الإصلاحيون .. لماذا الأن ؟

 


 

 




عمـــر قسم الســيد
الاصلاحيون .. الاصلاحيون !
مادة – روتينية – تتناولها صحف الخرطوم يوميا على صفحاتها ، اخبار وتقارير وتحليلات
اصبح القارئ كلما وجد " مادة " خاصة بهذا الشأن في صحيفة ما يهرب لصحيفة اخرى ، حتى اصبحت مادة – طاردة  ومملة - غير مرغوب فيها ، فهى لا تسمن ولا تغني عن جوع !
الاصلاح وغيره أمر يخص حزب المؤتمر الوطني ، وهو شأن داخلي ، ما ذنب المواطن والقارئ الذي يبحث عن ما يفيده من اصلاحات اقتصادية – إن وجدت – وأخبار المال والأعمال وكل ما يختص بـ" قفة الملاح "
لا يعقل ان – يشُـر – المؤتمر الوطني غسيله على الملأ ليزيد ( الضغط والسكري ) على المواطن الغلبان ، الذي يشتري صحيفة يومية – خصماً – من قوت اطفاله ليجد الهرج والمرج وفوضى – المؤتمرجية – لتلوّث افكاره وتباعد بينه وبين أن يحلم بدولة رشيدة تسير الى الامام !
نشاهد على الفضائيات إنجازات هنا وهناك في شتى دول العالم ، تسابق تقني وتكنلوجي وأكاديمي يثير الدهشة ، فالعالم في حراك مستميت وزحف بسرعة الضوء نحو الامام !
لكننا !
نشتغل بالصغائر و" سفاسفها "
ماذا يعني إن خرج هؤلاء .. او جاء اولئك !
كله أحمد وحاج أحمد !
ماذا فعلوا ؟
وماذا سيحدث إذا غادروا جميعاً ؟
حواء انجبت من يتغلل الوطن بدواخله كما المرجل ، بعضهم من قضى نحبه في الفقر والضيق والهوان ، وبعضهم آثر الرحيل خلف البحر بحثا عن لقمة  العيش الحلال ، وقلبه يتفطّر وجعا على حال هذا البلد الذي اصبح مادة دسمة للإعلام العالمي والفضائيات الموجهة !
المؤتمر الوطني ينصرف كل يوم الى قضاياه الخاصة ، ويمارس – لعبة الكراسي – تحايلا على المواطن وضحكاً على عقول من لفظتهم ثورة التعليم العالي الى شوارع المدن والازقّة ، يمارسون عدم المبالاة على انفسهم وأهلهم !
هناك من نسوا الموت وشغلتهم الدنيا ، وسادوا فسادا في الارض ، وأكلوا اموال الناس بالباطل ، ومنهم تجاوز القانون وفعل وفعل !
المواطن لا يريد منصبا ولا جاه !
يريد حياة كريمة ، صحة ، تعليم ، امن واستقرار ، وان يشعر بكينونته وإنسانيته في بلده .
العالم اصبح قرية صغيرة ، لا مكان للأسرار ، كل شئ اصبح مكشوفاً بفعل التطور والانفتاح الالكتروني في ظل السموات المفتوحة الذي جعل من لا يدري .. يدري !
والجهل الحقيقي هو الجهل التكنولوجي ، بمعنى انه لا داعي لتضارب التصريحات .. هذا يقول كذا ، وغيره يقول كلام آخر !
تضارب التصريحات الحكومية يرّسخ عدم المصداقية لدى المواطن الذي اصبح اكثر فطنة بسبب ممارسات الساسة وأخطاء الحكومية ، فضلا عن إتباع عدم المنهجية في كثير من الامور ، ونعرف ان الدول العظمى تبني سياساتها وفق المناهج والدراسات العلمية ، ولا تُقدم على فعل أي شئ قبل إجراء الدراسة اللازمة له !
من الضروري ان تكون للدولة مراكز للدراسات الاستراتيجية والاستشارية ، تعمل على قراءة المستقبل وقياس الرأي العام ، لتقدم تقارير إستباقية ، وان تكون هذه المراكز بمثابة استشارية – محايدة – تعمل بشفافية وصدق وفق المناهج العلمية لتقديم الحقائق حول أي من الموضوعات !
اليوم قال قيادي بارز بالحزب ان الاصلاحيين لم يلتزموا بأدبيات الحزب ، ولم يقدموا وجهة نظرهم للإصلاح داخل المؤسسات التنظيمية المعروفة ، وقال انهم فوجئوا بدعوات الاصلاح عبر وسائل الاعلام والشبكات العنكبوتية !
هذا الحديث ظنّ قائله انه في مصلحة حزبه ، لكن على العكس تماماً !
الحديث يكشف انه لا ديمقراطية داخل الحزب ، ولا أذن صاغية داخل الحزب ، وربما ان هناك ديكتاتورية داخل اروقته ، ولا مجال للتنظير والنقد ، ومن يتحدثون داخل الحزب يعدون على اصابع اليد الواحدة ، والبقية " مستمعون " فقط !
ان الحديث عن الإصلاح بعد " 24 " عاما من الحكم شيئ يدعو للشك والريبة ، لماذا هذا التوقيت بالذات ؟
اين كان هؤلاء الاصلاحيون كل هذه الفترة ؟
لماذا صمتوا ؟ ومن ايقظهم الان ؟
اسئلة حيرى لا تخطئها فطنة المواطن المراقب للحراك السياسي والوضع الراهن في البلاد ، إذ ان جل سياسة الدولة لا تعجب رعاياها ، خاصة السياسات الاقتصادية التي هى المهمة دون غيرها !
اقتربت الانتخابات ( 2015 ) ولا يريد الحزب الحاكم مغادرة السلطة ، ويفضَل البقاء والخلود ، ويعلم من هم في قمة الهرم ان صناديق الاقتراع هذه المرة لن تؤتي أكلها بأي حال من الاحوال في ظل الاحداث والمرارات التي شهدتها البلاد وألقت بظلالها السالبة على المواطن المغلوب على امره !
ومريدوا الحزب إنفضّوا من حوله ، منهم من ذهب الى صف آخر ، وفضّل الآخرون الانزواء بعيدا ومراقبة الاحوال خارج السرب !
اما المثقفون فقد تركوا الجمل بما حمل وتشتتوا في بلدان الله الواسعة يبتغون مرضاه أنفسهم في عدم المساهم في تدمير الوطن وتحمّل مآلات الايام القادمة ، وقد كان في مقدمة ركب المهاجرين اساتذة الجامعات والأطباء !!
الذين هاجروا هم خيرة الكفاءات ، كانوا يأخذون – فتافيت الخبز – مقابل خدماتهم الجليلة ، لا يجدون التقدير المناسب ولا التقييم !
الحزب يمارس الدهاء والمكر على نفسه ، وسوف تدور الدوائر على – السحرة – بفضل الله وقدرته ، انه يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه ممن يشاء !
بمعنى ان التحضير لــ" لعبة – تشتيت الاصوات الاستباقية التي يمارسها الحزب برسم سيناريوهات الانشقاق والتلظي الان لن تفيده ، افضل له ان يعمل على تنفيذ بعض مما وعد به المواطنين في برامجه الانتخابية السابقة علها تشفع له ، وترضي البعض ،خاصة في الولايات لأنها اكثر ما تكون في الحوجة لقضايا الخدمات ، اما سكان المدن والحضر فهم يمتازون بـ( قوة الرأس ) وهم مفتحون !
يرفعون شعار ( البيكم إتعرفت ) ..
هؤلاء اكثر المتأثرون بالحراك السياسي العالمي ، هم خريجوا الربيع العربي عبر التلفاز ومحطات الفضاء المفتوح ، لن تثنيهم " أتاوات " سياسية ولا غيرها ، يعرفون فقط .. ( البيكم إتعرفت )
سوف يتدافعون بقوة نحو صناديق الاقتراع 2015 برغم ان كثيريين منهم لم يصوتوا في الانتخابات السابقة ، وعددهم لا يستهان به ، يمكنهم تحريك نتيجة الانتخابات في أي اتجاه يريدون .
ويا ويلكم من هؤلاء !

Ali Car [mabsoot95@yahoo.com]

 

آراء