الانفصاليون ..وأسطورة (تانتالوس) … بقلم/جمال علي حسن

 


 

 

jamalgo2@hotmail.com

(التنبؤ بالمستقبل تمعن في الماضي) عبارة تصدرت مقدمة كتاب الدكتور منصور خالد، الصادر عام 2003 أي بعد توقيع بروتوكول مشاكوس بين الحكومة التي سماها نظام الجبهة والحركة الشعبية في 20/7/2002م، وكان منصور خالد مصراً على أن الذي يلزم تغييره ليس هو المواقع الوزارية وإنما ثقافة سياسية شوهاء ومترسبة.

وتحدث منصور في مجلده عن قرنق المفكر السياسي الذي كانت حربه الاولى مع اتباعه الانفصاليين وايمانه الراسخ بالوحدة، بل الوحدة الافريقية لاقتناعه بأن هذا السودان هو نتاج لحقائق تاريخية معاصرة بينها نسب وثيق، وان سودانه الجديد ليس طموحاً وإنما الهام لمن ارادها أن تحتل مكاناً تحت الشمس. ورفض منصور ان يكون مشروع قرنق مثل اسطورة (تانتالوس صديق الآلهة)، أي إغراء بشئ غير متوقع الحدوث.

  وكذلك يظن المؤتمر الوطني الذي يرفض عقلاؤه واسوياؤه ان يلحق المشروع الحضاري الذي يتبنونه بمصير الملك الاغريقي الذي اصابته لعنة الآلهة بعد أن أكل من موائدهم فكان عقابه هو الاغراق في الماء حتى ذقنه في حين تدلت فوق رأسه أغصان مثقلة بالفاكهة الشهية، ولكن ما امتد بفمه للماء ليتزود منه أو بيده للفاكهة إلا وارتدت بعيداً عنه

 لأنني لو لم أكن مخطئا فإن مصطلح المشروع الحضاري يطابق معناه معنى المشروع الاسلامي الحركي والذي تكون فيه الوحدة هدفا استراتيجيا ..

  هكذا ونيفاشا قد تكثفت سحب النوايا الحسنة في سمائها لحظة التوقيع حتى هطلت  في شتاء ممطر لم تبخل زهوره على القلوب كما بخلت على الشاعر فاروق جويدة في ( عذراً حبيبي).. ولم يكن لعلي عثمان محمد طه أن يعود بعد طول التفاوض بأشعار فاروق جويدة (عذراً حبيبي.. إن اتيت بدون ازهاري .. اليك)..

 

 

 

  فانطلق بخور السلام واحتفظ الجميع ببقايا استفهاماتهم في حقائب المساء على طريقة ( اليوم خمر وغداً أمرُ) وتعلقت اسطورة ( تانتالوس) في خيال المستقبل، لا يعرف أحد لمن سيهديها الشعراء لسودان الراحل قرنق الجديد ام للمشروع الحضاري، أم هى في (ذمة السلام)؟

 وكنا مثل منصور خالد نخاف على مشروع الوحدة من صعوبة احداث السلام الاجتماعي ونخاف من اشارات وتلميحات الجنوبيين الانفصاليين ان مابيننا وبينهم هي مسالة وقت لااكثر فلم يكن هناك (منبر انفصال شمالي ) يتسلى بنزع اوراق شجرة الوطن على حلم كاذب وفهم لاقدرة على العقلاء في تغييره لانه غير موضوعي اصلا..

لم نكن نخاف على وحدة البلاد من المهندس الطيب مصطفى لانه كان حتى ذلك الوقت (طيبا لايلسن إلا بالطيب)..فلسانه وعقيدته الاسلام الذي يحرض على الوحدة (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وشتان مابين التعارف والتنافر , فالتعارف هي دعوة للم الشمل وبذر الود ..إنه الخط الاستراتيجي لاي مسلم في هذه الارض. فاي مرجع يستند عليه دعاة الانفصال من شيوخ منبر السلام العادل ..هل هو يأس غير جائز في مشروع الدعوة الاسلامية نفسها ..ام هي حالة نفسية لاتقبل منطق التفسير الموضوعي مثل ان (نحب ونكره) هكذا ..ثم يريدون للوطن ان يخضع لهواهم وامزجتهم فيحب معهم من يحبون و(يكجن) من يكرهون..

فلو نادى سلفاكير بصوت الوحدة و بلغة واضحة وملء السمع والبصر يهومون في خيالاتهم الخربة ليفسروا حديثه بانه نداء للانفصال ..ثم يصرخون بصوت موتور ومريض (لافض فوك ياسلفاكير)!!   

 

 


Share your memories online with anyone you want anyone you want.

 

آراء