التحول الديمقراطي في السودان و ظلال الليبرالية الحديثة
طاهر عمر
24 October, 2024
24 October, 2024
كثر من فلاسفة و علماء إجتماع أوروبا و إقتصادييها يؤكدون بأن مسألة لحاق العالم العربي و الإسلامي التقليدي بالعالم الحديث مسألة زمن ليس إلا و نحن نقول هذا القول و العالم العربي و الإسلامي التقليدي قد وصل الى نهاية طريقه المسدود بعد أن أصبح آخر قلعة لمقاومة أفكار الحداثة و نقول وصل لنهاية طريقه المسدود و خاصة أن العالم العربي يعيش هذه الأيام هزيمة تفوق هزيمته في كل من هزيمتي النكبة و النكسة و قد تفننوا في هروبهم الى الامام و تحايلوا على الهزيمة و سموها النكبة و النكسة.
إلا أن هزيمة حزب الله من قبل إسرائيل في هذه الأيام بعد أن ألحقت بحماس الدمار قد أكدت لأتباع الثقافة العربية الإسلامية التقليدية أن عالمنا المعاصر عالم لم تعد فيه إمكانية أن تتعايش حضارة إسلامية تقليدية تحاصرها أزماتها و تشجنها من صدمة الحداثة مع عالم حديث قد بداء يصفي حساباته مع الحضارات التقليدية كالحضارة العربية الإسلامية التقليدية كحضارة مأزومة و نتاج أزمتها الإختلالات السياسية في العالم العربي و الإختناقات الإقتصادية المتسلسلة و متسارعة في حدوثها.
في مطلع سبعينيات القرن المنصرم كانت هناك فرصة للعالم العربي التقليدي أن يجدد مسيرته التي فشل فيها جمال عبد الناصر لترسيخ قيم الجمهورية و بدلا من الإهتمام بقيم الجمهورية نجد أن حشود جمال عبد الناصر يرثها خطاب الإسلام السياسي المنغلق و تبداء من بعده حشود الإسلاميين و هوس الصحوة الإسلامية لتأخذ من العالم العربي و الإسلامي التقليدي نصف قرن من أوهام العودة للماضي الذهبي في وقت كانت أوروبا تتأكد في كل لحظة من أن إنفصال الليبرالية الحديثة و إبتعادها من أفق الليبرالية التقليدية قد تم بنجاح و قد مرت ثلاثة عقود من تجاوز أوروبا و أمريكا للكساد الإقتصادي العظيم و عليه يمكننا القول أن ديناميكية الكينزية و مسألة التدخل الحكومي و بعدها ديناميكية النيوليبرالية قد قد أخذتا أكثر من ستة عقود لكي تضيف لتجربة أوروبا أنها قد فارقت ظلال الليبرالية التقليدية بكل نجاح و ها هي أوروبا و أمريكا تدخل من جديد في ديناميكية الحماية الإقتصادية على أقل تقدير في الثلاثة عقود القادمة و هي من صميم الفكر الليبرالي.
أما العالم العربي و الإسلامي التقليدي فهو يعيش الآن في حيرة ما بعد الصحوة الإسلامية و فشل الخطاب الإسلامي التقليدي المنغلق و هذا طبيعي لنخب العالم العربي و الإسلامي التقليدي و قد كانت مخدرة بخطاب الإسلام السياسي على مدى خمسة عقود و بالتالي قد أضاعوا الربيع العربي لصالح الدكتاتوريات و الملوك و السلاطيين و الأمراء في العالم العربي التقليدي و كأنهم لم يدركوا بعد بأن التحول الديمقراطي ليس إلا مسألة زمان.
و بالتالي لا حيلة مع الإصلاح السياسي في النظم العربية التقليدية أي أن الإصلاح السياسي قد أصبح الممر الإلزامي للنظم العربية التقليدية و خاصة أن عالمنا المعاصر قد أصبحت أحداثه متسارعة و حينها يكون مسألة العودة لروح الربيع العربي كربيع الحريات تحصيل حاصل و ستتجاوز مسيرة الحريات عشرية الغنوشي الفاشلة في تونس و ستخرج ليبيا من قبضة الجماعات الإسلامية أما نابليون مصر أي السيسي فسوف تحاصره الإختناقات الإقتصادية المتسلسلة و لا تنقذه عرقلة التحول الديمقراطي في السودان.
و عليه وجب أن نقول للنخب السودانية أن التحول الديمقراطي يحتاج لأفق فكري جديد و بما أن الديمقراطية الليبرالية قد أصبحت الأفق الذي لا يمكن تجاوزه فيجب أن تتجه النخب السودانية لإكتشاف منابع الفكر الليبرالي نقول مثل هذا القول و الساحة الفكرية السودانية مجافية للفكر الليبرالي بشكل مخجل و هناك أسباب كثيرة جعلت النخب السودانية لا تنتبه الى أن الفكر الليبرالي ليس بفكر رميم كما يظن أتباع دكتاتورية البروليتاريا و قد نجحوا في زرع هذا الوهم في أفق النخب السودانية و هي تعتقد بأن الشيوعية و الفكر الإشتراكي هو الأفق الذي لا يمكن تجاوزه و هيهات.
نقول للنخب السودانية لا يمكنكم التحدث عن التحول الديمقراطي و أغلب أحزابكم هي أحزاب المرشد و الختم و الامام و الأستاذ الشيوعي و كلها على قطيعة كاملة مع الفكر الليبرالي في تطوره من مرحلة الليبرالية التقليدية و الى لحظة تبلور الليبرالية الحديثة و نلاحظ ذلك في خلو كتابات النخب السودانية من أدبيات الفكر الليبرالي حتى مقارنة بكتابات مفكري العالم العربي الإسلامي التقليدي مثلا نجد أن أفكار علي الوردي واضحة و صريحة في دعوته للفكر الليبرالي و في تصميمها و تخطيطها نجدها محشودة بأفكار فلاسفة الفكر الليبرالي عكس كتابات النخب السودانية يندر أن تجد فيها شرح لفكرة واحد من أفكار فلاسفة الفكر الليبرالي.
و مثل ما نجد وضوح أفكار علي الوردي عن الفكر الليبرالي نجد أن هشام شرابي في شوقه للتحول الديمقراطي قد كاد أن يعلن أن العالم العربي و الإسلامي التقليدي على موعد مع التحول الديمقراطي منذ فجر السبعينيات و هذا بسبب تشبعه بفكر الحضارة الأوروبية و تاريخها منذ عام 1870 و بالتالي كان هشام شرابي يظن أن العالم العربي يفصل بينه و بين الحضارة الأوروبية قرن لذلك ظن أن بداية سبيعينيات القرن المنصرم هي فجر نهضة العالم العربي التقليدي و بعدها سحب إقتراحه و لكنه قد ترك للأمل أبوابه مفتوحة على المستقبل القريب و على التحول الديمقراطي و الحريات و خاصة حرية المراءة بالنسبة له ينبغي أن تكون حرية المراءة قولا و فعلا و عليه كما نجد أفكار الليبرالية في فكر هشام شرابي فلا نجدها في أغلب كتابات النخب السودانية لا على صعيد الفكر الليبرالي السياسي و لا صعيد الليبرالية الإقتصادية في وقت نجد توهم النخب السودانية في فكر إشتراكي و شيوعية يظن مفكريها أن هناك عقل يسوق التاريخ لنهاية متوهمة.
المهم في الأمر بعد هزيمة حماس و تدمير حزب الله سينفتح إدراك العالم العربي على عالم جديد عالم ما بعد حيرة الصحوة الإسلامية و خطابها المنغلق و قد فتح على هزيمة أثبتت أن أتباع الخطاب الديني المنغلق في العالم العربي الإسلامي التقليدي و من ضمنهم حماس و حزب الله اللبناني يملكون عملة أهل الكهف فلا يمكنك أن تشتري بها من أفكار الحداثة و مثلهما في السودان أحزاب الطائفية أي أحزاب الختم و المرشد و الامام فكذلك تمتلك عملة أهل الكهف فلا يمكنك أن تشتري بها من أفكار الحداثة شئ.
بالمناسبة هزيمة حماس و حزب الله اللبناني و حصر إيران في زاوية ضيقة هي هزيمة الخطاب الديني المنغلق الى الأبد في العالم العربي الإسلامي التقليدي هذا على مستوى طرح الخطاب الديني على الصعيد السياسة أما هزيمته على مستوى عقل عصرنا الحديث فلك أن تحصر كيف جرت أحداث هزيمة حزب الله لكي توضح لك مدى فرق العقل الحديث الذي دارت به إسرائيل معركتها مع عقل حزب الله كحزب تقليدي لا علاقة له بعصرنا الحديث و مثلما أدارت إسرائيل معاركها بعقل حديث مع حزب الله و حماس فكذلك يدير عقل العالم الحديث معاركه مع العالم العربي التقليدي على صعيد الإقتصاد بكفاءة نادرة مع عقل عالم عربي تقليدي لا يعرف سبيله الى الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي الى أن يدرك العالم العربي التقليدي أن خلاصه يكمن في ولوجه في عوالم الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي.
و من هنا نقول للنخب السودانية أن خلاص السودان يكمن في مفارقة النخب السودانية لفكر الحضارة الإسلامية التقليدية المأزومة بسبب تشنج صدمة الحداثة و بسبب أزمتها ها هو السودان يعيش إختلالات سياسية متسلسلة و إختناقات إقتصادية لم تعرف النخب السودانية منها فكاك خلال سبعة عقود أي عقود ما بعد الإستقلال و السبب أن النخب السودانية كانت مجافية للفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي.
نقول للنخب السودانية يوم يعبر العالم العربي الإسلامي التقليدي الى ضفة التحول الديمقراطي ستعبر أفكار قليلين جدا من المفكريين في العالم العربي التقليدي مثل هشام شرابي و علي الوردي و محمد أركون و الطاهر لبيب و فالح عبد الجبار فمن من المفكرين السودانيين سيعبر معهم بفكره الليبرالي ليشهد أعراس الحداثة محتفي بالفكر الليبرالي؟
للأسف لا يوجد أحد من بين النخب السودانية يمكن تصنيفه و فكره بأنه ليبرالي على صعيد السياسة و الإقتصاد و يوقن بفكرة القطيعة مع التراث الديني المؤدلج ليفسح المجال لفكر النزعة الإنسانية فكر يفارق السبات الدوغمائي العميق و يفارق اليقينيات و الوثوقيات و الحتميات فكر يتوكاء على الشك و يتكئ على مشاريع النقد مفارقا للتراث الديني المؤدلج و مفارقا لأوهام الهويات القاتلة فكر ينتصر للفرد و العقل و الحرية فكر غير غائي و لا لاهوتي و لا ديني و لا يعرف نهاية للتاريخ لأن مسيرته تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى منفتحة على اللا نهاية في صميم ديالكتيكها علم الإجتماع كبعد معرفي يأتي كمتغير تابع للسياسة و هي تمثل الشرط الإنساني و ينزله على أرض الواقع أدب النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي.
في ختام هذا المقال نقول للنخب السودانية عندما تتحدثون عن التحول الديمقراطي ينبغي أن تتذكرون بأن هناك قرن من الزمن بالتمام و الكمال يفصلنا عن مفصل زماني يفصل بين الليبرالية التقليدية و الليبرالية الحديثة و كذلك يفصل بين فلسفة التاريخ الحديثة و فلسفة التاريخ التقليدية و للأسف أقول لكم ما يسود في أفكاركم و كتاباتكم هو فكر فلسفة التاريخ التقليدية و فكر الليبرالية التقليدية و عليه ينبغي أن تنتبهوا للفكر الذي يقود للتحول الديمقراطي و هو فكر فلسفة التاريخ الحديثة و ينبغي فهمها و إنزالها في كتاباتكم كأفكار تقطع مع التراث الديني المؤدلج و قد كثر أتباعه في السودان من كل شاكلة و لون.
عندما نتحدث عن التحول الديمقراطي نقصد بأن الديمقراطية الليبرالية ليست نظم حكم فحسب بل فلسفة تجسد فكرة العيش المشترك بعد أن تصبح بديلا للفكر الديني لان في ظل الفكر الديني لا يمكننا أن نتحدث عن المساواة التي تحققها الديمقراطية الليبرالية و بالتالي تصبح فكرة فصل الدين عن الدولة فكرة لا يمكن لا تجاوزها إذا أردنا أن نتحدث عن التسامح و نتحدث عن فكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد لأن التسامح و المساواة لا يمكن تجسيدهما في ظل الخطاب الديني أي دين.
taheromer86@yahoo.com
إلا أن هزيمة حزب الله من قبل إسرائيل في هذه الأيام بعد أن ألحقت بحماس الدمار قد أكدت لأتباع الثقافة العربية الإسلامية التقليدية أن عالمنا المعاصر عالم لم تعد فيه إمكانية أن تتعايش حضارة إسلامية تقليدية تحاصرها أزماتها و تشجنها من صدمة الحداثة مع عالم حديث قد بداء يصفي حساباته مع الحضارات التقليدية كالحضارة العربية الإسلامية التقليدية كحضارة مأزومة و نتاج أزمتها الإختلالات السياسية في العالم العربي و الإختناقات الإقتصادية المتسلسلة و متسارعة في حدوثها.
في مطلع سبعينيات القرن المنصرم كانت هناك فرصة للعالم العربي التقليدي أن يجدد مسيرته التي فشل فيها جمال عبد الناصر لترسيخ قيم الجمهورية و بدلا من الإهتمام بقيم الجمهورية نجد أن حشود جمال عبد الناصر يرثها خطاب الإسلام السياسي المنغلق و تبداء من بعده حشود الإسلاميين و هوس الصحوة الإسلامية لتأخذ من العالم العربي و الإسلامي التقليدي نصف قرن من أوهام العودة للماضي الذهبي في وقت كانت أوروبا تتأكد في كل لحظة من أن إنفصال الليبرالية الحديثة و إبتعادها من أفق الليبرالية التقليدية قد تم بنجاح و قد مرت ثلاثة عقود من تجاوز أوروبا و أمريكا للكساد الإقتصادي العظيم و عليه يمكننا القول أن ديناميكية الكينزية و مسألة التدخل الحكومي و بعدها ديناميكية النيوليبرالية قد قد أخذتا أكثر من ستة عقود لكي تضيف لتجربة أوروبا أنها قد فارقت ظلال الليبرالية التقليدية بكل نجاح و ها هي أوروبا و أمريكا تدخل من جديد في ديناميكية الحماية الإقتصادية على أقل تقدير في الثلاثة عقود القادمة و هي من صميم الفكر الليبرالي.
أما العالم العربي و الإسلامي التقليدي فهو يعيش الآن في حيرة ما بعد الصحوة الإسلامية و فشل الخطاب الإسلامي التقليدي المنغلق و هذا طبيعي لنخب العالم العربي و الإسلامي التقليدي و قد كانت مخدرة بخطاب الإسلام السياسي على مدى خمسة عقود و بالتالي قد أضاعوا الربيع العربي لصالح الدكتاتوريات و الملوك و السلاطيين و الأمراء في العالم العربي التقليدي و كأنهم لم يدركوا بعد بأن التحول الديمقراطي ليس إلا مسألة زمان.
و بالتالي لا حيلة مع الإصلاح السياسي في النظم العربية التقليدية أي أن الإصلاح السياسي قد أصبح الممر الإلزامي للنظم العربية التقليدية و خاصة أن عالمنا المعاصر قد أصبحت أحداثه متسارعة و حينها يكون مسألة العودة لروح الربيع العربي كربيع الحريات تحصيل حاصل و ستتجاوز مسيرة الحريات عشرية الغنوشي الفاشلة في تونس و ستخرج ليبيا من قبضة الجماعات الإسلامية أما نابليون مصر أي السيسي فسوف تحاصره الإختناقات الإقتصادية المتسلسلة و لا تنقذه عرقلة التحول الديمقراطي في السودان.
و عليه وجب أن نقول للنخب السودانية أن التحول الديمقراطي يحتاج لأفق فكري جديد و بما أن الديمقراطية الليبرالية قد أصبحت الأفق الذي لا يمكن تجاوزه فيجب أن تتجه النخب السودانية لإكتشاف منابع الفكر الليبرالي نقول مثل هذا القول و الساحة الفكرية السودانية مجافية للفكر الليبرالي بشكل مخجل و هناك أسباب كثيرة جعلت النخب السودانية لا تنتبه الى أن الفكر الليبرالي ليس بفكر رميم كما يظن أتباع دكتاتورية البروليتاريا و قد نجحوا في زرع هذا الوهم في أفق النخب السودانية و هي تعتقد بأن الشيوعية و الفكر الإشتراكي هو الأفق الذي لا يمكن تجاوزه و هيهات.
نقول للنخب السودانية لا يمكنكم التحدث عن التحول الديمقراطي و أغلب أحزابكم هي أحزاب المرشد و الختم و الامام و الأستاذ الشيوعي و كلها على قطيعة كاملة مع الفكر الليبرالي في تطوره من مرحلة الليبرالية التقليدية و الى لحظة تبلور الليبرالية الحديثة و نلاحظ ذلك في خلو كتابات النخب السودانية من أدبيات الفكر الليبرالي حتى مقارنة بكتابات مفكري العالم العربي الإسلامي التقليدي مثلا نجد أن أفكار علي الوردي واضحة و صريحة في دعوته للفكر الليبرالي و في تصميمها و تخطيطها نجدها محشودة بأفكار فلاسفة الفكر الليبرالي عكس كتابات النخب السودانية يندر أن تجد فيها شرح لفكرة واحد من أفكار فلاسفة الفكر الليبرالي.
و مثل ما نجد وضوح أفكار علي الوردي عن الفكر الليبرالي نجد أن هشام شرابي في شوقه للتحول الديمقراطي قد كاد أن يعلن أن العالم العربي و الإسلامي التقليدي على موعد مع التحول الديمقراطي منذ فجر السبعينيات و هذا بسبب تشبعه بفكر الحضارة الأوروبية و تاريخها منذ عام 1870 و بالتالي كان هشام شرابي يظن أن العالم العربي يفصل بينه و بين الحضارة الأوروبية قرن لذلك ظن أن بداية سبيعينيات القرن المنصرم هي فجر نهضة العالم العربي التقليدي و بعدها سحب إقتراحه و لكنه قد ترك للأمل أبوابه مفتوحة على المستقبل القريب و على التحول الديمقراطي و الحريات و خاصة حرية المراءة بالنسبة له ينبغي أن تكون حرية المراءة قولا و فعلا و عليه كما نجد أفكار الليبرالية في فكر هشام شرابي فلا نجدها في أغلب كتابات النخب السودانية لا على صعيد الفكر الليبرالي السياسي و لا صعيد الليبرالية الإقتصادية في وقت نجد توهم النخب السودانية في فكر إشتراكي و شيوعية يظن مفكريها أن هناك عقل يسوق التاريخ لنهاية متوهمة.
المهم في الأمر بعد هزيمة حماس و تدمير حزب الله سينفتح إدراك العالم العربي على عالم جديد عالم ما بعد حيرة الصحوة الإسلامية و خطابها المنغلق و قد فتح على هزيمة أثبتت أن أتباع الخطاب الديني المنغلق في العالم العربي الإسلامي التقليدي و من ضمنهم حماس و حزب الله اللبناني يملكون عملة أهل الكهف فلا يمكنك أن تشتري بها من أفكار الحداثة و مثلهما في السودان أحزاب الطائفية أي أحزاب الختم و المرشد و الامام فكذلك تمتلك عملة أهل الكهف فلا يمكنك أن تشتري بها من أفكار الحداثة شئ.
بالمناسبة هزيمة حماس و حزب الله اللبناني و حصر إيران في زاوية ضيقة هي هزيمة الخطاب الديني المنغلق الى الأبد في العالم العربي الإسلامي التقليدي هذا على مستوى طرح الخطاب الديني على الصعيد السياسة أما هزيمته على مستوى عقل عصرنا الحديث فلك أن تحصر كيف جرت أحداث هزيمة حزب الله لكي توضح لك مدى فرق العقل الحديث الذي دارت به إسرائيل معركتها مع عقل حزب الله كحزب تقليدي لا علاقة له بعصرنا الحديث و مثلما أدارت إسرائيل معاركها بعقل حديث مع حزب الله و حماس فكذلك يدير عقل العالم الحديث معاركه مع العالم العربي التقليدي على صعيد الإقتصاد بكفاءة نادرة مع عقل عالم عربي تقليدي لا يعرف سبيله الى الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي الى أن يدرك العالم العربي التقليدي أن خلاصه يكمن في ولوجه في عوالم الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي.
و من هنا نقول للنخب السودانية أن خلاص السودان يكمن في مفارقة النخب السودانية لفكر الحضارة الإسلامية التقليدية المأزومة بسبب تشنج صدمة الحداثة و بسبب أزمتها ها هو السودان يعيش إختلالات سياسية متسلسلة و إختناقات إقتصادية لم تعرف النخب السودانية منها فكاك خلال سبعة عقود أي عقود ما بعد الإستقلال و السبب أن النخب السودانية كانت مجافية للفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي.
نقول للنخب السودانية يوم يعبر العالم العربي الإسلامي التقليدي الى ضفة التحول الديمقراطي ستعبر أفكار قليلين جدا من المفكريين في العالم العربي التقليدي مثل هشام شرابي و علي الوردي و محمد أركون و الطاهر لبيب و فالح عبد الجبار فمن من المفكرين السودانيين سيعبر معهم بفكره الليبرالي ليشهد أعراس الحداثة محتفي بالفكر الليبرالي؟
للأسف لا يوجد أحد من بين النخب السودانية يمكن تصنيفه و فكره بأنه ليبرالي على صعيد السياسة و الإقتصاد و يوقن بفكرة القطيعة مع التراث الديني المؤدلج ليفسح المجال لفكر النزعة الإنسانية فكر يفارق السبات الدوغمائي العميق و يفارق اليقينيات و الوثوقيات و الحتميات فكر يتوكاء على الشك و يتكئ على مشاريع النقد مفارقا للتراث الديني المؤدلج و مفارقا لأوهام الهويات القاتلة فكر ينتصر للفرد و العقل و الحرية فكر غير غائي و لا لاهوتي و لا ديني و لا يعرف نهاية للتاريخ لأن مسيرته تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى منفتحة على اللا نهاية في صميم ديالكتيكها علم الإجتماع كبعد معرفي يأتي كمتغير تابع للسياسة و هي تمثل الشرط الإنساني و ينزله على أرض الواقع أدب النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي.
في ختام هذا المقال نقول للنخب السودانية عندما تتحدثون عن التحول الديمقراطي ينبغي أن تتذكرون بأن هناك قرن من الزمن بالتمام و الكمال يفصلنا عن مفصل زماني يفصل بين الليبرالية التقليدية و الليبرالية الحديثة و كذلك يفصل بين فلسفة التاريخ الحديثة و فلسفة التاريخ التقليدية و للأسف أقول لكم ما يسود في أفكاركم و كتاباتكم هو فكر فلسفة التاريخ التقليدية و فكر الليبرالية التقليدية و عليه ينبغي أن تنتبهوا للفكر الذي يقود للتحول الديمقراطي و هو فكر فلسفة التاريخ الحديثة و ينبغي فهمها و إنزالها في كتاباتكم كأفكار تقطع مع التراث الديني المؤدلج و قد كثر أتباعه في السودان من كل شاكلة و لون.
عندما نتحدث عن التحول الديمقراطي نقصد بأن الديمقراطية الليبرالية ليست نظم حكم فحسب بل فلسفة تجسد فكرة العيش المشترك بعد أن تصبح بديلا للفكر الديني لان في ظل الفكر الديني لا يمكننا أن نتحدث عن المساواة التي تحققها الديمقراطية الليبرالية و بالتالي تصبح فكرة فصل الدين عن الدولة فكرة لا يمكن لا تجاوزها إذا أردنا أن نتحدث عن التسامح و نتحدث عن فكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد لأن التسامح و المساواة لا يمكن تجسيدهما في ظل الخطاب الديني أي دين.
taheromer86@yahoo.com