الأبعاد الأمنية للتنمية …. بقلم: د. طه بامكار

 


 

 

 

علاقة الأمن بالتنمية علاقة عكسية إذ لا تنمية بلا أمن ولا أمن بلا تنمية.لا يمكن أبداً أن تنجح مشاريع تنموية في ظل الصراعات والنزاعات والحروب ، كما لا يعقل أن يعم الأمن في ظل غياب تنمية تلبي حاجات وطموحات المجتمع الذي يريد أن ينهض بالمستوي المعيشي حتى يصل إلي مرافئ الثبات في حركة منتظمة داخل أطر متناسقة.

إذا كان علم الاقتصاد الحديث يهتم بترشيد استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة في مجتمع ما من أجل الإشباع الأمثل لحاجيات أفرادها فإن عملية وضع هذا التعريف العلمي البحت موضع التنفيذ في مواجهة تحديات الواقع وتناقضاته تتطلب توفر مناخ أمني متكامل في داخل المجتمع يضمن سير التفاعلات المختلفة اجتماعيا وسياسياً واقتصادياً في المسار الطبيعي الذي يؤدي إلي تحقيق أهدافه الكبرى.

    والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي أهمية الأمن والاستقرار في تحقيق التنمية الاقتصادية والإجابة هنا محور حديثنا عن الأبعاد الأمنية للتنمية الاقتصادية وسنعرض ناحتين مختلفتين ولكن هامتين وتحددان مفهوم ومدي هذه الأهمية.

أولا :-

   بالنسبة للنشاط الاقتصادي القائم أو العامل أو بالأحرى التنمية الاقتصادية القائمة يعتبر سيادة الاستقرار عاملاً أساسيا لاستمرار النشاط الاقتصادي ونموه ويقصد بالاستقرار هنا استقرار الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي ومدي احترام حقوق الأفراد وضمان حرياتهم المشروعة في العمل وممارسة شتي أنواع النشاط الاقتصادي وما يكفل لهم تحقيق الأرباح وجنى ثمار العمل والكفاح، ولا شك أن غياب حالة الأمن والاستقرار هذه ستخلف تقلبات اقتصادية تؤدي إلي عرقلة النشاط الاقتصادي القائم مما يؤدي بدوره إلي تحجيم مناشط التنمية الاقتصادية وقد تأخذ حالة عدم الأمن أو عدم الاستقرار أشكالا مختلفة، تعتمد في تأثيرها وبعدها إلي مسبباتها الأساسية. فإذا كان لأسباب سياسية أو عسكرية أو طائفية كما حدث ويحدث في السودان فإن تأثيرها يكون سريعاً وعميقاً، وقد يعني عرقلة النشاط الاقتصادي وشل حركته بطريقة يصعب بها تحقيق الرفاه الاقتصادي. وقد تسود حالة عدم الأمن والاستقرار لأسباب اجتماعية بفرزها المجتمع في شكل ارتفاع لمعدلات الجرائم والسرقات والتخريب والسطو من قبل معتادي الإجرام وهذا أمر يؤدي إلي الحد من كمية وكيفية النشاط الاقتصادي في المجتمع مما يتسبب في زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالي يؤثر علي مستوي الأداء في التنمية الاقتصادية في قلة الأرباح والعائد الاقتصادي للمشاريع.

ثانياً :-

      بالنسبة للنشاط الاقتصادي المستقبلي وارتباط ذلك بمعدلات الاستثمار، لاشك في أن توقعات أفراد المجتمع والمستثمرين لحالة الأمن والاستقرار واستشراف المستقبل سيكون لها أثر علي قراراتهم الاقتصادية والاستثمارات الجديدة ، لذا يعتبر الأمن هو الركيزة الأساسية والمؤشر الإيجابي للتنمية الاقتصادية.

من هذا المنطلق والاستنتاج البسيط نجد أن هنالك علاقة وطيدة بين الأمن والاستقرار من جهة وبين مسارات واتجاهات التنمية الاقتصادية من جهة أخري. ولعل إدراكنا لهذه العلاقة يعتبر منطلقاً أساسيا لتحديد الأبعاد الأمنية للاقتصاد  ومن ثم ربطها مع الأبعاد الإيجابية الأخرى التي تؤثر في التنمية الاقتصادية علي مستوي كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

سيادة الأمن والاستقرار يوفران مناخ مناسب للفكر الإنساني الذي يستطيع أن يفرز معطياته الإيجابية في الاجتماع والسياسة والاقتصاد وغيره من مجالات العمل والإبداع.

 

 

Taha Bamkar [tahabamkar@yahoo.com]

 

آراء