البحث عن العدالة (5)

 


 

 


khogali17@yahoo.com
منذ مطلع يناير 2014 وتصريحات قادة اتحاد العمال تتوالى بشأن الاجور، ومن النماذج:
- كونت وزارة المالية (يناير) لجاناً لحصر متأخرات العاملين بالولاية.
- المتأخرات (قديمة) بما يستدعي وضع معادلة بين (الواقع الاقتصادي للبلاد) و(حل مشكلات العاملين) بمعنى اخر على العمال والمأجورين (مراعاة الظروف الاقتصادية).
- اجراء مشاورات مع وزارة المالية (فبراير) لحسم ملف متأخرات الاجور للولايات السبعة.
- عقد اجتماع مع وزارة المالية (اكتوبر) لمناقشة موجهات ميزانية 2015 وتضمين قضايا العاملين في الموازنة وهي: زيادة الاجور، سداد المتأخرات، العلاوات والبدلات.
وترد احياناً تصريحات بربط (زيادة الاجور) مع رفع الدعم عن السلع الاساسية وهو ربط غير دقيق، ويجافي الامانة. فالمعلوم ان المجلس الوطني ومجلس الوزراء اقرا سياسة رفع الدعم منذ ميزانية 2012 (يونيو) كاملاً، ولا حاجة للحكومة لعرض الامر على المجلس الوطني ولا حاجة لوزير المالية لعرضه على الحكومة فتوصية المجلس الوطني وقرار مجلس الوزراء كان (الموافقة على رفع الدعم عن السلع الاساسية نهائياً مع تنفيذه بالتدرج).
وصندوق النقد الدولي طالب قبل اكثر من عامين برفع الدعم عن السلع بصورة كاملة 100% على اعتبار ان 3% فقط منه يذهب للفقراء، كما طالب بزيادة الضرائب والزام القطاع الزراعي بدفعها.
والصحف اليومية السودانية لا تقصر في نشر اخبار (مصدرها) المجلس الاعلى للاجور وتأكيد التزام وزارة المالية بزيادة أجور العاملين بالدولة في يناير 2015 وفقاً لتوصيات الشركاء الثلاثة. لكن لا احد يعلم بتلك التوصيات الا ان الاستاذ عبد الرحمن حيدوب حسم الامر، وهو رئيس المجلس الأعلى للاجور بوضوح. وانه لا زيادات متوقعة في الميزانية الجديدة لكن ستطبق زيادات في (بدل طبيعة العمل ما بين 10% الى 60%)
ومتأخرات العمال ممتدة منذ العام 2001 والمتأخرات ما بين 2005-2008 مبلغ 63 مليون جنيه. فيكون مثيراً للدهشة تصريحات قاعدة اتحاد العمال انه:
* تم تكوين لجنة (لحصر المتأخرات).
* تم تكوين آلية مشتركة بين (الاتحاد والمالية والمجلس الوطني) لمعالجة متأخرات وتعويضات العاملين بالدولة.
وبعض الولايات اتجهت لدفع متأخرات العاملين عن طريق تمليك قطع لاراضي (!) وولاية سنار (ضمن سبع ولايات) سدد لها اقل من 50% من متأخراتها منذ 2005 وجملة المتأخرات بالولاية 5.600 مليون جنيه.
ومعلوم ان الحد الادنى للاجور وزياداته في 2013 استند على:
1- تجميد المرتبات والأجور خلال 2004-2012
2- ارتفاع تكلفة المعيشة والغلاء.
3- رفع الدعم الجزئي عن السلع في يونيو 2012
4- زيادة اسعار المحروقات وزيادة ضريبة القيمة المضافة.
وقرارات يوليو 2012 الاقتصادية، بحسب وزارة المالية والاقتصاديين (الرسميين) ستنخفض التضخم مع نهاية العام 2012 الى 25% والواقع ان النسبة ارتفعت الى 40% واكثر. وكل ذلك كان دافعاً لاتحاد العمال للمطالبة بتعديل الأجور في ميزانية 2014 ولم يفعل او في ميزانية 2015 ولن يفعل فاتحاد العمال ملكي اكثر من الملك وفهم العاملون ان تجميد الاجور وعدم زيادتها (لثمانية سنوات) لم يوقف الغلاء ولا ارتفاع الاسعار.
عمال وسائقو سيارات النظافة بولاية الخرطوم اجورهم مجمدة (600ج) ولا تدفع ابداً في مواعيدها، ولا تطبق عليهم لوائح الخدمة. لا خطابات تعيين لهم ولا عقودات عمل. ولا وقاية لهم من الامراض المهنية التي قد يتعرضون لها، ومن غير المستبعد ان يكونوا خارج الحماية الاجتماعية ولا تنظيم نقابي لهم (واذا وجد فانه لا يعمل على ايجاد حلول لمشاكل العمال) اضرب هؤلاء عن العمل (اكتوبر) احتجاجاً على كل ذلك.. ولا معين
وفي (نوفمبر) تم تشريد اربعين من العاملين في فضائية الخرطوم باعتبارهم (متعاونين) دون انذار مسبق. ونفذ العشرات من العاملين في الاذاعة السودانية (نوفمبر) وقفة احتجاجية منددة بتأخير صرف استحقاقاتهم المالية (المتراكمة). ولا يعلم معلمون شيئاً عن العلاوه الاجتماعيه التي صُدقت في 2007 وبدأ صرفها في 2014 بكشوفات (الاموات من ضمنهم وغيرهم).
وولاية الخرطوم يوجد بها 2000 مؤسسة تعليمية و1.100 تنظيم نقابي و8 هيئات نقابية. هاجر اكثر من ثلاثة الف معلم من الولاية لضعف الاجور خلال فترة قليلة وبلغت متأخرات المعلمين 36 ملياراً في 2011 وتمت جدولتها لثلاث سنوات واصبحت المتأخرات في 2013 مبلغ 22 ملياراً ثم جدولة جديدة.. وهكذا
والقيادات النقابية وهي تحاول اقناع العمال بمراعاة ظروف البلاد الاقتصادية لم تطلب من الحكومة (خفض الانفاق) ولم تتحدث ابداً عن ضرورة وضع (حد اقصى للاجور) مثلما هناك (حد ادنى) فانتفت العدالة في توزيع الاجور (اعادة توزيع الثروة) والمنتجون يتعرضون لاقصى انواع الاستغلال. والعاملون في المكاتب (الوحدات الحكومية والجامعات) يقاسون افظع انواع الاذلال والتمييز بسبب الانتماء السياسي.
والحقائق بشأن اعداد المستشارين والخبراء الوطنيين والاجانب بعقودات (خاصة) غير معلومة اعدادهم ولا تكلفتهم المالية التي هي ضمن (الفصل الاول من الميزانية) الخاص بالمرتبات والاجور وهذه الاعداد وتلك التكلفة ستظل مجهولة، وستتضاعف بعد (التسوية السياسية الشاملة) والمصالحة الوطنية بين النخب الحاكمة والتي خارج الحكم ومنها المعارضة (الرسمية).واتفقت كل النخب على استبعاد العمال والفقراء واولادهم من تلك التسوية. ودلالة انها مجهولة العجز في ميزانية الفصل الاول والذي وصل حتى 25% من المبلغ المخصص للفصل حسب تقارير المراجع العام. الحقيقة ان الحكومة لا تعرف اعداد العاملين بالدولة وهكذا كل الدول الشمولية او التي تدثر نفسها بغطاء الديموقراطية الشكلية.
بذل (صديق رمضان) في نوفمبر جهداً مقدراً وهو يحاول توضيح الحقائق عبر تحقيق صحافي للتوصل لاعداد الدستوريين والتشريعيين وتكلفتهم في ولايات السودان الا ولاية الخرطوم (صاحبة الجلد والراس) ولم يشمل جهده اعداد (الخبراء والمستشارين في المنشآت المختلفة والذين تبلغ اعدادهم اكثر من ثلاثة الاف في ولاية الخرطوم!) ومخصصات الدستوريين والتشريعيين والمستشارين والخبراء الوطنيين تحكمها لوائح لكن هناك مخصصات تدفع خارج اللوائح وعند النظر للنتائج (الجزئية) التي توصل اليها نجد:
* 1.360 دستوري يتقاضون شهرياً 20 مليون وقيمة عرباتهم 130 مليون.
* مخصصات الوالي ورئيس المجلس التشريعي (11 الف) والوزير (9 الف) والمعتمد (5.75 الف) والمستشار ومعتمد الرئاسة (6 الف) وهذه مخصصات الفصل الاول. لكن للدستوريين مخصصات اخرى تبلغ تكلفة الدستوري 30 مليون قابلة للزيادة.
* بنود الصرف للمعتمدين مفتوحة لأنهم رؤساء لجان الأمن.
* جملة بدلات الوزير سنوياً 120 الف.
* البدلات لم ترد في اللائحة ولكن تدفع. ولا يقل البدل عن 20 الف وهي: بدل اللبس، بدل الاجازة، بدل المأموريات، بدل السكن، بدل الضيافة، بدل العلاج، فاتورة الهاتف، الاعفاء الجمركي، الحوافز والاعفاء من ضربة الدخل الشخصي.
* يوجد 518 دستوري و136 تشريعي (باستثناء ولاية الخرطوم) يصرفون مخصصات وزراء.
* المأمورية الخارجية 550 يورو في اليوم الواحد.
* لم يتم التعرف على اعداد وتكلفة العاملين مع الوزير (السكرتارية/الحرس/السواقين/الوقود)
* بالولايات، 17 والي و136 وزير و178 معتمد و518 دستوري.
* اعداد اعضاء المجالس التشريعية بعد استبعاد ولاية الخرطوم ومن ينالون مخصصات وزراء 706
* تكلفة الوالي ورئيس المجلس التشريعي حوالي مليار في العام من ضمنها (مال الاعانة والدعم الاجتماعي).
وفتح ونواب بالبرلمان النار على تجربة الحكم اللامركزي خلال السنوات الاربعة الماضية بحسب (سارة تاجر السر-نوفمبر 2014) بافرازها جيوشاً جرارة من الوزراء والمعتمدين والمستشارين بأكثر من 2.880
والحقيقة: ان 10% من العاملين يصرفون 90% من المبلغ المخصص للفصل الاول في الميزانية (المرتبات والأجور) و90% يتقاتلون على الـ10%
والحقيقة: ان ميزانية 2015 ستجاز دون زيادات في الأجور.
والحقيقة: ان عدم زيادة الاجور لن توقف الغلاء ولا ارتفاع اسعار السلع والخدمات الضرورية.
والحقيقة: ان احوال المعاشيين واولادهم مزرية وهم ضعفاء لا معين لهم.
والحقيقة: ان الانفاق الاجتماعي للدولة خارج الميزانية.
والحقيقة: ان منظمات الامم المتحدة والمانحين من الدول الاوربية ومساعدات دول عربية وعوائد المهاجرين هي التي تساعد العمال والفقراء واولادهم على البقاء احياء (!)
والحقيقة: ان اشادة صندوق النقد الدولي بدعم الدولة للاسر الفقيرة اعتمدت على (التقارير الرسمية).
انظر:
وزارة الضمان الاجتماعي والتي تدفع دعماً شهرياً للاسر الفقيرة، مائة ثم مائة وخمسون جنيهاً، وقعات في مخالفات كبيرة اماط المراجع العام اللثام عنها عن الفترة 27 يونيو 2011 وحتى 25 سبتمبر 2013 وهي:
- خصصت وزارة المالية مبلغ 125 مليون لحوالي مائة الف اسرة (خمسمائة الف نسمة) لكن المبالغ لم ترصد دفترياً بالوزارة وتم الاطلاع عليها بموجب مستندات البنك الخاصة به.
- غياب تام للمراجعة الداخلية.
- قامت الوزارة بتحويل مبلغ 3.596.167ج للحساب رقم 3141 وهو حساب خارج الوزارة صرفت منه مبلغ 438.698.81 لتسيير اعمالها (!)
- وان عدد 11.969 مستفيد لم يصرفوا مستحقاتهم لثلاث سنوات وهناك أخطاء في قائمة المستحقين للدعم الاجتماعي (اسماء لأسر ميسورة الحال)، (اسماء موظفين بالدولة)، (اسماء متوفين) و(اسماء غير موجودة اصلاً)!!
كما اضاف المراجع العام بأن المبلغ المخصص للمعاقين 35 مليون لم يصرفوا منه خلال السنوات الثلاث سوى 3.531.647ج
الحقيقة: ان المصالحة بين النخب لن تحل أزمة البلاد.
الحقيقة: ان العمال والمعاشيين والفقراء واولادهم خارج التسوية السياسية الشاملة وهذا لا يستقيم ولن.. وعاش السودان حراً مستقلاً والمجد للشعب..

 

آراء