الاعتداء على عثمان.. (هي فوضى)؟!
Diaabilalr@gmail.com
-1-
ما حدث للأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير الزميلة التيار من اعتداء غاشم داخل مكتبه في وسط الخرطوم عبر عملية مسلحة يرفع درجة الإنذار في المجتمع السوداني إلى اللون الأحمر.
مجموعة مسلحة على عربات دفع رباعي تهاجم صحيفة في وسط العاصمة وتعتدي على رئيس تحريرها وتقوم بتحطيم أجهزة الكمبيوتر وتجرد الصحفيين من أجهزتهم الهاتفية والكمبيوترية ثم تغادر المكان ولا تجد من يتصدى لها أو يلاحقها أو من يقذفها بحجر!
ما حدث لعثمان ميرغني بغض النظر عن الأسباب والدوافع يعد أمراً خطيراً وسيلحق سمعة سيئة بالوضع الأمني والمجتمعي في العاصمة الخرطوم.
مثل هذه الحوادث وبالطريقة التي تمت بها غير معهودة ولا مألوفة في الخرطوم، وهي حوادث تنتمي لعمليات إجرامية تقع عادة في مناطق الاضطراب الأمني لا في العواصم الآمنة.
الخرطوم ظلت في عهد كل الحكومات الوطنية من العواصم الأكثر أمناً على مستوى العالم، وذلك بشهادة المقيمين والعابرين من الأجانب والأشقاء.
-2-
كنت قريباً من مكان الحادث بحكم المجاورة بين صحيفتي السوداني والتيار، واستمعت للزملاء الذين كانوا شهود عيان على ما حدث ورافقت الأخ عثمان من طوارئ مستشفى الخرطوم إلى مستشفى الزيتونة.
الرواية بتفاصيلها وفي توقيتها -قبل الإفطار بنصف ساعة- تعطي انطباعاً أن العملية مخطط لها بدقة إجرامية ولهدف محدد بعناية فائقة وهي ليست نتاج انفعال عفوي ترتب على استفزاز مفاجئ!
-3-
ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على صحفي أو رجل عام ومن قبل تطورت الاعتداءات إلى اغتيالات.
ولكن...
ما حدث مع عثمان ميرغني أمس يعتبر بكل المقاييس تطوراً خطيراً ينذر بشر مستطير يهدد أصحاب الأقلام في الصحافة السودانية إذ إن مهنتهم لم تعد آمنة بما يكفي!
إذا كانت الشرطة بولاية الخرطوم غير قادرة على التعامل مع عمليات إجرامية تتم في قلب المدينة وعلى بعد كيلو متر من رئاسة وزارة الداخلية، فكيف باستطاعتها حماية المناطق البعيدة عن سنتر الخرطوم من عمليات أخطر وقد تأتي بتجهيزات أكبر؟!
أين عربات النجدة والطوارئ؟!
وأين كاميرات الرصد والتأمين التي أنفقت عليها ملايين الدولارات؟!!
-4-
نعم لا يوجد أمن مطلق في أي مكان في العالم ولكن من المهم أن تكون المنظومة الأمنية خاصة في العواصم قادرة على الاستجابة السريعة لتحديات الطوارئ.
كنا سنشعر بقدر من الاطمئنان إذا تمت ملاحقة للمجموعة حتى إذا لم تنجز مهمة إلقاء القبض عليها.
ولكن....
أن يحدث كل ذلك دون حدوث أدنى رد فعل يتناسب وخطورة الحادثة من حيث الشخص والطريقة، فذلك ما يدعو للقلق، (بل قل الفزع)!
-5-
الحمد لله على سلامة الأخ عثمان ميرغني فهو رجل -كما قلت سابقاً- يعبر عن آرائه بكل شجاعة ووضوح، نختلف أو نتفق معها فهي آراء غير مسلحة تخضع للأخذ والرد بالمنطق والحجة لا بالكلاشات والعصي!
مجموعة من الملاحظات والعبر يمكن ذكرها في سياق ما حدث:
* أصبحت هناك حساسية عالية من بعض ما يقال في أجهزة الإعلام بصورة فيها قدر كبير من التطرف.
* إذا لم يتم إلقاء القبض على الجناة ومعاقبتهم بعقوبات رادعة، فسيصبح ما حدث مع عثمان نموذج اقتداء لآخرين وستصبح النهايات في المرات القادمات مفتوحة على أسوأ السيناريوهات!
* لابد من مراجعة منظومة الحماية الأمنية بالعاصمة مع ظهور هذه المجموعات المنفلتة، ما حدث مع عثمان يمكن أن يحدث غداً مع آخرين سياسيين أو إعلاميين ويمكن أن يشجع على تكوين مجموعات أخرى للقيام بمهام متعددة.
* رغم الدور الكبير الذي قام به العاملون في المركز التشخيصي بشارع الحوادث بمستشفى الخرطوم وتركهم مائدة الإفطار للكشف بالأشعة على عثمان، إلا أنه من المهم ترقية وتطوير منظومة الطوارئ الطبية في المستشفيات، الخدمة المتوفرة لا ترقى للتعامل مع احتياجات الطوارئ بالسرعة اللازمة.
أخيراً:
لابد من التأكيد على أن عدم اكتشاف الجناة سيمثل حدثاً أكثر خطورة من الحادث في حد ذاته!.