الادعاء الدولي على الرئيس – بين القانون والسياسة
الشعراني عبد الوهاب
17 January, 2009
17 January, 2009
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعراني عبد الوهاب
كبير مستشارين قانونين بالسعودية
Alshahraniam@alrajhibank.com.sa
كغيري من المواطنين السودانيين المهتمين بشان الوطن و كقانوني - تعين علي و حالي كذلك ومن اجل وطني و بحكم مهنتي ، رأيت المساهمة بهذا المقال عساه أن يكون مفيدا وطنيا ومهنيا وعلى بركة الله أقول :-
1- تابعت باهتمام بالغ ماهية وآثار وتداعيات طلب المدعي الدولي العام - أوكامبو ، لدى الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية ، القاضي بتوجبه تهم ، تتمثل بحسب اعتقاد المدعي الدولي العام في الإبادة الجماعية و جرائم ضد الإنسانية و جرائم حرب ارتكبت في إقليم دارفور من قبل قوات حكومية أو قوات تابعة للحكومة أو مناصرة لها ، يعتقد سيادته بحسب ما لديه من أدلة ، أن الرئيس البشير يتحمل مسؤولية ارتكاب تلك الجرائم بصفته حاكم السودان المطلق وتأسيسا على ذلك يطلب مثوله أمام الدائرة التمهيدية كدائرة تحقيق قضائي أو توقيفه إذا دعا الأمر للتحقيق معه بشان التهم المسندة إليه بموجب مذكرة الادعاء المقدمة منه للدائرة مع مرفقاتها من الأدلة - هذا هو جوهر الطلب ومعناه و ليس لفظه ومبناه .
2- على ضوء الطلب المقدم وما يسنده من أسباب و يرافقه من وأدلة ، ستقوم الدائرة التمهيدية أو إن شئت دائرة التحقيق القضائي ، بدراسة تلك المستندات و فقا لنصوص وأحكام القانون الموضوعي والإجرائي الذي تعمل بموجبه " و هو قانونها والقانون الدولي و ما استقر من قواعد قانونية في الأنظمة القانونية الوطنية و السوابق القضائية " و ذلك تمهيدا للفصل في الطلب وقد يكون قرار تلك الدائرة برفض الدعوى أو طلب المزيد من الأدلة أو الاستجابة للطلب . طبعا لو رفضت الدائرة المذكورة الطلب ، يكون الموضوع قد انتهى بالنسبة للرئيس البشير وقد يقوم المدعي الدولي العام باستئناف ذات القرار لدى دائرة المحاكمة و الدائرة الاستئنافية إذا اقتضى الأمر ، كما انه قد يقنع ويقتنع بقرار الدائرة التمهيدية و يكون كذلك الموضوع قد انتهى قضائيا ، أما في حال الاستجابة للطلب ، فهنا تثور مسألة وتستجد مرحلة ، ألا وهي مسألة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية أو عدم التعامل مطلقا معها .
3- هنالك من يقول وبالصوت العالي ، لا للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية في هذا الموضوع أو أي موضوع مماثل كما سبق لنا فيما يتعلق بطلب توقيف كل من الوزير احمد هاوون و القائد العسكري الشعبي علي كشيب و لهؤلاء حجة يحتجون بها ، فحواها ، إذا تعاملنا ، اعترفنا وبالتالي خضعنا طوعا لولايتها و سلطانها ، ولكن هذا الموقف إذا اخضع للتحليل والتحقيق القانوني والسياسي ، سينهار بالكلية و ذلك تأسيسا على الآتي :-
الحالة في دارفور " وهي تعني كل ما يتعلق بالنزاع في دارفور " بعد أجراء ما يلزم من تحقيق ، محالة للمحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن، بموجب صلاحيات و سلطات مجلس الأمن الدولي في أطار مهامه ومسؤولياته في حفظ السلام والأمن الدوليين أو كما يدعي ، وهو يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز له التدخل حتى عسكريا دعك من اتخاذ أي إجراءات أو ترتيبات تصون في نظره السلم و الأمن الدوليين .
وحيث أن التهم الموجهة ضد الرئيس البشير من قبل المدعي الدولي العام تتعلق بالحالة في دارفور " الحالة المحالة " فتكون تلك الإجراءات واقعة في إطار الإحالة المذكورة .
و حيث أننا كدولة ، احد أشخاص القانون الدولي وأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وبالتالي خاضعين لسلطة مجلس الأمن الدولي و هو من أهم مؤسسات تلك المنظمة و حيث أن المحكمة الجنائية الدولية نفسها ينص نظامها الأساسي على ولايتها في محاكمة الأشخاص الطبيعيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم التعدي إذا ما تمت إحالة التحقيق والمحاكمة بشان الجرائم التي يعتقد بأنهم قد ارتكبوها فيما يتعلق بالحالة في إقليم دارفور ، فبتالي تكون إحالة الحالة في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية ، صحيحة و يكون انعقاد الاختصاص لها لمحاكمة الأشخاص العاديين صحيحا كذلك ، أما رئيس الدولة الجالس State President in Office ، فيبطل في مواجهته قرار مجلس الأمن بالإحالة كما تنعدم ولاية المحكمة لمحاكمته بسبب ما يتمتع به من حصانة .
و الحجة بعدم صحة الإحالة في حدود ما يتعلق باتهام الرئيس أو التحقيق معه أو محاكمته ، أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يتعين أن يراعيه و يرعاه ويحترمه مجلس الأمن ، ينص على الحصانة الكاملة لرؤساء الدول و لما يقومون به من تصرفات في سبيل تصريف مهامهم الدستورية والقانونية وفقا للنظام السياسي الذي ارتضته شعوبهم و بالتالي مؤسسات دولهم ، لان الرئيس ممثل الدولة الأول إذا اتهم أو حقق معه أو حوكم ، تكون الدولة كلها قد اتهمت وتحقق معها وحوكمت مما يعرضها لأخطار الانهيار الفوري العام و الفوضى الشاملة وهو ما يعرض جميع أهداف المنظمة الدولية و مجلس الأمن على وجه الخصوص للخطر وقد يتسبب في انهيارات إقليمية أو عالمية وهذه هي الفلسفة المؤسسة لمبدأ حصانة رؤساء الدول من الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة دوليا وهم متمتعون بهذه الحصانة خلال شغلهم لمناصبهم كرؤساء دول .
و الطلب لمجلس الأمن بإعلان بطلان قرار الإحالة فيما يتعلق بالتهم الموجهة للرئيس البشير بناء على الحجة المذكورة " الحصانة" أعلاه أمر لا بد منه حيث سيضع المجلس أمام مخالفة لميثاق المنظمة الأممية من ناحية و أمام إقدامه على هزيمة أهدافه ومراميه الأساسية من الناحية الأخرى و إذا استجاب ، ينهار سلطان المحكمة الجنائية الدولية من أساسه وتتقوض ولايتها المكتسبة بموجب تلك الإحالة ، أما إذا رفض مجلس الأمن الطلب لا قدر الله ، فلابد والحال كذلك من .
الطلب بهيئة دفع مبدئي ، بان المحكمة غير مختصة و ليس لها ولاية باتهام الرئيس أو التحقيق معه أو محاكمته لأنه يتمتع بحصانة كاملة ضد هذه الإجراءات خاصة و أن دولته لم تصادق على نظام محكمة الجنايات الدولية وبالتالي فهي ليست طرفا فيها ، ليتسنى القول بأنها قد تنازلت عن تلك الحصانة بموجب مصادقتها تلك ، علما بان الدول التي رفضت المصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية ، رفضته لهذا السبب ، أي سبب تجريد رؤسائها من حق الحصانة .
و في حال صدور قرار بالاستجابة للطلب المقدم من المدعي الدولي العام ، لا بد من تعيين فريق محاميين دوليين مقتدر و ملتزم بأخلاقيات مهنة المحاماة يعمل بالتعاون مع فريق محاماة وطني لاستئناف القرار وفق الموجبات القانونية السليمة دون أي تنفيذ لأي قرار بناء على قاعدة ضرورة نهائية القرار وحيازتها لكامل الحجية .
كما أن التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية لا يعني بذاته القبول بها أو الانصياع لسلطانها أو التسليم بولايتها ، بل يعني و يهدف لاحترام الإرادة الدولية الممثلة في مجلس الأمن و مراعاة للرأي العام الدولي وحفاظا على مصالح بلادنا العليا الآنية منها و المستقبلية .
أما في حال رفض التعامل مطلقا مع المحكمة الجنائية الدولية ، فسيفتح الباب على مصراعيه لمجلس الأمن و للمحكمة نفسها لاتخاذ المزيد والجديد من القرارات التي قد تعرض مصالح البلاد العليا للخطر الذي اقله فيما أرى ، انهيار الدولة بفعل الاستقطاب الحاد و بفعل العقوبات و الملاحقات الدولية و تشجيع الحركات وبعض القوى السياسية المنفلتة وطنيا و هذا ما لا نتمناه لوطننا .
4- حسنا فعل سعادة الرئيس بتكوين لجنة عليا للتعامل مع الموضوع سياسيا و قانونيا و هو قرار حيكم ومسئول فقط يحتاج للمزيد من التنظيم و الترتيب ووضع خطة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وفقا تعامل قانوني مسئول و مع مجلس الأمن قانونيا وسياسيا و التعامل مع الأمر بخطة و خطى واضحة وواثقة بكل التنسيق والتناسق ما بين مكونات هذه اللجنة دون مكايدات أو مماحكات تذهب بالأمر إلى معكوسات المبتغى والمراد منه .
5- المظاهرات التي تمت و التنديدات التي ظهرت خطوات جيدة و هي خطوات مجسدة ومعبرة عن فكرة أن للرئيس مؤيدين كثر يقفون خلفه و مستعدون للدفاع عنه بأرواحهم إذا دعا الداعي ولكن نأمل أن تجرد وتطهر مثل هذه الخطوات من التصرفات والهتافات غير المسئولة التي تعود على الموضوع بالضرر البالغ وعلى الوطن بالإحن و المحن ، فلا بد من ضبط التعبير العام وتوجيهه ليتناسق و يتسق و يتكامل مع الجهد الرسمي بشقيه السياسي والقانوني .
6-يتعين حل مشكلة دارفور فورا و ذلك من خلال عمل شجاع وقاصد يقوم على تجريد المشكلة من الأشخاص و ما يتصل بهم من مواقف وطلبات و وضع خطة إقليمية لتطوير الإقليم من حيث التنمية و الخدمات مع ضمان تنفيذ ذلك وفق مسح شامل للاحتياجات في ظل الجدوى الاقتصادية و الاجتماعية وخطة واضحة وجدول زمني للتنفيذ مع تعويض المتضررين بما يجبر الضرر، على أن تكون مواقع الحكم الولائي بجميع أقاليم الولاية بالانتخاب و كذلك وحدة الإقليم من تعدده ، فمن يفوضه الشعب فليكن مع ضرورة كفالة وضمان مواقع الربط القومي من حيث الأداء الرقابة و الأمن خدمة و تأمينا لمتطلبات الوحدة الوطنية والأمن القومي أما موضوع نظام الحكم على مستوى البلاد ، فهذا ليس مطلب يقدم من الحركات المسلحة و إنما يمكن أن تتبناه الأحزاب السياسية وهي اداوات الحكم و أوعية خياراته و هو أمر يتشكل و يترتب من خلال مخرجات التدافع السياسي العام على مستوى البلاد .
7- كما يتعين تقوية الجبهة الداخلية و الوحدة الوطنية ، التي عانت كثيرا من التصدع و الخلاف والاحتراب ، حتى تدعم أي تحرك تجاه وحدة واستقرار البلاد من جميع أشكال المخاطر والاستهدافات المحيطة بها من كل جانب و هذا لا يتأتي الا بإتباع خطة أو برنامج يقوم على الآتي :-
علمانية الدولة ورعاية الأديان المختلقة للتنافس بما لدى كل منها من قيم وسلوك حتى يتدين المجتمع بدين واحد وتسوده قيم مشتركة وقتها سيكون الدين هو المصدر العام والاهم للتشريع ولن يتضرر الدين ولا المجتمع في هذه الحالة ، قال تعالى " لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " صدق الله العظيم " وللإمام الصادق المهدي كتاب قيم في هذا الشأن أصدره إبان مقاومته المعروفة لقوانين سبتمبر التي شوهت الدين وفككت الوطن ، يمكن بل ويتعبن الاستعانة به في هذا الموضوع من حيث الفهم والرسم ومعلوم ومفهوم لكل ذي بصر و بصيرة بان دخول مشروع الدولة الدينية في السودان اضر كثيرا بوحدة السودانيين كمواطنين والسودان كوطن ، خاصة وقد ثبت من خلال الممارسة العملية بان الدين يرفع كشعار ولا يتبع كمسار أو معيار ويا ليته كان كذلك ، ففيه كل الخير لكل الناس كما هو معلوم منه بالضرورة .
الاعتذار للشعب عن الأخطاء التي ارتكبت في حقه ، كأفراد أو جماعات أو في عمومه وجبر ما ترتب على ذلك من ضرر و فق آلية عادلة وفاعلة وفورية .
وضع خطة شاملة وعادلة وفورية لتوظيف العاطلين عن العمل من الخريجين والحرفيين فقد حرم هؤلاء من حقهم الدستوري في التوظيف العام بسبب عدم الانتماء أو الولاء ولمدة طويلة من الزمن تقارب سني الإنقاذ في السلطة .
وضع إستراتيجية أمنية وطنية وفق عقيدة وطنية أخلاقية بقيادة كادر وطني أمين وخلوق ، تقوم على قانون يوضع بالنص الصريح ماهية المهددات و المحفزات الأمنية الداخلية و الخارجية التي تهدد أو تعزز النظام السياسي في البلاد من حيث عناصر التخابر و العمالة الضارة بمصالح البلاد العليا و استخدام العنف لتحقيق أي مكاسب أو أهداف سياسية و الوحدة الوطنية والعدالة سلطة وثروة و كفالة الحريات العامة فهي كالماء لا يعيش الإنسان بدونها ، على أن يحصر دور جهاز الأمن في المتابعة والكشف و التوثيق و تمثيل الادعاء نيابة عن الدولة على أن تعاد هيكلته بما يكفل القيام بهذه المهام بكفاءة ومسؤولية و اقتدار و على أن يتم التحقيق و المحاكمة بعد فتح البلاغات ، من قبل و بواسطة الأجهزة العدلية الطبيعية القائمة وفقا للقانون الجنائي و قانون الإجراءات الجنائية المطبقين في البلاد مع منعه قانونا من القيام بأي تعذيب أو إغراء لان هذه مؤثرات سالبة على سلامة وحرية الإرادة سرعان ما تنهار البينة التي تم الحصول عليها عن طريقها خلال التحقيق القانوني السليم والمحاكمة العادلة .
وضع خطط وبرامج شاملة وعادلة للتنمية والخدمات لكل أقاليم السودان وفقا للاحتياجات و المقومات و الإمكانيات مع جداول زمنية للتنفيذ وخطة فعالة لحشد الموارد " بالعدالة ستتوفر موارد كبيرة كانت تهدر في الصرف على الأمن بسبب عدم الظلم والمظالم ومقاومتها " .
محاربة الفساد والمفسدين مهما كانوا ، لان في فسادهم وإفسادهم هلاك و إهدار للمال العام و وضع آلية قانونية فعالة لاسترداد المال المتحصل عليه عبر الفساد والإفساد ، فهي موارد شعب يحتاجها في تمويل مشروعات التنمية و مرافق الخدمات .
العمل بكادر وطني خلوق يحسن العمل والتعامل ويعطي المثال في القيادة والريادة وهم كثر سواء على مستوى البلاد أو على مستوى الحزب الحاكم نفسه .
اتخاذ الحوار مهما طال و السلم و الحلم مهما استطال ، منهجا ومسلكا لحل جميع ما يعترض من قضايا ومشكلات في إدارة الشأن العام مع تحديد آلية قانونية لتشخيص حالات استعمال العنف ومداه ووسائله في مواجهة المهددات الأمنية العامة التي تقرر ضرورة مواجهتا بالعنف المقابل و نبذ العنف كوسيلة لحل أي مشكلة داخلية أو خارجية الا عن طريق هذه الآلية .
انتهاج سياسة خارجية معززة و داعمة لمصالح البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعيدة عن المحاور والتكتلات العقائدية ذات الاتجاه الواحد و المناهج المتطرفة و من المعلوم أن سلامة الأداء الداخلي هو مصدر و ضمان علاقات خارجية سليمة ومفيدة .
تنفيذ الاتفاقيات وصون ما يتم من وعود وعهود مع أي جهة كانت داخلية أو خارجية ووضع قانون و آلية لحماية تلك الاتفاقيات من اعتداء المعتدين و تطرف المتطرفين و عبث العابثين بأمن البلاد والعباد إشباعا لشهواتهم و نزواتهم الخاصة على حساب شان عام ووطن كامل ومواطنيه أجمعين .
القضاء ثم القضاء ، قووه ماديا وأهلوه بشريا ومتعوه بالاستقلال التام عن السياسة والسياسيين ، فهو ضمانة الحق والعدل في الأرض بعد الله سبحانه وتعالي و حولوا سلطات التحري والتحقيق و فتح البلاغات و القبض و الحبس و الاتهام للقضاء و احصروا دور وزارة العدل و النائب العام فقط في مجالات الادعاء العمومي والمحاماة العامة و الاستشارات العامة مع إشراكه في مجهودان الإصلاح العدلي و القانوني العامة ، حيث المهام القضائية أو شبه القضائية لا يمكن بحال أن توكل لإحدى الوزارات التابعة للسلطة التنفيذية خصما على السلطة القضائية المهيئة أصلا وفصلا للقيام بذلك .
12- هنالك توسع و تسرع غير محسوبين في تخصيص أو تخسيس الاصول العامة و هذا أمر يحتاج لمراجعة شاملة و أمينة وفورية من خلال آلية قادرة وفاعلة للمحافظة على الاصول و الاستثمارات الإستراتيجية العامة وبناء اصول جديدة و إنشاء صندوق للاستثمارات العامة بهدف تعزيز قيم الاصول العامة و التحوط من تعرضها لا ي خسائر منظورة ، مع الاحتفاظ بمرافق الإنتاج والخدمات الإستراتجية كأحد ضمانات الأمن القومي الاقتصادية و الاجتماعية ، فلا عمل بدون موارد ولا موارد بدون عمل لخلقها و صيانتها و حسن إدارتها بنجاح واستدامة .
8- نعتقد بكل تواضع واحترام ، أن تبني الأفكار و المقترحات السياسية والقانونية التي أوردنا في متن مقالنا هذا و بتحقيق الإصلاحات الداعمة والمعززة لوحدة وتماسك الجبهة الداخلية أعلاه ، ستؤكد قومية الحكومية وتعزز رمزية رئيسها وسط جميع المواطنين السودانيين دون تمييز أو استثناء بسبب دين أو لون أو عرق أو منطقة أو تهميش في سلطة أو ثروة ة وهي العوامل التي تفرقنا و تمزقنا الآن و ستسحب البساط من تحت أقدام من أراد بنا سواء كوطن أو مواطنين مهما كان ومهما كان له من النفوذ والمكانة و ستساعد تلك الأفكار والإصلاحات إذا ما تم تبنيها في دفع أو إقناع مجلس الأمن ، على أسوأ الفروض ، إن لم يستجب لطلب بطلان الإحالة فيما يتعلق بالرئيس عمر البشير بسبب ما يتمتع به من حصانة دولية على النحو الذي فصلنا في متن مقالنا هذا ، لكي يطلب من محكمة الجنايات الدولية وقف الإجراءات لمدة عام قابل للتجديد لمدد مماثلة دون سقف كما ينص على ذلك صراحة نظام المحكمة بالرغم من محدودية اثر ذلك إذ سيطل سيف الاتهام مسلطا على رقبة السيد الرئيس و لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ولكل ضيق فرج ولكل كرب مخرج والله تعالي راعينا وراعيهم.
9- هنالك الكثير الذي يمكن قوله من الناحية القانونية فيما يتعلق بأسباب دعوى المدعي الدولي العام ، فعند إخضاع أسباب الادعاء علي السيد الرئيس جنائيا ، للتحليل الموضوعي والقانوني بغرض تحيد خطوط دفاع قانونية أو موضوعية و بالرغم من عدم اطلاعنا على ما قدم سيادته من أدلة لنتمكن من تكييفها وتقييمها وفقا لما هو راجح ومعمول به عالميا من قواعد الإثبات وفقهه وبالرغم من أن هذه ليست المرحلة التي تقوم الحاجة فيها لذلك ،و نسأل الله ألا تقوم أبدا .
10- فيمكن القول والحال كذلك ، بان ما ادعاه سيادة المدعي الدولي العام على سيادة الرئيس من جرائم ، هي من طبيعتها القانونية ، جرائم فرعية أو تابعة Ancillary " التحريض ، الأمر ، المساعدة ، غض الطرف ، الإقرار أو التشجيع " و هي أفعال لا يجرم فاعلها ما لم يجرم فاعلها الأصلي ، و هنا تثور الأسئلة : ما هي تلك الأفعال ، من ارتكبها ، متى و ما الدليل على ذلك وهل تمت بأمر الرئيس أو بعلمه أو بإقراره لها أو بتشجيعه أو مساعدته و متى وكيق وما الدليل ...الخ ، و هي بحسب علمي المتواضع رحلة طويلة من الاستجوابات الرئيسة و المضادة والمعادة بهدف الوصول إلى الحقيقة التي هي أساس الحكم العادل .
11- في ختام مقالي هذا ، و الذي هدفت منه إلى المساهمة في محنة وطنية بما استطيع ، وهو أضعف الأيمان ، يجدر بي أن أقول ، بان طبيعة الموضوع بذاتها حرجة و محرجة ، حيث هنالك طلب لمحاكمة شخص يدعي مدعي ما بأنه ارتكب جرائم معينة ومطلوب مثوله لمواجهة هذه المحاكمة ، و لكن لما كان هذا الطلب لمحاكمة رئيس دولة ذات سيادة و متمتع بحصانة داخلية و دولية ضد هذه الإجراءات بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولم يتنازل عن حصانته تلك ،و في ضوء معطيات داخلية معلومة كالأوضاع في دارفور وطبيعة النظام الحاكم في السودان و ظروف السودان بصفة عامة ، فلا بد والحال كذلك من مناهضة هذا الأمر بكل قوة وحكمة حفاظا على سلامة البلاد ووحدتها واستقرارها .
12- و لا أرى أن على الحكومة أن تمتثل للقرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية القاضي بالقبض على أشخاص بصفتهم الفردية ، ملاحقون من قبل المحكمة الجنائية الدولية حيث إنها ليست طرفا في اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية و لم تتلق حتى الآن طلبا أو تكليفا من مجلس الأمن بذلك و إن طلب منها المساعدة في ذلك فعليها بذل الجهد وليس إدراك النتيجة ، فيجب أن يكون للمحكمة الدولية آلياتها في ذلك .
اللهم وحد قلوبنا و جهودنا للمحافظة على وحدة و سلامة واستقرار بلادنا العزيزة ، إنك ولي ذلك و القادر عليه .
الشعراني عبد الوهاب
كبير مستشارين قانونين بالسعودية
الشعراني عبد الوهاب
كبير مستشارين قانونين بالسعودية
Alshahraniam@alrajhibank.com.sa
كغيري من المواطنين السودانيين المهتمين بشان الوطن و كقانوني - تعين علي و حالي كذلك ومن اجل وطني و بحكم مهنتي ، رأيت المساهمة بهذا المقال عساه أن يكون مفيدا وطنيا ومهنيا وعلى بركة الله أقول :-
1- تابعت باهتمام بالغ ماهية وآثار وتداعيات طلب المدعي الدولي العام - أوكامبو ، لدى الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية ، القاضي بتوجبه تهم ، تتمثل بحسب اعتقاد المدعي الدولي العام في الإبادة الجماعية و جرائم ضد الإنسانية و جرائم حرب ارتكبت في إقليم دارفور من قبل قوات حكومية أو قوات تابعة للحكومة أو مناصرة لها ، يعتقد سيادته بحسب ما لديه من أدلة ، أن الرئيس البشير يتحمل مسؤولية ارتكاب تلك الجرائم بصفته حاكم السودان المطلق وتأسيسا على ذلك يطلب مثوله أمام الدائرة التمهيدية كدائرة تحقيق قضائي أو توقيفه إذا دعا الأمر للتحقيق معه بشان التهم المسندة إليه بموجب مذكرة الادعاء المقدمة منه للدائرة مع مرفقاتها من الأدلة - هذا هو جوهر الطلب ومعناه و ليس لفظه ومبناه .
2- على ضوء الطلب المقدم وما يسنده من أسباب و يرافقه من وأدلة ، ستقوم الدائرة التمهيدية أو إن شئت دائرة التحقيق القضائي ، بدراسة تلك المستندات و فقا لنصوص وأحكام القانون الموضوعي والإجرائي الذي تعمل بموجبه " و هو قانونها والقانون الدولي و ما استقر من قواعد قانونية في الأنظمة القانونية الوطنية و السوابق القضائية " و ذلك تمهيدا للفصل في الطلب وقد يكون قرار تلك الدائرة برفض الدعوى أو طلب المزيد من الأدلة أو الاستجابة للطلب . طبعا لو رفضت الدائرة المذكورة الطلب ، يكون الموضوع قد انتهى بالنسبة للرئيس البشير وقد يقوم المدعي الدولي العام باستئناف ذات القرار لدى دائرة المحاكمة و الدائرة الاستئنافية إذا اقتضى الأمر ، كما انه قد يقنع ويقتنع بقرار الدائرة التمهيدية و يكون كذلك الموضوع قد انتهى قضائيا ، أما في حال الاستجابة للطلب ، فهنا تثور مسألة وتستجد مرحلة ، ألا وهي مسألة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية أو عدم التعامل مطلقا معها .
3- هنالك من يقول وبالصوت العالي ، لا للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية في هذا الموضوع أو أي موضوع مماثل كما سبق لنا فيما يتعلق بطلب توقيف كل من الوزير احمد هاوون و القائد العسكري الشعبي علي كشيب و لهؤلاء حجة يحتجون بها ، فحواها ، إذا تعاملنا ، اعترفنا وبالتالي خضعنا طوعا لولايتها و سلطانها ، ولكن هذا الموقف إذا اخضع للتحليل والتحقيق القانوني والسياسي ، سينهار بالكلية و ذلك تأسيسا على الآتي :-
الحالة في دارفور " وهي تعني كل ما يتعلق بالنزاع في دارفور " بعد أجراء ما يلزم من تحقيق ، محالة للمحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن، بموجب صلاحيات و سلطات مجلس الأمن الدولي في أطار مهامه ومسؤولياته في حفظ السلام والأمن الدوليين أو كما يدعي ، وهو يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز له التدخل حتى عسكريا دعك من اتخاذ أي إجراءات أو ترتيبات تصون في نظره السلم و الأمن الدوليين .
وحيث أن التهم الموجهة ضد الرئيس البشير من قبل المدعي الدولي العام تتعلق بالحالة في دارفور " الحالة المحالة " فتكون تلك الإجراءات واقعة في إطار الإحالة المذكورة .
و حيث أننا كدولة ، احد أشخاص القانون الدولي وأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وبالتالي خاضعين لسلطة مجلس الأمن الدولي و هو من أهم مؤسسات تلك المنظمة و حيث أن المحكمة الجنائية الدولية نفسها ينص نظامها الأساسي على ولايتها في محاكمة الأشخاص الطبيعيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم التعدي إذا ما تمت إحالة التحقيق والمحاكمة بشان الجرائم التي يعتقد بأنهم قد ارتكبوها فيما يتعلق بالحالة في إقليم دارفور ، فبتالي تكون إحالة الحالة في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية ، صحيحة و يكون انعقاد الاختصاص لها لمحاكمة الأشخاص العاديين صحيحا كذلك ، أما رئيس الدولة الجالس State President in Office ، فيبطل في مواجهته قرار مجلس الأمن بالإحالة كما تنعدم ولاية المحكمة لمحاكمته بسبب ما يتمتع به من حصانة .
و الحجة بعدم صحة الإحالة في حدود ما يتعلق باتهام الرئيس أو التحقيق معه أو محاكمته ، أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يتعين أن يراعيه و يرعاه ويحترمه مجلس الأمن ، ينص على الحصانة الكاملة لرؤساء الدول و لما يقومون به من تصرفات في سبيل تصريف مهامهم الدستورية والقانونية وفقا للنظام السياسي الذي ارتضته شعوبهم و بالتالي مؤسسات دولهم ، لان الرئيس ممثل الدولة الأول إذا اتهم أو حقق معه أو حوكم ، تكون الدولة كلها قد اتهمت وتحقق معها وحوكمت مما يعرضها لأخطار الانهيار الفوري العام و الفوضى الشاملة وهو ما يعرض جميع أهداف المنظمة الدولية و مجلس الأمن على وجه الخصوص للخطر وقد يتسبب في انهيارات إقليمية أو عالمية وهذه هي الفلسفة المؤسسة لمبدأ حصانة رؤساء الدول من الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة دوليا وهم متمتعون بهذه الحصانة خلال شغلهم لمناصبهم كرؤساء دول .
و الطلب لمجلس الأمن بإعلان بطلان قرار الإحالة فيما يتعلق بالتهم الموجهة للرئيس البشير بناء على الحجة المذكورة " الحصانة" أعلاه أمر لا بد منه حيث سيضع المجلس أمام مخالفة لميثاق المنظمة الأممية من ناحية و أمام إقدامه على هزيمة أهدافه ومراميه الأساسية من الناحية الأخرى و إذا استجاب ، ينهار سلطان المحكمة الجنائية الدولية من أساسه وتتقوض ولايتها المكتسبة بموجب تلك الإحالة ، أما إذا رفض مجلس الأمن الطلب لا قدر الله ، فلابد والحال كذلك من .
الطلب بهيئة دفع مبدئي ، بان المحكمة غير مختصة و ليس لها ولاية باتهام الرئيس أو التحقيق معه أو محاكمته لأنه يتمتع بحصانة كاملة ضد هذه الإجراءات خاصة و أن دولته لم تصادق على نظام محكمة الجنايات الدولية وبالتالي فهي ليست طرفا فيها ، ليتسنى القول بأنها قد تنازلت عن تلك الحصانة بموجب مصادقتها تلك ، علما بان الدول التي رفضت المصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية ، رفضته لهذا السبب ، أي سبب تجريد رؤسائها من حق الحصانة .
و في حال صدور قرار بالاستجابة للطلب المقدم من المدعي الدولي العام ، لا بد من تعيين فريق محاميين دوليين مقتدر و ملتزم بأخلاقيات مهنة المحاماة يعمل بالتعاون مع فريق محاماة وطني لاستئناف القرار وفق الموجبات القانونية السليمة دون أي تنفيذ لأي قرار بناء على قاعدة ضرورة نهائية القرار وحيازتها لكامل الحجية .
كما أن التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية لا يعني بذاته القبول بها أو الانصياع لسلطانها أو التسليم بولايتها ، بل يعني و يهدف لاحترام الإرادة الدولية الممثلة في مجلس الأمن و مراعاة للرأي العام الدولي وحفاظا على مصالح بلادنا العليا الآنية منها و المستقبلية .
أما في حال رفض التعامل مطلقا مع المحكمة الجنائية الدولية ، فسيفتح الباب على مصراعيه لمجلس الأمن و للمحكمة نفسها لاتخاذ المزيد والجديد من القرارات التي قد تعرض مصالح البلاد العليا للخطر الذي اقله فيما أرى ، انهيار الدولة بفعل الاستقطاب الحاد و بفعل العقوبات و الملاحقات الدولية و تشجيع الحركات وبعض القوى السياسية المنفلتة وطنيا و هذا ما لا نتمناه لوطننا .
4- حسنا فعل سعادة الرئيس بتكوين لجنة عليا للتعامل مع الموضوع سياسيا و قانونيا و هو قرار حيكم ومسئول فقط يحتاج للمزيد من التنظيم و الترتيب ووضع خطة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وفقا تعامل قانوني مسئول و مع مجلس الأمن قانونيا وسياسيا و التعامل مع الأمر بخطة و خطى واضحة وواثقة بكل التنسيق والتناسق ما بين مكونات هذه اللجنة دون مكايدات أو مماحكات تذهب بالأمر إلى معكوسات المبتغى والمراد منه .
5- المظاهرات التي تمت و التنديدات التي ظهرت خطوات جيدة و هي خطوات مجسدة ومعبرة عن فكرة أن للرئيس مؤيدين كثر يقفون خلفه و مستعدون للدفاع عنه بأرواحهم إذا دعا الداعي ولكن نأمل أن تجرد وتطهر مثل هذه الخطوات من التصرفات والهتافات غير المسئولة التي تعود على الموضوع بالضرر البالغ وعلى الوطن بالإحن و المحن ، فلا بد من ضبط التعبير العام وتوجيهه ليتناسق و يتسق و يتكامل مع الجهد الرسمي بشقيه السياسي والقانوني .
6-يتعين حل مشكلة دارفور فورا و ذلك من خلال عمل شجاع وقاصد يقوم على تجريد المشكلة من الأشخاص و ما يتصل بهم من مواقف وطلبات و وضع خطة إقليمية لتطوير الإقليم من حيث التنمية و الخدمات مع ضمان تنفيذ ذلك وفق مسح شامل للاحتياجات في ظل الجدوى الاقتصادية و الاجتماعية وخطة واضحة وجدول زمني للتنفيذ مع تعويض المتضررين بما يجبر الضرر، على أن تكون مواقع الحكم الولائي بجميع أقاليم الولاية بالانتخاب و كذلك وحدة الإقليم من تعدده ، فمن يفوضه الشعب فليكن مع ضرورة كفالة وضمان مواقع الربط القومي من حيث الأداء الرقابة و الأمن خدمة و تأمينا لمتطلبات الوحدة الوطنية والأمن القومي أما موضوع نظام الحكم على مستوى البلاد ، فهذا ليس مطلب يقدم من الحركات المسلحة و إنما يمكن أن تتبناه الأحزاب السياسية وهي اداوات الحكم و أوعية خياراته و هو أمر يتشكل و يترتب من خلال مخرجات التدافع السياسي العام على مستوى البلاد .
7- كما يتعين تقوية الجبهة الداخلية و الوحدة الوطنية ، التي عانت كثيرا من التصدع و الخلاف والاحتراب ، حتى تدعم أي تحرك تجاه وحدة واستقرار البلاد من جميع أشكال المخاطر والاستهدافات المحيطة بها من كل جانب و هذا لا يتأتي الا بإتباع خطة أو برنامج يقوم على الآتي :-
علمانية الدولة ورعاية الأديان المختلقة للتنافس بما لدى كل منها من قيم وسلوك حتى يتدين المجتمع بدين واحد وتسوده قيم مشتركة وقتها سيكون الدين هو المصدر العام والاهم للتشريع ولن يتضرر الدين ولا المجتمع في هذه الحالة ، قال تعالى " لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " صدق الله العظيم " وللإمام الصادق المهدي كتاب قيم في هذا الشأن أصدره إبان مقاومته المعروفة لقوانين سبتمبر التي شوهت الدين وفككت الوطن ، يمكن بل ويتعبن الاستعانة به في هذا الموضوع من حيث الفهم والرسم ومعلوم ومفهوم لكل ذي بصر و بصيرة بان دخول مشروع الدولة الدينية في السودان اضر كثيرا بوحدة السودانيين كمواطنين والسودان كوطن ، خاصة وقد ثبت من خلال الممارسة العملية بان الدين يرفع كشعار ولا يتبع كمسار أو معيار ويا ليته كان كذلك ، ففيه كل الخير لكل الناس كما هو معلوم منه بالضرورة .
الاعتذار للشعب عن الأخطاء التي ارتكبت في حقه ، كأفراد أو جماعات أو في عمومه وجبر ما ترتب على ذلك من ضرر و فق آلية عادلة وفاعلة وفورية .
وضع خطة شاملة وعادلة وفورية لتوظيف العاطلين عن العمل من الخريجين والحرفيين فقد حرم هؤلاء من حقهم الدستوري في التوظيف العام بسبب عدم الانتماء أو الولاء ولمدة طويلة من الزمن تقارب سني الإنقاذ في السلطة .
وضع إستراتيجية أمنية وطنية وفق عقيدة وطنية أخلاقية بقيادة كادر وطني أمين وخلوق ، تقوم على قانون يوضع بالنص الصريح ماهية المهددات و المحفزات الأمنية الداخلية و الخارجية التي تهدد أو تعزز النظام السياسي في البلاد من حيث عناصر التخابر و العمالة الضارة بمصالح البلاد العليا و استخدام العنف لتحقيق أي مكاسب أو أهداف سياسية و الوحدة الوطنية والعدالة سلطة وثروة و كفالة الحريات العامة فهي كالماء لا يعيش الإنسان بدونها ، على أن يحصر دور جهاز الأمن في المتابعة والكشف و التوثيق و تمثيل الادعاء نيابة عن الدولة على أن تعاد هيكلته بما يكفل القيام بهذه المهام بكفاءة ومسؤولية و اقتدار و على أن يتم التحقيق و المحاكمة بعد فتح البلاغات ، من قبل و بواسطة الأجهزة العدلية الطبيعية القائمة وفقا للقانون الجنائي و قانون الإجراءات الجنائية المطبقين في البلاد مع منعه قانونا من القيام بأي تعذيب أو إغراء لان هذه مؤثرات سالبة على سلامة وحرية الإرادة سرعان ما تنهار البينة التي تم الحصول عليها عن طريقها خلال التحقيق القانوني السليم والمحاكمة العادلة .
وضع خطط وبرامج شاملة وعادلة للتنمية والخدمات لكل أقاليم السودان وفقا للاحتياجات و المقومات و الإمكانيات مع جداول زمنية للتنفيذ وخطة فعالة لحشد الموارد " بالعدالة ستتوفر موارد كبيرة كانت تهدر في الصرف على الأمن بسبب عدم الظلم والمظالم ومقاومتها " .
محاربة الفساد والمفسدين مهما كانوا ، لان في فسادهم وإفسادهم هلاك و إهدار للمال العام و وضع آلية قانونية فعالة لاسترداد المال المتحصل عليه عبر الفساد والإفساد ، فهي موارد شعب يحتاجها في تمويل مشروعات التنمية و مرافق الخدمات .
العمل بكادر وطني خلوق يحسن العمل والتعامل ويعطي المثال في القيادة والريادة وهم كثر سواء على مستوى البلاد أو على مستوى الحزب الحاكم نفسه .
اتخاذ الحوار مهما طال و السلم و الحلم مهما استطال ، منهجا ومسلكا لحل جميع ما يعترض من قضايا ومشكلات في إدارة الشأن العام مع تحديد آلية قانونية لتشخيص حالات استعمال العنف ومداه ووسائله في مواجهة المهددات الأمنية العامة التي تقرر ضرورة مواجهتا بالعنف المقابل و نبذ العنف كوسيلة لحل أي مشكلة داخلية أو خارجية الا عن طريق هذه الآلية .
انتهاج سياسة خارجية معززة و داعمة لمصالح البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعيدة عن المحاور والتكتلات العقائدية ذات الاتجاه الواحد و المناهج المتطرفة و من المعلوم أن سلامة الأداء الداخلي هو مصدر و ضمان علاقات خارجية سليمة ومفيدة .
تنفيذ الاتفاقيات وصون ما يتم من وعود وعهود مع أي جهة كانت داخلية أو خارجية ووضع قانون و آلية لحماية تلك الاتفاقيات من اعتداء المعتدين و تطرف المتطرفين و عبث العابثين بأمن البلاد والعباد إشباعا لشهواتهم و نزواتهم الخاصة على حساب شان عام ووطن كامل ومواطنيه أجمعين .
القضاء ثم القضاء ، قووه ماديا وأهلوه بشريا ومتعوه بالاستقلال التام عن السياسة والسياسيين ، فهو ضمانة الحق والعدل في الأرض بعد الله سبحانه وتعالي و حولوا سلطات التحري والتحقيق و فتح البلاغات و القبض و الحبس و الاتهام للقضاء و احصروا دور وزارة العدل و النائب العام فقط في مجالات الادعاء العمومي والمحاماة العامة و الاستشارات العامة مع إشراكه في مجهودان الإصلاح العدلي و القانوني العامة ، حيث المهام القضائية أو شبه القضائية لا يمكن بحال أن توكل لإحدى الوزارات التابعة للسلطة التنفيذية خصما على السلطة القضائية المهيئة أصلا وفصلا للقيام بذلك .
12- هنالك توسع و تسرع غير محسوبين في تخصيص أو تخسيس الاصول العامة و هذا أمر يحتاج لمراجعة شاملة و أمينة وفورية من خلال آلية قادرة وفاعلة للمحافظة على الاصول و الاستثمارات الإستراتيجية العامة وبناء اصول جديدة و إنشاء صندوق للاستثمارات العامة بهدف تعزيز قيم الاصول العامة و التحوط من تعرضها لا ي خسائر منظورة ، مع الاحتفاظ بمرافق الإنتاج والخدمات الإستراتجية كأحد ضمانات الأمن القومي الاقتصادية و الاجتماعية ، فلا عمل بدون موارد ولا موارد بدون عمل لخلقها و صيانتها و حسن إدارتها بنجاح واستدامة .
8- نعتقد بكل تواضع واحترام ، أن تبني الأفكار و المقترحات السياسية والقانونية التي أوردنا في متن مقالنا هذا و بتحقيق الإصلاحات الداعمة والمعززة لوحدة وتماسك الجبهة الداخلية أعلاه ، ستؤكد قومية الحكومية وتعزز رمزية رئيسها وسط جميع المواطنين السودانيين دون تمييز أو استثناء بسبب دين أو لون أو عرق أو منطقة أو تهميش في سلطة أو ثروة ة وهي العوامل التي تفرقنا و تمزقنا الآن و ستسحب البساط من تحت أقدام من أراد بنا سواء كوطن أو مواطنين مهما كان ومهما كان له من النفوذ والمكانة و ستساعد تلك الأفكار والإصلاحات إذا ما تم تبنيها في دفع أو إقناع مجلس الأمن ، على أسوأ الفروض ، إن لم يستجب لطلب بطلان الإحالة فيما يتعلق بالرئيس عمر البشير بسبب ما يتمتع به من حصانة دولية على النحو الذي فصلنا في متن مقالنا هذا ، لكي يطلب من محكمة الجنايات الدولية وقف الإجراءات لمدة عام قابل للتجديد لمدد مماثلة دون سقف كما ينص على ذلك صراحة نظام المحكمة بالرغم من محدودية اثر ذلك إذ سيطل سيف الاتهام مسلطا على رقبة السيد الرئيس و لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ولكل ضيق فرج ولكل كرب مخرج والله تعالي راعينا وراعيهم.
9- هنالك الكثير الذي يمكن قوله من الناحية القانونية فيما يتعلق بأسباب دعوى المدعي الدولي العام ، فعند إخضاع أسباب الادعاء علي السيد الرئيس جنائيا ، للتحليل الموضوعي والقانوني بغرض تحيد خطوط دفاع قانونية أو موضوعية و بالرغم من عدم اطلاعنا على ما قدم سيادته من أدلة لنتمكن من تكييفها وتقييمها وفقا لما هو راجح ومعمول به عالميا من قواعد الإثبات وفقهه وبالرغم من أن هذه ليست المرحلة التي تقوم الحاجة فيها لذلك ،و نسأل الله ألا تقوم أبدا .
10- فيمكن القول والحال كذلك ، بان ما ادعاه سيادة المدعي الدولي العام على سيادة الرئيس من جرائم ، هي من طبيعتها القانونية ، جرائم فرعية أو تابعة Ancillary " التحريض ، الأمر ، المساعدة ، غض الطرف ، الإقرار أو التشجيع " و هي أفعال لا يجرم فاعلها ما لم يجرم فاعلها الأصلي ، و هنا تثور الأسئلة : ما هي تلك الأفعال ، من ارتكبها ، متى و ما الدليل على ذلك وهل تمت بأمر الرئيس أو بعلمه أو بإقراره لها أو بتشجيعه أو مساعدته و متى وكيق وما الدليل ...الخ ، و هي بحسب علمي المتواضع رحلة طويلة من الاستجوابات الرئيسة و المضادة والمعادة بهدف الوصول إلى الحقيقة التي هي أساس الحكم العادل .
11- في ختام مقالي هذا ، و الذي هدفت منه إلى المساهمة في محنة وطنية بما استطيع ، وهو أضعف الأيمان ، يجدر بي أن أقول ، بان طبيعة الموضوع بذاتها حرجة و محرجة ، حيث هنالك طلب لمحاكمة شخص يدعي مدعي ما بأنه ارتكب جرائم معينة ومطلوب مثوله لمواجهة هذه المحاكمة ، و لكن لما كان هذا الطلب لمحاكمة رئيس دولة ذات سيادة و متمتع بحصانة داخلية و دولية ضد هذه الإجراءات بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولم يتنازل عن حصانته تلك ،و في ضوء معطيات داخلية معلومة كالأوضاع في دارفور وطبيعة النظام الحاكم في السودان و ظروف السودان بصفة عامة ، فلا بد والحال كذلك من مناهضة هذا الأمر بكل قوة وحكمة حفاظا على سلامة البلاد ووحدتها واستقرارها .
12- و لا أرى أن على الحكومة أن تمتثل للقرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية القاضي بالقبض على أشخاص بصفتهم الفردية ، ملاحقون من قبل المحكمة الجنائية الدولية حيث إنها ليست طرفا في اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية و لم تتلق حتى الآن طلبا أو تكليفا من مجلس الأمن بذلك و إن طلب منها المساعدة في ذلك فعليها بذل الجهد وليس إدراك النتيجة ، فيجب أن يكون للمحكمة الدولية آلياتها في ذلك .
اللهم وحد قلوبنا و جهودنا للمحافظة على وحدة و سلامة واستقرار بلادنا العزيزة ، إنك ولي ذلك و القادر عليه .
الشعراني عبد الوهاب
كبير مستشارين قانونين بالسعودية