اغتيال خليل.. لن تنام في تلك القلوب جِراحها
عبد الفتاح عرمان
27 December, 2011
27 December, 2011
من واشنطن للخرطوم
عبد الفتاح عرمان
fataharman@hotmail.com
شواهد عديدة تؤكد بأن عملية اغتيال الدكتور خليل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة إثر غارة جوية أودت بحياته بمعسكر له في شمال كردفان، تمت بتنسيق بين المخابرات السودانية ورصيفتها في دولة مجاورة بدعم من دولة عربية، بعد رفضه التوقيع على إتفاقية الدوحة الهزيلة. إذ أن الراحل عُرف عنه بانه لا يتوسل الصدقات عند باب الديكتاتور، ولم تصّغر نفسه أو يسل لعابه للسلطة عندما حبسه القطريون في مزرعة وحيداً حينما رفض التوقيع على إتفاقية لا تساوي الحبر الذي كتبت به. وفضّل الموت واقفاً كما الأشجار. وتشير بعض المعلومات أن الدولة العربية إياها، بعد أصبحت الراعي الرسمي للتنظيم العالمي للحركات الاسلاموية قد نصحت البشير بأن يتنازل عن السلطة للدكتور الترابي بصفته شيخ الحركة الإسلامية في السودان، و معروفاً لدى للقيادات الاسلاموية في مختلف أنحاء العالم على عكس الديكتاتور البشير، الذي لا ترغب هذه التنظيمات في التعامل معه. ومبادرة هذه الدولة العربية- بحسب مصادر موثوق بها- تأتي كجراحة لابد منها لتغيير وجه النظام الكالح، وللحفاظ على ما تبقي من السودان الذي بات تشظيه يلوح في الأفق. وترتكز هذه المبادرة على إستيعاب قيادات الحركات المسلحة في السلطة وتدجينها، وتصفية كل القيادات التي ترفض التوزير والتدجين، والبداية كانت الدكتور خليل إبراهيم.
ما لم يستوعبه القائمون على أمر هذه المبادرة، هو أن نظام الديكتاتور البشير قد فسد من رأسه إلى ذيله، مثله مثل الأسمال تماماَ، وصار في حالة موت سريري لا تنقذه منه سوى رصاصة الرحمة، وليس مجس الطبيب المدواي في غرف الإنعاش.
تصفية خليل إبراهيم خطأ فادح لم يدرس النظام عواقبه، سيما وأن الراحل كان حائطاً منيعاً ضد خطط بعض قياداته الميدانية في الرد على النظام بنفس الاسلوب الذي ينتهجه في دارفور. وكان يرى بأن من ينادي بتغيير النظام ليحل محله لا يستخدم نفس أدواته. والآن، وبعد أن فتح النظام باب الإغتيالات السياسية، فلن يجد قادته عاصماً لهم من الإنتقام، وهذه بتلك؛ ولو تحصنوا في أبراج مشيدة. ولم يتمعنوا في حكمة الراحل المهاتما غاندي، الذي حذر اتباعه من قبل بأن سياسة العين بالعين ستجعل العالم أعمى! فأين هم من غاندي وصحبه؟. النظام الآن في حالة نشوة، وبعد سكرات النشوة ستاتي الفكرة، ولكن ستكون بمثابة البحث عن الماضي.. الذي ولى زمان! فانفس قادة النظام المليئة بالشرور ستجد قوم لن يسألوا الله أن يجنبهم شرور انفسهم مثل قادة المؤتمر الوطني.. ولا يفل الحديد إلا الحديد.
إن تدبر قادة النظام في اعدام شاويش باشا، قائد حركة الأنيانيا الذي اسره اللواء الراحل حسن بشير نصر، وحينما تم عصب عينيه تحدث إليه الأخير بعربي جوبا: شاويش باشا، دقيقة واحد انته كلو بموت. فرد شاويش باشا رد الواثق من نفسه وشعبه، متبيناً صوت محدثه على الرغم من أنه كان معصوب العينين: معليش سعادتك، أولاد بتاع إنا (نحن) بجي. وبقية القصة معروفة للجميع.
ألا رحم الله الدكتور خليل إبراهيم، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء. والعزاء موصول إلى أسرته ورفاقه. فقد كان الراحل مثلما قال الشاعر محمود ردويش:
برأس الصفحة الأولى انا لا اكره الناس ولا اسطو على احد
ولكني إذا جعت آكل لحم مغتصبي.
وإن مات كل أهل دارفور ستحارب المقابر حتي تنتصر لهم، وتقتص من جلاديهم.