الإمام المهدي .. الانحياز ضد الشعب والثورة : والانتحار السياسى
أخيرأ من بعد تردد وتهوين من شأن الثورة الشعبية حسم الإمام الصادق المهدي أمره وقرر الانحياز ضد الشعب وتخذيل تصعيده لمعركته من أجل الدولة المدنية .. من البداية أستقبل المهدي ثورة الشباب بلغة لاتليق ممن ينصب نفسه مفكرا للوسطية وناشطا في نادي مدريد، لغة أقرب إلى كلمات الاغاني الهابطة تتحدث عما اسماه “بوخة المرقة ” ثم صمت تماما ولم تحركه دماء الشهداء ولم يقدم التعزية فيها ولم يطالب بمحاكمة المجرمين والجناة وانتهي بتأييد عسكرة مجلس السيادة ويتحدث عن ميثاق شرف وكأنه خبير أجنبي أو وسيط خارجي وليس زعيما لحزب جماهيري مؤثر .
إن معضلة الامام الازلية هي تضخم الذات حتى يصل الإعجاب بالنفس درجة تفوق حب الوطن! فهو ينظر لكل الأمور من خلال موقعه القيادي فيها! ولا يتجرد وينكر ذاته! ولذلك يقع في الاخطاء الحالية التي تضعه في معسكر معادٍ للشعب والثورة ، عقدة الامام الاخرى هي كراهية غريزية خالية من أي عقلانية تجاه كل ماهو يساري، فهو الان يعتقد بان قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين يسيطر عليها اليساريون لذلك يبادر بالوقوف ضدهما ومعارضة كل الخطوات التي تقوم بها حتى ولوكانت صحيحه ومفيدة للوطن .
هناك المعضلة التي تتمثل في النرجسية الفائضة التي تجعل الامام غير مستعد لتقديم نقد ذاتي أو الاعتراف بالخطأ – فهو لإ ينقد ذاته ولايقبل النقد من الاخرين ، ورغم أنه لايرد على الناقدين بنفسه إلا أن هناك كتائب من “رماة الحدق ” جاهزة لتقصف كل من يقرب من الامام بنقد أو نصيحة أو تنبيه لتصب عليه تهم مثل التطاول على الامام ، والحقد والحسد وحب الظهور على حساب مهاجمة الكبار .. هؤلاء النفر من يمثلون “الصديق الجاهل ” جعلوا منه شخصأ مقدسأ ومنزهأ فوق النقد والحوار البشري .
لذلك كان من الطبيعي أن يبعد الإمام شخصيات عظيمة من الحزب مثل : مهدي أمين التوم ويوسف تكنه ومادبو وابراهيم الامين وغيرهم من الكرام الذين يعملون من أجل حزب وطني ديمقراطي يمثل الوسط ولاتسيطر عليه الطائفية وتجعل من الحزب كيانا يدار بالاشارة ودكتاتورية الامام .
أتمني ان يكون السيد الامام قد قضي بهذه الخطوة إلانتحارية على ركن هام تقوم عليه قلعة الطائفية الثنائية : الانصار والختمية . فقد تم تقاسم السودان منذ الاستقلال عام 1956م بين الطائفية والعسكر، وبالتالي عجزنا عن تحقيق غاية الاستقلال الحقيقية : الديمقراطية والتنمية والوحدة الوطنية. وظلت البلاد متعثرة ومتخلفة بسبب تعاقب حكم الطائفية والعسكر وكان لابد من الاستقلال الثاني للسودان والذي دشنه الشباب والنساء المعتصمون منذ 19دسبمبر الماضي وللمفارقة صوت البرلمان السوداني في مثل هذا اليوم 1955م بالاجماع على إعلان استقلال السودان وكان يفترض ان يكون ذلك التاريخ ميلاد السودان حيث أعلن الاستقلال رسميا في يناير 1956م وهكذا تأخر ميلاد السودان الجديد 64 عاما ليقوم الشباب المعتصم بحبل الله وحبل الوطن بهذه المهمة العظيمة ولن يعود السودان مطلقا للوراء ولن يكرر أخطاء، وتقود القوى الحديثة في طريق النهضة والتقدم .