التراكم الرأسمالي الاولي ونظام المؤتمر الوطني 1989 – 2019 (6/8)
طارق بشري (شبين)
29 July, 2022
29 July, 2022
رؤية ماركسية أولية — (6 من 8)
tarig.b.elamin@gmail.com
طارق بشري (شبين)
الذهب والبترول – تسوماني التراكم الرأسمالي
التراكم الرأسمالي و استحواذ أكبر قدر من الثروة من 1989 الى 2019 تمرحل فيما نتصور علي شكل موجات متداخلة و من هذه الموجات هي موجة الأموال المتراكمة اثر الطفرة البترولية و التي بدأت منذ نهاية العقد الاخير من 1990 وإلى العقد الأول من 2000 و موجة أخرى أعقبتها هي الأموال المتراكمة أثر انتاج وتصدير الذهب وهي موجة عاتية لازالت تموج في بحر التراكم الرأسمالي منذ 2011 إلى الآن.
يمكن تحليل الاستحواذ على الريع المتحصل عليه من صادرات البترول و الذهب كتاريخ للعلاقة بين الدولة والسيطرة المطلقة للجبهة الإسلامية عليها. لهذا النزاع على ريع البترول و الذهب بوساطة الدولة. في هذا القسم، سنقوم اولا بعرض بعض البيانات و التي تقدر كميات الأموال التي تحصلت عليها الدولة و مع ملاحظات اولية حول البيانات في حد ذاتها و التي منها أن البيانات الرسمية غير موثوق فيها لاسباب ايديولوجية استدعت الاسلاميون ان يخفوا لشي في (نفس الجنرال و نخبته الاسلاموية) اخفاء البيانات الحقيقية و التي تعكس الواقع واقع الريع المتحصل و منها الأسباب الفنية و التي منها تخلف و تهرل أجهزة الدولة الإحصائية و لهذا فإننا هنا نعتمد علي بعض البيانات المعتمدة دوليا من مثل البنك الدولي وغيره من المنظمات الدولية ذات الصلة بالبيانات الاقتصادية و الصحف و المواقع الاسفيرية و ثانيا قد نعدد بعض الآليات و القنوات التي تراكمت عبرها الثروة الاجتماعية بما هي الاستحواذ على الريع المتحصل عليه بمليارات الدولارات من صادر البترول و الذهب.
الدولة البرجوازية والرأسمال ليسا بنيتين منفصلتين، لكنهما، بدلاً من ذلك، كل منها لحظة ديناميكية وتاريخية لذات علاقات الإنتاج و التي تحمل في داخلها التناقض و الصراع . ويترتب على ذلك حدوث تغييرات في وضع السياسات على أنها تعبيرات سياسية عن الصراعات الطبقية المتجذرة في عمليات تقييم رأس المال . وبالتالي، فإن الدافع لتحويل الشكل السياسي للدولة البرجوازية ينشأ داخل العلاقات الاجتماعية للرأسمالية بدلاً من بعض الأشياء التاريخية التي تدور في الفضاء الخارجي(2001 Susunan ). الدولة ما بعد الاستقلال السياسي و بخاصة في عهد وصول الجبهة الاسلامية للسلطة عبر الانقلاب العسكري اتسمت بأنها تعتمد على اقتصاد ريعي قائم على تصدير السلع الزراعية و من بعد البترول بدا من 2005 و من بعد الذهب بعد ذهاب أكثر من 75% من مناطق إنتاج البترول إلى دولة جنوب السودان.اقتصاد ريعي لم يتغير بنيويا عما كان عليه الاقتصاد الكولونيالي و هي بشيء عملية إدارة ما يمكن أن نسميه هندسة اجتماعية تاريخية معينة بين ثلاثي الدولة و الرأسمال و العمل. الريع النسبي والمطلق كأرباح غير عادية تظل دائمة بسبب الملكية الخاصة لشروط الإنتاج غير القابلة للتكرار المتنازع عليه اي الريع من قبل طبقات وشرائح مختلفة من الطبقة الاجتماعية هذه أو تلك. يمكن تحليل التاريخية التي نحن بصددها أي من من 1989 الى 2019 تاريخ لهذا النزاع على ريع النفط و الذهب، بوساطة الدولة.
اكتشف السودان النفط في عام 2005، تشير التقديرات إلى أن صادرات النفط السوداني إلى الصين كانت في 2001ما قدره 1 مليار دولار. في 2002 ما قدره 900 مليون. في 2003 ما قدره 1.5 مليار و في 2004 ما قدره 2.5 مليار. في 2005 ما قدره 3.200 مليار و في 2006 ما قدره 4 مليار . وفقا لبيانات البنك الدولي كانت نسبة ريع البترول من الناتج الإجمالي القومي في 1999 ما نسبته 2 % و في 2000 ما نسبته 10 % و في أعوام 2001 الى 2003 ما نسبته 7% لكل عام و يقفز إلى 17% في عام 2005 و يسجل أعلى مستوى له في 2008 ما نسبته 23 % و يتراجع قليلا إلى 21% في عام 2011 وبعد الانفصال تراجع إلى 5% في 2013.
أن تزوير البيانات و التي تتعلق بإنتاج البترول و الذهب كانت هي الية من اليات الاحتيال السياسي و الايديولوجي من اجل اخفاء كميات الريع المتحصل وهذه الالية لا تنفصل من صناعة الزيف و التي وفرت لها كل الدعم المالي لكي تشتغل في الفضاء المدني ما بين الدولة و المجتمع.و منذ بدء إنتاج البترول في 2005 كانت الشفافية محل الشك الكبير و على سبيل المثال نورد هنا بعض التقارير و التي حفرت عميقا في الأرقام الرسمية المتعلقة بإنتاج وتصدير البترول و من هذه التقارير :ما تم كشفه عن عمليات التلاعب في صادرات البترول والذهب في السودان في الفترة من 2012- 2018. والذي بلغ بلايين الدولارات، لم تدخل الخزينة العامة نتيجة الغش في الفواتير والمعايير المتعلقة بالتجارة الدولية, وقد قامت منظمة الشفافية العالمية باستخدام بيانات من إدارة الاتجاهات الإحصائية للتجارة التابعة لصندوق النقد بإعداد تحليل لفجوة القيمة، للكشف عن التلاعب في الفوترة ذات الصلة بالصفقات السودانية في التجارة العالمية. وتعرف المنظمة فجوة القيمة بأنها هي الفرق في القيمة بين ما تعلن عنه بلدان في تبادلتها السلعية الثنائية. من إجمالي 374 علاقة تجارية ثنائية تم فحصها ما بين السودان وسبعين من شركائه التجاريين خلال الأعوام 2012-2018، أورد السودان أن قيمتها الإجمالية بلغت 65 بليون دولار. غير أن تحريات المنظمة بينت فجوة في القيمة مقدارها 30,9 بليون دولار. وهي تقارب 50% من إجمالي صادرات السودان خلال تلك الفترة .فقد أفصح السودان عن تصدير 62,3 مليون برميل من النفط، أما شركاء السودان التجاريين فقد كشفوا أنهم استوردوا 112,2 مليون برميل، وهي فجوة تبلغ 49,9 مليون برميل، تمثل 80,1% من إجمالي ما أفصح عنه السودان من صادرات بترولية.و بذات منهج التلاعب بأرقام صادرات البترول تم التلاعب بأرقام صادرات الذهب. حيث أورد بنك السودان ما بين 2012 - 2018 تصدير 205446 كيلو غرام من الذهب، بينما أورد شركائه التجاريين واردات من الذهب بلغ حجمها 404732 كيلو غرام بفجوة بلغت (200 طن). وهذا يساوي 97% من حجم ما أعلنه السودان كصادرات. وتبلغ فجوة القيمة 4,1 بليون دولار. إذًا بنك السودان أورد أن قيمة صادراته من الذهب بلغت 8,6 بليون دولار بينما أورد الشركاء التجاريين أن واردات الذهب من السودان قيمتها 12,7 بليون دولار. وتبلغ فجوة القيمة ما نسبته 47,7% من إجمالي القيمة التي أعلنها السودان لصادراته و لمزيد من التفاصيل انظر( قرشي عوض الراكوبة مارس 2022(
اضافة الى الاحتيال السياسي و صناعة الكذب بخصوص البيانات الرسمية و التي كانت تصدر أرقامها حول كميات الإيرادات العامة من قبل وزارة المالية وبنك السودان و الوزارات المعنية الأخرى من مثل وزارة الطاقة و التعدين.اعتمدت سلطة الراسمالية الطفيلية على تعظيم تراكم الثروة اضافة على الوسائل السياسية علي اليات الدولة التشريعية و القانونية و من هنا أبدت السلطة عبر مفاوضيها حول الحرب و السلام اهتمامها بتمرير النصوص القانونية و التي تؤمن لها تعظيم ثروتها من عائدات البترول و ربما نشير هنا على سبيل المثال الفصل الثالث من اتفاق السلام الشامل و الذي وقعته حكومة المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية بقيادة قرنق ، الذي يعالج تقاسم الثروة ، يبدأ بـ بشأن المبادئ التوجيهية لضمان التقاسم العادل للثروة المشتركة. الجزء الثاني تتعلق بملكية الأراضي والموارد الأخرى. ويلي ذلك ثلاثة أقسام (مفصلة) تتناول النفط وإدارته وتطويره وتقاسمه بالإضافة إلى إنشاء هيئة وطنية للبترول. القسم السادس مخصص لتقاسم الإيرادات غير النفطية. عناوين الأقسام الأخرى هي في تفاصيل عدالة و كيفية تخصيص الموارد على المستوى القومي ، ومستوى الجنوب (قبل الانفصال). بشكل عام، هذا من بين أمور أخرى يشير بوضوح: (أ) مركزية قضية النفط ، (ب) الجهود الهائلة المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الشواغل الاقتصادية الرئيسية (ج )الطابع الناشئ المتميز للجنوب إزاء الشمال( مرجع ).و نضيف أن هذا الاغراق في التفاصيل يعكس أهمية البترول و عوائده النقدية التي تفوق عدة مليارات سنويا في الاقتصادي السياسي للترول و أهميته لحكومة المؤتمر في تراكم الثروة ورأس المال و هي هي مثل عوائد الذهب ضربت عليها السرية التامة.بالضرورة النظرية و العملية بمكان توظيف مناهج الاقتصاد السياسي للقانون في الدراسة الملموسة لكيف أن حكومة المؤتمر الوطني قد وظفت القانون ليخدم تراكم الثروة بيد الاقلية الحاكمة.
و قد كانت العوائد المليارية – مليارات الدولارات المجنبة – من البترول مثلا بمثابة باب دائري(revolving door) تمر عبره علاقة الترابط بين السلطة و الشركات المتعدية الجنسية (مثلا الشركة الصينية للبترول) و منه تعبر أموال مجنبة الي المؤسسات التنظيمية والأيديولوجية للحركة الاسلاموية بهدف تمكينها الاقتصادي (مثلا منظمة الشهيد و الدعوة الإسلامية الخ) ومنها تعبر أموال مجنبة الى المؤسسات الامنية و الشركات المتفرعة منها و منه تعبر اموال من اجل شراء الولاء السياسي و منه تعبر اموال الي شركات خاصة تعمل في مجالات الزراعة والتجارة من صادرات و واردات الخ.و كان يتم كل هذا في مناخات النيوليبرالية و التي مورست عمليا منذ 1992. يلعب دور توازن القوة بين الدولة و الية السوق والسوق هنا يقرا بكونه غير محايدا علي الاطلاق- ليس هناك ما يسمى بسوق محايد و أيد خفية عن التاريخ الاجتماعي الطبقي – بل سوق توجهه الدولة و التي هي هي سلطة المؤتمر الوطني في صالح تراكم الثروة و التراكم الرأسمالي للكتلة الاجتماعية الحاكمة و تداخلها مع شرائح الرأسمالية المختلفة و منها الزراعية و التجارية و الصناعية و المالية و العقارية و رأس المال (الاسلاموي القادم من خارج السودان ).
تعمل الإمبريالية بأشكال متعددة منها الاقتصادية والسياسية والثقافية. من ناحية يمكن وصف الإمبريالية بارتباطها بالاقتصاد السياسي بأنها "نظام اقتصادي للاستثمار الأجنبي واختراق الأسواق والسيطرة عليها ومصادر المواد الخام. وهكذا ، إذا كانت الإمبريالية ينظر إليها على أنها مجموعة أساسية من العلاقات الاقتصادية الدولية تتمظهر في العلاقات البينية بين الدول و في المؤسسات الاقتصادية الدولية و الشركات المتعدية الجنسية .يتم تفعيل الإمبريالية من خلال أنواع مختلفة من السلطة: السلطة المؤسسية ( مثل صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية ، والبنك الدولي) ، والسلطة الاقتصادية (للشركات والدول القومية) ، والسلطة الخطابية التي تبني وتصف المفاهيم غير المتنازع عليها حول (التنمية) ، و(التخلف) مع منع ظهور الخطابات النظرية الأخرى.التراكم الرأسمالي بما هو استراتيجية سياسية استهدفت بها حكومة الجبهة الاسلامية الاستحواذ على أكبر قدر من الثروة الاجتماعية من خلال السيطرة المطلقة على الدولة وآلياتها السياسية و التشريعية و القانونية و احتكار العنف من خلال الجيش والشرطة والاجهزة الامنية و والمليشيات المرتبطة بالدولة.ان إنتاج البترول و الذهب بما هو مصدر من مصادر الدخل الريعي لحكومة الجبهة الاسلاموية كان يتم عبر شركات دولية :صينية و هندية وماليزية و روسية (في انتاج الذهب)و فرنسية (في انتاج الذهب) و هذا يستدعي الاشتغال حول مفهوم الامبريالية و حضوره في مشهد الاقتصاد الريعي السوداني و بالتحديد هنا نعني ريع البترول و الذهب.نستدعي هنا بشكل أكثر تحديد مفهوم شبه الامبريالية اوsub imperialism و الذي تصنف تحته 5 دول :البريكس ( (BRICS هي البرازيل و روسيا و الهند و الصين و اخيرا جنوب افريقيا.هنا نجد ان 3 من الدول شبه الامبريالية اشتغلت كمستثمر اجنبي في انتاج البترول و الذهب اضافة الي فرنسا و التي تنتمي الي الامبريالية(ست الاسم( واحدة من الامبرياليات المتوهطة منذ ما قبل الحرب العالمية الاولي في النظام الاقتصادي العالمي الاميركية و البريطانية و اليابانية و غيرها)).على الرغم من إمكاناتها المعادية للإمبريالية ، شجعت دول البريكس الممارسات النيوليبرالية والإمبريالية التي تسهل تراكم رأس المال واستخراج الموارد وتوسيع أسواقها.تقاطعت المصالح المشتركة بين حكومة الجبهة الاسلامية و 3 من دول البريكس (الصين و الهند و روسيا) في الاستحواذ علي ريع البترول و الذهب في 3 سمات اساسية:الاولي تبني حكومة الجبهة الاسلامية و هذه الدول لسياسات النيولبيرالية و التي تطلق العنان لراس المال الخاص الاجنبي و استثماراته في استغلال الموار الطبيعية و هنا نعني بترول و ذهب السودان و الثانية غض طرف الدول شبه الامبريالية للشفافية( تعاون ما بين حكومة الجبهة الاسلامية و الصين و الهند و روسيا في اخفاء الارقام الحقيقية الخاصة بكميات انتاج البترول و الذهب) و غياب حرية تداول المعلومات العامة و بالنتيجة التلاعب بأرقام الإنتاج و الريع المتحصل لم يتمظهر لا البيانات الرسمية لحكومة الجبهة الاسلاموية و لا في مواقع الشركات الصينية و الهندية و الروسية العاملة في انتاج البترول و الذهب.و ثالث السمات ان هذه الدول شبه الامبريالية بكونها اقتصادات تحاول في تأسيس مكانتها الاقتصادية الدولية لهذه الدرجة او تلك تشهد عمليات للتراكم الراسمالي قد تتصالح مصالحها مع عمليات التراكم الرأسمالي و التي تمارسها الجبهة الاسلامية.
يعد بعد 2011 الاقتصاد السوداني الثالث إفريقيا في مجال إنتاج وتصدير الذهب بعد الاقتصاد الجنوب افريقي و الاقتصاد الغاني و ال 15 دوليا وبعض البيانات الحديثة تضع السودان بكونه الاول انتاج للذهب في الشرق الاوسط. و يمتلك السودان اضافة الي الانتاج الحالي احتياطات هائلة في مجالات الذهب و النحاس و الحديد اضافة الى معادن أخرى . على سبيل المثال، وزارة المعادن (2013) تشير إلى أن احتياطيات الذهب 374.1 ألف طن بما في ذلك 200 مليون طن من الزنك والنحاس القابل للتعدين.و 2000 مليار طن من خام الحديد. يقدر عدد تلك الشركات المشتغلة في مجال الذهب بحوالي 370 شركة، منها 102 شركة أجنبية لها امتيازات في مواقع متفرقة في 14 ولاية من أصل 18 ولاية.الدولة – تحت سيطرة المؤتمر الوطني و لاحقا تحت سيطرة الجنرالات (بعد 11 ابريل 2019) هي اللاعب الأساسي في إدارة الدخل الريعي من الذهب.
بين عامي 1991 و 2012، منحت الدولة 12 شركة رسمية مناطق امتياز لتعدين الذهب تبلغ مساحتها حوالي 100 ألف كيلومتر مربع، منها شركة ارياب للتعدين (AMC)، أكبر شركة عاملة في هذا القطاع. وهي كمشروع مشترك بين حكومة السودان وشركة لا مانشا الفرنسية و مع شركة أخرى مغربية ينتجون ما قدره 74 في المائة من الإنتاج الرسمي للذهب في عام 2012.اضافة لتشابك الدولة مع راس المال الخاص الفرنسي و المغربية كان للدولة تشابك اخر مع رأس المال الاستثماري الروسي و الذي اصبح يستحوذ على مساحات اكثر في انتاج الذهب و بكميات قد تصل مئات الأطنان من الذهب حسب ما تشير اليه بعض التقارير و التي منها ما أصدرته صحيفة نيويورك تايمز و ترجمته صحيفة مداميك ( رابط للتقرير اضغط هنا) تُظهر سجلات لشركة فاغنر و اخري هي شركة Meroe Gold - شركات ذات صلة مقربة بالحكومة الروسية و تعمل لصالح الحكومة السودانية في مجال الذهب - هناك منجم ذهب تحيط به السرية التامة يقع شمال الخرطوم تديره فاغنر، كما تظهر السجلات – وهو تعزيز محتمل لمخزون الكرملين من الذهب البالغ 130 مليار دولار والذي يخشى المسؤولون الأمريكيون أنه يتم استخدامه لتخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية على حرب أوكرانيا، من خلال دعم الروب .أن حضور الإعلام الأمريكي ممثلة في النيويورك و غيرها من الصحف و مراكز الدراسات الامريكية و اضافة الى الكونغرس و وزارات الخارجية و التجارة و الخزانة في مشهد انتاج و تصدير الذهب في السودان ربما يشير إلى كبر حجم هذا الانتاج و اليان مناجم الذهب علي غير ابار البترول استدعت حضور المصالح الامريكية جنب الي جنب الحضور الروسي المستحوذ علي اكبر مناجم الذهب في المناطق المشار اليها.
ويقدر ما بين 2 الي 4 مليون فرد يعملون في المهن المصاحبة للتعدين و منها مثلا تكسير حجارة الذهب يدويًّا، وجلب المياه وإعداد الطعام وغيرها وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن الصادر في عام 2017 و يمضي نقرير خاص للجزيرة (تقرير الجزيرة) و يشير الي ان إنتاج السودان من الذهب بـمناطق إنتاج شملت 12 ولاية خلال أعوام (2015-2016-2017) ب وصل ما قدره من 73,4 طنا إلى 93,4 طنا، و وفق تقرير أداء وزارة المعادن للنصف الأول لعام 2018 أن إنتاج الذهب بلغ ما قدره 63 طنا اشترى بنك السودان منها ثمانية أطنان، وبلغ صادر الشركات 1,4 طن، لتصبح جملة صادرات الذهب 10,7 أطنان بقيمة 422.5 مليون دولار، وكشف التقرير نصف السنوي ذاته أن ما فُقِد بين الذهب المُنتَج والمُصدَّر والمُصنَّع والمُخزَّن بلغ 48,8 طنا بنسبة وصلت إلى 77% لفاقد الذهب بين منطقة الإنتاج وبنك السودان كمشترٍ، في وقت يُمثِّل فيه صادر الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات السودان بالكامل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة -2015 الي 2017 - حسب تقرير وزارة المعادن المذكور أعلاه.
و في دراسة اخري نشرتها صحيفة الديمقراطي في 18 يونيو 2022 يصل فيها الباحث الي أنه في عام 2020 بلغت قيمة الذهب المصدر رسمياً ( 1.48 ) مليار دولار ، فيما بلغت قيمة فجوة الذهب أي الفرق بين المنتج والمصدر رسمياً ( المهرب ) ، (3.97) مليار دولار.. وبلغت قيمة فجوة الذهب (4.41) مليار دولار عام 2019 . وفي عام 2018 بلغت فجة الفجوة ( 3.02) مليار دولار .
وبحسب إحصاءات بنك السودان المركزي ، صدر السودان في الفترة ما بين 2011 إلى 2021 ، (292) طن من الذهب ، في حين كان اجمالي الكمية المنتجة (884) طن من الذهب ، مما يعني وجود فجوة ( تهريب ) تبلغ (591) طن من الذهب .وتبلغ القيمة الاجمالية لفجوة تهريب الذهب خلال الفترة مابين 2011 إلى 2021 ، (27.8) مليار دولار ، فيما بلغت صادرات الذهب الرسمية (14) مليار دولار شركة Alliance الروسية حازت على (51%) من إنتاج الذهب في السودان عام 2020، بحسب البنك المركزي ، وهي تعمل بالطبع في تنسيق وشراكة مع قوات الدعم السريع وشركات آل دقلو . ولقوات الدعم السريع عدد من المنافذ في مطار الخرطوم تسيطر عليها بصورة كاملة ( انظر صحيفة الديمقراطي هنا).
يُوضح تقرير مجلس الأمن الدولي security council2005 الصادر في 2016 الخاصة بالسودان، أن ميليشيا الجنجويد أو قوات الدعم السريع، تفرض إتاوات غير قانونية على تعدين الذهب التقليدي. ويقدر المجلس أن الميليشيا قادرة على جمع نحو 54 مليون دولار سنويًا من تلك الإتاوات المفروضة على منقبي الذهب.ويُفصل التقرير تلك الإتاوات على النحو التالي: 28 مليون دولار إتاوة على المنقبين ودعم الأعمال، و17 مليون دولار على التنقيب المباشر من المناجم، و9 ملايين دولار على تهريب الذهب المُستخرج للخارج.كما يُشير تحليل مجلس الأمن الدولي إلى أنه خلال الفترة من 2010 إلى 2014، هُرب من السودان ما لا يقل عن 96 طنًا من الذهب السوداني إلى دولة الإمارات. من بينها 48 طنًا تم تهريبها من منطقة دارفور إلى الإمارات.إلى ذلك، يُوضح تقرير سويسري صدر عن جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، أن إمارة دبي تعد واحدة من أكبر مراكز تداول ومعالجة الذهب في العالم. إذ تستحوذ على نسب تتراوح بين 20 إلى 25% من الذهب المتداول عالميًا. ويأتي من ثلاثة بلدان فقط هي السودان والكونغو الديموقراطية وليبيريا. لاقتصاد البترول و الذهب صلة بالدولة و التي تتحكم فيها الاجهزة العسكرية و الامنية و هذا فيما بعد 11 ابريل2019 و هذا ما سوف نتاوله في المقال القادم:التراكم الراسمالي و اقتصاد الجيش(الجيش +الدعم السريع + الاجهزة الامنية).
///////////////////////
tarig.b.elamin@gmail.com
طارق بشري (شبين)
الذهب والبترول – تسوماني التراكم الرأسمالي
التراكم الرأسمالي و استحواذ أكبر قدر من الثروة من 1989 الى 2019 تمرحل فيما نتصور علي شكل موجات متداخلة و من هذه الموجات هي موجة الأموال المتراكمة اثر الطفرة البترولية و التي بدأت منذ نهاية العقد الاخير من 1990 وإلى العقد الأول من 2000 و موجة أخرى أعقبتها هي الأموال المتراكمة أثر انتاج وتصدير الذهب وهي موجة عاتية لازالت تموج في بحر التراكم الرأسمالي منذ 2011 إلى الآن.
يمكن تحليل الاستحواذ على الريع المتحصل عليه من صادرات البترول و الذهب كتاريخ للعلاقة بين الدولة والسيطرة المطلقة للجبهة الإسلامية عليها. لهذا النزاع على ريع البترول و الذهب بوساطة الدولة. في هذا القسم، سنقوم اولا بعرض بعض البيانات و التي تقدر كميات الأموال التي تحصلت عليها الدولة و مع ملاحظات اولية حول البيانات في حد ذاتها و التي منها أن البيانات الرسمية غير موثوق فيها لاسباب ايديولوجية استدعت الاسلاميون ان يخفوا لشي في (نفس الجنرال و نخبته الاسلاموية) اخفاء البيانات الحقيقية و التي تعكس الواقع واقع الريع المتحصل و منها الأسباب الفنية و التي منها تخلف و تهرل أجهزة الدولة الإحصائية و لهذا فإننا هنا نعتمد علي بعض البيانات المعتمدة دوليا من مثل البنك الدولي وغيره من المنظمات الدولية ذات الصلة بالبيانات الاقتصادية و الصحف و المواقع الاسفيرية و ثانيا قد نعدد بعض الآليات و القنوات التي تراكمت عبرها الثروة الاجتماعية بما هي الاستحواذ على الريع المتحصل عليه بمليارات الدولارات من صادر البترول و الذهب.
الدولة البرجوازية والرأسمال ليسا بنيتين منفصلتين، لكنهما، بدلاً من ذلك، كل منها لحظة ديناميكية وتاريخية لذات علاقات الإنتاج و التي تحمل في داخلها التناقض و الصراع . ويترتب على ذلك حدوث تغييرات في وضع السياسات على أنها تعبيرات سياسية عن الصراعات الطبقية المتجذرة في عمليات تقييم رأس المال . وبالتالي، فإن الدافع لتحويل الشكل السياسي للدولة البرجوازية ينشأ داخل العلاقات الاجتماعية للرأسمالية بدلاً من بعض الأشياء التاريخية التي تدور في الفضاء الخارجي(2001 Susunan ). الدولة ما بعد الاستقلال السياسي و بخاصة في عهد وصول الجبهة الاسلامية للسلطة عبر الانقلاب العسكري اتسمت بأنها تعتمد على اقتصاد ريعي قائم على تصدير السلع الزراعية و من بعد البترول بدا من 2005 و من بعد الذهب بعد ذهاب أكثر من 75% من مناطق إنتاج البترول إلى دولة جنوب السودان.اقتصاد ريعي لم يتغير بنيويا عما كان عليه الاقتصاد الكولونيالي و هي بشيء عملية إدارة ما يمكن أن نسميه هندسة اجتماعية تاريخية معينة بين ثلاثي الدولة و الرأسمال و العمل. الريع النسبي والمطلق كأرباح غير عادية تظل دائمة بسبب الملكية الخاصة لشروط الإنتاج غير القابلة للتكرار المتنازع عليه اي الريع من قبل طبقات وشرائح مختلفة من الطبقة الاجتماعية هذه أو تلك. يمكن تحليل التاريخية التي نحن بصددها أي من من 1989 الى 2019 تاريخ لهذا النزاع على ريع النفط و الذهب، بوساطة الدولة.
اكتشف السودان النفط في عام 2005، تشير التقديرات إلى أن صادرات النفط السوداني إلى الصين كانت في 2001ما قدره 1 مليار دولار. في 2002 ما قدره 900 مليون. في 2003 ما قدره 1.5 مليار و في 2004 ما قدره 2.5 مليار. في 2005 ما قدره 3.200 مليار و في 2006 ما قدره 4 مليار . وفقا لبيانات البنك الدولي كانت نسبة ريع البترول من الناتج الإجمالي القومي في 1999 ما نسبته 2 % و في 2000 ما نسبته 10 % و في أعوام 2001 الى 2003 ما نسبته 7% لكل عام و يقفز إلى 17% في عام 2005 و يسجل أعلى مستوى له في 2008 ما نسبته 23 % و يتراجع قليلا إلى 21% في عام 2011 وبعد الانفصال تراجع إلى 5% في 2013.
أن تزوير البيانات و التي تتعلق بإنتاج البترول و الذهب كانت هي الية من اليات الاحتيال السياسي و الايديولوجي من اجل اخفاء كميات الريع المتحصل وهذه الالية لا تنفصل من صناعة الزيف و التي وفرت لها كل الدعم المالي لكي تشتغل في الفضاء المدني ما بين الدولة و المجتمع.و منذ بدء إنتاج البترول في 2005 كانت الشفافية محل الشك الكبير و على سبيل المثال نورد هنا بعض التقارير و التي حفرت عميقا في الأرقام الرسمية المتعلقة بإنتاج وتصدير البترول و من هذه التقارير :ما تم كشفه عن عمليات التلاعب في صادرات البترول والذهب في السودان في الفترة من 2012- 2018. والذي بلغ بلايين الدولارات، لم تدخل الخزينة العامة نتيجة الغش في الفواتير والمعايير المتعلقة بالتجارة الدولية, وقد قامت منظمة الشفافية العالمية باستخدام بيانات من إدارة الاتجاهات الإحصائية للتجارة التابعة لصندوق النقد بإعداد تحليل لفجوة القيمة، للكشف عن التلاعب في الفوترة ذات الصلة بالصفقات السودانية في التجارة العالمية. وتعرف المنظمة فجوة القيمة بأنها هي الفرق في القيمة بين ما تعلن عنه بلدان في تبادلتها السلعية الثنائية. من إجمالي 374 علاقة تجارية ثنائية تم فحصها ما بين السودان وسبعين من شركائه التجاريين خلال الأعوام 2012-2018، أورد السودان أن قيمتها الإجمالية بلغت 65 بليون دولار. غير أن تحريات المنظمة بينت فجوة في القيمة مقدارها 30,9 بليون دولار. وهي تقارب 50% من إجمالي صادرات السودان خلال تلك الفترة .فقد أفصح السودان عن تصدير 62,3 مليون برميل من النفط، أما شركاء السودان التجاريين فقد كشفوا أنهم استوردوا 112,2 مليون برميل، وهي فجوة تبلغ 49,9 مليون برميل، تمثل 80,1% من إجمالي ما أفصح عنه السودان من صادرات بترولية.و بذات منهج التلاعب بأرقام صادرات البترول تم التلاعب بأرقام صادرات الذهب. حيث أورد بنك السودان ما بين 2012 - 2018 تصدير 205446 كيلو غرام من الذهب، بينما أورد شركائه التجاريين واردات من الذهب بلغ حجمها 404732 كيلو غرام بفجوة بلغت (200 طن). وهذا يساوي 97% من حجم ما أعلنه السودان كصادرات. وتبلغ فجوة القيمة 4,1 بليون دولار. إذًا بنك السودان أورد أن قيمة صادراته من الذهب بلغت 8,6 بليون دولار بينما أورد الشركاء التجاريين أن واردات الذهب من السودان قيمتها 12,7 بليون دولار. وتبلغ فجوة القيمة ما نسبته 47,7% من إجمالي القيمة التي أعلنها السودان لصادراته و لمزيد من التفاصيل انظر( قرشي عوض الراكوبة مارس 2022(
اضافة الى الاحتيال السياسي و صناعة الكذب بخصوص البيانات الرسمية و التي كانت تصدر أرقامها حول كميات الإيرادات العامة من قبل وزارة المالية وبنك السودان و الوزارات المعنية الأخرى من مثل وزارة الطاقة و التعدين.اعتمدت سلطة الراسمالية الطفيلية على تعظيم تراكم الثروة اضافة على الوسائل السياسية علي اليات الدولة التشريعية و القانونية و من هنا أبدت السلطة عبر مفاوضيها حول الحرب و السلام اهتمامها بتمرير النصوص القانونية و التي تؤمن لها تعظيم ثروتها من عائدات البترول و ربما نشير هنا على سبيل المثال الفصل الثالث من اتفاق السلام الشامل و الذي وقعته حكومة المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية بقيادة قرنق ، الذي يعالج تقاسم الثروة ، يبدأ بـ بشأن المبادئ التوجيهية لضمان التقاسم العادل للثروة المشتركة. الجزء الثاني تتعلق بملكية الأراضي والموارد الأخرى. ويلي ذلك ثلاثة أقسام (مفصلة) تتناول النفط وإدارته وتطويره وتقاسمه بالإضافة إلى إنشاء هيئة وطنية للبترول. القسم السادس مخصص لتقاسم الإيرادات غير النفطية. عناوين الأقسام الأخرى هي في تفاصيل عدالة و كيفية تخصيص الموارد على المستوى القومي ، ومستوى الجنوب (قبل الانفصال). بشكل عام، هذا من بين أمور أخرى يشير بوضوح: (أ) مركزية قضية النفط ، (ب) الجهود الهائلة المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الشواغل الاقتصادية الرئيسية (ج )الطابع الناشئ المتميز للجنوب إزاء الشمال( مرجع ).و نضيف أن هذا الاغراق في التفاصيل يعكس أهمية البترول و عوائده النقدية التي تفوق عدة مليارات سنويا في الاقتصادي السياسي للترول و أهميته لحكومة المؤتمر في تراكم الثروة ورأس المال و هي هي مثل عوائد الذهب ضربت عليها السرية التامة.بالضرورة النظرية و العملية بمكان توظيف مناهج الاقتصاد السياسي للقانون في الدراسة الملموسة لكيف أن حكومة المؤتمر الوطني قد وظفت القانون ليخدم تراكم الثروة بيد الاقلية الحاكمة.
و قد كانت العوائد المليارية – مليارات الدولارات المجنبة – من البترول مثلا بمثابة باب دائري(revolving door) تمر عبره علاقة الترابط بين السلطة و الشركات المتعدية الجنسية (مثلا الشركة الصينية للبترول) و منه تعبر أموال مجنبة الي المؤسسات التنظيمية والأيديولوجية للحركة الاسلاموية بهدف تمكينها الاقتصادي (مثلا منظمة الشهيد و الدعوة الإسلامية الخ) ومنها تعبر أموال مجنبة الى المؤسسات الامنية و الشركات المتفرعة منها و منه تعبر اموال من اجل شراء الولاء السياسي و منه تعبر اموال الي شركات خاصة تعمل في مجالات الزراعة والتجارة من صادرات و واردات الخ.و كان يتم كل هذا في مناخات النيوليبرالية و التي مورست عمليا منذ 1992. يلعب دور توازن القوة بين الدولة و الية السوق والسوق هنا يقرا بكونه غير محايدا علي الاطلاق- ليس هناك ما يسمى بسوق محايد و أيد خفية عن التاريخ الاجتماعي الطبقي – بل سوق توجهه الدولة و التي هي هي سلطة المؤتمر الوطني في صالح تراكم الثروة و التراكم الرأسمالي للكتلة الاجتماعية الحاكمة و تداخلها مع شرائح الرأسمالية المختلفة و منها الزراعية و التجارية و الصناعية و المالية و العقارية و رأس المال (الاسلاموي القادم من خارج السودان ).
تعمل الإمبريالية بأشكال متعددة منها الاقتصادية والسياسية والثقافية. من ناحية يمكن وصف الإمبريالية بارتباطها بالاقتصاد السياسي بأنها "نظام اقتصادي للاستثمار الأجنبي واختراق الأسواق والسيطرة عليها ومصادر المواد الخام. وهكذا ، إذا كانت الإمبريالية ينظر إليها على أنها مجموعة أساسية من العلاقات الاقتصادية الدولية تتمظهر في العلاقات البينية بين الدول و في المؤسسات الاقتصادية الدولية و الشركات المتعدية الجنسية .يتم تفعيل الإمبريالية من خلال أنواع مختلفة من السلطة: السلطة المؤسسية ( مثل صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية ، والبنك الدولي) ، والسلطة الاقتصادية (للشركات والدول القومية) ، والسلطة الخطابية التي تبني وتصف المفاهيم غير المتنازع عليها حول (التنمية) ، و(التخلف) مع منع ظهور الخطابات النظرية الأخرى.التراكم الرأسمالي بما هو استراتيجية سياسية استهدفت بها حكومة الجبهة الاسلامية الاستحواذ على أكبر قدر من الثروة الاجتماعية من خلال السيطرة المطلقة على الدولة وآلياتها السياسية و التشريعية و القانونية و احتكار العنف من خلال الجيش والشرطة والاجهزة الامنية و والمليشيات المرتبطة بالدولة.ان إنتاج البترول و الذهب بما هو مصدر من مصادر الدخل الريعي لحكومة الجبهة الاسلاموية كان يتم عبر شركات دولية :صينية و هندية وماليزية و روسية (في انتاج الذهب)و فرنسية (في انتاج الذهب) و هذا يستدعي الاشتغال حول مفهوم الامبريالية و حضوره في مشهد الاقتصاد الريعي السوداني و بالتحديد هنا نعني ريع البترول و الذهب.نستدعي هنا بشكل أكثر تحديد مفهوم شبه الامبريالية اوsub imperialism و الذي تصنف تحته 5 دول :البريكس ( (BRICS هي البرازيل و روسيا و الهند و الصين و اخيرا جنوب افريقيا.هنا نجد ان 3 من الدول شبه الامبريالية اشتغلت كمستثمر اجنبي في انتاج البترول و الذهب اضافة الي فرنسا و التي تنتمي الي الامبريالية(ست الاسم( واحدة من الامبرياليات المتوهطة منذ ما قبل الحرب العالمية الاولي في النظام الاقتصادي العالمي الاميركية و البريطانية و اليابانية و غيرها)).على الرغم من إمكاناتها المعادية للإمبريالية ، شجعت دول البريكس الممارسات النيوليبرالية والإمبريالية التي تسهل تراكم رأس المال واستخراج الموارد وتوسيع أسواقها.تقاطعت المصالح المشتركة بين حكومة الجبهة الاسلامية و 3 من دول البريكس (الصين و الهند و روسيا) في الاستحواذ علي ريع البترول و الذهب في 3 سمات اساسية:الاولي تبني حكومة الجبهة الاسلامية و هذه الدول لسياسات النيولبيرالية و التي تطلق العنان لراس المال الخاص الاجنبي و استثماراته في استغلال الموار الطبيعية و هنا نعني بترول و ذهب السودان و الثانية غض طرف الدول شبه الامبريالية للشفافية( تعاون ما بين حكومة الجبهة الاسلامية و الصين و الهند و روسيا في اخفاء الارقام الحقيقية الخاصة بكميات انتاج البترول و الذهب) و غياب حرية تداول المعلومات العامة و بالنتيجة التلاعب بأرقام الإنتاج و الريع المتحصل لم يتمظهر لا البيانات الرسمية لحكومة الجبهة الاسلاموية و لا في مواقع الشركات الصينية و الهندية و الروسية العاملة في انتاج البترول و الذهب.و ثالث السمات ان هذه الدول شبه الامبريالية بكونها اقتصادات تحاول في تأسيس مكانتها الاقتصادية الدولية لهذه الدرجة او تلك تشهد عمليات للتراكم الراسمالي قد تتصالح مصالحها مع عمليات التراكم الرأسمالي و التي تمارسها الجبهة الاسلامية.
يعد بعد 2011 الاقتصاد السوداني الثالث إفريقيا في مجال إنتاج وتصدير الذهب بعد الاقتصاد الجنوب افريقي و الاقتصاد الغاني و ال 15 دوليا وبعض البيانات الحديثة تضع السودان بكونه الاول انتاج للذهب في الشرق الاوسط. و يمتلك السودان اضافة الي الانتاج الحالي احتياطات هائلة في مجالات الذهب و النحاس و الحديد اضافة الى معادن أخرى . على سبيل المثال، وزارة المعادن (2013) تشير إلى أن احتياطيات الذهب 374.1 ألف طن بما في ذلك 200 مليون طن من الزنك والنحاس القابل للتعدين.و 2000 مليار طن من خام الحديد. يقدر عدد تلك الشركات المشتغلة في مجال الذهب بحوالي 370 شركة، منها 102 شركة أجنبية لها امتيازات في مواقع متفرقة في 14 ولاية من أصل 18 ولاية.الدولة – تحت سيطرة المؤتمر الوطني و لاحقا تحت سيطرة الجنرالات (بعد 11 ابريل 2019) هي اللاعب الأساسي في إدارة الدخل الريعي من الذهب.
بين عامي 1991 و 2012، منحت الدولة 12 شركة رسمية مناطق امتياز لتعدين الذهب تبلغ مساحتها حوالي 100 ألف كيلومتر مربع، منها شركة ارياب للتعدين (AMC)، أكبر شركة عاملة في هذا القطاع. وهي كمشروع مشترك بين حكومة السودان وشركة لا مانشا الفرنسية و مع شركة أخرى مغربية ينتجون ما قدره 74 في المائة من الإنتاج الرسمي للذهب في عام 2012.اضافة لتشابك الدولة مع راس المال الخاص الفرنسي و المغربية كان للدولة تشابك اخر مع رأس المال الاستثماري الروسي و الذي اصبح يستحوذ على مساحات اكثر في انتاج الذهب و بكميات قد تصل مئات الأطنان من الذهب حسب ما تشير اليه بعض التقارير و التي منها ما أصدرته صحيفة نيويورك تايمز و ترجمته صحيفة مداميك ( رابط للتقرير اضغط هنا) تُظهر سجلات لشركة فاغنر و اخري هي شركة Meroe Gold - شركات ذات صلة مقربة بالحكومة الروسية و تعمل لصالح الحكومة السودانية في مجال الذهب - هناك منجم ذهب تحيط به السرية التامة يقع شمال الخرطوم تديره فاغنر، كما تظهر السجلات – وهو تعزيز محتمل لمخزون الكرملين من الذهب البالغ 130 مليار دولار والذي يخشى المسؤولون الأمريكيون أنه يتم استخدامه لتخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية على حرب أوكرانيا، من خلال دعم الروب .أن حضور الإعلام الأمريكي ممثلة في النيويورك و غيرها من الصحف و مراكز الدراسات الامريكية و اضافة الى الكونغرس و وزارات الخارجية و التجارة و الخزانة في مشهد انتاج و تصدير الذهب في السودان ربما يشير إلى كبر حجم هذا الانتاج و اليان مناجم الذهب علي غير ابار البترول استدعت حضور المصالح الامريكية جنب الي جنب الحضور الروسي المستحوذ علي اكبر مناجم الذهب في المناطق المشار اليها.
ويقدر ما بين 2 الي 4 مليون فرد يعملون في المهن المصاحبة للتعدين و منها مثلا تكسير حجارة الذهب يدويًّا، وجلب المياه وإعداد الطعام وغيرها وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن الصادر في عام 2017 و يمضي نقرير خاص للجزيرة (تقرير الجزيرة) و يشير الي ان إنتاج السودان من الذهب بـمناطق إنتاج شملت 12 ولاية خلال أعوام (2015-2016-2017) ب وصل ما قدره من 73,4 طنا إلى 93,4 طنا، و وفق تقرير أداء وزارة المعادن للنصف الأول لعام 2018 أن إنتاج الذهب بلغ ما قدره 63 طنا اشترى بنك السودان منها ثمانية أطنان، وبلغ صادر الشركات 1,4 طن، لتصبح جملة صادرات الذهب 10,7 أطنان بقيمة 422.5 مليون دولار، وكشف التقرير نصف السنوي ذاته أن ما فُقِد بين الذهب المُنتَج والمُصدَّر والمُصنَّع والمُخزَّن بلغ 48,8 طنا بنسبة وصلت إلى 77% لفاقد الذهب بين منطقة الإنتاج وبنك السودان كمشترٍ، في وقت يُمثِّل فيه صادر الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات السودان بالكامل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة -2015 الي 2017 - حسب تقرير وزارة المعادن المذكور أعلاه.
و في دراسة اخري نشرتها صحيفة الديمقراطي في 18 يونيو 2022 يصل فيها الباحث الي أنه في عام 2020 بلغت قيمة الذهب المصدر رسمياً ( 1.48 ) مليار دولار ، فيما بلغت قيمة فجوة الذهب أي الفرق بين المنتج والمصدر رسمياً ( المهرب ) ، (3.97) مليار دولار.. وبلغت قيمة فجوة الذهب (4.41) مليار دولار عام 2019 . وفي عام 2018 بلغت فجة الفجوة ( 3.02) مليار دولار .
وبحسب إحصاءات بنك السودان المركزي ، صدر السودان في الفترة ما بين 2011 إلى 2021 ، (292) طن من الذهب ، في حين كان اجمالي الكمية المنتجة (884) طن من الذهب ، مما يعني وجود فجوة ( تهريب ) تبلغ (591) طن من الذهب .وتبلغ القيمة الاجمالية لفجوة تهريب الذهب خلال الفترة مابين 2011 إلى 2021 ، (27.8) مليار دولار ، فيما بلغت صادرات الذهب الرسمية (14) مليار دولار شركة Alliance الروسية حازت على (51%) من إنتاج الذهب في السودان عام 2020، بحسب البنك المركزي ، وهي تعمل بالطبع في تنسيق وشراكة مع قوات الدعم السريع وشركات آل دقلو . ولقوات الدعم السريع عدد من المنافذ في مطار الخرطوم تسيطر عليها بصورة كاملة ( انظر صحيفة الديمقراطي هنا).
يُوضح تقرير مجلس الأمن الدولي security council2005 الصادر في 2016 الخاصة بالسودان، أن ميليشيا الجنجويد أو قوات الدعم السريع، تفرض إتاوات غير قانونية على تعدين الذهب التقليدي. ويقدر المجلس أن الميليشيا قادرة على جمع نحو 54 مليون دولار سنويًا من تلك الإتاوات المفروضة على منقبي الذهب.ويُفصل التقرير تلك الإتاوات على النحو التالي: 28 مليون دولار إتاوة على المنقبين ودعم الأعمال، و17 مليون دولار على التنقيب المباشر من المناجم، و9 ملايين دولار على تهريب الذهب المُستخرج للخارج.كما يُشير تحليل مجلس الأمن الدولي إلى أنه خلال الفترة من 2010 إلى 2014، هُرب من السودان ما لا يقل عن 96 طنًا من الذهب السوداني إلى دولة الإمارات. من بينها 48 طنًا تم تهريبها من منطقة دارفور إلى الإمارات.إلى ذلك، يُوضح تقرير سويسري صدر عن جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، أن إمارة دبي تعد واحدة من أكبر مراكز تداول ومعالجة الذهب في العالم. إذ تستحوذ على نسب تتراوح بين 20 إلى 25% من الذهب المتداول عالميًا. ويأتي من ثلاثة بلدان فقط هي السودان والكونغو الديموقراطية وليبيريا. لاقتصاد البترول و الذهب صلة بالدولة و التي تتحكم فيها الاجهزة العسكرية و الامنية و هذا فيما بعد 11 ابريل2019 و هذا ما سوف نتاوله في المقال القادم:التراكم الراسمالي و اقتصاد الجيش(الجيش +الدعم السريع + الاجهزة الامنية).
///////////////////////