الامام السيد الصادق المهدي الذي عرفته !!

 


 

 

 

صار المهدى اشهر ضحايا مرض الكرونا في السودان وقد كنت انا فى باريس واحد من ضحاياه شفاه الله وعافاه .

بسم الله الرحمن الرحيم
( رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولى )
( رب زدنى علما )
اكتب اليوم عن اشهر شخصية شغلت السودان والعالم العربي والعالم الاسلامى حضورا وأثرا وتأثيرا بما تحمله من كريزما وبذلا وعطاءا سياسيا وفكريا واجتماعيا وعقديا فالرجل هو إمام الأنصار ورئيس منتدى الوسطيه العالمى ومفكر اسلامى وزعيم سياسى مخضرم شغل منصب رئيس الوزراء مرتين وكذلك زعيم المعارضه مرتين وهو سليل البيت المهدوى التأريخى المعروف بنضاله البطولى ضد المستعمر الأجنبى والحكم العسكرى الاستبدادى الا وهو السيد الصادق الصديق عبدالرحمن المهدى .
الرجل عندما يتحدث تجد الأسوار والأشجار تمد اعناقا تتطاول وتتزاحم بل تتلاحم لتصغى فلا تسمع صوتا ولا همسا .
حيرانه ومعجبوه أعدادا لا تعد ولا تحصى ومعارضوه وخصومه ناس خالف تذكر بعضهم في نفسه غرض والغرض مرض .
أول ما عرفته أيام الطلب يوم كنا نحب المحاضرات والندوات وأذكر يومها أعلن عن قيام ندوه فى نقابة المحامين في عهد مايو ومن ضمن المتحدثين السيد الصادق المهدي ذهبت إلى دار نقابة المحامين في الخرطوم وجاء السيد الصادق يقود سيارته بنفسه جاء بجلباب أبيض وعمامة بيضاء ولفت نظرى بعض المحامين الشيوعيين يتهامسون ويتغامزون عند دخوله فتعجبت لذلك قال الرجل كلمته وخرج وأثناء خروجه التف من حوله الذين كانوا يلمزونه وهاهم الآن يودعونه حتى باب سيارته ويكيلون له المدح والثناء .
من يومها عرفت من هم أعداء الرجل وخصومه .
حكايتى معه لقد حاورت لفيف من اشهر العلماء والفقهاء والاساتيذ المفكرين الأجلاء والمبدعين الأدباء والشعراء وكان السيد الصادق واحد من هؤلاء وعلى سبيل المثال لا الحصر حاورت الملاكم الاسطوره العالمى محمد على كلاى حاورت الدكتور يوسف الخليفة ابو بكر وزير الشؤون الدينيه الأسبق حاورت الاستاذ عمر التلمساني زعيم الإخوان المسلمين الأسبق حاورت عضو الضباط الأحرار احمد حمروش وكذلك الدكتور فتحى رضوان أول وزير ثقافة لحكومة جمال عبد الناصر حاورت الدكتور جمال البنا والاستاذه فاطمه احمد ابراهيم والدكتور أحمد السيد حمد والدكتور حسن الترابى والبروفيسور محمد هاشم عوض والدكتور محمد الغزالى والاستاذ محمد حجاز مدثر وغيرهم كثير لكتابى مشاوير في عقول المشاهير وللسيد الصادق المهدي حكايه غريبه جدا معى حاولت طباعة الكتاب وراسلت الاستاذ مصطفى أمين صاحب جريدة أخبار اليوم المصرية
وارسلت له نسخة مطبوعة بالالة الكاتبة يومها حتى يطبع لى الكتاب ضمن سلسلة كتاب اخبار اليوم فأرسل لى مصطفى أمين خطابا رقيقا يعتذر لى بحجة أن كتابى اكبر من كتاب اخبار اليوم على العموم الحوار الوحيد الذى تمكنت من طباعته كتاب هو حوار السيد الصادق المهدى صدر الكتاب تحت عنوان :
( مشاوير فى عقول المشاهير _ في أول مشوار أخطر حوار مع زعيم الأنصار ) صدر في عام 1987م وكان يومها الصادق المهدي رئيسا للوزراء ويوميا كان التلفزيون السودانى يبث دعايته بصوت أيقونة الاعلام السودانى الراحلة المقيمة ليلى المغربى واحيانا بالصوت المبدع صاحب الحنجرة الذهبية الراحل المقيم احمد سليمان ضو البيت مشاوير فى عقول المشاهير في أول مشوار أخطر حوار مع زعيم الأنصار الكتاب الذى يتناول حياة رئيس الوزراء سياسيا وفكريا وعقديا واجتماعيا ورياضيا فكنت اول صحفى يصدر كتاب عن السيد الصادق المهدي .
والجيل النابت الذى لا يعرفه أقدم له فذلكة تأريخيه مختصره لسيرته الذاتيه :
درس في خلوة الفكى على السيورى في الجزيرة أبا ثم فى خلوة الفكى احمد العجب في العاصمة ثم في مدرسة الاحفاد وبعدها التحق بكلية كمبونى ثم غادر إلى مصر والتحق بكلية فكتوريا فى الاسكندرية وكلية فكتوريا مؤسسة تعليمية بريطانية لتأهيل أبناء الأسر المتبرجزة في الشرق الأوسط عبر استلاب ثقافى فكرى حضارى
لهذا ثار السيد الصادق المهدي ثورته الأولى وقام مع بعض زملاءه الطلاب بحرق صورة الملك جورج فعاقبتهم الإدارة بتلاوة النشيد الصباحى :
فكتوريا فكتوريا يا عظيمة نحن نحمل اسمك ونباهى بذكرك .
وهنا تمرد السيد الصادق المهدى وغادر كلية فكتوريا وقفل عائدا إلى السودان إلى امدرمان وارتبط بالشيخ الطيب السراج لدراسة علوم اللغه العربيه والفقه الإسلامي وكتابة تأريخ المهدية وكان الشيخ الطيب السراج حامل لواء ثورة ثقافية متمردة على العصر الحديث كان من المفروض أن يلتحق بجامعة الخرطوم لدراسة الزراعة ولكن مجلس الجامعة رفض قبوله برغم نجاحه في الثانويه العامه حتى لا تكون سابقة .
ونسبة لأن أحد الحكام الإداريين الانجليز تنبأ له بأنه سوف يكون حاكما للسودان وكان عمره يومذاك الثانية عشر فلا غرو أن تم فيما بعد قبوله بجامعةإكسفورد وفيها نجح في تكوين الإتحاد الاسلامى وعقب تخرجه في الجامعة عاد إلى السودان وكان عمره يومذاك 21عاما وتم تعيينه مفتشا في وزارة المالية ونشط اجتماعيا وسياسيا فقابل كل قيادات الطرق الصوفيه السمانية والقادرية والتيجانية ودعاة السلفية الشيخ طحنون والإخوان المسلمون الشيخ علي طالب الله وبابكر كرار والرشيد الطاهر بكر وحسن الترابي ومع شيوخ الصوفية الحديثة الشيخ محمد عثمان البرهاني والشيخ عثمان اونسه ووثق علاقاته مع زعماء الايدولوجيات الاستاذ عبد الخالق محجوب الشيوعي والاستاذ بدر الدين مدثر الأمين العام لحزب البعث والاستاذ محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهورى.
سيرة السيد الصادق المهدي اكثر سيرة شخص عمل في السياسة في العالم الثالث توثيقا وقد قامت ابنته رباح بتدوينها ونشرها في 6مجلدات.
وبما أنه عارض نظام نميرى وعارض نظام الجبهة الإسلامية تم سجنه ثمان سنوات ونصف تمكن فيها أن يدرس ثلاثة الف كتاب كما تمكن أن يدون اجتهاداته في 113اصداره ما بين كتاب وكتيب .
صار رئيسا للوزراء مرتين ثم زعيما للمعارضة مرتين زعيم الجبهة الوطنية التى تضم حزب الأمة والاتحاد الديمقراطى والإخوان المسلمون واخيرا نداء السودان الذى ضم الجبهة الثورية حاضنة الحركات المسلحة ولفيف من الأحزاب ذات الوزن الثقيل التى كونت قوى الحريه والتغيير الامام الصادق المهدي اتفقنا معه أو اختلفنا سيظل معلما بارزا من معالم الحياة السودانيه الذى لا يمكن أن تخطئه العين .
من باب الوفاء نرفع الأكف تضرعا للسماء سائلين الله أن يمن عليه بعاجل الشفاء من الكرونا ومن كل داء إنه سميع قريب مجيب الدعاء .
واخر دعواهم انى الحمدلله رب العالمين .
بقلم
الكاتب الصحفي
عثمان الطاهر المجمر طه
باريس
30/10/2020

elmugamar11@hotmail.com
///////////////////

 

آراء