الابعاد القانونية للارهاب الدولى (1)

 


 

 

حادثة الاحد  الحزين  التى اغتيل  فيها  القيصر  فى  روسيا-كانت  بداية  لمفهوم  جديد  لمعنى  الارهاب –فلقد  اعتبرها  البعض  عملا ارهابيا سياسيا   والبعض  الاخر  اعتبرها  عملا  بطوليا  مرضيا
ويقول  الدكتور  محمد موانس  :
فى هذه المرحلة  اصبح  الارهاب  هو  الاسلوب  الوحيد  لاعداد  الثورة  للمجابهة  الكبرى  بعد  ان  فشلت  الدعاية—ونجحت  تلك  المحاولة   الفردية  للاطاحة   بالقيصر—ولكن  كان  لا بد  من  التنظيم  وهذا  ما  ادركه  (  لينين)   حيث  كتب  يقول  :
( نحن مبدئيا  لم  نرفض  الارهاب  ابدا  ولا  يمكننا  رفضه  بل  لا  بد  من  تنظيمه)
فالارهاب الشيوعي قبل ثورة1917 لم يكن عملا اجراميا  يحبكه افراد قله في شكل مؤامرات للقضاء علي شخصيه سياسيه وعسكريه ......ولم يكن انتقاما او عملا يائسا كما لم يكن مجرد عمل عنيف للتخويف وبث الرعب في النفوس.
بل كان اسلوبا منظما كمدخل لاعمال استراتيجيه  في ضوء ايدولوجيه مرسومه , وقد برز هذا الاسلوب المنظم بين عامي 1905\1917 كمرحله مرتبطه بالتكنيك الثوري البلشفيك  خلال نضالها الذي حققت به النجاح والسلطه ثم استمر بعد الثوره البلشفيه متخذا عدة وجوه يمكن حصرها في اتجاهين :
الاول:  تحول مفهوم الارهاب (الذي اوضحناه) كنظام ضمن استراتيجيه عامه للنضال الشعبي نحو اخر سمئ (حرب العصابات) وهو ما برز في الحرب الاهليه التي حدثت في روسيا بعد انتصار الثوره وسلم (لينين) الحكم .
اصبح الارهاب وقفا علي الدوله ومؤسساتها واجهزتها البوليسيه وعلي راسها (التيشكا) وارتدي ارهاب الدوله في اثناء حكم (لينين)) طابعين :
ارتباط اعمال القمع الارهابيه واشكالها المتعدده الي حد كبير بالظروف العسكريه التي كانت تمر بالبلاد وتناسبها طرديا معها.
والاخر : اتخاذ صفة الصراع الطبقي البلشفي (ضد البرجوازيه بالتحديد) وهنا واجه الارهاب البلشفي نقدا شديدا من قبل بعض الماركسسين البارزين مثل (كارل كاوتسكي) حيث رفض في كتابه
(الارهاب والشيوعيه ) ان يتحول مبدأ دكتاتوريه البروليتاريا الي مبدأ ارهاب الشعب .
 وفي هذا الشكل الاول للارهاب نلمح الصفه السياسيه او تحقيقه لاغراض سياسيه سواء من قبل السلطه المحاكمه او الافراد الحكومين .
وبطبيعة الحال فقد تولدت من هذين الشكلين اعمال ارهابيه فرديه مستقله ومنعزله تماما عن كل تنظيم ولا ترتبط بأية ايدولوجيه كرد فعل عفوي او تلقائي عن تشابك هذه السلسه الحلزونيه الشيطانيه اعتنقته الايدولوجيه الفوضويه .
وتحول الارهاب السياسي الي الارهاب الفوضوي مستخدما بعض الوسائل البربريه العمياء لبث الرعب في نفوس الناس وبالاضافه الي تلك الايدولوجيه اللينينيه الماركسيه فقد ادخلت الشيوعيه المعاصره مقياسا اخر اتبعته في تصنيف جديد للارهاب عموما والارهاب السياسي خصوصا هو مقياس الثوره والعدو الايدولوجي , وهو ما اضافه ( جوزيف ستالين) في اواخر النصف الاول من القرن الماضي .
(انه الارهاب المرتبط بالعنف الثوري المنظم الذي يهدف الي تصفية العدو الايدولوجي لانه مجرم اخلاقيا وتاريخيا وايدولوجيا ).
ومما لا شك فيه ان هذا المثال الروسي كان له اثره العميق علي كافة الحركات الارهابيه في العالم سواء السابقه او المعاصره, فيما  تقوم له من اعمال ضد الحكومه او في شكل اغتيالات فرديه او سرقات مسلحه ضد البنوك وفي القطارات وفي انتزاع ملكية الاراضي وذلك  عن طريق بث الرعب في النفوس كوسيله لتحقيق الهدف.
حسن  عوض  احمد  المحامى
 بعض الرحيق من هنا وهناك
  Muwashah: الموشح
احد (الفنون السبعه) في الادب العربي, وهو مكون من اقفال وابيات (او اسماط واغصان او اغفال وخرجات كما تسمي احيانا ) فالاقفال هي تلك الاجزاء المتفقه في الوزن والقافيه والعدد , والابيات تلك الاجزاء المتفقه في الوزن والعدد لا في القافيه .
ويرجح  ان الموشح نشأ بالاندلس او المشرق في اواخر القرن الثالث للهجره وسبب انتشاره صلاحيته للغناء وانسجامه مع لغة الكلام للعوام فهو يتحلل من بعض قواعد الفصحي وخاصه عند الاعراب وانما سمي كذلك تشبيها له بالوشاح او القلاده التي تنظم حباتها  من اللؤلؤ والمرجان مثال ذلك موشحة ابن سهيل ومنها:
 ((قفل))  :  هل دري طبي الحمي ان قد حمي      قلب صب حله عن مكنس
فهو في حر وخفق مثل ما            لعبت ريح الصبا بالقبس
((بيت))   يابدورا اطلعت يوم النوي          غررا تلك في نهج الغرر
مالقلبي في الهوي ذنب سوي              منكم الحسن ومن عيني النظر
اجتني اللذات مكلوم الجوي               والتذاذي من حبيبي بالفكر
 Objectivityالموضوعيه
وصف اما هو موضوعي وهو بوجه خاص مسلك الذهن الذي يري الاشياء علي ما هي عليه فلا يشوهها بنظرة ضيقه او بتحيز خاص وهذه الصفه كثيرا ما تنسب الي الاثر الادبي الذي يبدو فيه المؤلف كأنه يقدم شخصيلت سرده او مواقفها بطريقه لا تعتريها مؤثرات شخصيه او تحيز
ويلاحظ ان الشعر  الحديث بعد الحرب العالميه الاولي قد اتصف بهذه الموضوعيه كرد فعل للتعبيرات العاطفيه المسرفه التي كانت تميز النزعه الرومانتيكيه والمدارس الشعريه الرمزيه التي سبقت  هذه الحرب .
كما يلاحظ ان الموضوعيه مفهوم صادف رواجا بين الادباء في فرنسا وخاصه منذ ازدهار النزعه الطبيعيه والواقعيه في اواخر القرن التاسع عشر.
المعجم  الوسيط
 ( انتظم ) الشيء تألف واتسق يقال نظمه فانتظم ويقال انتظم أمره استقام والأشياء جمعها و ضم بعضها إلى بعض يقال رمى صيدا فانتظم ساقيه برمح وهذان البيتان ينتظمهما معنى واحد
( تناظمت ) الأشياء تضامت وتلاصقت يقال تناظمت الصخور
( تنظم ) الشيء انتظم
( الإنظام ) كل خيط نظم خرزا ومن البيوض خيط في بطنها منظوم بيضا يقال في بطن السمكة إنظامان والبيض المنتظم نفسه ومن الرمل ما تعقد منه ( ج ) أناظيم
( الأنظومة ) الإنظام ( ج ) أناظيم
( النظام ) الخيط ينظم فيه اللؤلؤ وغيره والترتيب والاتساق ويقال نظام الأمر قوامه وعماده والطريقة يقال ما زال على نظام واحد ومن البيوض إنظامها ويقال جاءنا نظام من جراد صف منه ومن الرمل إنظامه ( ج ) نظم وأنظمة وأناظيم
( النظم ) المنظوم يقال نظم من لؤلؤ ويقال أتانا نظم من جراد صف كثير منه والكلام الموزون المقفى وهو خلاف النثر ويقال نظم القرآن عبارته التي تشتمل عليها المصاحف صيغة ولغة ويطلق على بعض الكواكب المنتظمة و منها الثريا
( النظيم ) المنظوم ومن كل شيء ما تناسقت أجزاؤه على نسق واحد يقال نظيم من لؤلؤ ( ج ) نظم
( النظيمة ) من الحبل إحدى طرائقه ( ج ) نظائم
( النظيم ) الكثير نظم الأشياء والكثير الشعر
كيف تســــــــــافرى
حسن عوض أحمد
قالوا سفرك قريب
قاصدة بلدا بعيد
خبر حزين هز المشاعر
هدم قلب القصيد
كيف تســـــــافرى
وأنت عارفه
نحن كيف بعدك نكون
فى حضرتك نحن شحنة شجون
وشوقنا باين فى العيون
كيف يكون الحال
لما ترحلى وتخلى وراك ديار
أنت نورا
بهجة ســــــــــرور
أريج زهــــــــــــور
تمام بــــــــــــــــدور
 والمحاسن ليك صورا
كيف تســـــــــــــافرى
وكل خطوة من خطاك
محمولة فى نبض القلوب
وكل رمشة من عيونك
محروسة فى صهوة حنين
لو تســـــــــــــــــــــافري
ترحل معاك كل النجوم
والشمس تهجر ديارنا
تفرش ضياها وسط الغيوم
والقمر يزرف دمع الحنين
هو ما صـــــــــورة منك
ويعز عليهو غيابك بالسنين
دبى يا درة فى صدر الخليج
جاييك زولا رائع بهجيج
شايل معاه كل الجمال
زى ملاك وصفو الكمال
أفرحي وزغردي وأرقصي
وليفرح معاك كل الخليج
ماجاييك زولاً سمح
تخجل الأنور من طلعتو
وتغرد الأطيار لرؤيتو
وعطر الأزهار من نفحتو
بخـتــــك يادبــــــــــــى
جاييك زولا رائع بهيج
خلانا فى لحظة ضياع
لا فينا همس الليل شعاع
رحلة عمر سنينا طالت
فى المطاف لاحت دون وداع
لو تســــــــــــــــافرى
تتعطل لغة الكلام
وتبقى حروف الشوق ملام
والقريض مهجور من خيال
وكل القوافى تموت فى الزحام
سافرى تحرسك السلامة
وتلقى سعدك فى أنتظارك
ولما ترجعى مرة تانى
نكتب ليك الأغانى
والحروف تجدد أمانى
ومشاتل البهجة تتحول معانى
  بسم الله الرحمن الرحيم
ندوة المثقف الثلاثين
ناقشت مشاريع تطوير الجامعة العربية
والإرادة العربية السياسية
 أنعقدت بالقاهرة الأسبوع الماضى بدار الصحفيين الندوة الثلاثين تحت عنوان (مشاريع تطوير الجامعة العربية والإرادة السياسية العربية) بالرغم من أهمية تطوير الجامعة العربية كمؤسسة إقليمية تجمع شتات الدول العربية فى تنظيم إقليمي مؤثر فى السياسة الدولية – غير أن هذه الأهمية تبدو انها ترقد فى وهاج المستحيل لان الأنظمة العربية نفسها غير متفقة وبعيدة جداً عن شعوبها وتطلعاتهم وأشواقهم فى الحرية والديمراطية لهذا سوف تبقى الجامعة العربية أملا متفائلاً يرقد على ارض ملغومة – ما لم تعي الأنظمة العربية ان الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان فى العيش الكريم صارت من ضروريات العصر الملحة خاصة بعد النقلة الهائلة والرهيبة لثورة المعلومات والاتصالات بين شعوب العالم .
وأعتقد أن ما جاء فى الندوة من مقترحات وتوصيات ضرورة استراتيجية لتغيير الهيكلة وآليات التنفيذ والنظام الأساسي بعد عقود طويلة من الزمان تغيرت خلالها العلاقات الدولية والتحالفات الإقليمية والاستراتيجية الأمنية وتعقدت البنية المحورية فى العلاقات الدولية .
أننى أشيد بالسيد عمرو موسى الأمين العام الذى بشر بهذا التطور للجامعة العربية ونقف معه فى جهده الدؤوب من اجل عالم عربى ديمقراطي مستقر وموحد وآمن وسوف يبقى المأزق العربى قائماً طالما كانت الحماية الامريكية لهذه الأنظمة تفرض سيطرتها على القرار الوطنى .
 بسم الله الرحمن الرحيم
 صراخ الصمت فى الحركة الاتحادية
 هذا الوطن الممزق والجريح  النازف قد ابتلى بعهود ممتدة كامتداد الافاق فرضت حجراً على حريات المواطنين فالحرية هى حق الهى يمارسه الانسان فكراً وعقيدة وقولاً وفعلاً فالخالق المبدع لم يختص بها جنساً أو نوعاً او لوناً ولم يملك انتزاعها لاحد من أحد كائناً من كان فهى الحق المقدس للاحياء من البشر والحيوان والنبات .
ففى كل عهود الظلام يسلب هذا الحق وتمنح بديلاً له الحريات القذرة (حريات اللهو والفساد وبيع الذمم) .
ان امتداد هذه العهود غيب الحرية ورغم ذلك لم تفقد الجماهير طعم الحرية والرغبة فيها وفى الحياة فى ظل راياتها والايمان بها .
 ان غياب الحرية لعهود ممتدة طويلة جعل من جماهير الحركة الاتحادية صريعة الخوار والاحباط الطويل الامر الذى تخلق عنه العزوف عن تجميع الارادة الاتحادية لتوجيه ضرباتها القوية لازالة هذا الفشل والاذى المزمن الذى يواجهها هذا هو الداء القاتل داء اللا مبالاة والتكلس وداء صراخ الصمت بعدم التعبير عن التطلعات المشروعة نحو الاتعتاق ونحو صياغة مجتمعها الخاص صياغة ذاتية مبنية على رؤيتها وفهمها وايمانها العميق فى العيش الكريم .
ان استنهاض هذه الجماهير من غفوة اللامبالاة المزمنة يظل من أكبر التحديات التى تواجه الحركة الاتحادية وتواجه كل الاحزاب الوطنية المؤمنة بالجماهير فاعلاً اصيلاً فى الحياة السياسية وفى البناء الوطنى وفى ان يكون الشعب السودانى مبتدأ ومنطلقاً وغاية ومقتضى .
ان عملية استنهاض الجماهير عملية معقدة ومتشابكة كظلال الظنون .. وتحتاج بالضرورة الى عمل علمى مؤسسى يتخذ من الديمقراطية شريعة ومنهاجاً حتى تأتى المساهمة جماهيرية على نطاق الوطن .. ولابد ان تستصحب عملية الاستنهاض المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية التى أحدثها النظام الشمولى  والحراك السكانى الرهيب الذى شمل كل قطاعات الشعب وتأكل البينات الاجتماعية .. وتمزق النسيج الاجتماعى وهذه العملية الضخمة تحتاج  أن يتبنى زعيم الحزب العملية الاصلاحية بان يلم شتات الحزب والا يكون طرفاً فى النزاعات التى شلت حركة الحزب خلال العقدين والنصف من الزمان وان يكون بوتقة تنصهر عندها كل التيارات وان يعتمد فى هذه العملية الاستنهاضية على المثقفين والقوة الحية والحديثة فى الحركة الاتحادية لتطلع بدور فعال وفاعل فى اعادة بناء الحزب كمؤسسية حزبية علمية ديمقراطية ذات برنامج يستوعب كل تطلعات واشواق افراد الشعب السودانى .. وبهذا وحده نستطيع ان نقول ان المارد العملاق قد انطلق من قممه رائداً وقائداً لحركة الوسط وللحركة الوطنية السودانية
حسن عوض
توطئة :
 كانت صرخة (رونالد ريغان) الرئيس الاسبق عام 1981م في المؤتمر الصحفي الذي جرى في أكتوبر داخل البيت الابيض والتي قال فيها: (ان الولايات المتحدة لن تسمح بأن تخرج المملكة العربية السعودية من المعسكر الغربي.. ان على واشنطن منذ اليوم تحديد النظام الذي يجب ان يكون في هذا البلد وأية حكومة يجب أن تحكمه)، مفاجأة نوعاً ما للذين يسبّحون بحمد الولايات المتحدة، ولكن المراقبين السياسيين والمطلعين على حقيقة السياسة الامريكية يعرفون ان هذه الصرخة ما هي إلاّ تذكير بأن الولايات المتحدة لم تغير ولن تغير سياستها تجاه الشعوب، كما انهم يعرفون أن الولايات المتحدة عندما تتعرض (مصالحها) سواء المعلنة أو المخفية لخطر ما فأنها تخلع لباس ما تسميه بالديمقراطية وتضعه على نصب الحرية لتخفيه عن الأعين. كما ان الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على الشعب الافغاني تحت غطاء محاربة الارهاب جعلت المسبّحين بحمدها في ارتباك شديد، فهي لم تقدم دليلا واحداً على قيام الاسلاميين بتفجرات 11 سبتمبر، ثم حتى لو افترضنا ان الاسلاميين هم من خطط لهذه التفجيرات، هل سألت أمريكا نفسها عن سرِّ انقلاب اصدقاء الامس لدحر السوفيت من افغانستان إلى عدو اليوم، فالولايات المتحدة قد أضافت في عملها هذا، إلى سجل تخليها عن المتعاونين معها عندما تقتضي مصالحها ذلك، رقماً جديداً يؤرق هؤلاء المسبّحين من العملاء في المنطقة.
ثم هل أن الولايات المتحدة في حملتها على افغانستان هذه تريد فعلاً رأس الإسلاميين؟ فالواقع يظهر لنا أن الطائرات الامريكية تقوم بذبح الاطفال والنساء والابرياء من الرجال، في الوقت الذي لم تكن هناك مقاومة تذكر قد قامت بها جماعة (طالبان) ضد قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة. لا نريد هنا أن نناقش الحملة الامريكية على افغانستان، ولكن نريد أن نشير إلى أن هذه العملية هي امتداد للسياسة الاجرامية الامريكية والتي سنحاول لاحقاً أن نقدم لها كشفاً تاريخياً. وسنلاحظ من خلال هذا الكشف انه لم يسلم شعب من شعوب الارض من هذه السياسة.
 بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة حق فى الزمن المر
السلام أحساس غامر فياض ينبع من الشعور بالعدل والرضى بالعدالة وما يتمخض من العدالة من الامن والاستقرار النفسى والاطمئنان والسعادة – والتمتع بالنسيج الانسانى بلا رعب أو توجس ولا تضاريس والمضاء فى دورب الانسانية بلا فوارق أو حواجز والاندماج معها لديمومة كل ذلك – فاذا صدقت الرؤية مع النفس وطهرت من علائق النفاق فأن العدل هو السلام ولا سلام بلا عدل .
لقد اتعبنا الصراخ وهدنا الأرق وتأكلت اعمارنا ونحن فى انتظار السلام العادل الشامل لوطن يتمزق ويتأكل من أطرافه واحشائه على السواء بل يكاد أن ينفرط الى أشلاء مبعثرة تذروها الرياح الى وادى سحيق لاحياة فيه لمن تنادى .
الكل في هذا الوطن مسئولون عما يجرى فيه من احتراب وما يجرى عليه من شقاق وما ينزف منه من نوافير الدم التى تروى الارض و تؤدى الى عدم الاستقرار والكل مسئولون من هذا الخراب أمام مليك مقتدر وكأنى بهم يرقصون على حبال الانتظار المعلقة على أرصفة المستحيل وكأنى بهم يرقبون الى السماء باعين كحلها الياس فى ان تغمض جفونها على أريكة الوطن الامنة المطرزة بغصون الزيتون – وكأنى بهم يرقبون الى السماء لتأتى لهم بما يشتهون من حلول حتى لو كان من بينها أزالة جغرافية الوطن من خارطة الكوكب الأرضى –البعض يسألون الله أن تبقى سلطة الانقاذ بسطوتها وجبروتها وبريقها لهم وحدهم وان تحميهم عين الله التى لا تنام من الطامعين فيها – والبعض الآخر يسألون الله استئصال من هم بالسلطة من جذورهم استنصاراً لاحتقاناتهم القديمة واحقادهم السياسية الراسية فى بؤر الذاكرة وطموحاتهم الشخصية فى عودة السلطة بعد أن ارهقتهم الشموليون باستغلالها لدرجة الارهاق فى تحطيم كل شىء حتى لو كان جميلاً واعلدة بنائها من جديد باهل الولاء والثقة ومن دونهم فليذهبوا الى الجحيم .
وهكذا يرقد الوطن الجريح بين مطرقة الحاكمين وسندان الراغبين فى السلطة – وأهل السلطة الاصليون (الشعب السودانى) مغبيون  تماماً عما يدار باسمهم .
فى هذا الجو المفعم بالشقاق واليآس والقنوط جاءت وثيقة الاجماع الوطنى – نعم قد جاءت متأخرة كثيراً ولكنها جاءت تحمل حلماً عنيداً صعب المنال ولكنه ليس مستحيلا اذا صدقت النوايا بين الاطراف المعنية بالاستقرار وتحقيق السلام العادل الشامل الذى يكسر حلقات الدائرة الخبيثة التى لازمت الوطن منذ الاستقلال .
الحديث عن الوطن ( ايها الحكام )  ( وأيها المعارضون لهم ) حديث ذو شجون وكثير ما أفضت شجون الحديث عنه الى طيات الضمائر واسرار الجوانح فكشفت عن استارها وأزاحت للسامعين والمستكشفين حجبها فما أمتع الحديث عن الاوطان واشهاه للسمع واللسان فهو يلعب باوتار القلوب فيوقظها من السبات ويمدها بالقوة لان الوطن تعبير جامع عطل كل ما سمى من المعانى ورمزاً يكسو الاشياء بشرف الانسان وأخلدها لذكرى الجسم الفانى لان الوطن روح ومثل أعلى قبل أن يكون وحدة جغرافية ولذة الحديث عنه ناشئة عن اتصال حديثه بالحديث عن انفسننا وعن أمانينا وعن ابنائنا وابائنا الاولين . وهل يكون المرء اكثر احساساً بالجد واستشعاراً بالاهتمام الا حين يفكر فى غرارة نفسه يجول خلال سراديبها المتعددة مستعرضاً الماضى بعبره ومستوضحاً الحال بظروفه ومستكشفاً ظلال المستقبل المجهول .
لقد كان لقاء السيد رئيس الجمهورية بالقوى السياسية بالوان طيفها السياسى المختلفة مظاهرة سياسية عكست بجلاء المزاج السودانى المتفرد والمتميز عن بقية شعوب العالم – هذا الذى خصنا به الخالق المبدع دون غيرنا – وهو مؤشر ايجابى لتحقيق الوفاق الوطنى من خلال قانون التراضى والاعتراف المتبادل .
لكن هذه المظاهرة السياسية جاءت قبل أوانها ولان الاعداد للحوار الحر الديمقراطى يحتاج الى أجراءات محددة الاجندة وأليات محددة للتنفيذ مع تحديد الجهة المنفذة لتوصيلت الحوار – على أن يتم كل ذلك فى سرية تامة ثم تأتى هذه المظاهرة السياسية التى أن صدقت الى كسب الوقت وايجاد السند للتفاوض الصعب الذى ينتظر طرفى الصراع – تكون السلطة الحاكمة قد خلقت فجوة مريعة بينها وبين القوى السياسية المعارضة لها – اما أن صدقت حرصها على تحقيق الوفاق الوطنى عبر الحوار الوطنى الحر الديمقراطى وسعت جاهدة – فسوف يكون لها ما ارادت – فقط عليها أن تثبت حسن النوايا وتتخذ من الخطوات ما يؤكد حرصها على ذلك الوفاق فاول هذه الخطوات السماح لكل الاحزاب بممارسة نشاطاتها الحزبية والسياسية فى حرية تامة ومسئولة .. والله المستعان .
حسن عوض 
O
توطئة :
كانت صرخة (رونالد ريغان) الرئيس الاسبق عام 1981م في المؤتمر الصحفي الذي جرى في أكتوبر داخل البيت الابيض والتي قال فيها: (ان الولايات المتحدة لن تسمح بأن تخرج المملكة العربية السعودية من المعسكر الغربي.. ان على واشنطن منذ اليوم تحديد النظام الذي يجب ان يكون في هذا البلد وأية حكومة يجب أن تحكمه)، مفاجأة نوعاً ما للذين يسبّحون بحمد الولايات المتحدة، ولكن المراقبين السياسيين والمطلعين على حقيقة السياسة الامريكية يعرفون ان هذه الصرخة ما هي إلاّ تذكير بأن الولايات المتحدة لم تغير ولن تغير سياستها تجاه الشعوب، كما انهم يعرفون أن الولايات المتحدة عندما تتعرض (مصالحها) سواء المعلنة أو المخفية لخطر ما فأنها تخلع لباس ما تسميه بالديمقراطية وتضعه على نصب الحرية لتخفيه عن الأعين. كما ان الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على الشعب الافغاني تحت غطاء محاربة الارهاب جعلت المسبّحين بحمدها في ارتباك شديد، فهي لم تقدم دليلا واحداً على قيام الاسلاميين بتفجرات 11 سبتمبر، ثم حتى لو افترضنا ان الاسلاميين هم من خطط لهذه التفجيرات، هل سألت أمريكا نفسها عن سرِّ انقلاب اصدقاء الامس لدحر السوفيت من افغانستان إلى عدو اليوم، فالولايات المتحدة قد أضافت في عملها هذا، إلى سجل تخليها عن المتعاونين معها عندما تقتضي مصالحها ذلك، رقماً جديداً يؤرق هؤلاء المسبّحين من العملاء في المنطقة.
ثم هل أن الولايات المتحدة في حملتها على افغانستان هذه تريد فعلاً رأس الإسلاميين؟ فالواقع يظهر لنا أن الطائرات الامريكية تقوم بذبح الاطفال والنساء والابرياء من الرجال، في الوقت الذي لم تكن هناك مقاومة تذكر قد قامت بها جماعة (طالبان) ضد قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة. لا نريد هنا أن نناقش الحملة الامريكية على افغانستان، ولكن نريد أن نشير إلى أن هذه العملية هي امتداد للسياسة الاجرامية الامريكية والتي سنحاول لاحقاً أن نقدم لها كشفاً تاريخياً. وسنلاحظ من خلال هذا الكشف انه لم يسلم شعب من شعوب الارض من هذه السياسة.
 

 

آراء