الاستقلال من داخل البرلمان فكرة بريطانية خالصة (5) والأخيرة

 


 

 



ftaha39@gmail.com

تعديل اتفاقية 12 فبراير 1953
بينما كان الجدل محتدماً بين الحكومة والمعارضة حول قيام حكومة قومية، وقعت دولتا الحكم الثنائي في القاهرة في 3 ديسمبر 1955 وبدون استشارة الحكومة السودانية أو أحزاب المعارضة على ثلاث وثائق. وقع عن الحكومة المصرية محمود فوزي وزير الخارجية، وعن الحكومة البريطانية سفيرها في القاهرة همفري تريفليان. بموجب مذكرات متبادلة عُدلت المواد 10 و12 و13 من اتفاقية عام 1953 بحيث يكون تقرير المصير بالاستفتاء وليس عبر الجمعية التأسيسية. وتم التوقيع كذلك على اتفاق إضافي بشأن إنشاء وتشكيل اللجنة الدولية التي ستشرف على عملية تقرير المصير. وأُلحق بالاتفاق كجزء لا يتجزأ منه ملحق يتضمن مهام وسلطات اللجنة الدولية. ورد في الفقرة (ج) من الملحق أنه إذا قررت اللجنة الدولية وجود أوضاع تجعل من المستحيل التعبير عن رأي الناخبين بحرية أوتتنافى مع حياد الإستفتاء أو الانتخابات فلها أن تؤجل عملية تقرير المصير جميعها وترفع تقريراً بأسباب التأجيل إلى الحاكم العام الذي يحيله بدوره إلى الحكومتين المصرية والبريطانية. كما تبادلت الحكومتان مذكرات أخرى اتفقت بموجبها على أنه بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء والجمعية التأسيسية، تقوم الحكومتان بالتشاور معاً ومع ممثلي البرلمان السوداني بشــأن الخطوات التي تتخذ لإنهاء عملية تقرير المصير والحكم الثنائي.
أثارت الفقرة (ج) من سلطات اللجنة الدولية، والمذكرات المتعلقة بإنهاء عملية تقرير المصير والحكم الثنائي عاصفة من النقد من قبل المعارضة ومن الصحافة. فقد قال محمد أحمد محجوب زعيم المعارضة إن إعطاء اللجنة الدولية سلطة تأجيل عملية تقرير المصير بغير حد يتعارض مع المادة 9 من اتفاقية عام .1953 واستغرب محجوب التشاور بين دولتي الحكم الثنائي وممثلي البرلمان بشأن الخطوات التي تتخذ لإنهاء الحكم الثنائي لأن هذه الخطوات منصوص عليها في اتفاقية عام 1953.
وتحت عنوان «خطر جديد يهدد استقلال السودان» كتبت صحيفة «الرأي العام»: «إن من أخطر السلطات التي اتفقت الدولتان على منحها لهذه اللجنة، أن تقرر تأجيل عملية تقرير المصير برمتها إذا ما رأت أن الظروف غير مناسبة. وبهذا فقد وضح أننا نواجه خطراً جديداً تتضاءل بجانبه كل الأخطار التي كنا نتوقعها. فالدولتان لم تضعا هذا النص في سلطات اللجنة عبثاً، فهما ترميان بلا شك إلى هدف تعطيل حريتنا واستقلالنا سواء اتفقتا معاً، أو استغلته إحداهما لخلق أي مؤامرة أو شغب تتذرع به». ومضت صحيفة «الرأي العام» للقول: «لقد كنا حتى الأمس نعدد الأسباب القوية التي تدفعنا لنؤيد إعلان البرلمان الحالي للاستقلال، ولكننا لسنا اليوم في حاجة إلى أكثر من هذا السبب الخطير. فهو وحده يكفي لكي تلتقي الأحزاب جميعاً عند هذا الهدف حتى تسد باب الذريعة أمام الدولتين».
مباحثات الحكومة القومية
عُقد أول اجتماع بين ممثلي الحزب الحاكم أي الحزب الوطني الاتحادي وممثلي الأحزاب المؤتلفة (المعارضة) في 8 ديسمبر .1955 حضر الاجتماع عن الحزب الوطني الاتحادي مبارك زروق، وعلي عبدالرحمن، ومحمد أمين السيد، وإبراهيم المفتي، وخضر حمد، وحضره عن حزب الأمة عبدالله خليل، وعن حزب الاستقلال الجمهوري ميرغني حمزة، وعن حزب الأحرار بنجامين لوكي، وعن الجبهة الاتحادية محمد نور الدين، وعن الحزب الجمهوري الإشتراكي يوسف العجب، وعن الجبهة المعادية للإستعمار حسن الطاهر زروق، واتفق المجتمعون على أن يقوم محمد عامر بشير (فوراوي) بتسجيل مداولات وقرارات الاجتماعات.
في الاجتماع الأول الذي عقد في 8 ديسمبر والثاني الذي عقد في 10 ديسمبر 1955، وافق المجتمعون على ما يلي:
(أ)  قيام حكومة قومية في الوقت الحاضر على الأسس التي يُتفق عليها.
(ب) أن يكون هدف الحكومة القومية هو الوصول إلى استقلال السودان التام وسيادته الكاملة بأقصر الطرق وأضمنها، سواء كان ذلك عن طريق الاستفتاء أو عن طريق إعلان البرلمان للاستقلال، أو عن أي طريق آخر.
(ج) أن يكون الاستقلال غير مشروط، أو مقيد بأحلاف أو معاهدات، أو بمركز ممتاز لأية دولة.
(د) دون مساس بالبند التالي (هـ) تسير إجراءات الاستفتاء دون إبطاء لتنفيذها في أقرب فرصة.
(هـ) فور قيام الحكومة القومية يطلب من دولتي الحكم الثنائي ما يلي:
1- أن يعلن البرلمان السوداني استقلال السودان.
2- أن تنتهي مهمة الحاكم العام فور إعلان الإستقلال على أن تقوم بدلاً عنه هيئة سودانية تقوم بترشيح أعضائها الحكومة القومية ويوافق عليها البرلمان ريثما يتم إنتخاب رأس الدولة السوداني بموجب الدستور النهائي.
يُلاحظ أن بنجامين لوكي ممثل حزب الأحرار لم يحضر الإجتماع الثاني. ولكن عبدالله خليل ذكر في هذا الاجتماع أن الجنوبيين أوكلوا إليه إبلاغ الإجتماع بأنهم قد لا يوافقون على أن يُعلن الاستقلال من داخل البرلمان، لأنهم بعيدون عن الاتصال بناخبيهم لغيابهم عن دوائرهم مدة طويلة، وليسوا على ثقة بأن أولئك الناخبين يوافقون على الإجراء المقترح.
شارك بنجامين لوكي في الإجتماع الثالث الذي عقد في 12 ديسمبر 1955 وقال في إحدى مداخلاته إن حزبه يؤيد قيام حكومة قومية لأنه توجد مشكلتان إحداهما تخص البلاد بأسرها والأخرى تخص الجنوب. وقال أيضاً إن مثل هذه المباحثات ذات فائدة لأنها قد تساعد على إعادة الثقة في ذلك الجزء من البلاد. ثم طرح ما يبدو أنه كان شرطاً، فقد قال: «وإذا أراد المجتمعون أن يُعلن الاستقلال بواسطة البرلمان فلا بد من الموافقة على قيام اتحاد فيدرالي بين الشمال والجنوب داخل السودان الموحد بحدوده الحالية».
نوقش موضوع الاتحاد الفيدرالي في الاجتماعين الثالث والرابع. وقد كان من رأي كثير من الأعضاء أن يترك هذا الموضوع ليُبحث عند وضع الدستور الجديد بعد الاستقلال. وفي الاجتماع الرابع أوضح بنجامين لوكي أنه لا يقصد فكرة الاتحاد الفيدرالي بالمعنى المتبادر، ولكنه يقترح تكوين لجنة من الشماليين والجنوبيين لتدرس موضوع تنسيق العلاقات بين الشمال والجنوب. قبل المجتمعون بالإجماع هذا الاقتراح ووافقوا على أن يُرفع كتوصية للحكومة القومية.
عندما انعقد الاجتماع الرابع في 13 ديسمبر ,1955 كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في 12 ديسمبر أن الحاكم العام قد استقال، وأنها لا ترغب في ترشيح بريطاني آخر ليحل محله. في تعليقه على ذلك قال مبارك زروق إن الفرصة قد سنحت لأن يعلن البرلمان الاستقلال فوراً ويبعث للدولتين رأيه بشأن الهيئة التي تعمل كرأس للدولة. وأضاف أن الطريق قد أصبح ممهداً لذلك لأن مصر صرحت بأنها ستوافق على الإعلان إذا أجمع عليه السودانيون وانجلترا قد لا تمانع.
وفي مستهل الاجتماع الخامس الذي عقد في 14 ديسمبر قال مبارك زروق إن أمام الإجتماع ثلاث مسائل، أهمها مسألة إعلان الاستقلال بواسطة البرلمان، وعلى ضوئها يتم تكوين اللجنة القومية التي ستمارس سلطات السيادة. وصرح زروق بأن الخوف من إعتراض مصر أو انجلترا أو كليهما على قرار الاستقلال قد انقضى. فقد صرحت مصر بلسان ناطق رسمي بأنها لا تمانع، وقالت انجلترا إنها ستوافق على أي شيء يقره البرلمان. وأضاف زروق أن الجهاز الذي سينفذ هذا الوضع هو الحكومة القومية التي يجب أن تقوم في الحال. واقترح مناقشة أي مسألة من المسائل الثلاث لأنها مرتبطة ببعضها البعض.
استقر الرأي في الإجتماع السادس الذي عقد في يوم الخميس 15 ديسمبر على أن تتكون اللجنة القومية التي ستمثل رأس الدولة من ثلاثة أشخاص: عضو من الحكومة، وعضو من المعارضة، وعضو يتفق عليه الجنوبيون من حزب الأحرار ومن الحزب الوطني الإتحادي.

الخلاف حول رئاسة الحكومة القومية
بدا واضحاً من المداولات في الاجتماعين الخامس والسادس أن العقبة الكؤود كانت رئاسة الحكومة القومية. فقد كان رأي ممثلي الحزب الوطني الإتحادي أن تسند إلى إسماعيل الأزهري. وفي تبرير ذلك قال مبارك زروق إن أزهري تولاها بعد عهد الإنجليز وله أكثرية داخل البرلمان. وأيده في ذلك إبراهيم المفتي الذي قال إن أزهري ملم بكل تطورات وظروف تحرير البلاد، وهو خير من يرأس الحكومة القومية لأن عملها هو مواصلة خطوات التحرير التي بدأتها الحكومة القائمة.
في اجتماع يوم 15 ديسمبر قبل ممثلو الحزب الوطني الإتحادي اقتراح عبدالله خليل بشأن تشكيل الحكومة القومية ولكن بشرط أن تسند الرئاسة إلى إسماعيل الأزهري. وكان عبدالله خليل قد اقترح أن تتكون الحكومة القومية من 15 وزيراً بخلاف رئيس الوزراء توزع كالآتي: 8 مقاعد للأحزاب المؤتلفة و 6 للحزب الوطني الإتحادي، ومقعد للجبهة المعادية للاستعمار. واقترح كذلك أن يختار الوزراء المرشحون الرئيس، وإذا اختلفوا يُحتكم إلى البرلمان.
وهكذا انفض الإجتماع بدون اتفاق على تشكيل الحكومة القومية أو رئاستها وحُدد السبت 17 ديسمبر تاريخاً لاستئناف الاجتماعات. ولكن بينما كان إجتماع يوم 15 ديسبمر منعقداً بغرفة اللجان بمجلس الشيوخ، فجر إسماعيل الأزهري في قاعة مجلس النواب مفاجأة أذهلت الجميع بمن فيهم أركان حزبه.
الحدث الحاسم
يستفاد من الوثائق البريطانية أن الحاكم العام الإسكندر نوكس هيلم أبدى رغبته في الإستقالة في أبريل 1956، وأن وزارة الخارجية البريطانية قبلت وجهة نظره بأن يكون خلفه محايداً وليس بريطانياً. وكان الحاكم العام قد جادل بأن رحيله سيزيل آخر أثر للسيطرة البريطانية، ويحقق الجو الحر المحايد، ويبطل مفعول الدعاية المصرية، وينهي مسألة القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية. واتجه التفكير نحو إسكندنافيا أو سويسرا كمصدر محتمل للحاكم العام المحايد.
ولكن في 12 ديسمبر وقبل ثلاثة أيام من سفر هيلم إلى المملكة المتحدة في إجازة قصيره، أعلنت الحكومة البريطانية في بيان رسمي أن نوكس هيلم قد عبر عن رغبته في الاستقالة لأسباب شخصية، وأن السفير البريطاني في القاهرة قد أبلغ رئيس وزراء مصر بأن الحكومة البريطانية مستعدة لقبول استقالة نوكس هيلم، وأنها لا تنوي ترشيح بريطاني آخر ليحل مكانه. وجاء في بيان الحكومة البريطانية كذلك أنها تتشاور مع الحكومة المصرية بشأن الخطوات التي تتخذ فيما يتعلق بمنصب الحاكم العام، آخذين في الاعتبار المتطلبات الواردة في الاتفاقية الانجليزية - المصرية إزاء توفير الجو الحر المحايد خلال ما تبقى من فترة تقرير المصير.
في ورقة بعنوان «نهاية الحكم الثنائي في السودان»، قال نوكس هيلم إن البيان الصحفي بشأن استقالته لم يُعرض عليه قبل نشره. وحتى بعد نشره فإنه لم يتلقاه بشكل مباشر بل تلقاه عبر المفوض التجاري البريطاني. وقال أيضاً إنه صُدم لأن البيان وضع كل التركيز على رغبته المزعومة في الاستقالة. واستطرد قائلاً في فقرة أخرى من الورقة : «إن الإهتمام في السنوات القادمة سيتجه إلى الدور الذي أديته في الشهور والأسابيع الأخيرة من عام 1955 كآخر حاكم عام، خاصة لأن وزارة الخارجية قد أعلنت، ولا يزال كثيرون يعتقدون ذلك، أنني قد طلبت السماح لي بالتقاعد. ليس هذا هو الواقع. فأنا لم أعبر عن مثل هذه الرغبة آنذاك أو في أي وقت آخر. وفي الواقع إنني كنت سعيداً للغاية في الخرطوم، وكنت سأبقى هناك بكل سرور».
في تقديرنا أن الحكومة البريطانية عمدت إلى إخلاء منصب الحاكم العام لسببين: كان أولهما تهيئة المسرح للسودانيين لإعلان إستقلالهم من داخل البرلمان. أما ثانيهما فقد كان سد الذرائع المصرية بأن الحكومة البريطانية ترمي من إعلان الاستقلال من داخل البرلمان إلى مد فترة عمل الحاكم العام في السودان بعد الاستقلال، وخلال فترة إعداد الدستور، وإبقاء القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية في يده.
مما يجدر ذكره أن المفوض التجاري البريطاني في الخرطوم إعتبر بيان الحكومة البريطانية بإخلاء منصب الحاكم الحدث الحاسم الذي عجل إلى درجة كبيرة بعملية تقرير المصير، لأنه حفز السودانيين على التركيز على مستقبـلهم الدسـتوري، وليس على المكائد الداخلية من أجل المنصب والسلطة.

أزهري يفاجيء الجميع
ذكرنا في الفصل الخامس عشر أن حكومة الأزهري عادت إلى السلطة في 15 نوفمبر بأغلبية صوتين، ومع ذلك لم يبد أزهري حماسة لقيام حكومة قومية قد لا يكون هو رئيسها وبذلك يُحرم من أن يكون على منصة الشرف في اليوم المشهود. وفي هذا السياق قال جون دنكان أحد مساعدي وليام لوس: «إن هزيمة الحزب الوطني الاتحادي أصبحت مسألة وقت. ولكن أزهري كان مصمماً على أن يقف وحده على رأس الحكومة في يوم استقلال بلاده، وأن ينسب الفضل لحزبه».
لما تقدم، قرر أزهري أن يلعب الورقة الأخيرة فصرح في مجلس النواب في الوقت المخصص للأسئلة وبدون سابق إنذار أنه سيتقدم في يوم الإثنين 19 ديسمبر باقتراح لإعلان إستقلال السودان. فقد قال: «إن مهمة حكومتي محددة في إتمام السودنة وقد تمت، وإتمام الجلاء وقد تم، ثم جمع كلمة السودانيين حول الاستقلال التام وقد تم هذا أيضاً، ولم يبق إلا إعلانه من داخل هذا المجلس يوم الإثنين القادم إنشاء الله. وأرجو ألا يفوت حضرات نواب هذا المجلس الموقر حكومة ومعارضة قطاف هذه الثمار الدانية».
على أية حال، بهذا الإجراء تفوق أزهري على المعارضة. وفي تعليقه على ذلك قال آدمز عضو البعثة الديبلوماسية للمملكة المتحدة: «فلربما كان في إمكانهم أن يتفوقوا على الأزهري في التصويت في مجلس النواب، ومن المحتمل أنهم كانوا يأملون هزيمته مرة أخرى في أثناء مناقشة الموازنة. غير أنه لم يكن في استطاعتهم أن يصوتوا ضد الاقتراح الذي يزمع طرحه. لقد أمسك أزهري بزمام المبادرة، ولم يعد بحاجة إلى إئتلاف مع أي حزب معين لتحقيق هدفه المباشر، وهو بزوغ فجر سودان مستقل».
في منتصف ليل 15 ديسمبر غادر نوكس هيلم الخرطوم جواً إلى المملكة المتحدة في إجازة قصيرة لم يعد منها.

القـرارات الأربعــة
قُدمت باتفاق الحكومة والمعارضة إلى جلسة مجلس النواب في يوم الاثنين 19 ديسمبر 1955 مشروعات لأربعة قرارات صيغت باللغتين الإنجليزية والعربية. شارك في الصياغة والترجمة وليام لوس، ومساعده جون دنكان، والمستشار القانوني لمكتب الحاكم العام جاك مفروقورادتو وبعض قادة الأحزاب، وكاتب مجلس النواب محمد عامر بشير. وباتفاق الحكومة والمعارضة أيضاً تناوب أعضاء من الصفوف الخلفية للحكومة والمعارضة في تقديم وتثنية مشروعات القرارت. وقد أعطيت الأسبقية في التقديم لمشروع القرار الذي ينص على إعطاء مطلب الجنوبيين لحكومة فيدرالية في المديريات الجنوبية الثلاث الاعتبار الكافي بواسطة الجمعية التأسيسية لضمان تصويت نواب حزب الأحرار مع قرار إعلان الاستقلال.
أما مشروعات القرارات الأخرى حسب ترتيب تقديمها فقد كانت مشروع قرار إعلان الاستقلال، ومشروع قرار قيام رأس دولة سوداني، ومشروع قرار قيام جمعية تأسيسية.
أُجيز قرار الفيدرالية وقرار إعلان الاستقلال بالإجماع، وكذلك قرار قيام جمعية تأسيسية لوضع وإقرار الدستور النهائي وقانون الانتخابات للبرلمان السوداني المقبل. أما قرار تعيين اللجنة الخماسية التي ستمارس سلطات رأس الدولة فقد أُجيز بالأغلبية بسبب اعتراض حسن الطاهر زروق نائب دوائر الخريجين وعضو الجبهة المعادية للاستعمار على بعض الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة.
قال حسن الطاهر زروق في اعتراضه إن المشاورات التي تم فيها إقرار هذه اللجنة لم تشترك فيها جماهير العمال والمزارعين وحزب الجبهة المعادية للاستعمار المدافع عن حقوق العمال والمزارعين. واستطرد قائلاً إنه يوجد «مقياس واحد نزن به الناس ونضعهم على أساسه في أخطر المناصب وذلك هو تاريخهم الوطني وجهادهم في سبيل حرية بلادهم. على هذا وحده ينبغي أن نبني اختيارنا للأشخاص الذين نضعهم على المناصب الرئيسية المتعلقة باستقلال البلاد. وكان الواجب يقتضي استفتاء الشعب في اختيار الذين يمثلون رأس الدولة».
عند تعقيبه على المداولة في مشروع قرار إعلان الاستقلال، قال مبارك زروق زعيم مجلس النواب: «يجب أن نقيم دعائم السودان ومنذ اليوم على أسس من الديمقراطية والعدالة، وأن نواجه مشاكل المستقبل كرجال، وأن نعرف كيف نزن ونقدر الأمور فبناء الأمم ليس بالأمر الهين».

 

آراء