الإعلام الحكومي وتأسيس الديكتاتورية الجديدة
زين العابدين صالح عبد الرحمن
12 June, 2021
12 June, 2021
قال الدكتور محمد زين المحامي " المحلل الإستراتيجي" علي حسب تعريف التلفزيون. أن تلفزيون السودان استضافه يوم الخميس في برنامج "المشهد السياسي" و معه نور الدائم طه مساعد رئيس حركة تحرير السودان "جناح أركو مناوي" وأضاف سار البرنامج بصورة طبيعية حتى سأل المذيع محمد أحمد الشيخ عن التطورات الاقتصادية الراهنة و رفع الدعم عن المحروقات، فأتهم الدكتور الزين الحكومة بعدم الرؤية، و رئيس مجلس الوزراء بالضعف. فتم الاتصال بسرعة بمخرج الحلقة أن يوقف الحلقة. و حسب التبرير أن القرار جاء من جهات عليا، هي نفس العبارة في عهد الإنقاذ، فالثقافة ماتزال متحكمة.
أن الحرية المتاحة في أجهزة الإعلام الحكومية محدودة، و ظهرت جليا في البرنامج الذي يقدمه رئيس الهيئة القومية لقمان أحمد في برنامجه الأسبوعي " حوار بناء الوطن" حيث يستضيف في البرنامج رؤية واحدة هي التي تمثل الحكومة، إذا كان وزراء أو مستشارين أو قيادات في الحركات أو قيادات سياسية تمثل قوى الحرية و التغيير، و هي بالضرورة رؤية واحدة لا تقبل الجدل، منذ بدأ برنامج " البناء الوطني" هل شاهدتم رؤية مخالفة للسلطة الحاكمة، الحوار دائما لا يجري مع أهل القرار لكن يجري مع الرؤية المخالفة للحوار، لكي تحصل عملية التثقيف السياسي الديمقراطي. هل يعتقد مدير الهيئة أنه سوف ينتج ثقافة ديمقراطية برؤية حكومية لوحدها، بل هو يكرس لشمولية جديدة، شمولية أخطر من الإنقاذ لأنها تزيف الشعارات الديمقراطية. و لم يكن غريبا علي المشاهد بعد مؤتمر باريس الاقتصادي. أن يستضيف مدير إدارة الأخبار و السياسة ماهر أبو الجوخ وزير شؤون مجلس الوزراء و وزير الإعلام للحديث عن المؤتمر، و لم يوضح ما هي علاقتيهما بالاقتصاد، و هو يعرف استضافة اقتصاديين من تيارات مختلفة أفضل للحوار، لكن تجعله لن ينال الرضى من آهل السلطة، فالبرنامج ليس الهدف منه هو التعريف بمادار في المؤتمر، و إذا كان كذلك كان استضاف وزير المالية أو رئيس الوزراء، لكن الرجل يرمي لبعيد، خاصة استضافة وزير الإعلام.
إذا رجعنا إلي منتصف عام 2019م عندما كانت قوى الحرية و التغيير تجري مساومة مع العسكريين لتشكيل سلطة الفترة الانتقالية، كانت هناك هناك قوى سياسية قد رتبت نفسها أن تدخل في تحالفات تجعلها جزء من أي تحالف قادم يسيطر علي السلطة مستقبلا، و أيضا هناك قوى سياسية حاولت أن تجعل رئيس الوزراء مدخلا لها لكي تكون جزءا مؤثرا في السلطة. هؤلاء كان التنافس بينهم قويا و كانت تتحكم فيهم الرغبات الشخصية و الحزبية، لذلك كانت مداخلهم الخدمة المدنية، و هناك فئة ركزت علي الإعلام و كيفية السيطرة علي وسائل الإعلام الحكومية، خاصة " القناة السودانية – النيل الأزرق – قناة الخرطوم – وكالة السودان للأنباء – رئاسة الوزارة" و بالفعل استطاعت مجموعة مجلس الوزراء أن تعين العديد في الوظائف القيادية للخدمة المدنية و خاصة وزارة الإعلام. و لكنها فشلت في الدخول علي قناة النيل الأزرق بسبب أن 51 مملوك لوجدى ميرغني الذي احتفظ بالإدارة التي يريدها هو.
عندما تم تعين الرشيد سعيد يعقوب و كيل أول لوزارة الإعلام، كنت قد كتبت مقالا أثرت فيه قضية هذا الختيار، باعتبار أن الرشيد كان قد فصل من وزارة الخارجية، و يجب عليه أن يستعيد وظيفته في الخارجية و ليس في الإعلام، و هذا مخالف لوجه العدالة باعتبار هناك عاملين في الوزارة تم تعينهم قبل انقلاب الحركة الإسلامية، و قد ظلمتهم الإنقاذ عندما جاءت بآهل الولاء، و أصبحوا مجمدين دون أي ترقيات تنصفهم ، ثم تجيء الثورة التي ترفع شعار العدالة، أيضا تمارس ذات الظلم عليهم، و أن كان الهدف لا يخف عن أحد، أن هناك هدفا مبيتا تريد بعض القوى السياسية أن تمارسه، في اعتقاد أن اللعبة غير مكشوفة، و الممارسة نفسها تنم عن نقص في القيم الديمقراطية. عندما بدأت عملية السيطرة من بعض قوى الحرية و التغيير علي رئاسة الوزارة و هيئاتها، انتفض يوسف الضي الذي كان يشغل والي الخرطوم بالإنابة لكي يسيطر حزبه علي قناة الخرطوم و بدأ التعين فيها و أخيرا جاء بمدير للقناة من حزبه " ياسر عوض" لكي تكتمل حلقة السيطرة علي أجهزة الإعلام الحكومية. هذا الصراع المحموم علي الإعلام تعتقد القوى السياسية أنها تكسب به مستقبلا، هذا يفتح باب التنافس الحزبي علي الخدمة المدنية، و هو الذي يعطل أي تغيير يمكن أن يحدث داخل هذه الأجهزة، التي سوف تستمر خاضعة للسلطة الحاكمة و تأتمر بأوامرها.
في مقابلة مع مدير إدارة الأخبار و الشؤون السياسية ماهر ابو الجوخ أحد المعينين في " قناة السودان" و هو دائما يردد امام العاملين أنه ينتمي إلي " المؤتمر السوداني" رغم أن الدقير تحدث أنهم يرفضون تسيس الخدمة المدنية، بعد تعينه أجرت معه جريدة السوداني حوارا في 8 ديسمبر 2019م، أجاب عن سؤال هل تم تعينه لأنه سياسي أم لأنه يمتلك الكفاءة؟ قال " مسألة تعيين سياسي وشخص كفؤ هذا فيها تلاعب بالعبارات، فالشخص الذي يتم تعيينه سياسيًا مجاملة له، لكنه في ذات الوقت يكون مناطا به تحقيق أهداف وتمرير أجندة معينة، فقضية التعيين السياسي مرتبطة بالظرف السياسي والتعيين بالمحاصصات السياسية منهج كان يتبعه النظام السابق بناء على (مجاملة) وترضية ومن أجل التمكين، أما ما بعد الثورة فأنت تسعى لتحقيق أهداف على ضوئها يتم اختيار العناصر في الأماكن المطلوبة لإنجاز هذه الأهداف، نعم أنا تعييني سياسي، فأنا لست موظف خدمة مدنية عبر مفوضية الاختيار للخدمة، لكن في النهاية الثورة السودانية قامت بتغيير جذري شامل أطاحت برأس النظام " و أسأل ابو الجوخ ما هو الفارق بين أن تعين الإنقاذ أهل الولاء لكي ينفذوا برنامجها، و بين الثورة التي تعين آهل الولاء لكي ينفذوا سياستها، هي مدرسة واحدة، و عقلية واحدة، الاعتقاد بعد الثورة أن تكون هناك رؤية حول العمل الإعلامي و دوره في النظام الديمقراطي و ما هو المطلوب أن يلعبه في الفترة الانتقالية؟ ثم يتم تعين الاشخاص الذين يؤدون هذا الدور علي أسس العدالة أن تبحث عنهم داخل الوزارة أو تفتح الوظائف للمنافسة. غير ذلك هو خيانة للثورة و شعاراتها.
لذلك ليس غريبا؛ أن يقطع برنامج من علي الهواء لأن هناك شخصا لديه رؤية تخالف أجراءات الحكومة الاقتصادية، فالعقلية الشمولية واحدة، مهما تدثرت بشعارات لا تؤمن بها، هؤلاء جاءوا لوزارة الإعلام ليس لأنهم لديهم رؤية إعلامية تحول الأجهزة من مسارها الشمولي إلي مسار ديمقراطي، يعبر عن التيارات الفكرية مختلفة. هذه رؤية معطلة لعملية التحول الديمقراطي، لأنها تعتقد أن الإعلام يمكن أن يدار بفهم أحادي، هي نفس رؤية الإنقاذ التي جعلت من الأجهزة أبواق للسلطة الحاكمة، لذلك هجرتها الجماهير، و بدأت تبحث عن الحقائق في أجهزة أخرى، و رغم محاولة الإنقاذ في أيامها الأخيرة أن توظف الإعلام الحكومي و بعض القنوات غير الحكومية بكثافة ضد الثورة لكنها فشلت في وقف الثورة. لآن كل الناس كانت قد وجهت وجهتها إلي وسائل الاتصال الاجتماعي، و أجبرت قنوات خارجية تتفاعل معها، و هؤلاء الذين قبضوا علي أجهزة الإعلام بعد الثورة من وراء ظهر الشعب، و جاءوا بتعين سياسي لكي يخدم السلطة و ليس توجهات الثورة، أيضا سوف لن ينجحوا في تغبيش وعي الجماهير، فالذي يسعى لكي يتم تعينه سياسيا دون منافسة مشكوك في مقدراته، و سوف يظل راكعا للسلطة و حتى لو تغيرت الوجوه سيظل يتعامل مع القادمين بذات السلوك، و الآن اتضح ليس هناك جديدا.
الغريب في الأمر أراد " تجمع الاتحادي" أن يدخل صراع الإعلام من خلال أختار وزارة الإعلام، لكنه جاء بوزير من مجموعة " العهد الثاني" فالرجل متواضع المكانيات و القدرات و لا يحمل أي رؤية، و الذي يعجز أن يتحدث علي الميكرفون بسلاسة و بشكل مرتب و موضوعي، لا يستطيع أن يحدث أي أثرا ايجابيا في الإعلام، فالرجل مهمته أن يقدم الوزراء في المؤتمرات الصحفية، و أن يقول كلمتين بعد اجتماع مجلس الوزراء، و هو كيف نفسه مع هذه المهمة المحدودة. و حتى الأن لم يفصح عن رؤيته في تحرير الإجهزة الإعلامية من قبضة أهل الأديولوجية، لكي تعبر الأجهزة بصورة كاملة عن كل تيارات الفكر في البلاد، الأمر الذي يحدث تغييرا جوهريا في عملية الوعي السياسي. إذا كان الرجل بالفعل جاء من خلفية ديمقراطية. أن قضية الإعلام في حاجة للذين يملكون رؤية ديمقراطية لكي تفتح أبواب الحوار المجتمعي، فالحوار المجتمعي لا يحتاج لقرار سياسي من أي جهة، أو من حزب سياسي، أنما هو مشروع الإعلام الوطني، كيف يستطيع أن أن ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح علي الثقافة الشمولية، و تقلص وجودها في المجتمع، يحتاج لثورة من داخل الإجهزة، و أن لا ينتظر القائمون علي المؤسسات الإعلامية قرارا من السلطة، بل يقدمون المبادرات التي تحدث تغييرا جوهريا في طريقة التفكير التقليدي. و اعتقد هناك شباب كثيرين في الأجهزة الإعلامية مبدعين، و يحتاجون لمساحات من الحرية، و فرص لكي يطرحون أفكارهم. لذلك ليس غريبا أن يستضيف رئيس الشؤون السياسية ماهر أبو الجوخ زميله في الحزب وزير شؤون مجلس الوزراء و وزير الإعلام في قضية اقتصادية الهدف منها فقط محاولة لكسب وزير الإعلام و محاولة تطويعه. و كان حريا أن يأتي بمختصين في الاقتصاد و هي مدارس مختلفة. كل المجموعة في الإعلام التي جاءت من وراء ظهر الشعب السوداني، و تم تعينهم تعينا سياسيا في ظائف خدمة مدنية، هؤلاء لن يكون ولاءهم إلا للجهات التي عينتهم. لذلك هم في هذه المواقع وظيفتهم أن يمنعوا أي رأي مخالف للسلطة الحاكمة حتى من الثوار، و هؤلاء هم الذين يؤسسون لديكتاتورية جديدة في البلاد. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
أن الحرية المتاحة في أجهزة الإعلام الحكومية محدودة، و ظهرت جليا في البرنامج الذي يقدمه رئيس الهيئة القومية لقمان أحمد في برنامجه الأسبوعي " حوار بناء الوطن" حيث يستضيف في البرنامج رؤية واحدة هي التي تمثل الحكومة، إذا كان وزراء أو مستشارين أو قيادات في الحركات أو قيادات سياسية تمثل قوى الحرية و التغيير، و هي بالضرورة رؤية واحدة لا تقبل الجدل، منذ بدأ برنامج " البناء الوطني" هل شاهدتم رؤية مخالفة للسلطة الحاكمة، الحوار دائما لا يجري مع أهل القرار لكن يجري مع الرؤية المخالفة للحوار، لكي تحصل عملية التثقيف السياسي الديمقراطي. هل يعتقد مدير الهيئة أنه سوف ينتج ثقافة ديمقراطية برؤية حكومية لوحدها، بل هو يكرس لشمولية جديدة، شمولية أخطر من الإنقاذ لأنها تزيف الشعارات الديمقراطية. و لم يكن غريبا علي المشاهد بعد مؤتمر باريس الاقتصادي. أن يستضيف مدير إدارة الأخبار و السياسة ماهر أبو الجوخ وزير شؤون مجلس الوزراء و وزير الإعلام للحديث عن المؤتمر، و لم يوضح ما هي علاقتيهما بالاقتصاد، و هو يعرف استضافة اقتصاديين من تيارات مختلفة أفضل للحوار، لكن تجعله لن ينال الرضى من آهل السلطة، فالبرنامج ليس الهدف منه هو التعريف بمادار في المؤتمر، و إذا كان كذلك كان استضاف وزير المالية أو رئيس الوزراء، لكن الرجل يرمي لبعيد، خاصة استضافة وزير الإعلام.
إذا رجعنا إلي منتصف عام 2019م عندما كانت قوى الحرية و التغيير تجري مساومة مع العسكريين لتشكيل سلطة الفترة الانتقالية، كانت هناك هناك قوى سياسية قد رتبت نفسها أن تدخل في تحالفات تجعلها جزء من أي تحالف قادم يسيطر علي السلطة مستقبلا، و أيضا هناك قوى سياسية حاولت أن تجعل رئيس الوزراء مدخلا لها لكي تكون جزءا مؤثرا في السلطة. هؤلاء كان التنافس بينهم قويا و كانت تتحكم فيهم الرغبات الشخصية و الحزبية، لذلك كانت مداخلهم الخدمة المدنية، و هناك فئة ركزت علي الإعلام و كيفية السيطرة علي وسائل الإعلام الحكومية، خاصة " القناة السودانية – النيل الأزرق – قناة الخرطوم – وكالة السودان للأنباء – رئاسة الوزارة" و بالفعل استطاعت مجموعة مجلس الوزراء أن تعين العديد في الوظائف القيادية للخدمة المدنية و خاصة وزارة الإعلام. و لكنها فشلت في الدخول علي قناة النيل الأزرق بسبب أن 51 مملوك لوجدى ميرغني الذي احتفظ بالإدارة التي يريدها هو.
عندما تم تعين الرشيد سعيد يعقوب و كيل أول لوزارة الإعلام، كنت قد كتبت مقالا أثرت فيه قضية هذا الختيار، باعتبار أن الرشيد كان قد فصل من وزارة الخارجية، و يجب عليه أن يستعيد وظيفته في الخارجية و ليس في الإعلام، و هذا مخالف لوجه العدالة باعتبار هناك عاملين في الوزارة تم تعينهم قبل انقلاب الحركة الإسلامية، و قد ظلمتهم الإنقاذ عندما جاءت بآهل الولاء، و أصبحوا مجمدين دون أي ترقيات تنصفهم ، ثم تجيء الثورة التي ترفع شعار العدالة، أيضا تمارس ذات الظلم عليهم، و أن كان الهدف لا يخف عن أحد، أن هناك هدفا مبيتا تريد بعض القوى السياسية أن تمارسه، في اعتقاد أن اللعبة غير مكشوفة، و الممارسة نفسها تنم عن نقص في القيم الديمقراطية. عندما بدأت عملية السيطرة من بعض قوى الحرية و التغيير علي رئاسة الوزارة و هيئاتها، انتفض يوسف الضي الذي كان يشغل والي الخرطوم بالإنابة لكي يسيطر حزبه علي قناة الخرطوم و بدأ التعين فيها و أخيرا جاء بمدير للقناة من حزبه " ياسر عوض" لكي تكتمل حلقة السيطرة علي أجهزة الإعلام الحكومية. هذا الصراع المحموم علي الإعلام تعتقد القوى السياسية أنها تكسب به مستقبلا، هذا يفتح باب التنافس الحزبي علي الخدمة المدنية، و هو الذي يعطل أي تغيير يمكن أن يحدث داخل هذه الأجهزة، التي سوف تستمر خاضعة للسلطة الحاكمة و تأتمر بأوامرها.
في مقابلة مع مدير إدارة الأخبار و الشؤون السياسية ماهر ابو الجوخ أحد المعينين في " قناة السودان" و هو دائما يردد امام العاملين أنه ينتمي إلي " المؤتمر السوداني" رغم أن الدقير تحدث أنهم يرفضون تسيس الخدمة المدنية، بعد تعينه أجرت معه جريدة السوداني حوارا في 8 ديسمبر 2019م، أجاب عن سؤال هل تم تعينه لأنه سياسي أم لأنه يمتلك الكفاءة؟ قال " مسألة تعيين سياسي وشخص كفؤ هذا فيها تلاعب بالعبارات، فالشخص الذي يتم تعيينه سياسيًا مجاملة له، لكنه في ذات الوقت يكون مناطا به تحقيق أهداف وتمرير أجندة معينة، فقضية التعيين السياسي مرتبطة بالظرف السياسي والتعيين بالمحاصصات السياسية منهج كان يتبعه النظام السابق بناء على (مجاملة) وترضية ومن أجل التمكين، أما ما بعد الثورة فأنت تسعى لتحقيق أهداف على ضوئها يتم اختيار العناصر في الأماكن المطلوبة لإنجاز هذه الأهداف، نعم أنا تعييني سياسي، فأنا لست موظف خدمة مدنية عبر مفوضية الاختيار للخدمة، لكن في النهاية الثورة السودانية قامت بتغيير جذري شامل أطاحت برأس النظام " و أسأل ابو الجوخ ما هو الفارق بين أن تعين الإنقاذ أهل الولاء لكي ينفذوا برنامجها، و بين الثورة التي تعين آهل الولاء لكي ينفذوا سياستها، هي مدرسة واحدة، و عقلية واحدة، الاعتقاد بعد الثورة أن تكون هناك رؤية حول العمل الإعلامي و دوره في النظام الديمقراطي و ما هو المطلوب أن يلعبه في الفترة الانتقالية؟ ثم يتم تعين الاشخاص الذين يؤدون هذا الدور علي أسس العدالة أن تبحث عنهم داخل الوزارة أو تفتح الوظائف للمنافسة. غير ذلك هو خيانة للثورة و شعاراتها.
لذلك ليس غريبا؛ أن يقطع برنامج من علي الهواء لأن هناك شخصا لديه رؤية تخالف أجراءات الحكومة الاقتصادية، فالعقلية الشمولية واحدة، مهما تدثرت بشعارات لا تؤمن بها، هؤلاء جاءوا لوزارة الإعلام ليس لأنهم لديهم رؤية إعلامية تحول الأجهزة من مسارها الشمولي إلي مسار ديمقراطي، يعبر عن التيارات الفكرية مختلفة. هذه رؤية معطلة لعملية التحول الديمقراطي، لأنها تعتقد أن الإعلام يمكن أن يدار بفهم أحادي، هي نفس رؤية الإنقاذ التي جعلت من الأجهزة أبواق للسلطة الحاكمة، لذلك هجرتها الجماهير، و بدأت تبحث عن الحقائق في أجهزة أخرى، و رغم محاولة الإنقاذ في أيامها الأخيرة أن توظف الإعلام الحكومي و بعض القنوات غير الحكومية بكثافة ضد الثورة لكنها فشلت في وقف الثورة. لآن كل الناس كانت قد وجهت وجهتها إلي وسائل الاتصال الاجتماعي، و أجبرت قنوات خارجية تتفاعل معها، و هؤلاء الذين قبضوا علي أجهزة الإعلام بعد الثورة من وراء ظهر الشعب، و جاءوا بتعين سياسي لكي يخدم السلطة و ليس توجهات الثورة، أيضا سوف لن ينجحوا في تغبيش وعي الجماهير، فالذي يسعى لكي يتم تعينه سياسيا دون منافسة مشكوك في مقدراته، و سوف يظل راكعا للسلطة و حتى لو تغيرت الوجوه سيظل يتعامل مع القادمين بذات السلوك، و الآن اتضح ليس هناك جديدا.
الغريب في الأمر أراد " تجمع الاتحادي" أن يدخل صراع الإعلام من خلال أختار وزارة الإعلام، لكنه جاء بوزير من مجموعة " العهد الثاني" فالرجل متواضع المكانيات و القدرات و لا يحمل أي رؤية، و الذي يعجز أن يتحدث علي الميكرفون بسلاسة و بشكل مرتب و موضوعي، لا يستطيع أن يحدث أي أثرا ايجابيا في الإعلام، فالرجل مهمته أن يقدم الوزراء في المؤتمرات الصحفية، و أن يقول كلمتين بعد اجتماع مجلس الوزراء، و هو كيف نفسه مع هذه المهمة المحدودة. و حتى الأن لم يفصح عن رؤيته في تحرير الإجهزة الإعلامية من قبضة أهل الأديولوجية، لكي تعبر الأجهزة بصورة كاملة عن كل تيارات الفكر في البلاد، الأمر الذي يحدث تغييرا جوهريا في عملية الوعي السياسي. إذا كان الرجل بالفعل جاء من خلفية ديمقراطية. أن قضية الإعلام في حاجة للذين يملكون رؤية ديمقراطية لكي تفتح أبواب الحوار المجتمعي، فالحوار المجتمعي لا يحتاج لقرار سياسي من أي جهة، أو من حزب سياسي، أنما هو مشروع الإعلام الوطني، كيف يستطيع أن أن ينتج ثقافة ديمقراطية تنداح علي الثقافة الشمولية، و تقلص وجودها في المجتمع، يحتاج لثورة من داخل الإجهزة، و أن لا ينتظر القائمون علي المؤسسات الإعلامية قرارا من السلطة، بل يقدمون المبادرات التي تحدث تغييرا جوهريا في طريقة التفكير التقليدي. و اعتقد هناك شباب كثيرين في الأجهزة الإعلامية مبدعين، و يحتاجون لمساحات من الحرية، و فرص لكي يطرحون أفكارهم. لذلك ليس غريبا أن يستضيف رئيس الشؤون السياسية ماهر أبو الجوخ زميله في الحزب وزير شؤون مجلس الوزراء و وزير الإعلام في قضية اقتصادية الهدف منها فقط محاولة لكسب وزير الإعلام و محاولة تطويعه. و كان حريا أن يأتي بمختصين في الاقتصاد و هي مدارس مختلفة. كل المجموعة في الإعلام التي جاءت من وراء ظهر الشعب السوداني، و تم تعينهم تعينا سياسيا في ظائف خدمة مدنية، هؤلاء لن يكون ولاءهم إلا للجهات التي عينتهم. لذلك هم في هذه المواقع وظيفتهم أن يمنعوا أي رأي مخالف للسلطة الحاكمة حتى من الثوار، و هؤلاء هم الذين يؤسسون لديكتاتورية جديدة في البلاد. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com