صرح الدكتور ابراهيم غندور وزير الخارجية ان تحقيقا يتم مع الديبلوماسي الناشئ المتهم بالتحرش الجنسي بفتاة أمريكية في حانة بنيويورك ووعد السيد الوزيربافشاء وإعلان نتايج التحقيق لعلم الرأي العام . ويحمد للوزير تبني النهج الاصولي من حيث الإجراءات الإدارية واللائحية وفقا لقانون السلك الديبلوماسي.
الا ان الشك والارتياب في صدقية وشفافية لجان التحقيق عامة ما زال عالقا في الاذهان بصورة مستدامة ولسنوات طويلة بعيدة وخاصة عن اعلان النتايج والتوصيات لكل او اي من اللجان للجمهور سيما لجان التحقيق في اتهامات وشبهات الفساد المالي والاخلاقي .
ومن باب ان الشيء بالشيء يذكر وان لكل مقام مقال نقول لم يتم التحقيق والتحري بل لم توجه اتهامات لعشرات السفراء والديبلوماسيين الذين فصلوا من وزارة الخارجية مطلع التسعينات باعمال القانون المسمي قانون الصالح العام والذي تم إلغاوءه لاحقا قبل سنوات ولكن بعد ان سبق السيف العزل وغيب العدل ونذكر ببعض هؤلاء علي سبيل المثال دون الحصر كبار السفراء الأذكياء فاروق عبد الرحمن ، احمد يوسف التني رحمه الله ( توفاه الله حسيرا مظلوما محتسبا )، ميرغني سليمان خليل، ابراهيم طه أيوب ، مصطفي مدني رحمه الله ، عمر الشيخ الفاتح عبدالله يوسف.. واخرين كثر غفلت عنهم الذاكرة فعفوا .......فصلوا عسفا وغدرا ودون تحقيق او إفصاح عن أسباب او اتهامات تطال سيرتهم المهنيية او مسلكهم وسلوكهم الاجتماعي (حاشاهم) وإنما فصلوا وأحيلوا للتقاعد وفقا لذلك القانون سيّء السمعة ! كانت قرارات معيبة وخاطئة لم تسبقها لجان تحقيق او محاسبة ، فلماذا إذن لا تعتذر الدولة وترد للمفصولين كرامتهم المهدرة وحقوقهم المنتهكة المستلبة ؟ وَيَا للمفارقة ان وزارة الخارجية تكون اليوم لجنة تحقيق في اتهامات مشينة عن سلوك ديبلوماسي ناشئ حديث العهد بالديبلوماسية بلا مؤهلات او خبرة نوعية تزكيه للانخراط في السلك الديبلوماسي... وهي اتهامات وشبهات اضرت بسمعة الديبلوماسية السودانية في الأوساط الإقليمية والدولية حتي قبل اعلان نتايج التحقيق . ليس هذا الذي نقول بكاء علي اللبن المسكوب وإنما الذي يجدي ويلزم ان ترد الدولة الحقوق لاهلها ولمستحقيها. الدولة شخصية اعتبارية وكائن معنوي يلزمها الاعتذار للمواطن ان حقا هي دولة مواطنة متي ما اخطات وتعويضه تعويضا معنويا وماديا عن الظلم الذي لحق به . وندعو ونقترح ونحن نتحدث عن وزارة الخارجية الاعتذار لكل السفراء والديبلوماسيين المفصولين ومنهم من اختار لأسباب نقدرها عدم الاستئناف عندما اتيحت لهم الفرصة ، وتعويضهم عن كل سنوات فصلهم التي تزيد عن خمسة وعشرين عاما ومنح كل منهم استحقاقه المعاشي أسوة بزملائه الذين تقاعدوا نظاما عند بلغهم سن التقاعد.
ان من الاعراف السياسية والديبلوماسية قديما وحديثا اعتذار الدولة بصورة مباشرة ومعلنة أوغير مباشرة ومستترة عن الخطا في حق دولة اخري او الأضرار بمصالحها وتعويضها عن ما لحق بها سياسيا او ماديا. فما بال دولتنا التي ينص دستورها انها دولة مواطنة لا تعتذر لمواطنيها علي اهدار كرامتهم وتضييع حقوقهم . ان كرامة الدولة وهيبتها من كرامة المواطن وهيبته وليس العكس .