الإسلاميون والرهان على الزمن
زين العابدين صالح عبد الرحمن
6 March, 2022
6 March, 2022
أن عملية التحول الديمقراطي التي تعثرت من قبل التحالف السياسي ( العسكري - المدني) الذي حكم البلاد خلال الثلاث سنوات الماضية من الفترة الانتقالية، و فشل في أنجاز مهامها، و المعارضة التي تمت لهؤلاء، و قادت في النهاية لانقلاب عسكري. كان المتوقع أن القوى السياسية جميعها تعكف على دراسة التجربة، و تقيمها، لمعرفة الأسباب التي قادت للفشل و الانقلاب، لكن القوى السياسية لم يكن لها الاستعداد للدخول في تجربة تقييم للفترة، ربما يكون ذلك ناتجا لضعف الثقافة الديمقراطية، أو مرده ثقافة شعبية تعتقد أن الاعتراف بالفشل و تحمل مسؤولية هذا الفشل سوف يضعف قوة التنظيم في الشارع السياسي، و لذلك هي تتجنب الخوض في مثل هذه التجربة، خاصة أن الأحزاب السودانية اعتمدت منذ بداية تكوين الأحزاب في اربعينيات القرن الماضي أن تتبنى المنهج التبريري، باعتباره منهجا لا يكلف السياسيين غير البحث عن شماع يعلقون عليها أخطائهم، و يراهنون على ضعف الذاكرة الشعبية.
هناك حقيقة تحاول النخبة السياسية تغبيشها، هي أن نظام الإنقاذ قد انتهى، و لا رجعة له مرة أخرى. و حتى العسكر الذين كانوا جزء من اللجنة الأمنية للنظام ليس في مصلحتهم عودة النظام السابق، ربما يكونوا هم أنفسهم طامعين في السلطة، و لكن لا يضمرون فكرة العودة للنظام السابق. و فكرة الدولة العميقة نفسها هي ( شماعة التبرير) هناك حقيقة أن تراكمات الثقافة الشمولية للنظام السابقة موجودة، و ستظل فترة زمنية طويلة يتعامل بها في الساحة السياسية، حتى تنتج العملية السياسية الديمقراطية ثقافتها، و لكن القوى السياسية ليست حريصة الآن للميل لفكرة إنتاج الثقافة الديمقراطية، لا داخل الأحزاب و لا خارجها، أن سعي الذين يريدون العودة مرة أخرى للسلطة، و الذين يناهضونهم في ذلك يمينا و يسارا أيضا غير حريصين على إنتاجها من خلال فاعلياتهم و نشاطهم. لأن تغيير الثقافة الشمولية يتطلب تغيير داخل البناء التنظيمي للأحزاب و أيضا مراجعة حقيقية للمرجعيات الفكرية التي تتعارض مع الديمقراطية. أن عملية التحول الديمقراطية سوف تحدث تغييرا جوهريا داخل الأحزاب، لذلك جميعهم يريدونها شعارات معلقة في الهواء،
و معلوم أن أنقسام الساحة السياسية سوف يمد من عمر السلطة التي تحكم الآن، و هي تبحث عن كل السبل التي سوف توقف بها المسيرات و حتى تضعفها، القوى السياسية تجاهد بأن لا تتوقف المسيرات، لكنها لا تبحث عن دعمها من خلال خلق توافق وطني داعم للعملية الديمقراطي، هناك البعض الذين يضعون شروط للحوار بين القوى السياسية، و كل ذلك يصب في مصلحة السلطة القائمة الآن. الكل يبحث له عن طرق تمكنه للوصول للسلطة لكي يحاول أن يخرج الفترة الانتقالية بتصوره و ليس توافقا وطنيا، و هذا يصب في مصلحة الشمولية.
في حوار كانت قد أجرته (العربي 21) مع غازي صلاح الدين العتباني رئيس كتلة ( الإصلاح الآن) سألته أين أنتم من التفاعلات والتطورات الأخيرة التي يشهدها الشارع السوداني؟
قال العتباني " نحن موجودون، في الشارع موجودون على طريقتنا، وموجودون في اتصالنا السياسي مع القوى التي ظلت تُشكّل ظهيرا سياسيا وفكريا لنا. صحيح أننا نتعرض لما يشبه حرب إبادة غير مسبوقة من بعض القوى الإقليمية والدولية والمحلية، لكننا نعلم أن فاعلية التيارات الإسلامية هي في المساقات المتوسطة والطويلة، وهذا هو الذي نركز عليه." أن العتباني يؤكد على رهانهم على الزمن، أن طول الزمن سوف يخلق واقعا جديدا في الساحة السياسية، تتغير فيه مواقف القوى السياسية نتيجة لعوامل عديدة منها تغيير طبيعة التحالفات، أو أن يحدث تغييرا في ميزان القوى، و قد حدث بالفعل من واقع التجربة، حيث تعرض تحالف قوى الحرية و التغيير لشروخات عديدة، و صراع داخل البناء التحالفي، و حدث أيضا خلافا بين الشركاء في السلطة أدى لانقلاب 25 أكتوبر، حيث تغير المشهد السياسي كاملا، أن الصبر و الرهان على الزمن سوف يغير المعادلة في الساحة السياسية، الغريب في الأمر أن الأحزاب السياسية لا تراعي للزمن مطلقا و لا تبحث تطوراته في مسيرتها السياسية، أن الزمن له أثرا كبيرا في التحولات السياسية، و الذي نشاهده الآن حتى في المسيرات التي تخرج هل تشهد زيادة و اتساع أم أنها تقل في عدديتها،؟ هل القوى السياسية تفطن لذلك و تدفعها للتوحد أم تزيدها شروخا؟ و هل الصراع على فردانية السلطة في مصلحة محاربة الانقلاب أم يزيد في عمره؟ لا تجد أن القوى السياسية تدخل في مثل هذه الحوارات و الإجابة على الأسئلة، مما يؤكد أن الزمن بالفعل رهان للذين ينتظرون تغيراته في الساحة.
أن حديث العتباني أن الإسلاميين دائما يراهنون على السياقات المتوسطة و الطويلة، هم يعلمون أن السلطة صراعا مستمرا لا يتوقف، و هذا الصراع تتغير فيه النتائج و التحالفات. لذلك كان الأفضل للقوى السياسية التى عينها فقط على السلطة أن تعيد النظر في جدول أولوياتها، و أن تراهن على عملية التحول الديمقراطية فقط باعتبارها الفكرة الجامعة، و هذه تتطلب حوارا سياسيا لكي يخلق توافقا وطنيا و جمع أكبر قاعدة اجتماعية مؤيدة للعملية الديمقراطية. و تستفيد من دروس التجارب السابقة التي لم تمكن الديمقراطية في الحكم. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
هناك حقيقة تحاول النخبة السياسية تغبيشها، هي أن نظام الإنقاذ قد انتهى، و لا رجعة له مرة أخرى. و حتى العسكر الذين كانوا جزء من اللجنة الأمنية للنظام ليس في مصلحتهم عودة النظام السابق، ربما يكونوا هم أنفسهم طامعين في السلطة، و لكن لا يضمرون فكرة العودة للنظام السابق. و فكرة الدولة العميقة نفسها هي ( شماعة التبرير) هناك حقيقة أن تراكمات الثقافة الشمولية للنظام السابقة موجودة، و ستظل فترة زمنية طويلة يتعامل بها في الساحة السياسية، حتى تنتج العملية السياسية الديمقراطية ثقافتها، و لكن القوى السياسية ليست حريصة الآن للميل لفكرة إنتاج الثقافة الديمقراطية، لا داخل الأحزاب و لا خارجها، أن سعي الذين يريدون العودة مرة أخرى للسلطة، و الذين يناهضونهم في ذلك يمينا و يسارا أيضا غير حريصين على إنتاجها من خلال فاعلياتهم و نشاطهم. لأن تغيير الثقافة الشمولية يتطلب تغيير داخل البناء التنظيمي للأحزاب و أيضا مراجعة حقيقية للمرجعيات الفكرية التي تتعارض مع الديمقراطية. أن عملية التحول الديمقراطية سوف تحدث تغييرا جوهريا داخل الأحزاب، لذلك جميعهم يريدونها شعارات معلقة في الهواء،
و معلوم أن أنقسام الساحة السياسية سوف يمد من عمر السلطة التي تحكم الآن، و هي تبحث عن كل السبل التي سوف توقف بها المسيرات و حتى تضعفها، القوى السياسية تجاهد بأن لا تتوقف المسيرات، لكنها لا تبحث عن دعمها من خلال خلق توافق وطني داعم للعملية الديمقراطي، هناك البعض الذين يضعون شروط للحوار بين القوى السياسية، و كل ذلك يصب في مصلحة السلطة القائمة الآن. الكل يبحث له عن طرق تمكنه للوصول للسلطة لكي يحاول أن يخرج الفترة الانتقالية بتصوره و ليس توافقا وطنيا، و هذا يصب في مصلحة الشمولية.
في حوار كانت قد أجرته (العربي 21) مع غازي صلاح الدين العتباني رئيس كتلة ( الإصلاح الآن) سألته أين أنتم من التفاعلات والتطورات الأخيرة التي يشهدها الشارع السوداني؟
قال العتباني " نحن موجودون، في الشارع موجودون على طريقتنا، وموجودون في اتصالنا السياسي مع القوى التي ظلت تُشكّل ظهيرا سياسيا وفكريا لنا. صحيح أننا نتعرض لما يشبه حرب إبادة غير مسبوقة من بعض القوى الإقليمية والدولية والمحلية، لكننا نعلم أن فاعلية التيارات الإسلامية هي في المساقات المتوسطة والطويلة، وهذا هو الذي نركز عليه." أن العتباني يؤكد على رهانهم على الزمن، أن طول الزمن سوف يخلق واقعا جديدا في الساحة السياسية، تتغير فيه مواقف القوى السياسية نتيجة لعوامل عديدة منها تغيير طبيعة التحالفات، أو أن يحدث تغييرا في ميزان القوى، و قد حدث بالفعل من واقع التجربة، حيث تعرض تحالف قوى الحرية و التغيير لشروخات عديدة، و صراع داخل البناء التحالفي، و حدث أيضا خلافا بين الشركاء في السلطة أدى لانقلاب 25 أكتوبر، حيث تغير المشهد السياسي كاملا، أن الصبر و الرهان على الزمن سوف يغير المعادلة في الساحة السياسية، الغريب في الأمر أن الأحزاب السياسية لا تراعي للزمن مطلقا و لا تبحث تطوراته في مسيرتها السياسية، أن الزمن له أثرا كبيرا في التحولات السياسية، و الذي نشاهده الآن حتى في المسيرات التي تخرج هل تشهد زيادة و اتساع أم أنها تقل في عدديتها،؟ هل القوى السياسية تفطن لذلك و تدفعها للتوحد أم تزيدها شروخا؟ و هل الصراع على فردانية السلطة في مصلحة محاربة الانقلاب أم يزيد في عمره؟ لا تجد أن القوى السياسية تدخل في مثل هذه الحوارات و الإجابة على الأسئلة، مما يؤكد أن الزمن بالفعل رهان للذين ينتظرون تغيراته في الساحة.
أن حديث العتباني أن الإسلاميين دائما يراهنون على السياقات المتوسطة و الطويلة، هم يعلمون أن السلطة صراعا مستمرا لا يتوقف، و هذا الصراع تتغير فيه النتائج و التحالفات. لذلك كان الأفضل للقوى السياسية التى عينها فقط على السلطة أن تعيد النظر في جدول أولوياتها، و أن تراهن على عملية التحول الديمقراطية فقط باعتبارها الفكرة الجامعة، و هذه تتطلب حوارا سياسيا لكي يخلق توافقا وطنيا و جمع أكبر قاعدة اجتماعية مؤيدة للعملية الديمقراطية. و تستفيد من دروس التجارب السابقة التي لم تمكن الديمقراطية في الحكم. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com