الإستقالة أكرم من الإقالة

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم



الصحة تاجٌ علي رؤوس الأصِحاء لا يراها إلا المرضي،وتعتمد الأوطان في بنائها وتنميتها وعمرانها  وتقدمها  ،علي المواطنين المعافين عقليا وبدنيا ونفسيا ، فالعقل السليم في الجسم السليم.

كل الأعراف والدساتير والقوانين أقرّت بمسئولية الدولة عن صحة مواطنيها، كيف لا والخليفة العادل عمر كان مسئولا عن بغلة العراق لِم لم يُسوِّي لها الطريق.

حفلت عاصمتنا القومية في الأسابيع الماضية بما يُمكن أن نُسميه التسونامي الكارثة ونحن في الألفية الثالثة  !! هل  يُعقل أن تضع إمرأة مولودها علي قارعة الطريق تحت ستار كُجرة أقامها لها نِسوة من المارة ؟ المأساة والفضيحة أنه قد تمت الولادة علي بعد خطوات من مستشفي حكومي أفاد تلك المرأة بأن قسم النساء والتوليد  مقفول! ماذا نسمي ذلك أيها المواطنون الكرماء؟ بل ما رأيكم سيادة  الوزير في الذي حدث؟ أليس هذا كافيا بأن تتقدم بإستقالتكم ؟ أليست صحة  هذه المرأة  وعافيتها مُعلّقة علي عُنقكم ؟ ألم يكن من واجبكم  أن تُهيئوا لها مكانا آمناحتي يخرج مولودها إلي هذه الحياة وهو  الذي كرّمه الله (ولقد كرمنا بني آدم) ؟؟ حينما فشلتم في ذلك ، ألم يكن ممكنا إسعافها بالإسعاف لإقرب مستشفي برفقة تيم الولادة؟ أم أن المستشفي حتي يفتقر لخدمات الإسعاف؟؟!!أليست هذه مسئوليتكم؟ماذا فعلتم  في هذا الخصوص؟

قبل أن يجف مداد هذه الحادثة الكارثة ، فوجيء المواطنون وعبر صفحات الصحف بوفاة ثلاثة مرضي في مستشفي حكومي بسبب نقص الأوكسجين ، إكسير الحياة ، أين ؟ في الطواريء !!! ذلك القسم الذي يجب أن يكون مُكتملا ومعدا مما جميعه علي مدار اليوم لإستقبال الحالات الطارئة  والحوادث ، بل أن تكون جهوزيته علي أتم الأهبة والإستعداد لإستقبال أي طاريء والتعامل معه  علميا، وهذا يتطلب توفير جميع معينات إحتياجات الطواريء من أدوية ومحاليل وعقاقير منقذة للحياة وإمكانية التدخل الجراحي الفوري لإنقاذ المريض بما في ذلك توفر القوة البشرية المدربة ، كيف لا وهذا المستشفي في قلب العاصمة ، وهومستشفي تعليمي مرجعي ، أليس كذلك؟ فكيف بالأقاليم؟؟؟ مما لا شك فيه إنه يستحيل أن تكون وحدة الطواري خالية الوفاض من الأوكسجين ، إكسير الحياة والذي هو الفاصل بين الحياة والموت.

تناقلت الصحف تلك الكارثة،وإستقال د.دقنو، وتم تشكيل لجنة تحقيق بواسطة مدير المستشفي ، وقبل أن يري تقريرها النور، أصدرت وزارة الصحة بيانا، ثم أعقبه قرار بتشكيل لجنة معظمها من الإخوة الصحفيين برئاسة محامي للتحقق من تلك الحادثة.

نعم السلطة الرابعة هي العين الساهرة علي  حقوق الشعب والتي عبر قلمها تُجلي الحقائق وتنشر المعلومة حتي يتمكن المسئول من إصلاح الخلل أينما وجد.

أولا : ما هي أسباب عدم إجراء تحقيق في الحادثة الأولي التي أدت  إلي ولادة تلك المرأة في الشارع العام تحت ستار كُجرة ؟

أم أن إجراء التحقيقات  ولجانها هنالك خيار وفقوس؟

أليس جميع المواطنين سواسية حقوقا وواجبات؟

ثانيا : لماذا لم يرأس هذه اللجنة المستشار القانوني لوزارة الصحة أومُخاطبة ديوان النائب العام ليختار من يراه مناسبا؟ هل هنالك أسباب موضوعية؟هل إرتبط هذا المحامي بأي عمل له علاقة مع الخدمات الصحية  عامة أوخاصة أوالضرر الطبي من الممارسة الطبية؟

لجنة بهذا الحجم من  الصحفيين ستحرمهم من أداء واجبهم الأساسي ألا وهو الرقابة والعين الساهرة كسلطة رابعة من أجل الشعب والوطن.

هل تكوين هذه اللجنة جاء من أجل قتل الموضوع ؟ من الذي يعترض علي هذه اللجنة طالما السُلطة المُشكِّلة لها هي أعلي سلطة في وزارة الصحة ولاية الخرطوم؟ هل إذا إعترض عليها  المواطنون  وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في إرساء دعائم العدل وإحقاق الحقوق، سيتقدم السيد الوزير بإستقالته ؟  أشك في ذلك ، بل كان عليه أن يتقدم بإستقالته منذ حادثة ولادة الشارع، وزاد الطين بِلة موت ثلاثة مواطنين لنقص الأكسجين بحسب  اليومية  في طواريء المستشفي والتي هي الدليل القاطع.  لماذا لم يتم تشكيل  هذه اللجنة  منذ أن تفجرت الأزمة الكارثة؟ لماذا إستبقت وزارة الصحة لجنة تحقيق المستشفي ببيان تنفي فيه  السبب ، بل بيان يناقض تقرير الطبيب  والمحضر الرسمي بالمستشفي(لا توجد مشاكل سوي مشكلة عدم توفر الأوكسجين .../السوداني 18/1/2012)  .

هنالك خلل أصاب  إدارات وزارة الصحة وقيادتها، أليس  دفتر أحوال قسم الطواريء هو بمثابة التقرير النهائي؟ أين تقرير اللجنة  التي كونها مدير عام المستشفي بتاريخ 10/1 وتشمل د. الجيلي ود.الفاتح ود.عبد الناصر ؟  لماذا إستقال دكتور دقنو؟ لماذا تكوين لجنة جديدة بواسطة الوزارة وأغلبيتها صحفيين وعلي رأسها محامي من خارج الوزارة وديوان النائب العام ؟

إن الأطباء والكوادر الطبية الكفؤة موجودة في الوطن ، ولكن هل يُدرك المسئول ذلك؟ هل  القوي البشرية يمكن أن تقوم بواجبها دون وجود بيئة ومناخ صالح للعمل؟ هل المسئول  علي رأس العمل يُدرك ذلك؟ أم أن الولاء  هو من جاء بالمسئول وأجلسه علي دفة القيادة؟

تنقل بروفسير مامون حميدة وزير الصحة ولاية الخرطوم في عدة مناصب إدارية شملت قمة الهرم التعليمي في السودان ، جامعة الخرطوم ، ولكن نعتقد أن هذا الإختيار لم يصادف أهله ، و الأدلة كثيرة من بينها تصريحاته بعدم مسئولية الوزارة عن المراكز الجراحية وأنها لم تستلمها، ومركز جبرة للطواريء ، والولادة علي قارعة الطريق أمام مستشفي  كان بالأمس تحت عهدته، وقاصمة الظهر الوفاة  لثلاثة مواطنين بسبب نقص الأوكسجين بناء علي دفتر أحوال قسم الطواريء، ولهذا فإن مصلحة صحة المواطن تُحتّم عليه أن يُغادر هذا الموقع اليوم  مُستقيلا قبل أن يُقال ، فهذا أكرم له، ولكن لاتحلموا بعالم سعيد لأننا لم  نسمع بغير إستقالة د.أبو حريرة  ود.عبد الله تيه، فالكرسي خادع طال الزمن أم قصر وهوإلي زوال شاء من شاء وأبي من أبي وتبقي الكلمة الطيبة والإنجازات محفورة في مخيلة المواطن .

يديكم دوام الصحة وتمام العافية والشكر علي العافية

sayed gannat [sayedgannat7@hotmail.com]

 

آراء