التخلف كضعف النظام في السودان والحلول (3-4)

 


 

 

 

(1)

قد يثير غيرتك الأكاديمية أن يبحث ( سليمان سعيدي) في شأن السوداني، وهو غير سوداني. ويثقب بمبحثه جدر أسباب فشل الدولة السودانية، على أصعدة السياسي والاجتماع والاقتصاد ، متخذا المناهج العلمية وباحثا عن الأمل في إصلاح الشأن ، الذي خيب كثيرون من الأكاديميون السودانيون، وتركوا مصطلح فشل النُخبة عار من الملبس، ولم يتطرقوا للحلول الموضوعية والعلمية.
ربما نحاول في هذا المبحث أن نطرح الدراسة بصورة مُبسطة، ليبلعه العامة كقرص دلالي، يتيح للعامة الولوج للعلة وكيفية العلاج. وقد ضمنا بعض ذلك في الجزء الأول والجزء الثاني(2).

(2)
الفشل السياسي:
الفشل في خلق انتماء وطني يجعله يتجاوز الانتماءات التقليدية والقبلية والجهوية والطائفية والصراعات، التي تأخذ الطابع العنصري والجهوي والقبلي، الذي بدوره قاد إلى فشل الدولة السودانية. بالإضافة إلى ضعف الأحزاب والتنظيمات السياسية، فإن ارتفاع مستوى الفساد والمحسوبية والطائفية والجهوية، وصلت بالبلاد للنفق المظلم .إذا عدنا لقاموس ( بنفوين) للعلاقات الدولية، فهو يعرف الدول الفاشلة بانهيار القانون والنظام والخدمات الأساسية في دول تقترن بصراع اثنيات وطائفية مريرة. وفق التصنيف السنوي الرابع الصادر عن المجلة الأميركية ، فقد جاءت الصومال على رأس الدول الفاشلة برصيد 114.2 ويليها السودان 113 نقطة وفق معايير اجتماعية واقتصادية وسياسية.

(3)
حرب دارفور:
عرف اقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين، غذتها انتماءات قبلية، والنزاع على الموارد الشحيحة وتجارة السلاح، لتأقلمها مع الصراعات الداخلية لإفريقيا الوسطى، ويعتبر دارفور قاعدة تشاد الخلفية، فأغلب الانقلابات في تشاد تم تدبيرها من دارفور.
سنرى أن العنف في دارفور مدفوعا بمسألتين: محلية ووطنية: تركزت النقمة المحلية على الأرض، وهي ذات خلفية مزدوجة و عميقة، هي الإرث الاستعماري الذي قسم دارفور بين القبائل، الذي أعطى بعضها أراض وحرم الأخرى.
نحو اصلاح النظام السياسي السوداني.
ضرورة تبني النظام الفيدرالي.
النظام الحالي الفدرالي فشل لأن أنشئ بالقانون وليس بالدستور.

(4)
الدستور:
يتعين أن تنشأ الدولة الفدرالية بموجب دستور، يستند على عقد اجتماعي يتفق عليه الجميع وتوزيع السلطات، بل وفوق كل هذا يضع قيودا بحيث لا تتدخل إحدى المستويات في شؤون في شؤون المستوى الآخر، مخولة بالدستور وأي مخالفة تصبح عملا غير دستوري.
الديمقراطية.
الحرية والمساواة.
القضاء.
هي السلطة التي تختص بتفسير بنود الدستور، وتكون السلطة القضائية مستقلة تماما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
الفيدرالية المالية.
إصلاح النظام السياسي.
إصلاح الممارسات السياسية والأحزاب.
إجراء كل الأحزاب إصلاحات حقيقية داخل منظومتها، وايجاد نظام تدريبي للأعضاء والكوادر.
- على كل حزب سياسي طرح برامج حقيقية وواضحة للشعب.
- تبني وثيقة أخلاقية للممارسة السياسية وميثاق شرف تضعها الأحزاب وتلتزم بها.
- نشر ثقافة الالتزام بالدستور.
- إجراء تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات، وسقف الصرف على الحملة الانتخابية، وسلطة إعادة الفرز والزمن الكافي للجدول الانتخابي.
- إتباع أسلوب التمثيل النسبي في الانتخابات، بما لا يقل عن نصف مقاعد الجمعية التشريعية الاتحادية ومجالس الولايات.
- تقليص عضوية المجالس التشريعية الولائية، وتوسيع الدوائر الجغرافية لتتجاوز حدودها العرقية بقدر الامكان.

(5)
إصلاح نظام الحكم ومؤسسات الدولة:
أما الخدمة المدنية فقد أخل التسيس المستمر بنظمها منذ التطهير، وحتى التمكين، كما أن ضعف المرتبات والمخصصات.
الاصلاح يكون بالآتي:
- الاتفاق على صيغة للنظام السياسي والابقاء على شكل الحكم الاتحادي بعد مراجعته.
- انتخاب مجلس تأسيسي يمثل السودانيين عبر مفوضية الانتخابات لوضع الدستور الدائم للبلاد والقوانين المرتبطة بالعمل السياسي وعرضها للاستفتاء الشعبي.
- تقييد التقرير في القضايا المصيرية بالاستفتاء الشعبي.
- الحكم المحلي هو مستوى للحكم يقنن بالدستور وليس شأن ولائي.
- إصلاح قوانين الحكم المحلي وهياكله الإدارية والمالية، بحيث يكون المجلس المحلي ممثلا لرغبات الجمهور.
- تقوية ولاية وزارة الحكم اللامركزي المجلس الأعلى على الضباط الإداريين والاهتمام بتأهيلهم.
- إعادة النظر في هياكل مؤسسات الخدمة المدنية وكافة من يشغلون هذه الهياكل.
- إصلاح قوانين الخدمة المدنية.
- إعتاد الكفاءة في التعيين والترقية وليس الولاء أو الجهوية أو العرقية.
- حظر شاغلي مناصب مؤسسات الدولة من ممارسة العمل الاستثماري أو التجاري
إصلاح سياسة السودان الخارجية.
- صياغة استراتيجية واضحة للسياسة الخارجية تهدف لتوثيق، وتطبيع علاقات السودان بالمنظمات الدولية والفاعلين الدوليين، وإلى إعفاء ديون السودان وشطبه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
- تطوير فرص التعاون الخارجي في مجالي الدعم الفني والمالي.
- تنمية وتقوية العلاقات مع دولة جنوب السودان في مجالات استراتيجية.
- الاهتمام بتقوية العلاقات مع الجوار الإفريقي، وإنشاء منطقة تكامل على الحدود مع إثيوبيا.
- ضبط الخطاب السياسي الداخلي المتعلق بالخارج مع منع الحديث في مسائل السياسة الخارجية، وعلاقة السودان الدولية دون الرجوع لوزارتي الخارجية أو الإعلام.

(6)
إصلاح مؤسسات المجتمع المدني:
- النظر للمنظمات المجتمع المدني كفاعل حقيقي بين المجتمع والحكومة.
- إطلاق حرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وتعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات، ونشاطاتها في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية.
- إعطاء منظمات المجتمع المدني بعدها الجماهيري، والتأكيد على ديمقراطية نظامها الداخلي.
الإصلاح للخدمة المدنية:
- جهاز إداري كفء وفعال وقادر على مواكبة التغيير، وتحسن إدارة موارد الدولة وتقديم خدمة متميزة للمواطنين لنيل رضاهم. حيث كونت عدة لجان لعل أبرزها لجنة تنظيم الخدمة المدنية 1966 -1968، وهي من أهم لجان التي خرجت بتوصيات ورؤية واضحة للإصلاح، أعقبها مؤتمر الإصلاح الإداري 1969.
- مؤسسات الإصلاح الإداري 1971- 2010.
- وزارة الخدمة العامة والإصلاح الإداري 1971- .1981
- قسم التنظيم وأساليب والعمل بديوان شؤون الخدمة، وزارة المالية 1981-1989.
- الجهاز المركزي للإصلاح الإداري 1989 ( قرار مجلس الوزراء رقم 102 جلسة رقم 52).
- جهاز الرقابة العامة والتقويم الإداري مرسوم مؤقت 1994 وأجازه المجلس الوطني الانتقالي فبراير 1995.
- الإدارة العامة للتنمية والتطوير الإداري، بوزارة العمل والإصلاح الإداري (1995-2001).
- المجلس الأعلى للإصلاح الإداري 2001( مقرر مجلس الوزراء الموقر رقم 447).
- المجلس الأعلى للإصلاح الإداري 2008( قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 43).
- الأمانة العامة للمجلس الأعلى للإصلاح الإداري، وزارة تنمية الموارد البشرية( مرسوم دستوري رقم 22 لسنة 2010).

(7)
أما الحلول المقترحة:
- إعادة هيكلة المؤسسات والأجهزة الحكومية وإعادة بناء أجهزة الإصلاح الإداري الاتحادية، والولائية وتمكين مشروع الإصلاح الإداري بالولايات، ووضع هياكل وظيفية وترشيح خمس مرشحين يمثلون 14 ولاية، ليكونوا النواة العملية للأمانة العامة لمجالس الإصلاح الإداري الولائي، وذلك بعد مضي 37 عاما من فكرة الولايات.
- دمج الهياكل التنظيمية والوظيفية للأجهزة ذات الاختصاصات المتشابهة في جهاز واحد يتبع لرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء، ويتمتع بسلطات واسعة مستمدة من الدستور.
- دعم الأجهزة بكوادر متخصصة أكاديميا ومهنيا ذات كفاءة وخبرات متنوعة لتسهم في قيادة التطور.
- تفعيل وحدات التطوير الإداري والجودة الاتحادية 35 وحدة وتعميمها على مستوى القطاعين العام والخاص.
- نشر ثقافة التطوير والجودة خلال الزيارات، وندوات من عمل القيادة التنفيذية والوكلاء والأمناء العامون والمدراء وشرح الثقافة لكافة المستويات.
- تدريب ضباط التطوير الإداري والجودة خلال دورات حتمية ومتقدمة.
- يجب الا ينظر لإصلاح الخدمة بمعزل عن تطوير المجالات الأخرى.
- حياد الأجهزة السياسية والتركيز على حرفية واستقلالية أجهزة الإصلاح من خلال مقومات دعائم الديمقراطية.
- حشد القبول والدعم لبرامج الإصلاح من كافة شرائح المجتمع قيادة وقاعدة وتناغم جهازي التشريع والسياسة، والخدمة المدنية من جهة أخرى.
- تسهيل وتبسيط الإجراءات لرفع كفاءة العاملين وتسهيل أداء الأعمال وإنشاء مراكز خدمة شاملة ومراجعة القوانين واللوائح ونظم تقديم الخدمات.
ولابد أن تتسم المدرسة المقترحة لتأهيل العاملين:
- أن يعلم بأن الخدمة للمواطنين هي مقدمة اهتماماته.
- أن يدرك بأن الفساد ضار ويرفضه الشرع والقيم والرقابة الذاتية.
- إرشاد الموظف بقوانين ضوابط الخدمة المدنية.
- الوظيفة التزام وطني يمليه الضمير الحي.
إصلاح السياسات الاقتصادية:
السياسة النقدية
أهمية النظام المصرفي.
أهمية تبني سياسة ضرائبية سليمة.
للأسف الشديد قامت الحكومة ببيع المؤسسات الحكومية بأسعار ضئيلة لمؤيديها.
ضرورة معالجة الدين القومي:
تتمثل المديونية كصندوق النقد الدولي ونادي باريس الذي يمثل تجمع الدول الأوربية
لمراجعة الديون يمكن وضع المقترح الآتي:
- إعادة جدولة الديون.
- إلغاء الدين.
- مبادلة الدين والمساهمة في تنمية المناطق المتضررة بالحرب.
تطور القطاعات المنتجة.
القطاع الصناعي.
التوصيات الواجبة للنهوض.
- رفع مساهمة الصناعات التحويلية وزيادة المساهمة في الصادرات.
- رفع الكفاءة الانتاجية.
- العمل على الاكتفاء من جميع السلع الاستهلاكية والغذائية وترابط القطاع الزراعي مع القطاعات الأخرى كالتقانة والتجارة والخدمات.
- اتباع سياسة آلية السوق في الانتاج الصناعي وتبني سياسات لتوجيه الانتاج الصناعي للتصدير
- تطبيق متطلبات إدارة الجودة الشاملة في الموصفات القياسية.
- تطبيق الصداقة البيئية في المناطق الصناعية من خلال:
1 نشر مفاهيم وسبل تحقيق الأمن والسلامة الصناعية.
2 استنباط تقنيات بيئية تتلاءم مع ظروف السودان.
3 تخطيط موازنة بيئية في المنشآت الصناعية.
4 ترسيخ مفاهيم إدارة المخلفات الصناعية وإعادة الاستخدام والتخلص السليم والآمن:
- إنشاء وتطوير مناطق المجتمعات الصناعية.
- تقديم تسهيلات والرعاية للتنمية الصناعية الوطنية.
- العمل على تسهيل الحصول على تمويل لقطاع الصناعات التحويلية، عبر مؤسسات التمويل الوطنية والاقليمية والدولية.
- تنمية الموارد البشرية لمقابلة الصناعات التحويلية:
1 الاستمرار في تنظيم الإطار المؤسسي لاستقبال المتغيرات في قطاع الصناعات.
2 تبديل أنماط العمل وعلاقات العمل والإنتاج.
3 وضع آليات التعاون والتنسيق بهدف تقوية إدارة التقنية.
4 تطوير الأداء وأساليب الإدارة ورفع الانتاج.
5 الاهتمام بالموارد البشرية برفع القدرات والمهارات.
6 تبادل التجارب في التنمية البشرية مع الدول الشقيقة والمنظمات الاقليمية والدولية.
خلق قاعدة كبيرة للصناعات الصغيرة والحرفية لتحقيق تنمية ولائية وقومية شاملة من خلال:
1 العمل على نقل وتوطين التقنيات الحديثة في الصناعات الحرفية والصغيرة.
2 تطوير تقنية انتاج المنشآت الصغيرة وإكسابها القدرة على المنافسة.
3 الارتقاء بالقدرات الفنية والتصميمية وعناصر المواصفات والجودة في الصناعات الحرفية والصغيرة.
4 ربط قطاع الصناعات الصغيرة والحرفية بالجامعات ومراكز البحث العلمي والمؤسسات الوطنية والاقليمية والدولية.
5 توفير المعلومات الفنية وقواعد البيانات التي تحتاجها الصناعات الصغيرة والحرفية.
6 إنشاء تجمعات للصناعات الصغيرة والحرفية.
- تشجيع قيام الصناعات الثقيلة وصناعات المعدات والآليات والصناعات الهندسية الأخرى وتقنياتها بالبلاد والعمل على تصديرها.
- مواكبة التطور والتقنية والمعلوماتية في القطاع الصناعي والاهتمام بتبادل المعلومات الحديثة.

عبدالله الشقليني
8أغسطس2020

alshiglini@gmail.com

 

آراء