الاتفاق مع القتلة ليس فقط معيب بل هو عيب

 


 

 

 

 

لن أخوض في تفاصيل ما قرأت عن الاتفاق المزمع توقيعه مع المجلس العسكري، فذلك عيب لن أقع فيه.

عيب أن نبيع دماء الشهداء بهذا الثمن البخس باشراك القتلة في حكم السودان
عيب أن نضع حاضر ومستقبل السودان بين ايادي الجهلة والملتاثين عقليا
عيب أن تضع قوى الحرية والتغيير يدها في اياد ملطخة بدماء الشهداء الذين بذلوا ارواحهم من أجل وطن خالي من الديكتاتورية وتسلط العسكر
لو انتظر قادة الحرية والتغيير حتى موكب الثلاثين من يونيو لأدركوا حجم الورطة التي كان يواجهها المجلس العسكري، ولما امتدت اياديهم لمصافحة سفاحين سفهاء لا يجيدون شيئا سوى القتل.
كان من الأفضل ممارسة الفعل الثوري حتى تصل الثورة لغايتها المنشودة بكنس آخر مرتزق يرتدي الكاكي من ساحة العمل المدني. اعمار الشعوب لا تقاس بالأيام والشهور والسنين، اعمار الشعوب سرمدية، والثورات لا تُنجز بين ليلة وضحاها، إذن لِمَ الاستعجال والسعي لتوقيع مثل هذا الاتفاق البئيس؟.
انطلت علينا اكذوبة انحياز العسكر للشعب، وهو أمر لم يحدث قط، لا في أكتوبر ولا في ابريل. ففي تلكما المرتين، وكنا شهود عليهما، لم يتحرك الجيش بمحض ارادته بل اجبره الشعب على التخلي عن سلطة كان يعض عليها بالنواجذ.
عبود تنازل عندما رأى حجم الحشود التي كانت تهتف ضده في ساحة القصر لم يصدق ما رأى فأيقن أن تلك الحشود لن يقهرها مدفع او بندقية فقرر أن يتنازل عن السلطة بعد أن أدرك أنه فاقدها.
سوار الدهب تدخّل بعد لأي وبعد أن صام ثلاث ليالي حتى لا يحنث بقسم ولاءٍ اداه أمام سلطان جائر غادر البلاد وهو ميقن أنه لا رجعة له.
عيب على الأحزاب المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير أن تكون بهذه الضحالة السياسية وقد اعتمد عليها الشباب مُحسنا الظن في كفاءتها وقدرتها على انتزاع حق الشعب السوداني عنوة، لا بالتفاوض.
بهذا الاتفاق أنتم لا تعيدون انتاج الازمة فقط، بل تعيدون تدوير الإنقاذ بكل شخوصها وجلاديها وادواتها وسفهاءها وأساليب قمعها. ذلك أمر أصبح واضحا وضوح الشمس في البجراوية ولا يحتاج لرفع فانوس او ضواية.
بدلا عن ترحيل الازمة التي ستظل قائمة على مدى ثلاث سنوات وثلاثة أشهر يتبختر في اثناءها على رقاب الشعب السوداني البرهان مدعي الربوبية وحميتي الفاقد التربوي وصلاح عبد الخالق وكباشي وياسر العطا وبقية متاعيس الإنقاذ، كان أشرف لكم وأكرم رفض دعوة الوسطاء الذين لا يعرفون شيئا عن خسة ونزالة أعضاء المجلس العسكري.
كان أكرم لكم قطع الطريق على المجلس العسكري والذهاب مباشرة للانتخابات التي هددوكم بها وصدقتم تهديدهم رغم أن السمكة لا تُهدد بالغرق.
لماذا الخوف من انتخابات تشريعية في ظل هذا الزخم الثوري الذي يمتلئ به الشارع؟
ثقوا في الشعب السوداني الذي خرج في الثلاثين من يونيو، فلن تفلح كل أموال الدنيا في التأثير على إرادته او تغيير رأيه في سدنة الإنقاذ. غير أن تطاول الأمر وامتداده لثلاث سنوات قد يُنسي كثيرين مآسي فض الاعتصام.
ارتقوا لمستوى التحدي وابدأوا الاستعداد بصورة جادة للانتخابات، فذلك استحقاق سيحين وقته عاجلا ام آجلا.
ضعوا معايير تلك الانتخابات مستعينين بالمجتمع الدولي في الرقابة والاشراف وحددوا كيفية إدارتها والعمل على انجاز انتخابات حرة ونزيه وذلك بمنع مشاركة الذين ستتم إدانتهم بواسطة القضاء وهم كثر.
بالضغط الشعبي اعملوا على أن يكون القضاء حرا مستقلا ومؤهلا للإشراف على الانتخابات مع اخذ الضمانات الكافية لعدم استغلال أموال ونفوذ المؤتمر الوطني في التأثير المباشر وغير المباشر على الانتخابات. كل هذا ممكن لو انصرفتم إلى تحقيقه بدل الجلوس إلى هؤلاء القتلة.
دعوا العسكر يتولون مسئولية الحكم وحدهم ومن معهم من الذين هم على استعداد لعهر عقولهم حتى أسفل نخاعهم الشوكي.
لا تمنحوهم الشرعية والحصانة التي يلهثون خلفها فلن يستطيعوا تقديم شيء لشعب السودان.
لن يستطيعوا إدارة الشأن السوداني المعقد ولن تأتيهم المليارات التي دُفعت لمصر والهند وباكستان لأن الذين دفعوا تلك الأموال لا يريدون خيرا لشعب السودان.
الثورات لا تنجزها الاتفاقات مع اعدائها خصوصا عندما تكون ايادي ذلك العدو ملطخة بدماء الثوار.
ثم من قال إن المجلس العسكري يمثل القوات المسلحة؟ بل أين هي تلك القوات التي تحولت عقيدتها إلى عقيدة جهاد ضد أبناء الوطن وأصبحت تتلقى الأوامر من حميتي؟
إذا كان اتفاقكم معهم لأنهم يحملون السلاح فهذه ليست الحقيقة...
أعضاء المجلس العسكري معلقون في الهواء ولا قواعد عسكرية تأتمر لهم، السلاح يحمله أولئك الذين يقفون بحكم موقعهم الطبقي، إلى جانب الشعب من الرتب الدنيا من الجنود وصف الضباط. وهم سند ورصيد للثوار.
ليس هناك ما يجبركم على توقيع هذا الاتفاق المخيف الذي سيمسك بتلابيب الشعب السوداني على مدى ثلاث سنوات قادمة.
ارجعوا لقواعدكم في الشارع واطلبوا منها المشورة فهي الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يريده الشعب السوداني وليس الاتحاد الافريقي او الايقاد.
وتسقط تاني
محمد موسى جبارة

 

آراء