الاسلامويون والإنتماء لزمرة الفاسدين والقتلة..!

 


 

خالد ابواحمد
3 November, 2022

 

قبل فترة أرسل لي أحد (الرعاع) من المحسوبين على ما يسمى بـ(الحركة الإسلامية) مقطع فيديو لأنشودة راجت الفترة الماضية بينهم تتحدث عن عودتهم للحُكم في جزء منها يقول المُنشد المسكين:
ستعود ساحات الفداء سيعود صدق الانتماء والفجر الجديد
سنعود من حيث البدايات النهايات ونرهق من تحدي بالصعود
نبتهل لله حمدا في السجود..في الفجر الجديد
ونملأ الطرقات بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد
وتنتظم الحشود زنزلزل تفجر بالهتاف الداوي وتضج كل عوالم الدنيا شهود
نرسم مجدنا نعيد عزة شعبنا
أخوان الخنادق والبنادق والبيادق والحشود
كنت اسمع لهذه الأنشودة وتملكني حزن دفين لأن قيادات الحركة رسخوا في العضوية من الشباب العواطف الجياشة بلا عمل ولا فهم، وهؤلاء الشباب لم يجدوا القُدوة الحسنى الحقيقية بين القيادات، لذلك بينما ظل الشعب السوداني يتعرض يوميا للقتل ويسقط شباب في عمر الزهور من طلبة الجامعات بنيران زملائهم في مليشيات التنظيم، هؤلاء الرجرجة ينشدون في شوق شديد إلى كرسي الحُكم، إذا كانوا صادقين لأبعدوا أنفسهم كما الآلاف من الاسلاميين الحقيقيين الذين نعرفهم قد أدركوا الحقيقة من وقت مبكر، ابتعدوا عن هذه الولاءات الزائفة وقد عاهدوا أنفسهم بالعمل في خدمة الضعفاء من الأيتام والأرامل والفقراء في صمت يرجون الثواب في الأخرة، محتسبين سنواتهم السابقة لله سبحانه وتعالى، وهناك من الصادقين من أدركتهم العناية الربانية مُبكرا فرحلوا عن الدنيا بعد أن تركوا أجمل السّير في الالتزام الأخلاقي والديني.
أخوان الخنادق والبنادق والبيادق والحشود
يلاحظ ان كلمة (الحُشود) في اكثر من موضع في هذه (الانشودة) الطويلة والتي حصلت على هذا المبعثر منها في شبكة المعلومات، هذه هي الحركة الاسلاموية تؤمن ايمانا قاطعا بعقلية التحشيد من غير وعي ولا إدراك، تعودوا على (خم) الناس بالبصات واللواري والقطارات حتى يصوروا للآخرين أنهم يمتلكون الشارع السوداني، وذات مرة كنت شاهد على التحشيد لجلب المواطنين من الولايات ومدن السودان البعيدة للاحتفال بذكرى (الثورة) المزعومة، جلبوا الحشود بكل وسائل النقل من الطائرات والقطارات والبصات السفرية والحافلات والبكاسي، ودفعوا في ذلك المليارات من عرق الشعب السوداني، فإن الذين يقومون بالتحشيد تمرسوا في كل المناسبات على أن ينفذوا الخطة بالكامل.
لكن أيها المنشد المسكين بعد ثورة ديسمبر المجيدة فشلتم في التحشيد برغم المغريات المادية والغذائية والمواصلات وغيرها لأن الذين تعودتم على حشدهم في سنوات ضلالكم قد عرفوا الحقيقة، وما تبقى لكم إلا أطفال الخلاوى المغلوب على أمرهم.
وفي لحظة تأملاتي تلك تذكرت هتافي ايام الشباب أيام التنظير قبل التحول من الحزب إلى حُكم الدولة عندما كنت أهتف:
لا أبالي لا أبالي انني شعبُ رسالي** قد تربى بين قرآن وساحات القتال
مسلم قالت جموعي لست بعثي لا شيوعي ** عانقت أصلي فروعي رافضاً أي انفصال
سوف نبني بالعقيدة دولة العدل الرشيدة** لا دويلات عديدة شيدت فوق الرمال
قد عشقت البندقية هاتفاً عندي قضية **سحق حزب الماركسية انه حزب ضلالي
فكانت التجربة خير برهان بعد ثلاثين عاما استبانت للناس الحقائق الساطعة فعرفوا من هو الحزب الضلالي، وقبل مجئيهم للحُكم كان السودان من حلفا لنمولي، وطن واحد حدادي مدادي ومن كسلا لأم دافوق غرب دارفور، كان السودان بلد يهز ويرز، ينعم بمشاريع التنمية الزراعية التي اعتمدنا عليها حتى وقت قريب في توفير الأمن الغذائي، قبيل انقلابهم المشؤوم، كنا نصدر الكثير من المنتجات، كان للسودان خطوط سكك حديدة تعمل بين كل المدن، والخطوط الجوية السودانية تعمل ولديها عشرات الطائرات تجوب العالم، والخطوط البحرية من أفخم الخطوط البحرية في العالم عدد سفنها 13 سفينة تجوب البحار والمحيطات، هذا غير شركات التجارة العالمية كلها تعمل وبكفاءة.
وبعد مجئيهم أصبح السودان دويلات عديدة- انفصل عن كل تجاربه السياسية السابقة وعن محيطه الاسلامي والعربي والافريقي، بهذه التجربة التي لا يمكن أبداً أن نجد لها وصفاً يمكن ان يليق بما فعلته الحركة الاسلاموية في بلادنا -حزب الماركسية ما أظن أنه إذا استلم الُسلطة يوماً أن يفعل في السودان ما فعلته (الحركة الاسلامية)، وأهم شئ أنه سوف لا يتاجر بالدين ولا يرفع شعار الاسلام ويخدر به الناس.
كنا بحماس الشباب نهتف ضد (الشيوعي) و(البعث) وها هي دورة الأيام قد جاءت فلم نر في قياداتهم إلا جميل الأخلاق والتواضع والزهد، (محمد إبراهيم نقد والتجاني الطيب و صديق يوسف..إلخ) نعم ربما يكون من بينهم من هو سياسي فاشل أو غير كفوء لكن بأي حال من الأحوال لم يعرف الناس عنهم سوء الأخلاق وزفارة اللسان وقلة الأدب والتكبّر والإصرار على المضي في الخطاء وارتكاب الفواحش كما عند الجماعة الذين يهتفون (هي لله..هي لله)، ويسرقون ويقتلون ويكذبون.
وعندما يقول المنشد:
ستعود ساحات الفداء سيعود صدق الانتماء والفجر الجديد
الشعب السوداني لم يعرف لكم صدقا إلا صدق الانتماء إلى زُمرة الفاسدين والقتلة والسُراق الذين يعبُدون الشهوات والدينار، والشواهد على ذلك كثيرة جدا حتى بالأشخاص وبالإسم الذين عشت معهم وخبرتهم، أي صدق للانتماء هذا وقد رمّلتم النساء ويتمتوا الأطفال وكسرتم رجولة الشباب، لأكثر من 30 عاما لم يخرج من رحم الحركة الاسلاموية وهي تسيطر على الدولة لا عالم دين واحد له وزن في السودان أو في العالم الاسلامي، ولا فقيه واحد يشار إليه بالبنان، ولا كتاب أو مرجع واحد له قيمة علمية يعرفه المسلمين في العالم، بل العكس تماما قدمتم العشرات من النماذج الفاسدة المفسدة التي لا تخاف الله (راجعوا تصريحات د. سعاد الفاتح، ود. محمد محي الدين الجميعابي).
ومن الطبيعي جدا عندما يكون القيادي ساقط اخلاقيا يكون في ذات الوقت دمويا يأمر بقتل الآخرين المخالفين له، وأن موجات العنف الدموي التي جرت في بلادنا من بعد اندلاع ثورة ديسمبر وحتى الآن هم من خطّط لها.
وعندما يذكر المنشد:
نرسم مجدنا ونعيد عزة شعبنا
إن (الحركة الاسلامية) أبدا لم يكن لها مجد، نعم كنت يوما من عضويتها، وما عشته في دهاليزها أمر عصي على التصديق، وإذا تسأءلنا عن ما هو المجد سنصل إلى نتيجة صفرية، لأن الحركة لم تنتج فكرا نيرا بل العكس تماما أنتجت فكرا استئصاليا وانهزاميا، والدليل على ذلك أنها ضعيفة جدا داخل قنواتها التنظيمية بحيث لا يسمح بتدوام إلا المعلومات التي تتوافق مع توجههم، ولا يستطيع كائن من كان أن يتحدث عن فساد القيادي فلان أو عِلان، بل الجميع متصالح مع القيادات الفاسدة للدرجة التي يأكلوا فيها مع الفاسد في طاولة واحدة وهم يدرون بأن ماله مسروق، وأنه فاسد اخلاقيا، يتعايشون مع هذا الفساد ولا يجدوا حرجا في أن يبرروا لبعضهم البعض ما يرونه بأعينهم بقولهم "هذه حياته الخاصة ليس لنا دخل فينا"، لأنهم يتكسّبون منه، نفس هذا الفعلة -كبيرة الكبائر- إذا ارتكبت من قبل أشخاص آخرين من الجهة المقابلة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وجيّشوا كل أجهزة اعلامهم وحارقي بخورهم ولاعقي أحذيتهم لينالوا منه، لكن داخل أسوارهم الحصينة هي حياة خاصة لا يتدخلوا فيها.!.
الهزيمة النكراء
أن ثورة ديسمبر المجيدة 2019م قد هزمتهم شر هزيمة، وهم الذين قالوا ببجاحة شديدة " الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا"، وبفضل الله تعالى اقتلعوا من الأرض اقتلاعا تاريخيا واتكشفت عورتهم النتنة، فانتقم الله منهم بثورة الشباب.
وإذا رجعنا إلى عملية ممارساتهم النتنة والمرتبطة بارتكاب الفواحش نتذكر عملية تعذيب واغتصاب الشهيد الاستاذ أحمد الخير، نجد أنهم ارتكبوا هذه الفعلة النتنة القاسية وهم أصلا متصالحون معها لا يعتبرونها أمرا شاذا، وقد أكدها أحدهم عندما اعترف بأنه متخصص (اغتصاب)، قالها أمام المحكمة ولم يستحي، ما يدل على أن التعذيب والاغتصاب في جهاز أمن دولة (الحركة الاسلامية) ممارسة مُمنهجة وقد مُورست من قبل في أشخاص كُثر من الرجال والنساء، لندرك إلى أى مدى وصل هؤلاء الذين يأمرون بقتل فلذات أكبادنا من خِسة ونذالة وقسوة وتفاهة وانحطاط.
ثم ينشدون بساعدة غامرة:
ستعود ساحات الفداء سيعود صدق الانتماء والفجر الجديد
يقول د. جلال الدين محمد ابراهيم في مقال بعنوان (الصامتون عن الحق) المنشور بتاريخ 17 مارس 2015م، "إن (الحركة الاسلامية) تتوهم أن الدين لديها ولمنسوبيها من دون غيرهم، وبالتالي يتوهمون بان هم الفئة الناجية يوم القيامة، وهذا في حد ذاته ضلال ما بعده ضلال، ولذلك أسسوا فينا ما يعرف بالتمكين والولاء لبعضهم بعض من دون أن يراعوا حقوق الآخرين، ومن دون النظر للآخرين هل هم مسلمون أو يهود وكفار، وبثوا ثقافة وفقة التحليل لأنفسهم من دون غيرهم وفقة الضرورة ليحلل لهم ما تهوى انفسهم، وإن سرق فيهم القوى تركوه وإن سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وظن معظمهم بأن الدين حِكر عليهم وعلى ايدلوجيتهم ونسوا حقوق العباد التي يسألون عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون".
جميعنا على يقين لا يتزحزح بأنهم ومن تعاطف معهم، ومن وقف خلفهم، ومن سكت عن جرائمهم سيصيبهم عذاب الله الواقع كما حدث من قبل لقوم عاد وثمود، وإنا كذلك على يقين تام بأنهم سيلاقوا من الله ما يفرح الشعب السوداني الذي تأذى بجرائمهم وتطاولهم وما اقترفت أيديهم وألسنتهم من سوء.
اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد، اللهم زلزل أقدامهم ونكس أعلامهم واذهب ريحهم اللهم آمين.

2 نوفمبر 2022م

khssen@gmail.com

 

آراء