الأخلاق العالية في بلاد الملكة (1): قصة البروف الكضاب

 


 

مازن سخاروف
17 November, 2021

 

الأخلاق العالية في بلاد الملكة (1): اقصة البروف الكضاب
بقلم مازن سخاروف. 16 نوفمبر 2021
في مرحلة الماجستير في بريطانيا, كنا ذات صباح في قاعة المحاضرات وكانت المادة فيزياء النانو. لم تكن المادة مقررة عليّ, فحضوري كل أسبوع كان مجرد فضول علمي: "شلاقة مني ساكت". جاء البروف وألقى المحاضرة, وجاءت سيرة الحمض النووي. وحكى لنا البروف حكاية ملخصها أن الثلاثة كرِك, ووتسُن ووِلكِنس
Maurice Wilkins, James Watson and Francis Crick
الذين تقاسموا جائزة نوبل في مجال علم وظائف الأعضاء أو الطب في عام 1962
, كان هناك من هو أحق منهم بالجائزة. ثم ذكر البروف إسم روزالند فرانكلِن وهو يحني رأسه للأسفل بعد أن خفض صوته كأنه شاهد من بئر يوسف أو ألقى السمع وهو شهيد. بنبرة المشتكي المتظلم الذي يُطلع "أهل الفريق" على رؤيا عظيمة, رمي قنبلته:
لقد سرقوا مجهودها (أي "المبروكة" روزالند). تذكرت أكاذيب مصطفى سعيد: رسائله, وساوسه, تدليسه في التاريخ. فلتر الكذب عندي إقترح بأن ما قاله البروف لا ينبغي أن يؤخذ على علاته.
في فسحة الغداء, سننت سكاكين البحث وقصدت المكتبة. تبين لي من "التحري الأولي" أن قصة البروف "جاكة" إستخدمها كي "ياكل راسنا". بدهاء التلميذ تجاه أستاذه كتبت له إيميلا:
عزيزي البروف,
"إستحضرتُ ما قصصتـَه علينا من سيرة المبروكة روزالِند. يا لها من قصة مؤسفة. إن ذلك لا يدل فقط على السرقة الأكاديمية في وضح النهار, بل أيضا الظلم الذي تعرّضت له روزالند."
ثم ألقيت له بالفخ في وسط النص:
"هل لي أن أنقل عنك ما ذكرته"؟
ما قلته بالإنجليزية كان:
“Can you be quoted on what you have told us?”
المقصود طبعا كان, هل يمكن إعتبارك مصدرا لهذه القصة, إذا ما تسنى لي أو لغيري الكتابة أو\و النشر بصددها؟ بيت القصيد كان "إختبار" موثوقية ومصداقية المرجعية للحدوتة التي رواها الرجل, الذي عرضته على البروف (بقية "التوم والشمار" عن "الظلم والذي منو" تمويه مني "عشان ما يحقد").

البروف "فصل".

جاءني إيميل الرد من البروف كما توقعت تماما. صاغ الرجل رده كما أذكره بوضوح, بالمغزى التالي:
عزيزي,
“ربما كان من سبيل المبالغة ذكر تلك القصة على النحو الذي قلته لكم (يا راجل!)”. لكن يمكنك الإطلاع على تفاصيل أكثر وبحوث روزالند. في الروابط التالية ..."
قلت نفسي, أمانة ما وقع بروف. خخخخخ. الرجل "نط من كلامو عديل" وقام بتغيير الموضوع. لو أسمعني أحدهم هذه القصة لربما قلت, "بتحصل في أرقى الأسر", لولا أن الجامعة بريطانية والشاهد أنا. طبعا تلك القصة غيض من فيض من "الأشياء الغريبة" التي حدثت تلك السنة في فترة الماجستير. والإستنتاج أن من يفترض الأخلاق العالية والنزاهة العلمية في سلوك "من يهمه الأمر" في مؤسسات التعليم العالي البريطانية قد يصاب بخيبة أمل. الأعم والأشمل هو ما يفترضه العالم في هؤلاء القوم من الموضوعية وتواضع العارفين (2). ليتهم كانوا يعلمون.

1 لسخاروف, صفر للبروف.

---------------------------
(1) بعد وضعهم لنموذج اللولب المزدوج
The double helix
(2) في فترة البكالوريوس بكلية الهندسة, كنت يوما برفقة أحد البروفات في الحديقة الأمامية للجامعة وكان من اليونان. بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث قال لي, الخريجون البريطانيون وقحون, ولا يحسنون سوى عمل البريزنتيشنات

British graduates are arrogant, and are only good at presentations.

jsmtaz2014@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء