الناجح مع متطلبات تشغيل النظام، كما في الحالات الأتية:
§ عدم انتظام إمدادات المياه وفي وصولها في غير اوقاتها
§ الأخفاق في المحافظة علي منسوب التموين الكامل (Full Supply Level--FSL)
§ عدم اصلاح الكسور
§ عدم إزالة الإطماء
§ عدم ازالة الأعشاب في الترع الخ…
والقصة التالية التي نشرها الصحفي القدير حسن اسماعيل في جريدة السوداني(بتاريخ 28-1-2013 ) تحت عنوان "مشروع الجزيرة... مراسم الدفن " خير دليل لما اشرنا اليه:
"الفترة من 1999م الى 2005…شهدت النصيب العظيم فى تدهور المشروع وتآكل بنيته التحتيه خاصة فيما يتعلق بعمليات الري والصيانه”!!.
“ فى هذه الفترة انتقلت عمليات صيانة القنوات الصغيرة من وزارة الري والموارد المائية الى ادارة المشروع … (اذ) أقدمت ادارة المشروع وفى أول سنة لها فى عملية نظافة القنوات من الاطماء بازالة حوالى 41 مليون متر مكعب منها … هذه المذبحه قادت الى كارثة حقيقية فى قنوات الرى اذ أنها قضت تماما على جل قنوات الري وانتهت من كفاءتها وذلك لانها قامت بحفر تلك القنوات بعمق أكثر بكثير مما هو مطلوب أو انها قامت بتوسعة هذه القنوات أكثر مما هو مطلوب أيضا، …(ف) الكميات الداخلة من الأطماء سنويا تقدر فقط بـ(10) مليون متر مكعب يذهب 40% منها لتخصيب التربة للمشروع ويتبقى المطلوب ازالته لايتجاوز الـ 6 مليون متر مكعب … مهزلة ازالة الـ41 مليون متر مكعب من الاطماء بأكثر من ستة أضعاف الكمية المطلوبه وذلك أن الجهات التى أوكل لها ازالة تلك الاطماء كانت تحاسب بالانتاجيه فكلما قدمت مايفيد أنها أزالت كميات أكبر من الطمي من داخل القنوات كلما توسعت الفاتورة والدفعيات ولهذا تسابقت هذه الجهات على حفر القنوات وتعميقها وتوسعتها من غير أي موجهات هندسية أو علمية بحثا عن العائد ...(وأن) عام الرمادة ذاك كان من أسوأ الاعوام انتاجا اذ بلغت انتاجية الفدان للقطن 2.5 قنطار كأدنى انتاجية يشهدها المشروع طوال سنواته الثمانين" (انتهي)
ضبط واستغلال مياه الترع (أو الأنهار) يتحقق عن طريقين:
ضبط منسوب التصريف(Discharge & Level Regulation) ، من خلال الهدارات(Weirs) أو السدود الخ
ضبط "فرشة القاع"(Bed Regulation) من خلال التجريف (Dredging) بالكراكات المائية أو تثبيت الفرشة او المجري أو الجسور الترابية أو الجدر الأسمنتية الخ
والقصة عاليه هي مثل حي للخلط بين الغايات أو المقاصد (Goals or Ends) والأهداف (Objectives) لضبط "الفرشة": فعملية التجريف صحيح أن هدفها هو ازالة الأطماء من الترع لكن تلك ليست هي النهايات المطلوبة منها (اي غاياتها)، بل غاياتها —بقدر الأمكان—هي استعادة “المقاطع العرضية” للقناة (Restoration of Canal Sections) ولعمقها الأصلي(Original Depth) ولقدرتها الأصلية علي التدفق (Flow Capacity)
واذ كان مثل ذلك التجريف الخاطيء هو احد طرق فشل قنوات الري وبالتالي المشاريع المروية القائمة عليها، فهناك غيرها من طرق "الوأد التقني" للترع، "ومن لم يمت بالسيف مات بغيره"-- كما حدث بذلك أحمد بن الحسين الكوفي الكندي (المعروف بالمتنبي)—"تعددت الاسباب و الموت واحد":
بدءا بالأعداد والتخطيط الخاطئين للمشروع
والمسار والتراصف (Alignment) الخاطئين أو العمق والعرض غير الملائمين للقنوات
أو سوء تصميم مرافق التحكم(Control Structures)
أو عدم كفاية قدرات القنوات(Inadequate Canal Capacity) في مقابلة ذروة الطلب علي المياه (كقصور قدرات التصريف لدي المجارى والمخارج المائية(Outlets, Culverts, Bridges----
أو بسبب سوء تصميم نظام الصرف (Drainage System) الخ...
"انما تعرف الشجرة من ثمارها": " وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الرعد4).
وذلك حال الناس والشعوب أيضا في كسبها وعطائها—وقد جاء في بعض التفاسير أن "الأكل" هي بمعني "النفع" (للأخرين): " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ "، "تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا"(ابراهيم 26-25)
و لكن ماذا تعني شهادة البنك الدولي هذه من ناحية فنية ، حول تميز السودانين علي غيرهم (من دول العالم الثالث) في تخطيط وتصميم قنوات الري ؟ بمعني اخر : ما هي مظاهرومعايير الأتقان في صنيع مصممي قنوات المناقل ، التي لا بد أن وفد البنك الدولي استند اليها في تقيمه ليطوق عنق السودان بذلك الوسام ؟
الأمر يعني هنا أن السودانيين -- فيما برعوا فيه من تخطيط وتصميم مشروع المناقل -- روضوا أصعب القنوات مراسا وأصلبها عودا ، ، وثمار ذلك العمل الهندسي المتقن التي ما كانت لتخطئها عيون خبراء البنك الدولي المتمرسة في تميز الأكفال من الأحلاس والغث من الثمين ، تتمثل في:
قنوات بسرعة جريان مائي مرضية من غير نحر (Scour)أو ترسيب(Sedimentation ) شديدين
و بطاقة كافية (Adequate Capacity) لتنقل التدفق التصميمي --Design Flow) ، (أي التصريف الأقصي) ذي المنسوب المائي الذي يستطيع أن يبسط تحكمه (تغطيته(Command على الأراضي المراد ريها على طول القناة الكلي
و بانحدار هيدروليكي بعمق مناسب(Hydraulic Grade At Proper Depth) ييسر الأدارة االناجحة للمياه المنقولة فيما بعد
ومنحدرات جانبية مستقرة (Stable Side Slopes)
و كفاءة هيدروليكية عالية بقدرالأمكان
ودورة تكاليف حياتية دنيا
مقارنة بين قنوات المناقل والقنوات المبطنة في الدول الصناعية:
لا يدرك قيمة هذه الشهادة الدولية للسودان الا من يعرف الفرق بين :
تصميم قنوات الري في الدول المتقدمة – حيث تبطن القنوات) أي (Lined Canals ، ويعكف علي تصميمها كوكبة ضخمة من المهندسسن المدعومين بكل المعينات التقنية والبشرية- وبين :
تخطيط وتصميم قنوات ري تتحات (تتآكل) أرضيتها (Sediment-laden Erodible-Bed Canals) ،مع أدني حد من المعينات، كما هو الحال في مشروع المناقل وأغلب قنوات الري في العالم الثالث:
الفروقات هائلة بي الطرفين ، ويمكن ان يكتب المرء فيها كتابا أوان يعقد لها ورشة عمل كاملة -- بهدف تجويد تصميم القنوات في السودان -- ان رغبت مؤسسة ما في ذلك، لكن دعنا نشير باقتضاب لبعض من تلك الفروقات هاهنا:
يمكن بسهولة تصمم قنوات مبطنة باستخدام ،"معادلة مانينغ " ((Manning Formula المعروفة لدي المهندسين،
( A*R2/3 = n* Q/1.49 * S1/2 where
A*R2/3 = Section Factor, computed from geometry
n = Manning Roughness, measured or estimated
Q= Discharge, Determined from crop needs
S=Slope, Determined from command criteria)
§ واختيار مقطعها العرضي علي أسس اقتصادية وعملية وحيث يعتمد استقرار القناة (Canal Stability) ، فقط على المعلمات الهيدروليكية(Hydraulic Parameters) ، وباستثناء "اختبارات مدى ملاءمة المنحدر للتبطين"، والاختبارات المختلفة للبدائل الاقتصادية للتبطين (التربة المتراصة Compacted Soil على سبيل المثال مقابل الخرسانة Concrete) ، ليس هناك تحديات كبري في مثل هذه القنوات المبطنة ، ذلك لأنها مما يمكن أن نطلق عليه "مشكلة حسنة التركيب"( “Well-Structured Problem”) ، أي أنها مشكلة روتينية وواضحة المعالم والمعلومات المطلوبه لحلها متوفرة داخليا ويمكن برمجتها ولها حل معياري ومعروف !
§ فالتبطين اذا:
يأمن للقناة الحد من التسرب (Seepage)من القنوات،
يوفر للقناة مقطع عرضي مستقر(Stable Section) ،وفي حالة قنوات التوزيع والقنوت الصغري (distributaries and minors) يقلل الحاجة الي إعادة التشكيل أوتعديل الماخذ (Remodeling and alteration of outlets)
يمكن من اختبار انحدار قاع وانحدار جانبي أكبر ( Steeper side and bed slope) بسبب كون أن المقطع العرضي (Cross Section) للقناة المبطنة في مأمن من التعرية،
يمكن من اعتماد سرعات أعلي(Higher Permissible Velocity) مما ينتج عنه توفير في منطقة المقطعية، وكمية الحفريات الترابية المطلوبة قبل التبطين
يتيح خفض ارتفاع السد الذي تسحب منه هذه القنوات مائها، ويجلب تحت التحكم المزيد من الأرض المطلوب ريها (More area under Command بسبب تسطح ( انبساط) المنحدرالشديد (Very Flat Slope) في القناة المبطنة
يجعل إمكانية الكسرفي الجوانب(Breaches) مستبعدة نسبة لاستقرار المقطع العرضي المبطن ، وبالتالي تحسين الكفاءة التشغيلية، ويتيح المزيد من المسارات المتعرجة وتوفير في الجسور الداعمة (السواتر (Embankments
يحد من التآكل الذي يحدث في القنوات غير المبطنة
يمنع نمو الأعشاب الضارة
يقلص كثيرا من اعمال الصيانة المطلوبة عادة في القنوات غير المبطنة
علي عكس كل ما تقدم عن القنوات المبطنة، فان تصميم قناة غير مبطنة كترعة المناقل "مشكلة سيئة التركيب" (Ill-Structured Problem) ، أي مشكلة ليست واضحة التعريف ، غير روتينية وكل حالة منها تعتبر"حالة خاصة"("غير مسبوقة") وليست ذات حل معياري أو فريد (Unique) وتنطوي علي مخاطر أستراتيجية أكبر والمعلومات المطلوبة لحلها معلومات خارجية
باديء ذي بدء ، فان قابلية قنوات (ترع) الري المحملة بالطمي والتي تتحات (تتآكل) أرضيتها (Sediment-laden Erodible-Bed Canals)"للزعزعة" (وعدم الأستقرار) تحت ضغط التصريفين المائي والطميي تعكسها طلاقة المجري (أي درجة حريته”Degrees of Freedom” ) في تغير خواصه : فللقناة --على الأقل -- أحدي عشرة "درجة للحرية" للتكيف مع تلك الضغوط وعلي المصمم أن يتحسب لأضرارها: فهي تستطيع تغير مقطعها العرضي (X-Section)أو مقطعها الجانبي الطولاني(Longitudinal Profile) أو مسقطها الأفقي (Planform) أو عرضها (Width) أوعمقها (Depth) أو انحدارها (Slope) أوخشونتها (Roughness) أو معدل الأزاحة في جسورها(Bank Line Shift Rates) أو في تخفيف ضغط التصريف الطميي بترسيبه في القاع أو بتخفيف ضغط التصريف المائي من خلال علو الجسور (Overtopping)أو كسرها(Breaching!
§ ويمكن تقسيم أنواع (سلوك) تدفق المياه في المجري المائي بصورة أساسية الي قسمين:
"كانسياب مضطرد وثابت("(Steady Flow، وهذا بدوره ينقسم الي نوعين:
جريان منتظم(Steady Uniform Flow) وثابت كما في المجاري المستقيمة كالترع
جريان غيرمنتظم(Steady Non-Uniform Flow) ، كما في الأنهار والأكواع و"الطفره الهيدروليكية"(Hydraulic Jump)
جريان غير مضطرد وغير ثابت ("(Un-Steady Non-Uniform Flow، كما في موجات الفيضان العارمة أو الأندفاع المفاجيء (Spate or Surges) أو الدفق الخارج من بوابات السد ، وهذا بدوره ينقسم الي جريان سريع التغير واخر متدرج التغير
§ وهناك خمس طرق لتصميم مثل تلك القنوات:
معادلة شيز (Chezy) التي تستخدم الأن في الهند
معادلة مانينغ وهي أكثر استخداما في القنوات المبطنة
معادلة كينيدي والتي تستخدم في بعض الدول
طريقة " قوة الجر" ( Tractive Forceأي القوة التي تمارسها المياه على فرشة المجري وعلي الضفاف الجانبية) والتي تستخدم حاليا أساسا لاختيار المعلمات (Parameters) التي تم حسابها بواحد من المعادلات التجريبية الأخرى، والتي أهمها "نظرية نظام الجريان" ، خامس طرق تصميم الترع:
نظرية نظام الجريان": أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا "(الرعد 17) :
§ نظرية نظام الجريان (Regime Theory، أو انتظام واستقرار سلوك المجري)، هي الأكثر شيوعا" وهي نظرية تم الوصول اليها تجريببيا في الأصل وانطلقت بمبادرة من ليندلي مقتبل القرن العشرين وتم تطويرها في سهول نهر الجانج الهندية من قبل خبراء الري الأنجليز وعلي رأسهم ليسي (Lacey)، والذي ارتبط اسمه بها ، وقد حاول ليسي(Lacey) فيها إزالة أوجه القصور في معادلات كينيدي (Kennedy) ويندلي (Lindley)التي لم تأخذ في الاعتبار الأبعاد المادية للترع وخصائص القناة مثل الأنحدار وطبيعة مواد قاعها
§ وتعني هذه النظرية باستقرارالمقطع العرضي للمجري وانحداره الطولي وعامل الرواسب الطممية وقد صيغت النظرية علي شكل ثلاثة معادلات (عامل الفرشة، عامل جوانب المجري، والسرعة)، ، بحيث تعكس الهندسة الهيدروليكية للقنوات التي حققت نظام المجري(Regime Channel) ( أي معلمات-- أي –Parametersميكانيكا المياه و سلوك السوائل) ، التوازن بين انتقال الطمي واستقرار المقطع العرضي للترعة ، وتأخذ النظرية بتوازن الحت والترسب في المجري المائي مع "مبدأ السرعة القصوي المسموح بها" Principle of Max Permissible Velocity ، أي متوسط السرعة عندما تكون الترعة تحمل أقصي تصريف لها
§ والترع -- كالترعة الرئيسية للمناقل -- تأخذ إمداداتها المائية من الخزان –لا من النيل مباشرة—لأن المياه الخارجة من خزان سنار تحمل من الطمي كمية أقل نسبيا مما يحمله النهر. لكن هذا القدر من الطمي ان حملته ترعة بطيئة الجريان(Low Velocity Flow) ،ترسب في قاعها مما يؤدي لفقدانها لقدرتها النقلية(Loss of Carrying Capacity) أويستلزم إزالة الطمي يصورة متكررة. أما ان اختار المصمم سرعة عالية للترعة ، فهذا يؤدي اما الي نحر فرشة قاع الترعة (Scouring of Bed) أو الي تعريتها (تآكل قاعها (Erosion of Bed، مما يؤدي الي خفض منسوب التموين الكامل(Full Supply Level) وبالتالي فقدان التحكم علي كامل الأراضي المراد ريها (Loss of Command) ،ولهذا كان التحدي علي المصمم أن يبقي في حدود السرعة القصوي المسموح بها!
§ أما ان لم تصمم القناة (الترع) أصلا وفق "نظرية النظام" مثلا ، فان المقطع العرضي (X-Section) والأنحدار الطولي (Longitudinal Slope) لا يبقيان مستقران (Stable) ، مما قد ينجم عنه تحول في المسار المرسوم للقناة وتشوه في الأراضي المجاورة وارتفاع تكاليف الصيانة
§ ويقر ليسي أن عرض وعمق ومنحدر القناة التي تحقق لها لحمل تصريفها المائي والطميي –وهو ما سماه "نظام المجري" (Regime Channel) --هو شيء تحدده الطبيعة !. فنظرية"نظام المجري" تقول بأن المجاري المائية ذات الحدود القابلة للحت (التاكلErodible Boundaries ) تميل إلى ضبط أبعادها ( كالعرض و العمق والمنحدر) من أجل تحقيق حالة من التوازن تسمي "حالة النظام" (Regime State)
أحسب أن هذا المعني متضمن في الأية الكريمة أعلاه: فابن كثير في تفسير " فسالت أودية بقدرها" ، يقول : أي أخذ كل واد بحسبه، فهذا كبير وسع كثيراً من الماء، وهذا صغير وسع بقدره،ويقول القرطبي أي " : بقدر ملئها"
تصميم القنوات الترابية: تأملات في التحديات التي انطوي عليها تصميم ترع مشروع المناقل:
§ الرسم الأول أدناه يوضح تدرج السقيا في مشاريع الري في الجزيرة والمناقل والشكل الأخر يمثل الرسم التصميمي لشبكة الري (رسم تخطيط الترع) كما خطط لهما أصلا
المشكلة الرئيسية في تصميم مثل هذه القنوات تتمثل في تحديد الأبعاد لقناة مستقرة ("(“Regime Chanel، أي مجري يرجع إلى مقطعه العرضي (Cross-Section) الأصلي بعد دورة سنوية من الحت والترسبات الطميية:
§ ولكن مجاري قنوات الري التي تتحات (تتآكل) أرضيتها -- كترع الجزيرة أو المناقل -- تنزع عادة الي:
تغير مقاطعها العرضية
دون تحقيق الاستقرار،
§ و ذلك لأن تصميم قنوات مستقرة(Stable Canals) ، غير مبطنة ومحملة بالطميء الذي يدفع الي تآكل أرضيتها ، هي:
عملية معقدة ومتكررة(Iterative Process)
وتنطوي على معالم (Parameters)عديدة معظمها لا يمكن حوسبتها كميا بدقة. لماذا؟
§ لأن استقرار القناة (أي غياب أي نحرScour أو ترسباتSilt Deposit شديدة علي فرشة قاعها)
لا يعتمد فقط على المعلمات(Parameters) الهيدروليكية (كالطبيعة المضطربة لتدفق التيار المائي ، والتي لا يمكن إعطاء إجابات دقيقة لها)،
ولكن أيضا على خصائص مواد الفرشة القاعية وجوانب مجري القناة (والتي هي شديدة التعقيد ولا يمكن التنبؤ بها، وتحكم تلك الخصائص فيما تحكم اختيارالسرعات القصوي والأدني المسموح بهما Permissible Maximum & Minimum Velocity ،
وهما نفسهما محكومان بحجم ونوعية الطمي المحمول ،
وعلى سبيل المثال، قد تجد قناتين متماثلتين في الأبعاد ومواد الفرشة وسرعات تدفق التيار لكن احداهما تتآكل أرضيتها والأخري تنجو من ذلك!
§ ومعظم مشاكل التصميم التفصيلي للترع (Detailed Canal design)تنشأ عن الاختلافات السطحية وتحت السطحية (علي طول مسار الترعة)، وذلك بسبب:
اختلاف تضاريس الأرض (على سبيل المثال عدم استواء الأرض)
اختلاف التربة والأرض والتكوينات الصخرية
§ هذا بجانب التحديات الأخري التي تتمثل في :
تعقيدات التدفق المتقلب(Unsteady Flow)
هذا التفاوت–علي مدي مسار القناة—في تضاريس الأرض واستقرار التربة يضع قيودا على:
• درجة الأنحدار المتوفر Available Grade
• وعلي اختيار زاوية الأنحدار لجوانب المجري Side Slopes
• وعلي منسوب(تحكم) المياه (Command) ، واختيار " تحكم كاف"( Adequate Command) أمر بالغ الأهمية لتصميم نظم الري فمثلا:
يجب أن يكون منسوب(تحكم) المياه (Command) في القنوات الرئيسية والميجرات أعلى منها في الماينورات
لكن التحكم المفرط ( Excessive Command، (مثلا زياده التحكم لري الأراضي المرتفعة) قد يؤدي لزيادة التسرب(Seepage) أو كسركاثي للجسور في الأراضي الأكثر انخفاضا
بينما الماينورات بدورها عليها أن تكون ذات منسوب مائي يستطيع أن يبسط تحكمه (تغطيته(Commands على مجمل الأراضي المراد ريها على طول القناة الكلي ، وذلك عن طريق الحفاظ على "مستوى ثابت" للمياه و"انحدار القناة" ،
غير أن تحقيق ذلك صعب في أحباس أرضها غير منبسطة ،
بجانب وجود أحباس للقناة صعبة الحفر ،
وهناك أيضا تحديات منع تسرب المياه المفرط من القناة ، هذا
هذا غير تحديات نمو الأعشاب الضارة
ومشاكل السيطرة على تآكل) تعرية) التربة (Erosion Control Problems)
ومشاكل الحفاظ على تدفق منتظم للمياه(Uniform Flow)
ومشاكل التراجع في الفرشة القاعية للترع (Retrogression of Canal Beds)،
مما يتسبب في خفض منسوب التموين الكامل (Full Supply Level--FSL) في
القنوات الرئيسية وفي الصعوبات اللاحقة في تغذية قنوت التوزيع (Distributaries)
§ وفي معظم قضايا القنوات المفتوحة (كالترع (Open Channel Problems ، يتعامل مصمم القناة مع تدفق المياه "كانسياب مضطرد"(Steady Flow) بمعني أن قنوات الري تصمم بافتراض انسياب المياه فيها أثناء تشغيلها الدائم سيكون تدفق منتظم و مضطرد ، أي متواصل(Steady Uniform Flow) ولا يتغير مع الزمان أو المسار وثابتا نسبيا ، وبالتالي يمكن استخدم "نظرية نظام الجريان "في تصميمها(أي توازن الحت والترسيب في المجري( ، فقط عندما يكون هناك تغير في عمق المياه (Water Depth) مع الزمن علي المصمم أن يتعامل مع تدفق المياه في القناة كتدفق متقلب وغير ثابت--Unsteady Flow)
§ غيرأن ظاهرة التدفق المتقلب متوافرة، ولا يمكن دائما افتراض أن التدفق هو انسياب مضطرد وثابت!واحدي هذه الحالات هي الأطلاق الأولي للمياه (السقيا التعميرية البكر أو التعبوية للقناة (Priming Period: فالقنوات القديمة تستطيع أن تتحمل اطلاقا للمياه بسرعات أكبر كثيرا من القنوات الجديدة، ولهذا تحتاج هذه الفترة الوقوف الدقيق من قبل المصمم علي عملية اطلاق المياه لتجنب وقوع كارثة كسر جسورالترع (Canal Banks) ، فدور الجسور لا يقف عند عملها كسدود ترابية لحجز المياه ، بل هي التي تقوم برفع منسوب المياه للتحكم (Command) في مجمل المنطقة المراد ريها ، ولهذا ينبغي فتح القناطر(Regulators) تدريجيا ، وتلك كانت مهمة المهندس الرشيد أن يقف علي الأطلاق البكر التدريجي للمياه في ترعة المناقل ، ليمر الحدث بسلام حتي لا يحدث أي كسر كارثي في جسورتلك الترعة ، فما كان لمثل هذا المهندس أن يستعجل الوصول للتحقق من نجاعة تصميمه فيجهد دابته حتي الأعطاب فيصبح—وفق ما جاء في الحديث الشريف-- "كالمُنْبَتَّ لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى"!
§ كل ذلك بجانب أن علي المصمم لتلك القنوات التحسب الي –والعبور فوق -- مجمل المخاطر المرتبطة بالمشاريع المائية ، والتي تتسم عادة بدرجة عالية من عدم اليقين(Uncertainties):
كعدم اليقين الهيدرولوجي (مثلا حول حجم التدفق المائيStream Flow)
وعدم اليقين الهيدروليكي (مثلا دقة معامل "معادلة مانينغ أو شز" ( Manning or Chezy Model Coefficients)
وعدم اليقين الهيكلي(كالتعرية Erosion)
و عدم اليقين الاقتصادي / المالي (كعدم الحصول على التمويل أو تجاوز التكلفة لما كان مقدرا عند بدء العمل) ،
ومخاطر البناء (كعدم كفاية مسوحات الموقع الأستطلاعية أو تباين خواص مواد البناءالخ...)
والعديد من هذه المشاكل يمكن حلها أو تقليص ضراوتها بالتبطين، وقد تعرض هذا الكاتب لكل هذا بالتفصيل في محاضرته في الجمعية الهندسية قبل ثلاثة أعوام عن كل المنشئات الهندسية وذلك تحت عنوان : "المحافظة علي إستثمارات السودان في البني التحتية : كيف نحقق اطالة عمر المنشئات الهندسية ومنع انهيارها المبكر" ،
هنا فقط – بعد تأمل شراسة التحديات التي انطوي عليها تصميم ترع مشروع المناقل ، قد يزول العجب لدي القاري الكريم حول رد فعل جيمس روبنسون، السكرتير الإداري البيرطاني السابق –عندما سئل عما استرعي انتباهه وهو يزور السودان المستقل: بقوله دون تردد "مشروع المناقل: أن ينفذه السودانيون … في 4 سنوات بينما استغرق منا (نحن الأنجليز) تنفيذ مشروع الجزيرة 12 عاما”!، بعد أن بهره هذا الأنجاز الفني للمهنسين السودانيين !
وهنا أيضا فقط قد يزول العجب لدي القاري الكريم في أن يطلق خبراء الري الأنجليز علي المهندس الرشيد لقب "رشيد المناقل" ((Rashid of Managil، بعد أن بهرهم هذا الأنجاز المهني لصاحب الدور المعلي في تخطيط وتصميم مشروع المناقل ، وكما قال أحد اولئك الخبراء الأنجليز لاحقا لمحدثه الأستاذ حامد حميده: "أجل، تماما كما نقول في انجلتري! “Prince of Wales”!)
وبالعودة الي ما سبق من أمر تمويل تشيد سد الروصيرص وتعليته اللاحقة، فمما سبق هذا المهندس من صيت الي مفاوضات التمويل تلك، كونه كان احد مفاوضي اتفاقية 1959 لمياه النيل، حيث شهد بدوره البارز فيها مستشار الري الأجنبي ألن (Allan) بالقول في رسالة له: "أجدني متأكدا من أن الجزء الخاص بك في المناقشات التي جرت حول "اتفاقية النيل الجديدة" أسهم بصورة كبيرة في تأمين ما تم الاتفاق عليه بعد ذلك للسودان" (أي بدفع المفاوض المصري لترفيع عرضه للسودان من 8 الي10 ثم إلي 13 وأخيرا إلي18.5 مليار م3) ، وذلك أمر في غاية الأهمية للممولين وللبنك الدولي خاصة الذي ما كان ليفاوض علي منح قرض لسد علي نهر مياهه هي موضع نزاع اقليمي !
وكذلك سبق هذا المهندس الي المفاوضات "اسهامه في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد" ، (وفق منطوق احتفائية وحدة تنفيذ السدود) ، لكن بكلمات مستشار وزارة الري البريطاني والذي عمل في السودان لما يقارب ثلاثين عاما حين أجمل حكمه علي إسهامات هذا المهندس في كلمات معبرة:
"إنني أدرك كم السودان مدين لك في نصيبك الكبير من العمل لتطوير أعمال الري والتنمية وخاصة في مجال مياه النيل" (و.ن.ألن 15 سبتمبر 1964)
وعدم المساواة في القدرة على المقايضة أوفي ميزان القوي بين المفاوضين عموما ، تنشأ من عدم المساواة في العلم (Knowledge) والخبرة (Experience) ، ولا يحسبن أحدا أن "ميزان القوي" في تلك المفاوضات كان في جانب المفاوضين الأجانب ، فيكفي أن نشير الي أن جل المشروعات المائية التي تقدم السودان بطلب تمويلها للمرحلتين الأولي والثانية لسد الروصيرص (زيادة الرقعة الزراعية بالجزيرة والمناقل و في مشاريع الطلمبات العامة والخاصة ، وسكرالجنيد وضمان تخزين حصة السودان من مياه النيل الخ ) ، كان المهندس الرشيد هو الذي خططها وصممها أو شارك فيها !
ويبدو أن وزارة الري قد عجمت عودها حينها فتخيرت أن تبعث لمفاوضات تمويل المرحلة الأولي والثانية لسد الروصيرص بأوثق سهم في كنانتها ، "فالخيل أعلم بفرسانها"!
أما مفاوضوا البنك الدولي والمانيا الأتحادية فقد كانوا يريدون ان يعرفوا:
ليس فقط عن السيرة المهنية لمن سيفاوضهم ، بل أيضا
لماذا يريد السودان أن يبني سد الروصيرص وهل له القدرة علي ذلك ، ولكن بصفة خاصة
هم لا يرون مبررا للتعلية التي ينشدها السودان !
وكما أشرنا فيما سبق ، فأن المفاوضات هي في جوهرها تبادل للمعلومات –خاصة في منهج "الحل المشترك للمشكلة"، كما في حالة السعي لتمويل سد الروصيرص بمرحلتيه تلك، وأحسب أن المفاوض السوداني كان عليه أن يوفر لنظرائه من المفاوضين الغربيين ، نوعين من المعلومات ان كان سينجح في تبديد شكوكهم وأن يواجه رتلا من التساؤلات الفنية والتي من ضمن أهدافها عجم عود المهندسين السودانين في شخص ممثلهم لأختبار صلابتهم وقدرتهم علي الأضطلاع بمثل هذا المشروع الضخم الذي لم يكن لهم سابق تجربة مع مثله بعد أن دفع اليهم المستعمر السابق بمثل هذه المهام الكبيرة عند الأستقلال ، وأحسب أن تلك التساؤلات الفنية كانت تدورحول:
معلومات موضوعية—تلامس الحقائق علي الأرض عن مشروع سد الروصيرص وأهدافه:
كم فدان ستزرعون؟ كم مشروعا من المشاريع المقترحة أتممتم تخطيطها ،أو
ما يتعلق بالتصاميم الهيدروليكية من معلومات ، مثل سعة الخزان المقترحة أو طول قناة تصريف الفائض الخ...
و"مقيدات التعلية" (Heightening Limitations) ، مثلا: تصادم الأغراض (Purposes) التي سيخدمها الخزان ، طبوغرافية الموقع ، حجم فاقد التبخر، حجم الأطماء الأضافي ، التركيب الجيولوجي لقاع الموقع ولجوانب الوادي ، وجود تجمعات سكانية كبري أسفل الوادي ، أو وجود ترسبات معدنية أوصناعات هامة، وغيرها الخ...)
ومعلومات تعبر عن تقديرات فنية شخصية لمفاوض السودان :
كمستوى التنمية الهيدرولوجية للموقع وعلي درجة استغلال مياه النهر، كما يعكسهما مستوى استغلال فرق التوازن المائي (ضاغط الماءHead Exploitation ) ومستوى استغلال فرق الطاقة المائية (جريان النهر Flow Exploitation) ،
وكتقييم لعناصر عدم اليقين (Uncertainties) : ما هي مثلا أوجه عدم التيقن فيما يتعلق بالتصاميم الهيدرولوجية كالألتباسات الهيدرولوجية بشأن عمليات تدفق المجاري المائية(Stream Flow ) أوعن "الفيضان التصميمي للخزان" ،)أي الفيضان المطلوب حماية المرافق خلف السد منه(Reservoir Design Flood أو "الفيضان التصميمي للمفيض (المصرف)" Spillway Design Flood) -أي الفيضان الذي يستطيع السد تمريره بأمان، عندما يفيض الخزان عند امتلائه، وهوالفيضان الأكثر أهمية لتصميم السد، لأنه يضمن سلامة البناء عند حدوث علو الماء للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته (Overtopping وهوالحدث الذي يمثل وحده أكثر من ربع أسباب انهيار السدود في العالم، ثم
هل يعظم المشروع عائد الأستثمار من خلال التنمية متعددة الأغراضMulti-Purpose
ومتحسبا للفرص غير المنظورة التي يمكن أن تتطور من النشاط الاقتصادي المتزايد في المنطقة؟
تقييم مخاطرالمشروع المحتملة (ال (Risks : ما هي المخاطر التشغيلية مثلا ؟ ما هي الآثار المحتملة للمشروع؟ على سبيل المثال التأثيرات علي النظم الهيدرولوجية و الهيدروليكية والجيومورفولوجية ، بما في ذلك :
§ التاثيرات علي كمية المياه وجودتها،
§ والتغييرات في المياه الجوفية (مثلا من خلال التسربSeepage)
§ والتأثيرات علي نظام القشرة الأرضية (Crustal System) مثل التدهور في اسفل النهر(خلف السد ، كالتآكل نتيجة نقاء المياه والتعرية الضفية (Shoreline Erosion) بل وحتي
§ قدح زناد الزلازل في منطقة نشطة تكتونيا وليست ببعيدة عن الصدع الأفريقي العظيم (Great African Rift)
ثم لماذا التعلية ، وهي مكلفة ؟
• فاذا كان الهدف المادي لهيدرولوجيا الموقع هو تعظيم عائد حوض النهر(Basin Yield) كما هو عادة، فان الهدف الأقتصادي والمنطقي لأي سد هو خفض كلفة تشيده ، خاصة لدولة محدودة الموارد كالسودان ، والتعلية ستزيد كلفة التشيد ! وذلك لأن الكلفة تتناسب (تقريبا) مع سعة الخزان (حاليا (2.2 X 109 m3 وتتضاعف مع مربع ارتفاع السد(حاليا 68 متر)!
• و سدا كالسد الدعامي المقترح يحتاج إلى مزيد من صب الخرسانة- كتكلفة اضافية-- لتعزيز الإطارالفولاذي والمزيد من اليد العاملة الماهرة المطلوبة للحفاظ على الشرائح الرقيقة ، مما يذهب بميزة التوفير في الخرسانة المحسبوة له ، ومما يجعل تكلفة السد الدعامي تتجاوز كلفة السد الجاذبي
• و السد الدعامي يحتاج لتوفرمفيض (Spillway)بحجم كافي: مما يتنافي مع بعض غايات السودان في خفض كلفة التشيد ،
• ومثل ذلك الخفض للكلفة يمكن أن تتحقق بتقليص حجم قطاع السد ، كما في حالة اختيارالسودان لنوع من السدود يوفر الأستغناء عن المفيض نفسه لتقليل الكلفة : فمثلا عندما يكون السد مرتفعا بما يكفي لتوفير سعة تخزينية فوق أقصي مستوى تخزين فوق مستوى سطح البحر) (Full Supply Level ، يمكن للسد التحكم في دفق الفيضان التصميمي (الأسمي) (Inflow Design Flood) من خلال مجرد مخرج (Outlet) ، كما فعل المهندس الأستشاري سير مردوخ ماكدونالد في سد جبل أولياء الذي صممه (و شركة قيبسن اند بولينغ Gibson & Pauling الأنجلبزية التي بنته) ، حيث أن ارتفاع سطح ذلك السد --البالغ 380مترا --أعلي من من منسوب التخزين--البالغ377.20-- ب 2.80 مترا) مما مكنهم بالأستغناء عن مفيض الطواريئ في أعلي السد بقناة تصريف ذات بوابات تحكم (Sluiceway) لإخلاء المياه المتراكمة
• و السدود الدعامية (Buttress Dams)أكثر صعوبة وتعقيدا في التصميم وتحليل الأجهاد (Stress Analysis) والتشيد من أنواع السدود الأخري ومن الصعب منع تسرب المياه فيها من خلال الفواصل بين رؤس الدعامات (Buttress Heads)
• كما ان التعلية نفسها محكومة من قبل جيومورفولوجيا الموقع وغيره من العوامل التي قد تقيدها
ويبدو أن القابضين علي المحفظة المالية في البنك الدولي وفي حكومة المانيا الأتحادية كانوا أقرب لقبول مسوغات تشيد المرحلة الأولي للروصيرص ("زيادة الرقعة الزراعية بالجزيرة والمناقل، زيادة الرقعة الزراعية في مشاريع الطلمبات العامة والخاصة ، تكثيف الزراعة بالجزيرة والمناقل ، حفظ منسوب ثابت بخزان سنار ،لمنسوب 417.2 مترا لتوليد طاقة كهربائية ثابتة ، وموازنة ما ينتظر ان يفقده السودان من تخزين في حالة الأستغناء عن خزان جبل أولياء، زيادة (مائية) لري سكر الجنيد وسكر أبو نعامة ، وضرورة الخزان لضمان حصة السودان من المياه في الفترة الحرجة) ،
لكنهم كانوا يشكون في أن للسودان رؤي لأنجاز مشاريع مائية كبري تستطيع ان تستخدم ما توفره تعلية سد الروصيرص من مياه تبلغ أكثر من سبع مليارات م3 من المياه ، وان وجدت الرؤي ما كانوا يعتقدون بوجود خططا جاهزة لترجمتها للواقع ، وان وجدت الخطط ما كانوا يعتقدون ان السودان الدولة الأفريقية الناشئة وقتها لها القدرة علي تنفيذ تلك الخطط الطموحة!
لعل كل ذلك كان قناعة راسخة في أذهان اؤلئك الخبراء الغربيين حينما بسط امامهم هذا المهندس خريطة مشاريع السودان المائية ودلف يتحدث عن كل واحدة منهما حديث العارف بكل دقائقها واحتياجاتها من المياه وما تم انجازه منها حتي ذلك الزمان و ما هو متوقف تنفيذه علي تلك السبعة مليارات من المياه االمؤمل توفرها بعد التعلية :
التعلية: مسوغات تشيد المرحلة الثانية للروصيرص:
المهندس الرشيد بدأ مرافعته أمام الممولين المحتملين لسد الروصيرص بالأشارة الي:
التعلية أو ارتفاع قمة السد (Crest Elevation) هي معلم تصميمي رئيسي يحدد مجموعة الوظائف المحتملة للخزان / السد، فهي ستوفر:
التحكم في النهر، أي ضبط (تنظيم) التدفق في الأحباس السفلي(Downstream Flow Regulation ، الغرض الرئيسي من تشيد سد الروصيرص ، وذلك من خلال المفيض و بوابات التحكم" Outlet Works)) ودرجة الضبط النهري تزداد بالتعلية مع زيادة حجم الخزان ، فان التعلية ستمكن من:
ضبط (تنظيم تصريف) فرق التوازن المائي (ضاغط الماء Head) في مصعد النهر(أمام أو عكس التيارUpstream)
وضبط اطلاق تصريف المياه (Discharge Release)خلف(مع) التيار(في اتجاه مجري النهرDownstream)
فتوزيع التصريف عند السد طوال السنة غير متكافئ
فبينما ييبلغ متوسط ذروة التصريف فترة الفيضان (يوليو أكتوبر): (6300 m3/sec)
ينخفض التصريف زمن التحاريق - (يناير أبريل) الي (100 m3/sec)
بينما بلغ أعلي تصريف ( ل10 أيام من الفيضانات) --في 47 عاما في الروصيرص، وحسب في عام 1946-- (10800 m3/sec)
اذا فالمطلوب هو تكافؤ أكبر في إمدادات المياه من خلال ضبط التصريف (Discharge Regulation) على سبيل المثال:
ضبط يومي، أي تخزين المياه في خارج أوقات الذروة وإرسالها في أوقات الذروة،
ضبط موسمي جزئي من خلال: خزن المياه في موسم الأمطار وتصريفها في الموسم الجاف:
حيث أن الضبط (الموسمي) الجزئي لا يتطلب الا أن تكون سعة الخزان لا تقل عن 2-3٪ من الجريان السطحي (Runoff) في سنة متوسطة
وا الضبط (الموسمي) الكامل يتطلب أن تكون سعة الخزان لا تقل عن 20-30٪ من الجريان السطحي السنوي
بينما الضبط الكامل لكل الجريان السطحي يتطلب أن تكون سعة الخزان تعادل –تقريبا-- الجريان السطحي السنوي
ونسبة لأن متوسط تصريف النيل الأزرق عند الروصيرص يبلغ (50.2 Milliards m3) فان التعلية لن تمكن الا من الضبط السنوي لجزء صغير من الدفق النهري )وهو(7.5 Milliards m3
لكنها ستمكن من :
o خفض أو تثبيت ( (Stabilization انتقال الرواسب الطميية
o و تحقيق استغلال أفضل لأمكانات الموقع المائية
o واستخدام بعض سعة هذا الخزان الأضافية لتخزين مياه الفيضانات (أي كFlood Storage): و تأمين قدر أكبر من التحكم في إمدادات المياه والوقاية من الفيضانات ، ولما كان استقرار إثيوبيا وزيادة زراعاتها، سيزيد الجريان السطحي (Runoff)::
والتخزين الأضافي الذي توفره التعلية :
§ سيسمح للمفيض القائم بتلبية معايير التصميم الجديدة للسد(New Dam Design Criteria)
§ سوف يخفض ذروة الفيضانات(Flood Peaks)
§ يمكن استخدامه لتقييم كفاية المفيض(Spillway Adequacy)
وأحد أهدف السعة الجديدة للخزان الناجمة عن تعلية السد هي احتباس الماء ((Water Retention ، للحصول على مزيد من المياه للري عند الحاجة إليها ، الغرض الرئيسي الأخر للروصيرص، فعليه فأن التعلية :
سترفع حجم التخزين المائي (Water Supply) الي (7.5) مليار متر مكعب :
وهذا سيمكن البلاد من تخزين حصة السودان من مياه النيل كاملة
وهذا بدوره سيمكن السودان من زيادة الرقعة الزراعية المروية صناعيا بأكثر
من(1.5) مليون فدان بمنطقة كنانه وحدها وكيف أن التعلية لأرتفاع 490 مترا
وأحد أهداف تعلية السد هي زيادة فرق التوازن المائي (Head,H)عند التربينات ليعمل مع التصريف (Discharge, Q) العامل الحاسم الأخر لأنتاج الطاقة الكهرومائية لاحقا]([H.P=9.9 Q(m3/s) H(m
التتعلية – اذا -- تحقق عددا من أهم أهداف ومرتكزات "التنمية (المستدامة بلغة اليوم) للموارد المائية" مثل:
بناء القدرات (كما في حالة التخزين الأضافي وزيادة فرق التوازن المائي)
تحسين كفاءة النظام (كما في حالة ضبط –أي تنظيم-- التدفق في الأحباس السفلي)
تقليص التأثيرات السلبية (كما في حالة خفض أو تثبيت -Stabilization - انتقال الرواسب الطميية)
فتح الباب واسعا أمام خيارات التنمية المستقبلية المختلفة
ولما كان أحد أهدف السعة الجديدة للخزان الناجمة عن تعلية السد هي تعظيم فرص حجز الماء المراق ((Maximize chances of spill capture ، فان التعلية ستمكن من خفض حجم الماء المراق (Spillage) ، مما يوفر انسيابا أكبر للمياه—يتجاوز بكثير معدلات الزيادة في التبخر من(0.38) الي (0.73) مليار سنويا ، خاصة لأن:
" الحجم الهيدرولوجي " للخزان (Ratio of Capacity to Inflow - C/I) --المحدد الرئيسي لنسبة معدل تراكم الأطماء ولنجاعة ادارة مشكلة الأطماء – والأكثرأهمية من حجم الخزان المطلق-- صغير(يبلغ(C/I=10.8% ،كمايتضح من الجدول أدناه بالمقارنة مثلا بين سدي الروصيرص وسنار علي نفس النهر
Capacity loss Capacity (109 m3) Name
Present Design
60% 0.37 0.93 Sennar
0 3.0 3.0 Jebel Aulia
54% 0.60 1.30 Khashm el Girba
34% 2.20 3.35 Roseires
وذلك علي عكس الحال في الخزانات ذات الحجم الهيدرولوجي(C/I > 50%) ، وهذا يعني ثلاثة أشياء هي من خصائص الخزانات ذات " الحجم الهيدرولوجي الصغير:
o نزل (اقامة) قصيرة للمياه في الخزان، وبالتالي تقليل حجم اطماء الخزان
o كبر حجم الماء المراق (Spillage) الذي يمكن استعادته بالتعلية
o توفيرخيارات عديدة للتخلص من الطمي مع التفريغ السنوي للخزان أو الماء المراق
ولما كان الهدف المادي للسد --بجانب خلق "فرق توازن مائي" (Head)لأغراض توليد الطاقة الكهربائية مثلا --هوتقليل احتمال انهيارالسد، فأن التعلية ستزيد هامش الأمان للسد من خلال تقليل فرصة حدوث علو الماء (Overtopping) للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته الترا بية (علما بأن الطريقة الآخري لزيادة هامش أمان السد هي من خلال اعتماد "فيضان تصميمي أكبر" Greater Design Flood Capacity ، مثلا بزيادة عدد بوابات السد العلياHigh Level Sluice Gates) )
وبشكل عام يتم الحكم على نجاعة المنشآت الهيدروليكية على أساس أدائها في تمرير فيضانات بحجم معين ، (على سبيل المثال "بعد فترة عودة معينة" (Return Period) من السنوات (أي years-T) دون وقوع خسائر
وبما أن الروصيرص هو سد استراتيجي بالنسبة للسودان ، وبالتالي فان فشله وانهياره سيكون كارثيا على البلد، لذا كان من "الضروري :
توفرمفيض الطواري) (Spillway بحجم كافي ، وهو عادة أمر في غاية الأهمية خاصة في حالة ما لم يتم توفير سعة تخزينية فوق "أقصي مستوى تخزين فوق مستوى سطح البحر" (Full Supply Level--FSL)، للافراج عن (فائض) مياه الفيضانات التي لا يمكن احتواءها في مساحة التخزين المخصصة وذلك من أجل سلامة السد ، اذ أن سدود كثيره انهارت بسبب أخطاء في تصمبم المفيض—كصغر السعة-- أو أخطاء في مكان تموضعه في السد مما يؤدي إلى تآكل وتقويض أسفل الطرف الأمامي من السد (Dam Toe) ،
وان تصمم كل المخارج وقنوات وأنفاق تصريف الفائض –بما في ذلك مفيض الطواريء—سيتم بحيث تكون قادرة علي تمرير أقصي تصريف متوقع للمياه
وقد اختار المهندس الأستشاري (شركتي الكساندر جب واندريه كوين وجين بلير ) لحماية المرافق خلف سد الروصريص، اختار نفس حجم"الفيضان التصميمي لخزان سنار" (Reservoir Design Flood والبالغ(15,000 m3/s) ،ليحتوي—من غير حدث كارثي-- متوسط تصريف الفيضان السنوي البالغ (16,000 m3/s) ، أي ما يعادل مرة ونصف حجم أعلي تصريف ( ل10 أيام من الفيضانات) --في 47 عاما في الروصيرص، والذي حسب في عام 1946—وهو (10800 m3/sec)
واعتمد تصريف (13,500 m3/s) "كالحد الأقصى المحتمل للفيضان" (Probable Maximum Flood--PMF) هو الفيضان الذي يمكن توقعه من اجتماع أشد ظروف الأرصاد الجوية والهيدرولوجية الحرجة الممكنة لمنطقة معينة والذي يستخدم في تقدير حجم الفيضان التصميمي للمفيض، ويتم اختيار(T=1000 –years) للخزانات منخفضة المخاطر(وقد اعتبر المهندس الأستشاري خزان الروصيرص من هذه الفئة، وعادة تستعمل T=10 000-years للخزانات عالية المخاطر)
وعليه –من منطلق المقاربة الهايدروليكية والمنطق التجريبي(Empirical) —أي استنادا علي فرضيات ميكانيكا المياه والسيطرة عليها من خلال المنشئات الهندسية و المبادئ التي تحكم سلوك السوائل ، والتي تعتمد النمذجة القطعية (Deterministic Modeling)، اختار المهندس الأستشاري والمكلف بتصميم السد ، تصريف (15,000 m3/s) للفيضان التصميمي للمفيض" Spillway Design Flood) -أي الفيضان الذي يستطيع السد تمريره بأمان، عندما يفيض الخزان عند امتلائه، و يضمن سلامة البناء عند حدوث علو الماء (Overtopping) للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته ،
وزيادة هامش الأمان لسد الروصيرص عند التعلية بزيادة عدد بوابات السد العليا(High
(Level Sluice Gates): بحيث أن كل بوابة جديد ستزيد من طاقة اطلاق الفيضانات ب (1548 m3/s) ، ]فعلى سبيل المثال اضافة بوابتين سترفع الطاقة الي (18,096 m3/s)أي [(15000+3096)
لكن –بالمقابل --في كل مرة يستخدم خزان الروصيرص للحد من حجم وذروة الفيضان، سيتم ترسيب الطمي في خزان السد وبالتالي خفض فائدته ، ومن ثم ينبغي تقليل استخدام الخزان للحد من من حجم وذروة الفيضان ، مثلا :
من خلال اعتماد قواعد تشغيل (Reservoir Operating Rules)مناسبة للخزان - قدر الإمكان، وهذا أمر يعتمد على (حجم) التصريف الأقصى الذي يمكن تمريره عبر السد من دون أن يؤدي ذلك الي مناسيب خطيرة نحو أسفل النهر"، (Downstream)
زيادة أحجام الأنفاق الضغطية أو خطوط الأنابيب Pressure Tunnels/ Pipelines Sizes ، يزيد كفاءة استغلال فرق التوازن المائي (Head Utilization Efficiency) من خلال تقليل فقدان الضغط ( تقلص فرق التوازن المائي) بالاحتكاك الهيدرولي
من الجلي ، أن السودان أثر الأخذ بالمقاربة الهيدروليكية (Hydraulic Design) في تحديد حجم الفيضان التصميمي للمفيض ، و"التصميم الهيدروليكي" هو إلى حد كبير التجريبي(Empirical)، ويعتمد على النهح (أو النمذجة) القطعية (Deterministic Modeling)، كما في حلة حساب طول المفيض أو تحديد سعة الخزان
لكن البنك الدولي –في المقابل- كان يريد الأخذ بالمقاربة الهيدرولوجية (Hydrologic Design) والمنطق الإحصائي- الأحتماليStochastic (Statistical & Probabilistic/ أي استنادا علي فرضيات ومباديء الخصائص العشوائية لتوزيع وآثار المياه على سطح الأرض ، في التربة وفي الصخور الكامنة ، وتحديدا تلك المقاربة المتمثلة في تقدير “الحد الأقصى المحتمل للفيضانات والذي يحدث—في المتوسط-- مرة واحدة كل ألف عام" ((1000-year Probable Maximum Flood--PMF كأساس لتحديد حجم "الفيضان التصميمي للمفيض" Spillway Design Flood) (، و"التصميم الهيدرولوجي” (Hydrologic Design) هو إلى حد كبير إحصائي- احتمالي (Statistical & probabilistic/ Stochastic) ، كما في حالة تحديد معدل الجريان السطحي الأقصى من مستجمعات المياه (أي الفيضان)
وعليه ، فقد اعتبر البنك الدولي ان تصريف (15,000 m3/s) الذي اعتمده المهندس الأستشاري" للفيضان التصميمي للمفيض متدن للغاية ، خاصة مع وجود جسور ترابية طويلة ، اذ أن حدوث علو الماء للجسم الخرساني للسد أو لأجنحته (Overtopping) سيكون كارثيا، لذلك طلب من المكتب الأستشاري(The International Panel on Flood Discharges for Roseires-IPFDR) أن يتحقق من حجم المفيض المطلوب
وفي عام 1961، قام المكتب الأستشاري المكلف (IPFDR) باستخدام طريقة “وحدة الرسم المائي (Unit Hydrograph Procedure)”، لتقدير “الحد الأقصى المحتمل للفيضان" علي أساس (PMF= 18,750 m3/s) ، بدلا من (13,500 m3/s) الذي اختاره المهندس الأستشاري (شركتي الكساندر جب واندريه كوين وجين بلير ) واعتمد الفيضان التصميمي للمفيض (Spillways Design Flood / Capacity) علي أساس (17,350 m3/s)، بدلا من (15,000 m3/s) ، الرقم المختار من قبل المهندس الأستشاري ، وبدأ لظاهر العيان وكأنما قد اسدل الستار علي عملية اختيار الفيضان الأكثر أهمية لتصميم وسلامة سد الروصيرص!
لكن في الواقع هناك درجة عالية من عدم اليقين مرتبطة بتقدير "الحد الأقصى المحتمل للفيضانات" (PMF)،
§ وفي الماضي وحتى أوائل السبعينات كان التعامل مع عدم اليقين هذا يتم:
بإضافة مسافة بين أقصي منسوب للماء وقمة السد(freeboard) كعامل أمان.
باستخدام الصيغة التجريبية
بتحويل هطول الأمطار الي "جريان سطحي" (Runoff)
بالمقاربات الاحتمالية، حين يتوفر سجل طويل للتدفق النهري
بالرجوع إلى التجارب السابقة، ، مثلا بالمقارنة مع أنهار أخرى (مثل استخدام خزان الروصيرص للقيمة التي استخدمت لسد سنار) جنبا إلى جنب مع الأساليب التجريبية حين يتوفرسجل مطول لتدفق التيار النهري
§ وعندما استشري استخدام الكمبيوتر منذ سبعينات القرن الماضي أصبح يتم حساب الحد الأقصى المحتمل للفيضان (PMF) من خلال :
دراسة العوامل للأرصاد الجوية، إلى جانب
خصائص الغطاء الخضري لمستجمعات المياه
(Vegetative) Characteristics of the Drainage Basin
كما أن "الحد الأقصى المحتمل للفيضان"(PMF) ليس ثابت القيمة، وانما يعتمد علي وثوقية المعلومات ودقة التحليل وتقدم المعرفة التقنية. ومن هنا ينبغي مراجعة تقديره دوريا
والتعامل مع هذه الشكوك كانت باستخدام أكبر الفيضانات، والنمذجة الهيدرولوجية، وذلك بتأسيس الفيضان التصميمي للمفيض (Spillway Design Flood)علي طريقة تحليل التردد للفيضانات (Flood Frequency Analysis)أو تحليل القيمة المتطرفة(Extreme Value Analysis)
النقلة المعرفية من الهيدرولوجيا الكلاسيكية الي “الهيدرولوجيا الجديدة:
في دراسة حديثة لهذا الباحث بعنوان "جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية: دولة مصب أو عبورفقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" تم فيها لأول مرة حساب اسهام السودان المعتبر في مياه النيل—علي عكس ما يعتقد الكثرون في انعدام اسهامه – وفيها تم أيضا تعريف "الهيدرولوجيا الجديدة" (Modern Hydrology) والتي صححت مفاهيم "الهيدرولوجيا الكلاسيكية" وتصطحب معها ما تجاهلته الأخيرة ،وهو أمر أصبح ممكنا بسبب الطفرة التي حدثت في المعارف المائية نتيجة للتطورات العلمية الكبري التي طالت علوم الأرصاد و الفضاء والكمبيوتر والأتصالات في الخمسين سنة الأخيرة ، فمثلا بينما :
تفترض الهيدرولوجيا الكلاسيكية أن قياسات المناسيب المائية والأيرادات ، صالحة احصائيا (Statistically Valid)، لأنها نتاج ظروف طبيعية ثابتة—علي المدي البعيد—فبهذا مثلا قال هيرست (Harold Hurst) في دراسته الشهيرة "السعة التخزينية طويلة الأجل للخزانات" عام 1951 فيما عرف لاحقا ب “The Hurst Phenomenon،
القراءة الدقيقة للهيدرولوجيا الجديدة“ تقول:
§ أن البيانات السابقة لتصريف النهر أصبحت غير موثوق بها ، وذلك بسبب:
التدخلات البشرية وتأثيرها علي الأنسياب المائي
التغييرات في خصائص مستجمعات المياه (Watersheds)
الترسيب : فالطمي قد يملأ الخزانات إلى المستوى المفيض
التغييرات في النهر والتي قد تشمل تحويل تدفق النهر داخل (أوخارج) الحوض
التغييرات في التخزين االصناعي
التغييرات في استخدامات الأرض وفي الغطاء النباتي ، الناجمة عن إزالة الغابات الخ.
تغير الأنماط المناخية
القفزات المتواترة في قدرات الأستفادة من الأمكانات الجديدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا وعلوم الحاسوب ،
التطورات العلمية والنقلات النوعية في مجال علم المائيات ، كالركون الي "نهج مستجمعات المياه" (Watershed Approach) في معالجة مشكلة الفيضانات، فمثلا:
§ نتيجة لكل ما سبق ، لم يعد مقبولا في تصميم أنظمة الدفاع ضد الفيضانات ، تأسيسها على حدث (تصميمي) واحد ( Single Design Event)
§ بل ينبغي-- وفق "نهج مستجمعات المياه"--- تقييم حساسية التصميم لمعدلات دفق أعلي من الدفق المستخدم في التصميم (Design Flow)، مع الأخذ في الحساب التغيرات المناخية والتغيرات في استخدام الأراضي ، بمعني أنه:
§ ينبغي – مثلا -- في تقدير حجم الفيضانات – لكي يتضمن التصميم عملية تغير المناخ وعوامل استخدام الأرض -- ا ضافة "عامل هراء" (بنسبة 20 ٪ للتغيرات المناخية في ذروة الفيضانات الأكثر من 50 عاما (Fudge Factor
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض، أبت عيدانه أن تكسرا (جرير):
وبالعودة لمفاوضات تمويل سد الروصيرص ، لم يقف المهندس الرشيد عن مرافعته تلك حتي كان قد فند كل حجج مفاوضي الطرف الأخر وممانعتهم ،
وكما تبددت سراعا امال شاعر تميم (الذي قارع ثمانين شاعرًا، فغلبهم) ،
في غلبة قومه علي جذام وحمير ، فقد وجد الممولون في مفاوضهم غير ما كانوا يظنون باديء الأمرعن ضعف مسوغات التعلية ، وهكذا استطاع هذا المهندس --بإصراره الشديد وقوة حجته وبيانه ونجاعة الأدلة المادية التي ساقها اليهم ،
ليس فقط تغيير تصورات خبراء البنك الدولي والممولين الألمان عن قدرات المهندسين السودانيين ، بل
وإقناعهم بحاجة السودان لتخزين المزيد من المياة فوق المرحلة الاولي للخزان
و دفعهم الي التخلي عن اعتراضهم الشديد علي تمويل –وبالتالي تصميم -- سد الروصيرص علي أسس تقبل تعليته في مرحلة لاحقة وهو ما يجني ثماره السودان الآن ،
وكيف لا ، وقد جاءهم مفاوض السودان "بالقض والقضيض" ، (كما يقول المثل العربي عندما يأتي المرء بكل صغيرة وكبيرة في الأمر أو اذا فاض النهر ولم يترك شيئا الا ناله )، فرمي وأصاب الغرة وعين القرطاس !حتي أن البنك الدولي طلب منه عندما تقاعد في سن الخامسة والخمسين أن يعمل مستشارا لهم في شئون الري ، لكن يبدو انه لم يحفل حتي بالرد علي ذلك الطلب حيث ان استمارة التوظيف التي أرسلوها له لا زالت قابعة في ادراج مكتبه دون أن يملاها!
لكن الشيء الأهم من عرض العمل لهذا المهندس من البنك الدولي هو أن تلك المرافعات البليغة أثمرت النتائج الأتية:
منح البنك الدولي للأنشاء والتعمير(World Bank) السودان قرضا لتشيد سد الروصيرص للمرحلتين الأولي والثانية تماما كما طلب هذا المهندس ، وذلك بمبلغ (19.5) مليون دولار (اي ما يعادل ستة ملايين وتسعمائة ألف جنيه استرليني)
منحت جمهورية ألمانيا الأتحادية السودان قرضا لتشيد سد الروصيرص للمرحلتين الأولي والثانية تماما كما طلب هذا المهندس بمبلغ (19) مليون دولار ( أي ما يعادل ستة ملايين وسبعمائة ألف جنيه استرليني)
أعطت مؤسسة التنمية الأقتصادية (Int’l Development Association -IDA) منحة ائتمان (Credit) لتشيد سد الروصيرص للمرحلتين الأولي والثانية بمبلغ (13) مليون دولار (أي ما يعادل أربعة ملايين وستمائة ألف جنيه استرليني)—وأحسب أن "منحة الأئتمان" هذه ما كانت لتتم لولا نجاح السودان في مفاوضاته مع البنك الدولي والحكومة الألمانية!
وبالمقابل، كان علي حكومة السودان أن توفرلمشروع السد بالعملة المحلية ما تبقي من كلفتة والبالغة ((37.5 مليون دولار
فكان أن تم التوقيع في واشنطن علي اتفاقية قرض البنك الدولي في 14 يونيو
1961
وبعده بأقل من اسبوع في بون علي القرض الألماني !
سد الروصيرص : أحكام التحسب (الأستشرافي) للمتطلبات التصميمية للتعلية (Anticipatory Provisions) مثاراحجام الممولين الشديد علي تمويلها باديء الأمر:
بعد هذا الأنجازالدبلوماسي الكبير،والذي أبلي فيه هذا المهندس بلاءا حسنا ،يعود هذا المهندس من بون وواشنطن ليعكف علي الأشراف علي تشيد المرحلة الأولي للسد ، و التأكد من تضمين مجموعة من المتطلبات الفنية الضرورية للتعلية ، في تصاميم المرحلة الأولي للسد ، وذلك ليس فقط لتأمين تعليتة اللاحقة، بل وبانجاز ذلك بأقل كلفة وأعلي كفاءة هندسية . تلك المتطلبات الفنية الضرورية للتعلية كانت علي النحو التالي:
تصميم السد لتعليتة لأحقا لمنسوب المياه الأعلىTop Water Level, TWL)) بنسبة 10
متر (من 480 متر الي490 متر)
تصميم قاعدة السد لتحمل التعلية ،بدون توسع في القاعدة
اتمام قاعدة السد الدعامي و المواطئ (Footings)لأبعادهما النهائية ، بحيث:
تنحصر عملية التعلية علي تعميق الأجنحة (Webs) مع
إضافة جزء علوي (Superstructure)، كما هو موضح من قبل الخطوط المنقطة في الرسم المرفق أدناه
تشيد كل أجزاء السد بحيث يمكن تعليتها في وقت لاحق إلى الارتفاع النهائي من دون استخدام
سدود انضاب(Coffer Dams ، أي سدود تحويل مؤقتة لحجز الماء) ودون تعارض ذلك مع
استخدام السد للري
تشييد أساسات أجنحة السد الدعامي (Buttress Web Foundations)للمرحلة الثانية فوق منسوب(مستوى) الحد الأدنى للماء المنصرف (Tailwater)أو أعلى من ذلك
تصميم جميع معدات البوابات وخدمات محطة توليد الكهرباء" وفق أعلي منسوب بالغه
الخزان في المرحلة الثانية (أي منسوب 490 متر)
بناء الحافة الناتئة وهيكل البناء من جهة أعلي النهر،(( Upstream Berm & Shell
لمنسوب الخزان النهائي (في المرحلة الثانية، أي 490 م)، وذلك لتجنب التداخل مع عملية
تشغيل الخزان عندما تتم تعلية السد
تشييد الجزء الخرساني للسد بأكمله ، و تشييد الأساس للارتفاع النهائي حتي المنسوب
الأدني (أي 445 متر) ، بحيث تشاد التوسعات في جهة أدني النهر فوق منسوب الماء
المنصرف (Tailwater) خلال موسم الجاف
تشييد مأخذ القناة (Canal Intakes) بصورة كاملة حتى مستوى التحكم(Command Level) ، حتي لا تكون هناك حاجة لأي أعمال انشائية تحت مستوى سطح القناة ((Canal Full Supply Level—FSL في المرحلة الثانية )كانت الخطة الأصلية هي ري مشروع المناقل من المياه المخزنة في الروصيرص ثم تمرر المياه الي سنار حسب الحاجة ، لكن استقر الرأي أخيرا الي أن يسقى مشروع المناقل بقناة رئيسية جديدة تنطلف من خزان سنار وتسير بمحازاة القناة الرئيسية لمشروع الجزيرة حتي كيلو 57)
تصمبم جسور الجناح (Flank Embankments) بطريقة تحقق تعلية اقتصادية للسد
تشييد كل دعائم البوابات العليا والسفلي في المرحلة الأولي حتي لا تكون هناك حاجة لأعمال
تحت منسوب الفيضان من جهة أدني النهر(Downstream)
اتمام الأعمال التحضيرية في السد لمحطة للطاقة بقدرة (MW 175)، تتألف من سبع وحدات
بقدرة ) 5 (MW2لكل منهما
Source: Fitt, R. R. Marwick & F. Whitaker: Water Power, April, 1964
المهندس الرشيد وتوليه مع المستشارين الأجانب مسئولية الأشراف علي كل
الأعمال الأولية المرتبطة بالمرحلة الأولي لتشيد سد الروصيرص: " قُلْ هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة 111)
كما نوهنا عاليه ، فسنستدعي للشهادة هنا -- حول الدور المحوري للمهندس الرشيد في تشيد المرحلة الأولي لسد الروصيرص ولتعليته اللاحقة -- أكثر من عشرين صورة لمراحل المشروع المختلفة لأن الكاميرا لا تكذب ولا تتجمل ! ولأن " الصورة تسوي ألف كلمة"، كما يقول المثل المنسوب في أصله الي حكمة صينية !
مرحلة الترويج لسد الروصيرص:رحلات ترويجية واستطلاعية:
المهندس مرغني حمزة ، وزير "الري والقوي الكهربائية المائية"- كما كان يطلق علي الوزارة في الستينات من القرن الماضي--–والذي ارتبط اسمه بدوره البارز في المفاوضات التي سبقت اتفاقية مياه النيل ، رغم انه مهندس تشيد (أشغال) وليس مهندس ري ، الا أنه يعد من أميز وزراء الري الذين شغلوا هذا المنصب في السودان ، وقد كان مهموما أيضا بايجاد دورتمويلي وفني اوروبي في مشاريع المياه في السودان خاصة مشروع سد الروصيرص، فقام باختيار دولة ارتبط اسمها في الماضي بالمجاري المائية المرفوعة (AQUAE DUCTUS ) وقنوات الري والأنفاق ، وارتبط اسمها في الحاضر بالتميز في تشيد السدود وتصنيع معدات الري و الكهرباء كالمولدات والمحولات الكهربائيه (Transformers)، والموتورات الكبيرة ذات التيارات المترددة (AC Motors)، والمراجل عالية السعه (Boilers)، والتوربينات البخارية والغازية وأجهزة القياس والتحكم (Control Instruments ). ومراكز الضبط الخاصة بالتوزيع الخ، وما كان هناك أفضل من ايطاليا لتكون وجهته ، واختار أن يصطحب معه السكرتير الفني لوزارة الري وقتها (الرشيد سيد أحمد) لأستكشاف فرص دخول أيطاليا في مشاريع المياه والري والكهرباء في السودان ، والصورة الأولي أدناه تظهر المهندسين مرغني والرشيد وهما يراجعان مشاريع السودان المائية
مع المسؤلين الطليان ، والثانية وهما يتفقدان منشئات الري والكهرباء الأيطالية برفقة نظرائهم الطليان وبمعية سفير السودان في ايطاليا :
اطلاق ضربة البداية لمشروع سد الروصيرص:
مضابط اجتماعات "وزارة الري والقوي الكهربائية المائية"—- تحدثنا أن انطلاق المرحلة الأولي من مشروع سد الروصيرص الحقيقي بدأ باجتماع حاسم تم في الثامن عشر من فبراير عام 1958حضره من وزارة الري حسن كافي والرشيد سيد أحمد، ومحمود جادين وصغيرون الزين بجانب المستشارين موريس والن وحمزة مرغنى حمزة وكيل المالية ونائبه مامون بحيري واثنين من مستشاري وزارة المالية الأجانب واثنين من ممثلي مؤسسة اندريه كوين وجين بليروثلاث ممثلين لشركة الكساندر جب—وكل من هؤلاء سيكون لهم لاحقا اسهام واضح –وان كان بدرجات متفاوتة --في " انشاء سد الروصيرص في مرحلته الأولي و في استغلال وتوظيف موارده المائية لخدمة المشروعات الكبري بالبلاد"
واستقر الرأي علي أن تقوم وزارة الري بدعوة المهندس الاستشاري لمناقصات عامة (لتقديم عطاءاتIFB’s) وأن تشرع الوزارة في الترتيب لطلبات تقديم العروض (للأسعارRFQ’s) و تقييم المناقصات(Quotations) وارساء العقود الدولية وتحديد الأجر وشروط الدفع الخ
ما قبل الهندسة: العطاءات التنافسية:Pre-Engineering & Competitive Bidding وتبادل التوقيعات:
استهل أحمد عبد الله حامد -- أول وزير للري في عهد الفريق ايراهيم عبود -- هذه المرحلة بالقيام بتبادل التوقيعات مع ممثلي الشركات الأجانب بحضور وزير الخارجية أحمد خير والرشيد سيد أحمد والمستشارين الأجانب (الصورة أدناه)
فحص العطاءات :
تولت لجنة خماسية من مهندسي "وزارة الري والقوي الكهربائية المائية" فحص عطاءات الروصيرص بحضور المهندسين الأستشارين الثلاثة ، وقد ضمت اللجنة كلا من الرشيد سيدأحمد ومحمود جادين والياس دفع الله ومزمل حسب الرسول وصادق حسن (الصورة أدناه) :
فتح العطاءات:
المقبول الأمين-- وزير الري الذي خلف الوزير أحمد عبد الله حامد -- قام بفتح العطاءات بحضور الرشيد سيد أحمد وصادق حسن والمستشارين الأجانب (الصورة أدناه)
ارساء العطاءات-- عطاء تصميم السد:
رسا عطاء تصميم سد الروصيرص و"المساعدة في الأشراف علي الأنشاء" علي المهندس الأستشاري (Consulting Engineers ) متمثلا في شركتي الكساندر جب (الأنجليزية Sir Alexander Gibb & Partners ) واندريه كوين وجين بلير(الفرنسية Andre Coyne & Jean Bellier) معا،علي أن تكون وزارة الري هي "السلطة المشرفة علي انشاء الخزان "،
اختيار نوع السد:
اختيار نوع السد (Dam Type)تحكمه عوامل الطوبوغرافيا ، والبنيوية الجيوتقنية والجيولوجية لقاع النهر في موقع السد ، وقدرة الأساس علي تحمل سحق القوة الضاغطة عليه(Crushing Strength) ، وتوفر مواد البناء المناسبة والقريببة من الموقع ، ونوع وحجم قناة تصريف الفائض (المفيض Spillway ، أو بوابات التحكم ] "ابواب الخزان" [Sluiceway) ، ومخاطر الفيضان غير المتحكم فيه علي التجمعات السكانية قرب السد ، خاصة أثناء تشيد السد:
و قد قام المهندس الأستشاري بالتوصية على المقاول الرئيسي، و بعرض الخيارات التكنولوجية لنوع السد وتفاصيل التصميم الهندسي كطول السد ومنشئات التحويل (كماسورة تغذية التيربينات, ماسورة تغذية التيربينات( Penstock) وحوض التوازن Surge Tanks الخ) ، ومناقشة تلك الخيارات مع مسؤولي وزارة الري –وأحسب أن ذلك تضمن:
لماذا تم اختيار السد الدعامي الجاذبيButtress or Gravity Concrete Dam للروصيرص (والمستخدم قبلها في سدي خشم القرية و اسوان القديم)
وهو سد أقل مقاومة للانزلاق(Sliding) من السدود الثقالية التقليديية (والأنزلاق هو احد أهم ثلاثة مهددات لثبات مثال هذا السد واستقراره) ،
وليس مثلا اختيار:
§ السد الخرساني Concrete Dam :
كالسد الثقالي الخرساني Concrete Gravity Dam، كما في حالة سد أوين (في يوغنده) رغم أنه يلائم تشكيلة واسعة من قاعات الأنهار أو
السد القوسي Arch Dam (كما في حالة سد كاريبا (في زامبيا) وسد بنقالا (في زمبابوي) والذي يناسب الوديان الضيقة ذات المنحدرات الحادة كمنطقة منحدرات (شلالات ) الدمازين، وهو أقل السدود، كلفة ، أو
§ السد الجسري الركامي ، كالسدود الجسرية ذات الحشوة الصخرية-الترابيةEarth Rockfill Embankment Dams (كما في حالة سدي مروي والسد العالي) ،رغم أنها تتكيف بسهولة مع قاع الأنهر الترابية ، أي يمكن اشادته علي القاع ذي الأساسات الطميية وهي سدوداقتصادية، -- ولهذا 80% من خزانات العالم هي سدود جسرية – ويمكن مثل هذه السدود تحمل هبوط متفاوت (Differential Settlement) وتتحمل ازاحة قصيرة عن موضعها نتيجة لخلل في قاعدتها ، كما أنها تستطيع أن تتحمل التسريب (Seepage) ، وعندما يزيد الأرتفاع عن 20 مترا ( كما في حالة المرحلة الأولي لسد الروصيرص بارتفاع 68 متر أو سد مروي بارتفاع 67 مترا أو سد جبل أولياء بارتفاع 38 مترا—بل وحتي 150 مترا) ، يلجأ المصمم الي السدود ذات الواجه الخرسانية (Concrete-Faced Rock-Fill Dam-CFRD) ، كما في سدي كاكوين وشار القيد (في المغرب) وهي –اضافة لذلك :
أكثر السدود حصانة من الزلازل
والأمن من مخاطر الأفراغ السريع للسد من المياه
وتستطيع أن تتحمل أن يعلوها الما ء ((Overtopping بدرجة متواضعة ولفترة قصيرة دون أن تنهار
لعل ما رجح كفة السد الدعامي(Concrete Buttress Dam) للروصيرص ما في سيرته الذاتية من نقاط قوية عديدة، فمثلا :
السد الدعامي يمتازبخاصية المرونة (Versatility:)، فهو مثلا لا يحتاج لأساس صخرى قوي (كما هو الحال في السد القوسي)
وتتوفر لهذا السد زيادة في القدرة على استيعاب واحتواء تشوهات الأساس (القاع)
كما أنه لا يتطلب قدر كبير من مواد البناء (كما هو الحال في السد الثقالي الجاذبي) فهو -- كسد ثقالي تقليديي فارغ الجوف --يحتاج إلى أقل من النصف من حجم الخرسانة المطلوبة للسد الثقالي التقليديي
وهو يستطيع أن يتحمل أن يعلوه الماء(Overtopped) بدرجة معتدلة ، في حين أن مثل هذا العلو من المرجح أن يدمرالسدود الجسرية (الركامية) ذات الحشوة الترابية ((Earth-fill Dams كسد تاربلا (في باكستان) ، والسدود الجسرية (الركامية) ذات الحشوة االصخرية ( (Rock-fill Damsكسد فنشا (في اثيوبيا وسد ماسينجا (في كينيا)
كما أن رفع المياه العلوي(الدفع العلوي للماء المتسرب من السد -Uplift Pressure) في مثل هذا السد أقل مخاطر عليه مما يكون الحال علي السدود الثقالية الجاذبية الصلبة (Gravity Dams)– كسد جبل أولياء
والرسم الأول أدناه يوضح المهام المرتبطة بأختيار الخزان وفق الأغرض المناط به أداوها
والرسم الثاني بعده يوضح المهام المرتبطة بتصميم السد وملحقاته علي أساس متطلبات الخزان
ارساء العطاءات—عطاء تشيد السد:
رسا عطاء التشيد(Main Contractors )علي شركة أمبرسيت قيرولا لوديقياني الأيطالية (Impresit-Girola-Lodigian)،بسبب تقديمها اقل العطاءات بمبلغ وقدره 19 700 000 جنيه سوداني علي أن تكمل التشيد بصيف عام 1967،
بقية العطاءات قام بفض مظاريفها الوزير مكي المنا (والذي خلف المقبول الأمين علي الوزارة ) وذلك بحضور محمود جادين والياس دفع الله والرشيد سيد أحمد (الصورة أدناه)
تفويض المقاولين المحليين:
رسا عطاء تشيد "مدينة المشروع" (Township) علي شركة حامد حميدة و عبد الله
عوض السيد وقد وصف مدير الري محمود جادين الحدث بالقول بأن هذه ”أول شركة سودانية...يقع عليها عطاء عالمي بمبلغ مليون جنيه“ ، وقد وقع هذا العطاء شراكة مع شركة سيد عبد الله السيد وشركاؤه
كلفة المرحلة الأولي لسد الروصيرص:
بلغت تقديرات تكاليف تشيد السد والأعمال الأنشائية للمرحلة الأولي 28 مليون جنيه سوداني (أو ما كان يعادل وقتها 89 مليون دولار ، قارن مع سد خشم القربة وكلفته 10 مليون جنيه سوداني ، وكان الجنيه السوداني وقتها يعادل ₤1.025 Sterling بينما السعر الرسمي للأسترليني اليوم حوالي 10 جنيهات سودانية! وعدد سكان السودان وقتها 12 مليون نسمة
ويحدثنا مهندس الري القدير عبد الوهاب فضل الله أن المهندس محمد علي كوباوي أوكل الي خمسة من الباشمهندسين ( (“Division Engineers --DE’s” مهام تشيد الكبري والمطار ونظافة البحيرة من الأشجار) منهم عبد الله محمد علي وعلي جاد كريم وصالح محمود الحاج ، برئاسة كبير المهندسين الهادي عبد الرحمن) ، يساعدهم في ذلك أربعة من المهندسين) (Aassistant DE’s) الذين شاركوا في أعمال التشيد الأولي وهم: الريح عبد السلام—والذي عمل لاحقا كأول مهندس مقيم في السد (RE) --وعباس هداية الله وجعفر محجوب وابراهيم المنصوري وعثمان محمد خير (دوشي) ، وواصل كلا من الثلاثة الأوائل منهم العمل في مرحلة التشغيل "كمهندس مقيم" في سد الروصيرص بالأضافة الي عبد الرحمن سليمان وابراهيم المنصوري
ملحوظة: سيأتي هذا الكاتب لاحقا —ان شاء الله—علي توثيق أوسع للجانب الفني لسد الروصيرص ك "تقويم تقني لتعلية سد الدمازين وما تنطوي عليه التعلية من فرص وتحديات ، بما في ذلك جدلية زيادة التوليد الكهربائي بعد التعلية ومآلات سد الروصيرص ان قامت أثيوبيا بتشيد سد النهضة " !
انطلاق الدور الأشرافي و اختبارات الأداء : المهندس الرشيد واضطلاعه -- مع
المستشارين الأجانب -- بمسئولية الأشراف :
توظيف مشاكل وأخفاقات خزان سنار لمصلحة خزان الروصيرص:
المشاكل الفنية والأخفاقات الهندسية الكبري يمكن ارجاعها بصورة اساسية لاربعة من
الأسباب ، وذلك وفق دراسة المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا:
عدم كفاية المعرفة(36%)
التقليل من أمر تأثير العناصر الخارجية (16 %)
والجهل والاهمال وعدم الاكتراث (14 %) ثم
النسيان والخطأ(13%) ،
وهذه الأربعة أسباب تشكل في مجموعها حوالي 80% من أسباب الأخفاقات
لكن قد لا يدرك الكثيرون القيمة التعليمية لمثل هذه الأخفاقات الهندسية ، رغم أن الفشل الهندسي يسهم في:
تعليم المهندسين أن " أخطاء الأمس يمكن أن تؤدي إلى حلول اليوم وابتكارات الغد"
تحسين وتعزيز فهمهم لتصاميم الهياكل الهندسية ووتشغيلها واداؤها وطرق اطالة أعمارها
وفهم طبيعةعمليات التشيد
إثارة أو نبش قضايا الفشل هو أيضا جزء هام في البحث العلمي والتدريب
اكتشاف الممارسات المهنية غير الأخلاقية و المؤدية للكوارث – حين توضع—مثلا--،
الاعتبارات التجارية قبل اعتبارات السلامة -
كما يمكن أن تكون بمثابة محفز في توعية الناس حول أهمية السلامة والتفتيش والصيانة:
ففي افادة اخري هامة من المهندس عبد الوهاب فضل الله حول دور المهندس الرشيد الأشرافي في خزان الروصيرص ، أنه في عام 1958عندما كان المهندس عبد الوهاب يعمل بخزان سنار، طلب المستشار الوطني للمشروع (الرشيد سيد أحمد) من المهندس المقيم (عثمان الحويرص) ارسال ملفات تنفيذ خزان سنار له في الخرطوم من الأرشيف ، حيث أنها تضمنت توثيقا دقيقا للمشاكل الفنية والأخفاقات التي صاحبت تنفيذ خزان سنار لدراستها ووضع الحلول لها مع مستشاري شركة الكساندرجب
ولأهمية تلك الملفات المطلوبة قام المهندس عبد الوهاب نفسه بتسليمها باليد للمهندس الرشيد ، كما طلب المهندس الرشيد فتح المخازن في سنار لتمكين مستشارو الكساندر جب من الأطلاع
علي المستندات و البيانات وعينات الصخور التي خزنوها في سنار بعد انتهاؤهم من تشيد خزان
سنار (مكوار) في عام 1925، لمضاهاتها بالأبحاث التي أجروها في موقع خزان الروصيرص
ولما كانت مؤسسة اندريه كوين وجين بلير معنية اساسا بتصميم الخزان ، فقد انحصر دورها علي المساعدة في الأشراف علي الأنشاء ، ولما كانت وزارة الري --هي السلطة المشرفة علي انشاء الخزان (Client) ، فقد اضطلع المهندس الرشيد–بصفته كمستشار وزارة الري—بهذا الدور كما تؤكد الصور المرفقة للأجتماعات مع مهندسي شركتي الكساندر جب واندريه كوين وجين بلير وكما تؤكد ذلك الزيارات العديدة (والموثقة هنا بالصور) التي كان يقوم بها لمواقع الأنشاء حتي تقاعده في اواخر عام 1964، وقد شمل هذا الدورالأشرافي خمسا من مواسم الأنشاء السبعة،وهي:
موسم العمل الأول ((1961-62 والذي شمل توسيع مجري الفيضان الطبيعي علي الشاطيء الغربي ليشكل مجري تحويلي(Diversion Channel) ، بجانب تشيد الطرق والBridge وتشيد أرصفة ودعامات لجسور مؤقتة
موسم العمل الثاني(1962-63)الذي شمل حفر مجري التحويل(Diversion Channel) واساسات السد التحويلي (Cofferdam Foundations) و تحويل التصرف النهري الي قناة التحويل ، بجانب مواصلة العمل جسم السد الخرساني والمفيض
موسم العمل الثالث ((1963-64 والذي شهد بدء العمل علي الجسر الترابي الغربي ، حيث كان العمل علي بوابات الخزان العميقة والمفيض قد شارفتا الأنتهاء
موسم العمل الرابع ( (1964-65 ، مع انتهاء العمل في بوابات الخزان العميقة ، بدأ العمل علي تركيب بوابات التحكم وتم حفر أساس الجزء الشرقي من السد الدعامي ومأخذ قناة الدندر وأعمال صب الخرصانة لهما، ومن ثم تم ازالة سد التحويل في عمق مجري النهر للسماح للمياه من العبور من خلال بوابات الخزان العميقة وتم مواصلة العمل علي اكمال الجسر الترابي الشرقي
عند هذا المنعطف من اضطلاعه بالأشراف علي جل المرحلة الأولي من تشييد سد الروصيرص ، تقاعد المهندس الرشيد ولم يبقي لتكملة انشاء السد الا اكمال بناء الجسم الخرساني علي جانبي المفيض حتي مستوي العتب((Crest وتركيب البوابات وأعمال الحفر لحوض التسكين (موسم العمل الخامس (1964-65 ، ومن ثم أعمال التشطيب للسد ، وتركيب المجسات في السد لتسجيل اي حراك صغير في جسم السد (موسم العمل السادس والأخير (1966-67
"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النحل 43)
"المستشار مؤتمن" (حديث شريف)
و"إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ , إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ"(حديث شريف):
فما كلُّ ذِي نصح بمُؤْتيكَ نُصْحَه ولا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَه بلَبِيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد فَحَقُّ له من طَاعَة ٍ بنصِيبِ (أبو الأسود الدؤلي)
اشارة المهندس عبد الوهاب فضل الله السابقة الي أن المهندس الرشيد في عمله "كسكرتير فني (Technical Secretary)وكنائب مستشار ثم لاحقا كمستشار لوزارة الري ... (Irrigation Adviser) "يعتبر بعد الوزير مباشرة “—يدعمها الهيكل التنظيمي لوزارة الري أدناه ، ففي كل هذه المواقع ، كان المهندس الرشيد يقدم النصح للوزير مباشرة ، مما تفصح عنه بوضوح الصور المرفقة هنا (أو مشاهدتها في موقع سودان أون لاين) ومما تشهد به الزيارت المتكررة للمهندس الرشيد لموقع الخزان علي عهد أربع وزراء للري ، بدءا بمرغني حمزة ثم خضر حمد ثم أحمد عبد الله حامد وانتهاءا بمقبول الأمين الحاج ومكي المنا والذين اعتمدوا عليه اعتمادا كبيرا وثمنوا نصحه ، كما هو واضح من الصور ، ليس فقط لكون أنهم ليسوا بمهندسين ري ( بل وليسوا بمهندسين ، باستثناء مهندس التشيد مرغني حمزة ومهندس المساحة مكي المنا) ، بل لرجاحة ذلك النصح في المقام الأول!وقد سئل رسول الله (ص) عن "العزم" ، قال:"مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم"
يتبع
" فَلِلّهِ الْحُجّةُ الْبَالِغَةُ "(الأنعام 149) "وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ" (النحل 9)
"إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ" (الملك 26)
" وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (سبأ 24)
"ألا هل بلّغت ؟ اللهم أشهد" (حديث شريف)
References:
1. Emil Ludwig.1936. The Nile
2. Maidment, D. 1992. Handbook of Hydrology
3. Chow, Ven., D. Maidment & L. Mays. 1988. Applied Hydrology
4. Chaudhry, M. 1993.Open Channel Flow
5. Fetter, C. Applied Hydrogeology
6. Fitt, R. R. Marwick & F. Whitaker: The Roseires Dam, Sudan: Planning & Design, the Institute of Civil Engineers, Sep., 1967, Vol. 38, Paper
7. Hewlett,J. 1982.Principles of Forest Hydrology
8. Masahiro Murakami .1995. “Managing Water for Peace in the Middle East: Alternative Strategies”, http://unu.edu/unupress/unupbooks/80858e/80858E00.htm#Contents
9. Hurst, H. 1944.A Short Account of the Nile Basin
10. Hurst, H. 1957. The Nile
11. http://www.utdallas.edu/geosciences/remsens/Nile/bluewhitenilegif.html
12. ICID.1961. Int’l Problems Relating to Economic Use of Rivers
13. John, P. et al Water Balance of the Blue Nile River Basin in Ethiopia
14. Waterbury, J.1979.Hydropolitics of the Nile
15. Waterbury, W. 1987.”Legal & Institutional Arrangements for Managing Water Resources in the Nile Basin”, Water Resources Development, Vol. 3 No. 2
16. Zelermyer, W.1964.Introduction to Business Law: A Conceptual Approach
17. Sebenius, J. 1984. Negotiating the Law of the Sea
18. Smith, R. “The Problem of Water Rights”,J. of Irrigation& Drainage. Proc. Of ASCE, December 1959
19. Phillips, O.1967. Leading Cases in Constitutional & Administrative Law
20. Encyclopedia of Public Int’l Law,1995, Vol. II
21. ICID. 1961.International Problems Relating to the Economic Use o River Waters
22. Cunha, L. 1977. Management & Law for Water Resources
23. Outers, P.1997.Int’l aw
24. Houk, I. 1951.Irrigation Engineering, Vol. 1.
25. Monenco, 1993. Stage II Feasibility Study, Main Report, Vol. 1
26. Dickinson, H. & K. Wedgwood. The Nile Waters: Sudan’s Critical Resource. Water Power & Dam
Construction, Jan. 1982
27. Gehm, H. et. al.1976. Handbook of Water Resources & Pollution Control
28. Mamak,W. 1964.River Regulation
29. MOI.1955. The Nile Waters Question
30. Allan, W. 1954. Descriptive Note on Nile Waters
31. Morrice, H. & W. Allan. 1959. Planning for the Ultimate Hydraulic Development of the Nile Valley. Proc.
Instn. Civ. Engrs., Paper #6372
32. U.N. 1958. Integrated River Basin Development
33. Ahmed, Abdel Aziz. 1960. An Analysis of the Study of the Storage Losses in the Nile Basin. Paper #6102,
Proc. Instn. Civ. Engrs., Vol.17.
34. Botkin, D. & E. Keller.1987. Environmental Studies
35. Jansen, P. et. al.(ed.).1971.Principles of River Engineering
36. Guillaud, C. “Coping with Uncertainty in the Design of Hydraulic Structures: Climate Change is But One
More Uncertain Parameter “, EIC Climate Change Technology, 2006 IEEE Volume 98, Issue No.5
37. Howell, P. & M. Lock, “The Control of Swamps of the Southern Sudan” in Howell, P. & J.Allan (eds.).1994.
The Nile: Sharing a Scarce Resource
38. Whittington, D. & K. Haynes “Nile Water for Whom? Emerging Conflicts in Water Allocation for
Agricultural Expansion in Egypt & Sudan, in Beaumont, P. & K. McLachlan (eds.). 1985. Agricultural
Development in the Middle East
39. Office of Technology Assessment.1984. Wetland: Their Use & Regulation
40. Mays, L. 1996. Water Resources Handbook
41. Nath, B.1996. General Report. Symposium on Economic & Optimum Use of Irrigation System. Pub. No.71
42. Various MOI pamphlets, notes & publications
43. Eagleson, P.S. (1994) The evolution of modern hydrology (from watershed to continent in 30 years).
Advances in Water Resources 17, 3–18.
44. El Rashid Sid Ahmed .1959. Paper on Layout of Canals & Drains
45. الرشيد سيد أحمد 1960 ايراد نهر النيل من مصادره المختلفة
46. الرشيد سيد أحمد 1962 وصف لحوض النيل
47. الرشيد سيد أحمد 1965 مشكلة مياه النيل
* بروفسير قريش مهندس مستشار وزميل في "الجمعية الهندسية " و خبير في المياه والنقل والطاقة والتصنيع، عمل مديرا للمركز القومي للتكنولوجيا ومحاضرا غير متفرغ بجامعة الخرطوم وبروفيسورا مشاركا في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيز ومستشارا لليونسكو بباريس و وخبيرا بالأمم المتحدة (الأسكوا) ،ومستشارا لها ، وخبيرا بمنظمة الخليج للأستشارات الصناعية ، وهو حائزعلي الدكتوراه الأولي له في هندسة النظم الصناعية والنقل والتي أتم أبحاثها بمعهد M.I.T.)) . كزميل "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة" ، و حيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية وأثبت --بالمحاكاة الرياضية علي شبكات الدول النامية-- تفوقهما علي الطائرات المعروضة في السوق العالمي ، وهو أيضا حائز علي (M. Phil.) و علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتا الأمريكية في موارد المياه بتخصص هيدرولوجيا و هيدروليكا، وعلي ماجستير اقتصاد وبحوث العمليات ، و هومجاز كعضو بارز" من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" وكعضو من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية " الأمريكي و"أكاديمية نيويورك للعلوم" والجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين" و الجمعية الأمريكية لضبط الجودة والمعهد البريطاني للنقل ".
E-mail: gore0111@hotmail.com
*الدراسات والحلول التقنية المقدمة من الكاتب لمعالجة المشاكل التنموية:
Research Work & Articles addressed Specifically to Sudan's Developmental Problems
1. A Plan of Action for Capacity Building for Sudanese Businessmen & Employers Federation, a 13-page study in Arabic (خطة عمل بناء القدرات
Submitted to SBEF in July, 20009 لأتحاد عام أصحاب العمل السودان)
2. Regulation in Science & Technology: The Electronic Transactions Law for 2005 as an Example, a 25-page unpublished analysis of the law in Arabic
(: قانون المعاملات الألكترونية لعام 2005 نموذجا الرقابة الضبطية للعلوم والتقانة)
3. National ITC Strategy, 2008 سمنار خيارات الأستراتيجية القومية لصناعة المعلوماتية وفرص الأستثمارللقطاع الخاص فيها
4. البعدين التقني والسيادي المغيبين في جدلية خصخصة الأمداد الكهربائيصحيفة الأيام-اغسطس2010
5. A Proposed Network Design Scheme for Science and Technology Information Systems; a 100-page study prepared for a 1993 Network Design Conference that has been cancelled.
6. Report of the Technical Committee for the Evaluation & Accreditation of the Bachelor of Science Programs of the Engineering & Technology College of Wadi al Nil University (Co-authored In Arabic,
تقرير(رئيس) اللجنة الفنية المتخصصة لتقويم برامج البكالريوس للهندسة الميكانيكية
والهندسة المدنية والهندسة الكهربائية وهندسة الأنتاج وبرامج الدبلوم بجامعة وادي النيل (مشترك)
7. Re-Structuring the Engineering & Technology Education & Training---A Program for Meeting the Challenges of the 21st Century,2005, د
المشروع القومى للنهوض بالتعليم الفنى والتقنى والهندسى فى القرن الحادي والعشرين
7. Re-Structuring Architectural Engineering & Technology Education & Training---A Program for Meeting the Local Needs & the Challenges of the 21st Century
8. The Need for More Emphasis on Operations Research in the Engineering
Curruclium.1971. A paper submitted upon request, to the Faculty of
Engineering of the University of Khartoum
9. Training Requirements for Maintenance & Rehabilitation. Al Ray Alaam, Aug 31, 2006 (in Arabic التدريب لمنشطي الصيانة والتأهيلمتطلبات )
10. Rehabilitation Strategies for Hydraulic Structures and Thermal Power Plants. 1995.A 50-page unpublished study.
11. A Seminar on Infrastructure Failures & Life Extension, 2005
: كيف نحقق اطالة عمر المنشئات الهندسية
12. The Need for an Institute for the Study of Infrastructure Failures. Al Rar Alaam, Oct 16, 2006 (In Arabic ضرورات قيام معهد للأعطاب(
13. The Challenges of the Roseries Dam Heightening & Modernization Project:
A Technological Assessment
14. (River) Flood Mitigation Problems: The Case of Gash River
15. CanalCAD—Modeling Unsteady Flow in (Rahad & Kennana) Irrigation Canal Networks For Channel Capacity and Flow Control Design. A 20-page Study, Civil Engineering Department, University of Minnesota, USA, June 2003
16. “Profiles of the New Water Order and the Federal Challenges to Water Resources Development Institutions: Part I”, The New Sudan, 1994.
17. “Profiles of the New Water Order and the Federal Challenges to Water Resources Development Institutions: Part II”, The New Sudan, Oct.13, 1994.
18. Re-Formulating the Traffic Congestion "Problem", & Its Abatement Strategy
2005
19. Deciphering the Failure of Airbus A310 Aircraft I, Al Ray Alaam, August 7, 2008 (In Arabic 1فك شفرة الطائرة المنكوبة)
20. Deciphering the Failure of Airbus A310 Aircraft II, Al Ray Alaam, August 30, 2008 (In Arabic 2 فك شفرة الطائرة المنكوبة)
21. Adaptation of Technical Know–How Towards the Uplifting of Sudanair I,
A 70-page study together with a 15-page proposal for a 3-phase Path Restoration
Action Plan for Sudanair, 1990 (In Arabic
(بسودانير تطويع المعرفة التقنية للنهوض )
22. Adaptation of Technical Know–How Towards the Uplifting of Sudanair I, Al-Sudani, Sept 14, 2008 (In Arabic 1تطويع المعرفة التقنية للنهوض بسودانير)
23. Adaptation of Technical Know–How Towards the Uplifting of Sudanair Ii, Al-Sudani, Sept 15, 2008 (In Arabic 2تطويع المعرفة التقنية للنهوض بسودانير)
24. Towards More Safer Skies: Application of Failure Mechanism Technique to Identify the Root Causes of the Accidents of Sudanair Airbus A310 and Airfrance A330 , July 2009 (Unpuplished study in Arabic:
:السودانية والفرنسية طائرتي ايربص مكانزف الفشل لفك شفرة منهج - نحو سموات امنة)
هل قضت الطائرتان بين مطرقة الطقس وسندان التعقيد التقني؟
25. Towards More Safer Skies: A Decade of Russian & Czechoslovakian aircraft
Accidents in the Sudan—An Analysis of Possible Causes, Unpublished Study,
July 2009
26. Proposal for Road and Transport Research Division, with Suggested
Research Program, 1983, Building & Road Research Institute, University of
Khartoum
27. (Sudan's) Needs for International Assistance in the Field of Natural Sciences
and Technology, 1972, (Co-authored) , National Council for Research,
submitted to UNESCO’s General Meeting
28. Thematic Framework for Improving Transport Modal Effectiveness in the Serving Industrial Production: Strengthening the Forward and the Backward Linkages.1990. An 82-page study presented at the Conference of Industrial Development, Khartoum, Sudan, December 1990.
29. A Proposal for a Mechanical Transport Research Unit: Organization and Suggested Research Program. 1973. An 80-page report submitted upon request, to Sudan's Mechanical Transport Department
30. Towards an Effective Planning for the National Electricity Corporation.1995. A 30-page proposal for an Electric Utilities Strategic Planning Conference
31. Towards an Effective Export Promotion Strategy for Oilseeds and their Derivatives. 1990. A 31-page study of Sudan’s Oilseeds Industry presented at a National Oilseeds Seminar, Khartoum, Sudan.
BOOKS, Published Research Work & Unpublished
Manuscripts Addressing Developmental Problems of Less
Developed Countries Including Sudan's:
1. The Impact of Science & Technology On Diplomacy: The Politics of S & T in Foreign Policy-- An Interdisciplinary Seminar on International Science & Technology, 2004
2. FIRST DOCTORAL DISSERTATION:
Efficiency Constraints in the Air Carrier System: A Technology-
Originated Assessment, 1979, Columbia University, U.S.A.
The Theses proposed & modeled (at MIT's Flight Transport Lab.) design
specifications for two new aircraft technologies suited to LDC's.
3. SECOND DOCTORAL DISSERTATION:
The Hydrological Response of Small Watersheds in Southern Minnesota to
Climatic, Physiographic and Morphological Influences, 2003, University of
Minnesota, U.S.A,
The Theses modeled and analyzed the annual flooding patterns of 20 Minnesota
River Basin streams.
4. Problems of Water Quality Management in the Shared Nile River: International Law & the Need & Challenges of a Basin-Wide Agency for Water Quality Management, University of Minnesota, 2002 (Unpublished)
5. Water Resources Capacity-Building: Manpower Requirements in Hydrology and Hydraulic Engineering for a Developing Country. A 1994, 70-page unpublished study
6. Some Applications of Operations Research techniques to Feed Lots, 1970, Masters Degree research work, Utah S. University, U.S.A.
7. The Choice of Technology in Developing Countries: The Case of the Arab Iron and Steel, Aluminum, Cement and Oil Products Pipelines, Al-Nor Publishing Company, 1984
8. The Dynamics of Technology Transfer and Possible Strategies for Arab Technological Development, Al-Nor Publishing Company, 1984
9. An Analysis of the League of Arab States' Draft Convention Concerning Regulation of Digital Signatures in the associated with Electronic Transactions, a 15-page unpublished analysis of the proposed law in Arabic
ملاحظات علي مسودة جامعة الدول العربية
"اتفاقية في شأن تنظيم أحكام التوقيع الألكتروني"
10. Scientific Progress and Social Requirement: A Logic of Metamorphosis. 1981, a report submitted, upon request, to UNESCO
11. Towards a Two-tier Technology. A paper presented at UNIDO’s Technical Congress, Geneva, and published in the Conference Proceedings, September 1980.
12. The Latter –Day Labors of Acquisitions. A paper presented at UNIDO’s Technical Congress, Geneva, and published in the Conference Proceedings, September 1980.
13. A Framework for understanding Technology Transfer in the Arab. World: with Special Reference to the International Code of Conduct on Technology Transfer and the Paris Convention on the Protection of Industrial Property. A paper presented at the UNCTAD’s workshop on Legal. Policies for Technology Transfer, organized in Collaboration with the Arab Planning Institute, Kuwait, Sept 1981
14. “ Technology Transfer in the Arab World: Concepts, Problems and Directions” Al-Mustaqbal Al-Arabi, No. 37, March 1982.
15. The Challenge Presented to Public Authorities by the Introduction of New Technologies in the Arab World”, Science and Public Policy, April 1984.
16. “Endogenization of Technology in the Arab World” Al-Ta’awon Al-Sana’e, July 1981.
17. Technology Transfer in the Arab Countries: Concepts, Problems and Future”. An 81-page Report, presented at the 25th Annual Meeting of the Arab Chamber of Trade, Industry and Agriculture, Doha, Qatar, and published in the Conference Proceedings, March 1981.
18. The Future of Technology Transfer in the Arab World. A paper presented at the 6th Arab Engineers Conference, Fez, Morocco, and published in the Conference Proceedings, April 1983.
19. “Consulting Firms and their Role in Developing Countries”, Al-Ayam, June1, 1972.
20. Some Reflective Footnotes to the Mid-Decade Review of the Implementation of the Vienna Program of Action on Science and Technology for Development. 1984. A 125- page report submitted to the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA).
21. Railway rehabilitation: The Institution-Building Challenge as Gauged Through Techno-Economic Rail Service Performance Criteria for Sudan and the Developing World, Unpublished manuscript
22. Forecasting the Demand for Air Transportation: A Study of the Domestic Operation of the of U.S. Carriers.1973 .A 110-page Study of the performance of US airlines. Unpublished manuscript
23. Air Transportation in the Middle East and Africa North of the Equator: Performance, Problems and Prospects.1975. A 350-page class study presented at Columbia University, New York.
24. Airline Turnaround: A Flight Plan for Successful International Air Services. 1990. A 90-page unpublished study.
25. Budgeting: Design of Profit Planning and Control Systems for Airlines. 1973. A 150-page class study presented at Columbia University, New York, 1975.,
26. Planning for Vertical and Horizontal Development of Sudan’s Textile Industry.1972. Management Development and Productivity Center.
27. Project Management. 1972.Management Development and Productivity Center.
///