الأزمــة الإقتصـادية العالميـة ٢٠٠٨/٢٠٠٧ المُرحـّلة وتكالُـب الوفـود على الخرطـوم

 


 

 

° شابهت تداعيات الأزمة المالية ٢٠٠٨/٢٠٠٧ تداعيات أزمات إقتصادية أخرى مثل الكساد الكبير عام ١٩٢٩م ، وأزمة النفط عام ١٩٧٤م ، وأزمة أواسط الثمانينات عام ١٩٨٣م ، ولكنها تبقى ذات سمات خاصة حسب رؤية الكثيرين من المحللين والخبراء ، وقد كان أثرها الأشد على النظام الإقتصادي العالمي برمته مما شكل صدمة للجميع ..

° في بحث رسالة لنيل ماجستير للسفير السابق للسودان بإندونيسيا سعادة السفير عبد الغفار قدمه في عام ٢٠٠٠م ، توقع الباحث أزمة ٢٠٠٨/٢٠٠٧ قبل حدوثها بسبعة سنوات . ولقد إطلعت على بحث الرسالة بعد الأزمة . البحث لخص الأزمة حسب توقعاته في عدم إستقرار إقتصاد العالم لسبب رئيسي وهو إن ٧٠٪ من الإقتصاد العالمي من نصيب قطاع الخدمات ممثلة في التأمين والإستشارات والتمويل والخدمات الأخرى ، والتي كان معظمها محتكراً لأمريكا والدول الغربية ، مما عزز ريادة أمريكا للعالم . أما ال ٣٠٪ من الإقتصاد العالمي هو القطاع السلعي من منتجات صناعية وزراعية وحيوانية وسلع أخرى ملموسة . وذكر الباحث إن معالجة إستقرار الإقتصاد العالمي تتمثل في أن يمثل القطاع السلعي المرتبط إرتباطاً وثيقاً بحياة الإنسان نسبة مئوية أكبر من نسبة الخدمات على الأقل تكون ٥٠٪ ، أو أكثر ..

° ولتحقيق الإستقرار الإقتصادي العالمي يجب العمل على إنتاج سلع لدعم نسبة القطاع السلعي في نسبة مساهمته في الإقتصاد الدولي (٣٠٪) ، على حساب قطاع الخدمات (٧٠٪)، ليصل مرحلة الإستقرار عند ٥٠٪ — ٥٠٪ على أقل تقدير.
وقتها كانت أمريكا والدول الغربية وصلت طاقتها القصوي من إنتاج السلع سواء صناعية، أو مدخلات صناعية، أو زراعية، أو حيوانية أو ما شكلها من السلع الملموسة ، لذا لا تمتلك المقدرة على زيادة الإنتاج السلعي لتحقيق مستوى إستقرار الإقتصاد العالمي ، والذي يجب أن يغطي الفارق الكبير بين ٣٠٪ للقطاع السلعي - وقتها- وال ٧٠٪ يشكلها قطاع الخدمات.

° صدمة أزمة ٢٠٠٨/٢٠٠٧ ، جعلت كل الدول تتهافت وراء علاج الآثار السلبية على إقتصادياتها ، ومنها أمريكا والدول الغربية ، لذا أمريكا مثالاً لا حصراً - وأقتفت أثرها معظم الدول الغربية والصناعية. تمت المعالجة بالمسكنات متمثلة في :

° طباعة العملة وضخت أمريكا في السوق أكثر من ضعف المتداول من عملتها في ذلك الوقت ، حيث وصلت العملة المتداولة من الدولار أكثر من ٧ تريليون، بعد أن كانت قبل الأزمة فوق ال ٣ تريليون (ما يعني شبه مضاعفة المتداول من عملتها)، وحذت حذوها معظم الدول الأوربية.

° دعمت مؤسسة الضمان الإجتماعي ال AIG لتخفيف الأثر السلبي على المواطن (الناخب).

° دعمت البنوك التي يركز عليها المواطن في إيداعته ، حتى لا تنهار بسبب الأزمة ،
وذلك لتخفيف الأثر السلبي على المواطن (الناخب).
وأهملت بعض البنوك التي بها إيداعات أجنبية، مثالاً إنهيار بنك برازرس
Brothers Bank.

° دعمت الشركات الكبيرة من القطاع الخاص والقطاع العام حتى لا تنهار وتسرح عمالتها، دعماً لتحقيق عدم الإنهيار وفتح فرص تشغيل للعمالة.

° وجهت الشركات الكبرى بتعليمات خفض الإنفاق البذخي في الإدارات العليا في هذه الشركات، وتوظيف موازنة هذا الصرف لتشغيل وطرح فرص عمل للمواطن.
وعلى الخطي الأمريكية سارت معظم الدول الغربية والصناعية الكبرى.

° بما أن التعامل مع أزمة ٢٠٠٨/٢٠٠٧ كان في حدود المسكنات وليس العلاج ، توقع جُل الإقتصاديين معاودة الأزمة كأزمة مرحلة في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات ، وسوف تكون أخطر من سابقاتها ، وبسببها سوف تفقد أمريكا ريادتها للعالم إقتصادياً وسياسياً ..

° العلاج الناجع للوصول للإستقرار الإقتصادي العالمي هو زيادة إنتاج السلع الزراعية ، الصناعية ، الحيوانية وما شاكلها ، وحيث أمريكا ودول الغرب إستنفذت طاقتها القصوي في كل القطاعات الإنتاجية أفقياً ورأسياً .. والمخرج من الأزمة هو توفر المساحات والعمالة والمواد الخام ومختلف الموارد في قارة آسيا وأفريقيا ، والسودان بتميزه وتفرده بموارده وتنوعها وجُلها غير مستغل يعتبر أفضل الخيارات لكل الدول للأستثمار فيه وذلك لتخفيف الآثار السلبية على إقتصاديات هذه الدول نتيجة الأزمة المتوقعة ، والمساهمة فى الوصول للإستقرار الإقتصادي العالمي . لذا كل الدول عينها على موارد السودان وخاصة أمريكا والدول الغربية.. لذا لا نعتقد أن تكالب الوفود ليس حباً في السودانيين ولحمايتهم من القتل والتقتيل .. حيث هذا الكم الهائل من الوفود والإهتمام لم يسبق ان توافدت هذه الوفود وأهتمت كل هذا الإهتمام بالسودان حتى في بدايات أزمة دارفور حيث أشارت التقديرات للإبادة الجماعية فوق ال ٣٠٠ الف ، والذي إعترف به البشير عشرة الف ، والآن الإبادة لم تصل حتى رقم البشير..
نسأل الله السلامة ووقف القتل والتنكيل الحاصل الآن.
كم هائل من الوفود وفد أمريكي وسعودي و إماراتي ومصري وحتي إسرائيلي ، وكل يغني على ليلاه ، لكن جُلهم عينهم على الإستثمار وإستغلال الموارد في ظل وضع سياسي مستقر . لذا إستقرار السودان هو وسيلة لتحقيق غايات أهمها تخفيف الآثار السالبة الناتجة من الأزمة الإقتصادية المتوقعة على هذه الدول .
وحيث الخطر الأكبر على أمريكا من الأزمة الإقتصادية المتوقعة لذا سوف تبذل قصارى جهدها وسوف تستعمل كل أنواع العصى دون جذرة للعمل على إستقرار السودان ، لتأخذ نصيب الأسد مقارنة ببقية دول العالم من كيكة عائدات الإستثمار في السودان ..

° ختاماً : تكالب الوفود هو إمتداد لإستباق فرنسا الإهتمام بدعم الإقتصاد السوداني بتبنيها لمؤتمر باريس العام الماضي ، كي يستقر سياسياً وتجد نصيبها من الكيكة، - والإستباق حسب تقديري الشخصي - ناتج لأن فرنسا إضافة لتخفيف الأزمة متوقعة ، حالياً يعاني إقتصادها من أزمة ناتجة من فقدان عائدات كبيرة من موارد الدول الأفريقية الفرانكونية ، والتي كانت تدعم الإقتصاد الفرنسي لعقود ..

ســيد الحسـن عـبد الله
١٩ يناير ٢٠٢٢
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
elhassansayed@hotmail.com
/////////////////////////

 

آراء