الترابي . . والديمقراطية …. بقلم:علاء الدين محمود
علاء الدين محمود
14 April, 2009
14 April, 2009
يبرز الترابي في الصراع السياسيي في السودان في صورة المعارض الاشد بأسا في الساحة السياسية السودانية ومن مجموع القوى المناهضة للانقاذ التي لا تزال تهيمن على حكم البلاد رغم انف نيفاشا التي عول الكثيرون عليها جهة ان توسع من قاعدة المشاركة في السلطة وبالتالي ارخاء يد المؤتمر الوطني القابضة على السلطة وبالتالي السير نحو التحول الديمقراطي ولكن وبعد مرور اربعة اعوام على اتفاق نيفاشا يرى العديدون ان يد المؤتمر الوطني مازالت هي العليا ومازال منهجه وعقليته هي السائدة في ادارة البلاد وسوس العباد والمفارقة ان د حسن عبدالله الترابي عراب نظام الانقاذ والاب الروحي له يصبح بعد خروجه من السلطة في عام 1999م هو المعارض الاشرس للنظام الذي بناه وحلم به وفخر به وبعد ان كان الترابي لا يعترف بالديمقراطية والتعددية ويرى فيها شركا سياسيا صار بعد تاريخ اخراجه من السلطة الداعية الاشد للديمقراطية وما يطلق عليه ( بسط الحريات ) وفي لحظة تؤكد توصيف خصومه له بان للرجل مقدرة نادرة في التحول من الموقف الى الموقف النقيض اصبح الترابي بين ليلة وضحاها _ في وعي الكثيرين _ حاملا للواء الحريات والاصلاح السياسي في البلاد بعد ان اعلن انه سيستغفر الله على اخطائه في الحكم ، مترفعا على الاعتزار للشعب السوداني مبررا ذلك بانه لن يقدم ولن يؤخر مقدما اعترافا بإن الحركة الاسلامية السودانية لم تكن مؤهلة للحكم حين استولت على السلطة في البلاد بانقلابها العسكري في 1989م وأخذ د الترابي يكرر ما ظل يردده في الندوات واللقاءات الصحفية في الداخل، منذ الاطاحة به في الرابع من رمضان 1999م حتى وقع ذلك لدى القوى السياسية التي كانت تعارض سلطة الانقاذ موقعا حسنا ومقبولا خاصة في ظل عجزها هي عن مواجهة الانقاذ بل اعلانها ذلك العجز وتخليها عن مقارعة السلطة من اجل اسقاطها وربما لهذا السبب اصبح الترابي في رأي العديدين بما فيهم مثقفين هو المقارع الابرز لسلطة الانقاذ وقد تداعت، بالمعنى الحرفي للكلمة _ كما يقول الاستاذ الخاتم عدلان _ الأحزاب السياسية السودانية، أو أغلبها، مستقبلة الترابي بالأحضان، ومطمئنة نفسها بأنه صار من دعاة الديمقراطية الكبار ومن منظريها الذين لا يشق لهم غبار، متبعة بعض المثقفين الناشرين للأوهام، والذين نصبوه قائدا للبعث الإسلامي الجديد، قبل أن يسقط من سدة الحكم. الى ان يقول الخاتم عدلان ان الاحزاب السياسية الرجعية منها والتقدمية بدلا من ان تزداد حكمة من تاريخ الرجل وكتاباته ومواقفه من الديمقراطية فإنها تخف لتحتضن الترابي وتكافئه على عودته التي يصفها الخاتم بالكذوب إلى ساحة الديمقراطية الموهومة. ويدفع الخاتم بعدد من مايعزز ما ذهب اليه في حديثه عن الترابي عندما يقول ان هذا الرجل يفخر ما يزال بحل الحزب الشيوعي، الذي يمكن أن يؤرخ به إنهيار الديمقراطية اللبرالية في السودان وان الترابي يعلن في أكثر مواضع أن "الديمقراطية" ليست هي طريق " الإسلام" للوصول إلى الحكم. فهو يقول عن حركته أنها بعد ثورة أكتوبر " تبينت مدى زيف الاشكال الديمقراطية في تمثيل إرادة الأمة" ويواصل فيقول ان الديمقراطية، حيثما كانت، خاطئة من حيث نظريتها ذاتها " فالحركة تعلم أنها في السودان أشد زيفا واسرع تلفا من جراء الخلل السياسي الداخلي والتدخل الإمبريالي الخارجي . ويرى بعض المحللين السياسين ان ضعف القوى السياسية بالداخل لاسباب مختلفة ولزهدها الواضح في مقارعة النظام قد عزز من بروز الترابي في الساحة السياسية كمعارض اشد ومواجه للسلطة اكثر شجاعة ولعل ذلك برز واضحا في العديد من المواقف السياسية خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور ومايتعلق بازمة الجنائية ففي حين اثرت القوى السياسية التي كانت تقف في صف المعارضة قبل ان تنزع عنها وبرغبتها هذه اللافتة ( المعارضة ) وتختار العمل تحت لافتة جديدة ( القوى الوطنية ) في حين اثرت هذه القوى السلامة واختارت ان تقف الى جانب رئيس الجمهورية فان زعيم المؤتمر الشعبي قد اختار المواجهة عبر موقف واضح ومعلن مازال يردده في جميع المناسبات كان اخرها في مؤتمره الصحافي امس والذي قدم من خلاله د الترابي ورقة حزبه الخاصة بطرح رؤية (لتجاوز ازمات السودان السياسية) والتي هي استمرارا للطرح الديمقراطي الذي تبناه الترابي في اعقاب المفاصلة الشهيرة مع المؤتمر الوطني وهذا مايبرز في الورقة التي ترى أن من أولويات المرحلة الحالية إجراء إصلاحات شاملة في قضايا جوهرية أهمها أن ينهض حكم انتقالي بمسؤولية اصلاح الدستور والقانون الجنائي الموضوعي والإجرائي من القيود على نقد السلطة وما فيها من ولاة وسياسات وإصلاح القانون الصحافي واطلاق حرية الانتداء والتظاهر لكل أحد دون استعمال القوة أو السلطة، وتعديل قانون الامن الوطني والغاء أي سلطة لفرض الاعتقال التحفظي. وتدعو إلى أن يشمل عهد الانتقال وضع قانون لمكافحة الفساد ومعاقبته لجزاء سوابقه وسد ذرائعه، وبسط المساواة في المسؤولية الجنائية ورفع كل الحصانات، لتجنب امتداد العدالة الجنائية الدولية على البلاد اكثر مما حدث، وحماية استقلال القضاء، وذلك بقانون يمنع التأثير على القضاة، ويمنع المحاكم الاستثنائية وتقدم الورقة التي تدعو اخيرا الى قيام حكومة انتقالية للخروج من الازمة السودانية غزلا رفيعا في ضرورة بسط الحريات العامة عندما تقول ان الحرية حق اصيل لكل احد يمارسها اعتقادا واجتهادا وتشارورا وسعيا للكسب . وان كان تيارا لايستهان به يرى في موقف الترابي الان من الحريات والديمقراطية والعدالة عودة طيبة مباركة الى محجة الديمقراطية البيضاء بعد استغفار واعتزار فان هنالك ايضا من يحزر من ان يصبح الترابي هو البديل للمعارضة الديمقراطية لنظام الانقاذ