البحث عن سلام أم “بل بس”

 


 

 

يعاني السودان منذ فترة طويلة من صراعات داخلية وخارجية تسببت في تداعيات سلبية على البلاد ، ناهيك عن الحرب المؤخرة التي لا زلت تبارح مدينة الخرطوم وبعض المناطق الأخرى. ومع مرور الوقت، ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 ولفترة ليست بالقصيرة يلاحظ المرء أن هناك لا جديد في أخبار السودان سوى المزيد من الدمار والتشريد والنزوح. وتواجه البلاد تحديات جسيمة تهدد استقرارها وتعيق تحقيق التقدم والازدهار الشامل. وتنشأ الكثير من النزاعات بين القوى المسلحة والمتمردين والجماعات المسلحة الأخرى، وتؤثر على الحياة اليومية للكثير من السكان، بما في ذلك العنف، والقتل، والتدمير الواسع النطاق. بجانب ذلك، تسببت هذه النزاعات في تزايد حالات التشرد والنزوح في السودان. العديد من الأسر تضطر لترك منازلها، لتنجو بحياتها وتفر من ويلات الحرب. يترتب على ذلك الأثر السلبي على الأفراد والمجتمعات، حيث يفقد الناس أماكن إقامتهم ومصادر رزقهم والوصول إلى الخدمات الضرورية مثل الماء والطعام والرعاية الصحية والتعليم. يضطر العديد من النازحين إلى البحث عن مأوى في مخيمات اللاجئين أو المدن الأخرى، مما يضعف من قدرتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم وتحقيق الاستقلالية. هذا يخلق أزمات إنسانية تزيد من ضعف البنية التحتية وتصعيد حدة التحديات الاجتماعية والاقتصادية في السودان.
تتطلب هذه التحديات التي يواجهها السودان استجابة حازمة وعمل جماعي من جميع الأطراف المعنية. يجب أن تعمل الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية معاً للعمل على توفير المساعدة اللازمة للنازحين والمتضررين وتوفير بيئة آمنة ومستدامة للجميع. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب السودان جهودًا مستمرة لبناء السلام وتعزيز العدالة والمصالحة بين جميع الأطراف المتنازعة. يجب أن يتم التركيز على إنهاء النزاعات المسلحة وبناء مؤسسات ديمقراطية قوية وتوفير فرص العمل والتعليم للشباب السوداني. باختصار، يشهد السودان معاناة مستمرة وتحديات هائلة تهدد استقرار البلاد ورفاهية شعبها. على الجميع أن يعملوا معًا لإيجاد حلول دائمة سلمية للنزاعات والمشاكل التي تعاني منها البلاد. ولكن بالمقابل هنالك معسكر آخر يدعوا إلى استمرار الحرب "بل بس" حتى اصبح يطلق على مدعي استمرار الحرب ب "البلابسة". وعلى رأس هذه الفئة هي جماعة الاخوان المسلمين أو ما يعرف ب "الكيزان" وهم الذين لفظهم الشعب السوداني عبر ثورته الميمونة في ديسمبر 2018، لكن يبدو أن الأيام القادمة لن تحمل سوى تداعيات الحرب وآفاتها الماثلة في النزوح القسري وهذا يؤدي إلى تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية والاجتماعية للنازحين ويزيد من عبء القوى الأمنية والمنظمات الإنسانية. اضافة إلى نقص الغذاء حيث تؤثر الحرب بشكل كبير على القطاع الزراعي والإنتاج الغذائي. ويدمر الصراع البنية التحتية والبنى الزراعية والري التي تعتمد عليها البلاد. هذا يؤدي إلى نقص الغذاء وانخفاض جودته، مما يزيد من حدة الجوع والمجاعة في المناطق المتضررة. علاوة على انعدام الأمن بحيث تتسبب الحرب في انعدام الأمن واستمرار العنف والصراعات المسلحة في السودان. وهذا يعني أن الحكومة لا تستطيع توفير الحماية الكافية للمدنيين وتسهم في انتشار الجريمة المنظمة واستغلال الأطفال واعتداءات جنسية وغيرها من أشكال الانتهاكات ضد السكان. ثم التدهور الاقتصادي ومن المعلوم تترتب على الحرب تداعيات اقتصادية سلبية، حيث ينخفض الاستثمار والإنتاج وتتأثر الأعمال التجارية والصناعية بشكل كبير. وتشكل الحرب عقبة كبيرة أمام التنمية الاقتصادية ويفقد السودان على العديد من الفرص الاقتصادية المحتملة. ناهيك عن انتهاكات حقوق الإنسان، فبات العديد من السودانيين يشتكون من انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في البلاد، بما في ذلك العنف الجنسي والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري. تعمل الأطراف المتحاربة على انتهاك الحقوق الأساسية للمدنيين وتستخدم أعمال العنف كأداة لتحقيق أهدافها السياسية. وما لا يحمد عقباه على الجيران في الإقليم هو التأثيرات الإقليمية بحيث يؤثر الصراع في السودان على الدول المجاورة، حيث ينشأ تدفق مستمر من اللاجئين والنازحين القادمين من السودان إلى تلك الدول. هذا يضع ضغوطًا كبيرة على الموارد والبنية التحتية للدول المجاورة ويؤدي إلى توترات إقليمية. بشكل عام يتسبب استمرار الحرب في السودان في تدمير الحياة اليومية للسكان وتعطيل التنمية وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. يجب العمل على إيجاد حل سياسي للصراع وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد لإحلال النمو والازدهار.

د. سامر عوض حسين
10 أكتوبر 2023

samir.alawad@gmail.com

 

آراء