التراكم الرأسمالي الاولي و نظام المؤتمر الوطني 1989 – 2019 (5 و 6 من 8)

 


 

 

رؤية ماركسية أولية ( 5 من 8)
tarig.b.elamin@gmail.com

نزع حيازة الأرض: آلية لتراكم الثروة 1989 إلى 2019
تتبدى لكثير من الباحثين– بهذا المنهج او ذاك - بعد تنامي ظاهرة (الاستيلاء على الأراضي على مستوى عالمي-land grabbing)أهمية استدعاء التفسير و التحليل من حيث الديناميات والتحولات المعاصرة للرأسمالية لهذه الظاهرة والتي أخذت منحى متصاعدا بعد عام 2006-وفق تقرير صادر في 2012 ل The International Land Coalition) فإن هناك ما يفوق الـ 203 مليون هكتار على مستوى العالم قد تم انتزاعها في الفترة بين 2000 الى 2011 -.و لهذه الظاهرة العديد من الاسباب والتي منها استهداف إنتاج المزيد من المحاصيل لسد الطلب المتزايد عالميا على المنتوجات الغذائية و التي تزداد أسعارها باضطراد واستخراج الموارد المعدنية و ايضا بسبب من الازمة المالية العالمية والسعي لفتح منافذ جديدة لربحية رأس المال . الاشتغال البحثي لدراسة هذه الظاهرة في معظمه اتكي على مفهمومي التراكم الرأسمالي الاولي لماركس و التراكم عبر السلب أو النزع للمنظر(الماركسي) ديفيد هارفي . بالنسبة لبعض الباحثين،في الواقع ،يمكن فهم الاستيلاء على الأرض إلى حد كبير من حيث أحد هذين المفهومين أو كليهما( 2012 Derek Halla ) أن الاستيلاء على الأرض في الغالب الأعم يتخذ الوسائل غير الاقتصادية لتراكم رأس المال وبخاصة توظيف السلطة السياسية والقانونية واليات الدولة القمعية وهذا مما نتبناه في هذا القسم الرابع من البحث . و في سياق سيطرة النيولبيرالية كنظام سياسي و ايديولوجي على المستوى العالمي منذ 1970 و ما بعد كان لعديد من المؤسسات التي هي جزء من النظام الاقتصادي الدولي دورا في التبرير النظري والسياسي لهذه الظاهرة.وعلى سبيل المثال يذهب البنك الدولي إلى كون أن الاستحواذ على الأراضي يعد شكل من أشكال التنمية والاستثمار الأجنبي (انتاج و عمالة و عملة صعبة) بعد تحويل بعض الدول اراضيها الى منصات للتصدير الزراعي. وفي الوقت نفسه، كان أن أوصي البنك الدولي الدول الأفريقية، في تقريره الصادر في أكتوبر 2012 بإزالة حواجز التجارة الدولية، استنادا إلى الحجة القائلة بأن وجود سوق غذائية تنافسية سيساعد الفقراء أكثر من غيرهم. والسؤال هنا هل كانت سياسات تحرير السوق و التي مارستها حكومة المؤتمر الوطني ومنها فتح الأبواب أمام رأس المال الخليجي والآسيوي و استحواذه بما قدره الـ 4 مليون هكتار قد عادت بالفائدة فعلا على أشد الفئات حرمانا و المزيد من تأمين الغذاء و المزيد من الاحتياطي النقدي و المزيد من العمالة في مجالات الإنتاج الزراعي في السودان.الدراسات و البحوث التي تناولت هذه الظاهرة في السودان كانت تتفق بكون ان الاثار السلبية كانت هي الغالبة.
ووفقا لتقرير منظمة أوكسفام المعنون (أرضنا حقوقنا) في أكتوبر 2012 يمكن تعريف حيازة الأراضي بأنها حيازة أي قطعة أرض على نطاق واسع تزيد مساحتها عن 200 هكتار، أو ضعف متوسط حيازة الأراضي، وفقًا للسياق الوطني(Elhadary & Abdelatty 2016). يشير ذات التقرير أيضًا إلى أن ما يجعل حيازة الأراضي عملية استيلاء على الأراضي هو عندما ينتهك المستثمر واحد أو أكثر من التالي :(1) انتهاك حقوق الإنسان، ولا سيما مساواة المرأة في الحقوق ، (2) الاستهزاء بمبادئ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة - التي بموجبها تكون المجتمعات المتضررة وإحاطتها علما بالموافقة على مشروع ما وقدرتها على إعطائه أو رفضه ، (3) لا تستند إلى تقييم شامل للآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية (4) تجنب العقود الشفافة الواضحة والالتزامات الملزمة بشأن العمالة وتقاسم المنافع ، (5) تجاوز الديمقراطية والمشاركة الهادفة,في هذا المبحث نتبنى هذا التعريف بكونه يتماثل لحد كبير مع واقع الحالة السودانية من حيث تجاوز الحكومة الاسلاموية – 1989 الى 2019 - لحقوق الإنسان و بخاصة حقوق المرأة و هو تجاوز شهدت به كافة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.و لتجاوز الحكومة مبادئ الشفافية بعدم كشفها للعقودات التي أبرمتها مع الدول والشركات الأجنبية و التي تم نزع الأرض لصالحها و عدم الاعتبار لحقوق وآراء المجتمعات المحلية وغياب الدراسات المعنية بالآثار الاقتصادية والاجتماعية لحيازة الأرض والتي تتجاوز الـ4 هكتار.
كانت الدولة وراء تسليع الأراضي في السودان.تاريخيا كان يتوقف دورها أي الدولة على العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنظام السياسي السائد في الوقت المحدد. كان إنشاء مشروع الجزيرة على أراضي كانت قائمة على الملكية الخاصة فيها لعدة قرون، الحكومة الكولونيالية كانت قد أجبرت بعض الملاك على بيع أو تأجير أراضيهم (حيازات صغيرة) ابتداء من 1925 .ربما كانت هذه أهم خطوة في تاريخ تسليع الأرض في السودان. 1925. (في المرحلة الأولى من المخطط كان أكثر من 300 ألف فدان قد تم توزيعها) والخطوة الثانية و الثالثة في إطار تسليع الأرض في السودان بدأتها إلى حد كبير رؤوس الأموال السودانية التي تبلورت كرأس مال تداولي أو تجاري. بدأت الخطوة الرئيسية الثالثة في اغتراب أو استلاب الأرض في السودان في منطقة القضارف في شرق السودان. كانت شروطها المسبقة هي تطوير عملية تحويل العمالة إلى سلع أساسية. في منطقة القضارف، بدأت السلطة الكولونيالية بما يسمى مشاريع الزراعة الآلية لأول مرة في السودان، بما هي مشاريع قائمة على نطاق واسع نسبيًا، وعملية الإنتاج هي ميكانيكية نسبيا، وتكاد العمالة المأجورة تكون الشكل الوحيد للعمل. يشكل النظام المالي المتعدد الأطراف إلى حد كبير ما يمكن تسميته بـ النمط الرأسمالي للزراعة السودانية. وعلى هذا المنهج الكولونيالي البريطاني استمرت سلطة المؤتمر الوطني حيث أخذت الحكومة تمنح وتستولي على الأراضي و تمنحها لرأس المال الأجنبي و أيضا للقطاع الخاص .في تصورنا هنا ان حكومة المؤتمر الوطني بما هي ذلك النظام السياسي و الأيديولوجي و بما يشمله هذا النظام من مؤسسات و بما هي نظام متبني على مستوي الخطاب الاقتصادي الاجتماعي سياسات تحرير الأسواق و بما فيها عرض الأرض (الزراعية) كسلعة للبيع و الايجار للدول والشركات الاجنبية.كانت هذه فرصة لا للتنمية الزراعية الوطنية بل كانت فرصة لتنمية التراكم الرأسمالي و عبر آليات الدولة - السياسية و التنفيذية و التشريعية و القمعية و التي كانت محتكرة كليا بواسطة النخبة الحاكمة الإسلاموية منذ 1989 الى 2019 – تمظهرت هذا النوع أو ذاك من الاستيلاء على الأرض و بالتالي ممارسة للتراكم الرأسمالي أو الاستحواذ على الأموال .الاولي الاستيلاء علي الأرض- علي مستوي غير مسبوق تاريخيا من قبل- و من ثم بيعها أو تأجيرها لمدة قد تصل في بعض الحالات التي ال 99 عاما الى دول عديدة – تذكر فيما بعد – و شركات متعدية الجنسية.و هذه الدول التي حظيت بالأراضي الزراعية الخصبة: كوريا الجنوبية حيث استحوذت على 1.8 مليون هكتار من الأراضي،100 ألف هكتار للولايات المتحدة ،دولة الإمارات 168 ألف هكتار الإمارات ،840 ألف هكتار لمدة 50 عاما لكل من مصر و السعودية،33 ألف هكتار لسوريا،100 ألف هكتار للصين في منطقة الجزيرة ، 170 الف هكتار ل الاردن ،و من الشركات التي استحوذت علي اراضي زراعية مثلا 150 ألف هكتار لشركة قطرية و 168 ألف هكتار لشرطة كورية(لمزيد من التفاصيل انظر بابكر 2011). يعتقد أنه من 2004 و 2008، بلغ إجمالي مساحة الأراضي المستأجرة ( ما بين 20 إلى 99 سنة) في السودان ما قدره 4 مليون هكتار و هذا مما يقارب المساحة الكلية لمجموع القطاع الزراعي الآلي و الذي يتغذى على الأمطار والذي تقدر مساحته ب 6 مليون هكتار أي حوالي 36٪ من مساحة الأراضي المزروعة في عموم السودان،و هذا مما يعني في نهاية التحليل أن ما يقارب الـ 27% من المساحة الكلية ( المنزوعة لصالح الأجنبي) في السودان باتت في حيازة رأس المال الأجنبي و بالتالي موجهة تماما كصادر زراعي خارج السودان بافتراض أن كل الأراضي التي حيازتها يتم فيها الإنتاج واقعا.هذه هي بعض الامثلة لما تمت حيازته من قبل بعض الشركات و الدول المشار لها أعلاه و البيانات المتعلقة بعمليات الحيازة ككل تم حجبها بافتراض انها مضروبة عليها السرية التامة و لكن لمزيد من التفاصيل والبيانات يمكن الرجوع لبعض المنظمات الدولية ذات التخصص في عمليات حيازات الأرض ومنها land matrix و CRAINS
ربما يمكننا ان نشير الى عديد من السمات العامة التي استدعتها او اتسمت بها ظاهرة نزع الأرض التي مورست على نطاق واسع و غير مسبوقا تاريخيا من جهة علاقة الدولة والسياسات المتعلقة بالأرض في تاريخ السودان ما قبل الكولونيالية البريطانية و ما بعد الكولونيالية.السمة الأولى هي ربما يمكننا أن نشير إلى مظهرين متداخلين جدليا في عملية نزع الأرض التي شهدها السودان تحت حكم المؤتمر الوطني وهي اولا : مظهر التراكم الرأسمالي أو تراكم الثروة من أعلى (إما من خلال عمليات نزع ملكية الأرض حسب مركز السلطة ابتداء من رئيس الجمهورية والى حكام الولايات حيث أجيز لهم حق التصرف المطلق في نزع الأرض أو من خلال الاستيلاء على المال (العام) بشكل من أشكال الفساد المنظم و اعادة تدوير هذا الرأسمال في شراء أو حيازة مساحات واسعة من الارض و ليس بالضرورة من اجل الانتاج الزراعي فقط) و كان هذا المظهر من التراكم الرأسمالي لا يخلو من مظاهر العنف تجاه الأهالي الذين تم نزع أراضيهم و استخدام القانون و التشريع من أجل تمرير سياسة نزع الأراضي العامة.ثانيا: التراكم من الأسفل، من خلال ديناميات الصراع الاجتماعي الطبقي و التي مصدرها زيادة التمايز الاجتماعي بين من هم منتمين إلى النخبة المتخمة وبقية التكوينات الاجتماعية الطبقية و بخاصة في الريف، مما يكمن (النخبة المتمكنة) من الاتجاه أكثر في عمليات تركيز الأراضي ونزع ملكيتها من الفئات الاجتماعية المهمشة اقتصاديا و سياسيا (نزع اراضي اهالي الجريف شرق مثال لا للحصر)و يتم هذا في اطار اعادة التشكيل الاجتماعي الطبقي لصالح تحويل جزء من الثروة المتراكمة إلى برجوازية زراعية جديدة ( لاحظ امتلاك بعض النافذين الإسلامويين لمزارع متوسطة و كبيرة الانتاج) و هنا قد تتداخل الرأسمالية البيروقراطية (و بخاصة كبار الضباط في المؤسسة العسكرية والأمنية)و التي هي جزء لا يتجزأ من بينه واستحواذهم على أراضي واسعة و تحويلها إلى مزارع خاصة من اجل الانتاج الزراعي المتوسط أو الكبير.
السمة أو الخاصية الثانية هي فتح الابواب امام راس المال الاجنبي لاستئجار أوسع مساحات ممكنة من اخصب الاراضي الزراعية في السودان.دللت تجارب أمريكا اللاتينية وأفريقيا الي العلاقة الطردية بين هشاشة الدولة و بين منح المزيد من الأراضي(الوطنية)ل الآخر الأجنبي. فالدولة الهشة و التي اتسمت بها النخبة الإسلاموية الحاكمة بكونها منظومة نظام استبدادي شمولي على المستوى السياسي(لا حريات سوي للحزب الحاكم) ومع منظومة اقتصادية قائمة على الليبرالية الاقتصادية (اقتصاد السوق الحر لكن ليس بالمفهوم المتعارف عليه حيث المنافسة الاقتصادية الحرة بين أطراف متساوية الفرص و التدفق الحر للمعلومات) ليست كانت – أي النخبة الإسلاموية الحاكمة - هي استثناء حيث تمظهرت فيها ذات العلاقة الطردية بين هشاشة الدولة و بين هذا الانتقال – على المستوى الكمي و النوعي – نحو فتح الأبواب الواسعة لتسليع الأرض السودانية و حيازتها بواسطة رأس المال الأجنبي ربما باقل الاسعار و هذا التسليع ل الأرض و(الاجنبة foreignization) له بالضرورة تداعياته فيما بعد في المستقبل المنظور على البنية الاجتماعية و الشكل التنموي للاقتصاد السوداني.المفارقة التاريخية هي حكومة الاستعمار البريطاني عندما أصدرت سياستها المتعلقة بالأرض في بدايات سنوات احتلالها لأرض السودان منعت قوانينها بيع الأراضي السودانية للأجانب.
لتسهيل - حسب العدسة الأيديولوجية للنظام الاسلاموي الحاكم - الاستيلاء على الأراضي وظفت الدولة آليات التشريع و شرعت الحكومة في تعديل نظام حيازة الأراضي عدة مرات. فالأرض غير المسجلة مهد قانون 1971 والقانون الوزاري لعام 1996 وقانون الاستثمار لعام 2013 الطريق لمزيد من الاستيلاء على الأراضي في السودان. وتجاهلت هذه الأعمال تماما الحق التاريخي للمجتمعات المحلية في موارد الأراضي. يفتقر إلى الشفافية، غير عادل التعويض والتشاور المحدود أو الغائب مع المجتمعات المحلية هي بعض الخصائص التي تشكل الاستيلاء على الأراضي في السودان. وهذا يستدعي مستقبلا أعمال مناهج الاقتصاد السياسي للقانون (الماركسي) لدراسة مسألة القانون و التشريع (مثلا القوانين التي سنتها حكومة المؤتمر الوطني المتعلقة بالأرض) و علاقته بالبنية الاجتماعية و طريق التنمية مستقبلا و إعادة النظر في تلك العقود و التي تبدو أنها محجوبة عن عامة المواطنين و المواطنات السودانيات.و هذه هي السمة الثالثة حيث أن الاستيلاء على الأراضي ليس مجرد ظاهرة ثانوية ، ولا يحدث في الفراغ.على الرغم من حقيقة أنه ينطوي على ممارسات جديدة ومجموعة جديدة من الجهات الفاعلة ، فهو نتيجة الديناميكيات طويلة المدى والتاريخية والنظامية التي بدأت خلال الحقبة الكولونيالية واستمرت في حقبة ما بعد الاستعمار. و قد يصاحبه نشر سياسة العنف و ممارسته ليس بالأمر الجديد ، لأنه يمثل بنيويا عنصر في عمليات تراكم رأس المال في شكله الكلاسيكي.
الأرض بالنسبة لملايين السودانيين هي مصدرهم الأساسي للإنتاج سواء من أجل الاقتصاد المعيشي أو من أجل السوق.و في حالة نزع هذه الأراضي و التي شهدتها العديد من المناطق في الريف السوداني يزداد هاجس انعدام الأمن الغذائي وانتشار الفقر وسط مئات المنتجين و اسرهم و و يبقى هذا عامل أساسي في هيمنة النزاعات والصراعات الاجتماعية و السياسية على نطاق واسع و بخاصة المناطق القائمة على الاقتصاد الرعوي. علي سبيل المثال علي بعض الاحتجاجات ضد ممارسات الحكومة في نزع الأراضي . في ولاية سنار، اعتقلت سلطات الأمن في 14 فبراير 2013، 78 من صغار المزارعين نتيجة اتهام الحكومة الولائية بنزع أراضيهم وبيعها عبر صفقات سرية إلى المستثمرون الأجانب و الامثلة تطول
أن التجربة الغير مسبوقة في تاريخ الأرض في السودان التي قادت إلى حيازة ما قدره أكثر من 4 مليون هكتار بواسطة راس المال الأجنبي و ذلك بحجة اطراد التنمية و الاستثمار و جعل السودان سلة الغذاء (عالميا أو عربيا) لم تكن حلا سحريا للازمة الزراعية العضوية التي واجهت السودان ما بعد الاستقلال و لم تكن حلا المجاعات و التي تضرب السودان من وقت الى اخر وعلى سبيل المثال التقارير الأخيرة للفاو و التي تحذر من نقص غذائي قد يؤثر على حياة 9 إلى 18 مليون سوداني وسودانية بنهاية سبتمبر 2022) أو الفقر بانواعه المختلفة و لناخذ مؤشر واحد من مؤشرات الفقر: يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد. علاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن 5.8 مليون شخص في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي
الدراسة , و التي اعدها يوسف بدوي (Yousif Badawi 2019) حول دور السياسة وحيازة الأراضي في السودان، و متخذة من حيازة أراضي منطقة الجريف شرق في الخرطوم كحالة دراسية.يشير بدوي إلى أن عدد السواقي المملوكة لمنطقة الجريف شرق يقدر بـ 454 ساقية.. . بعد الاستحواذ القسري على أراضي أهل المنطقة تم تخصيص الكتلة 13 لصندوق الضمان الاجتماعي، يليه تخصيص الكتلة 12 لموظفي الاتصالات السلكية واللاسلكية والنفط ...في عام 2007، ذهبت الحكومة بعد الاستيلاء على نطاق واسع من الأرض وإعادة توزيعها كجزء من خطة (الإسكان العامة) دون تعويض عادل للمالكين. هذه المناطق أصبحت أسواق تجاريًة وأحياء لكبار شرائح الطبقة الوسيطة و الأغنياء الجدد و منها : مثل حي النصر، حي الجامعة، حي الهدى، حي الفيحاء وحي المصطفى ومنطقة الكريب والمنشية شرق. بالإضافة إلى ذلك مساحات واسعة من أراضي سميت الكتل من 11 الى 19، تم الاستيلاء على جميع قطع الأراضي في هذه المناطق ... ايضا تم استياء علي اكثر من 19 مصنعا للطوب الاحمر يمتلكها بعض رجال الأعمال العاملين في تلك المصانع و الذين يرون ان بعض النافذين في السلطة عملت على تغليب مصلحة أصحاب الطوب الحراري ضد المصانع التقليدية للطوب الاحمر و ان دوافع اقتصادية دعت السلطة للوقوف مع مصالح اصحاب الطوب الحراري ضدهم.هذا مثال لا للحصر لقضايا تدخل السلطة في انتزاع مساحات من الأرض في المدن والأرياف لصالح رجال الأعمال الإسلامويين و المقربين و الواجهات التنظيمية للمؤتمر الوطني و ذلك بغرض الاستزراع الموجه للسوق و بناء العقارات و الأحياء السكنية و المشاريع المحددة بدون أخذ رأي اصحاب المصلحة وقد كشفت بعض قرارات لجنة التفكيك مدي المساحات التي تم الاستيلاء عليها.

 

التراكم الرأسمالي الاولي و نظام المؤتمر الوطني 1989 – 2019 (6) .. بقلم: طارق بشري (شبين)

رؤية ماركسية أولية — (6 من 8 )

tarig.b.elamin@gmail.com

طارق بشري (شبين)
الذهب والبترول – تسوماني التراكم الرأسمالي
التراكم الرأسمالي و استحواذ أكبر قدر من الثروة من 1989 الى 2019 تمرحل فيما نتصور علي شكل موجات متداخلة و من هذه الموجات هي موجة الأموال المتراكمة اثر الطفرة البترولية و التي بدأت منذ نهاية العقد الاخير من 1990 وإلى العقد الأول من 2000 و موجة أخرى أعقبتها هي الأموال المتراكمة أثر انتاج وتصدير الذهب وهي موجة عاتية لازالت تموج في بحر التراكم الرأسمالي منذ 2011 إلى الآن.
يمكن تحليل الاستحواذ على الريع المتحصل عليه من صادرات البترول و الذهب كتاريخ للعلاقة بين الدولة والسيطرة المطلقة للجبهة الإسلامية عليها. لهذا النزاع على ريع البترول و الذهب بوساطة الدولة. في هذا القسم، سنقوم اولا بعرض بعض البيانات و التي تقدر كميات الأموال التي تحصلت عليها الدولة و مع ملاحظات اولية حول البيانات في حد ذاتها و التي منها أن البيانات الرسمية غير موثوق فيها لاسباب ايديولوجية استدعت الاسلاميون ان يخفوا لشي في (نفس الجنرال و نخبته الاسلاموية) اخفاء البيانات الحقيقية و التي تعكس الواقع واقع الريع المتحصل و منها الأسباب الفنية و التي منها تخلف و تهرل أجهزة الدولة الإحصائية و لهذا فإننا هنا نعتمد علي بعض البيانات المعتمدة دوليا من مثل البنك الدولي وغيره من المنظمات الدولية ذات الصلة بالبيانات الاقتصادية و الصحف و المواقع الاسفيرية و ثانيا قد نعدد بعض الآليات و القنوات التي تراكمت عبرها الثروة الاجتماعية بما هي الاستحواذ على الريع المتحصل عليه بمليارات الدولارات من صادر البترول و الذهب.
الدولة البرجوازية والرأسمال ليسا بنيتين منفصلتين، لكنهما، بدلاً من ذلك، كل منها لحظة ديناميكية وتاريخية لذات علاقات الإنتاج و التي تحمل في داخلها التناقض و الصراع . ويترتب على ذلك حدوث تغييرات في وضع السياسات على أنها تعبيرات سياسية عن الصراعات الطبقية المتجذرة في عمليات تقييم رأس المال . وبالتالي، فإن الدافع لتحويل الشكل السياسي للدولة البرجوازية ينشأ داخل العلاقات الاجتماعية للرأسمالية بدلاً من بعض الأشياء التاريخية التي تدور في الفضاء الخارجي(2001 Susunan ). الدولة ما بعد الاستقلال السياسي و بخاصة في عهد وصول الجبهة الاسلامية للسلطة عبر الانقلاب العسكري اتسمت بأنها تعتمد على اقتصاد ريعي قائم على تصدير السلع الزراعية و من بعد البترول بدا من 2005 و من بعد الذهب بعد ذهاب أكثر من 75% من مناطق إنتاج البترول إلى دولة جنوب السودان.اقتصاد ريعي لم يتغير بنيويا عما كان عليه الاقتصاد الكولونيالي و هي بشيء عملية إدارة ما يمكن أن نسميه هندسة اجتماعية تاريخية معينة بين ثلاثي الدولة و الرأسمال و العمل. الريع النسبي والمطلق كأرباح غير عادية تظل دائمة بسبب الملكية الخاصة لشروط الإنتاج غير القابلة للتكرار المتنازع عليه اي الريع من قبل طبقات وشرائح مختلفة من الطبقة الاجتماعية هذه أو تلك. يمكن تحليل التاريخية التي نحن بصددها أي من من 1989 الى 2019 تاريخ لهذا النزاع على ريع النفط و الذهب، بوساطة الدولة.
اكتشف السودان النفط في عام 2005، تشير التقديرات إلى أن صادرات النفط السوداني إلى الصين كانت في 2001ما قدره 1 مليار دولار. في 2002 ما قدره 900 مليون. في 2003 ما قدره 1.5 مليار و في 2004 ما قدره 2.5 مليار. في 2005 ما قدره 3.200 مليار و في 2006 ما قدره 4 مليار . وفقا لبيانات البنك الدولي كانت نسبة ريع البترول من الناتج الإجمالي القومي في 1999 ما نسبته 2 % و في 2000 ما نسبته 10 % و في أعوام 2001 الى 2003 ما نسبته 7% لكل عام و يقفز إلى 17% في عام 2005 و يسجل أعلى مستوى له في 2008 ما نسبته 23 % و يتراجع قليلا إلى 21% في عام 2011 وبعد الانفصال تراجع إلى 5% في 2013.
أن تزوير البيانات و التي تتعلق بإنتاج البترول و الذهب كانت هي الية من اليات الاحتيال السياسي و الايديولوجي من اجل اخفاء كميات الريع المتحصل وهذه الالية لا تنفصل من صناعة الزيف و التي وفرت لها كل الدعم المالي لكي تشتغل في الفضاء المدني ما بين الدولة و المجتمع.و منذ بدء إنتاج البترول في 2005 كانت الشفافية محل الشك الكبير و على سبيل المثال نورد هنا بعض التقارير و التي حفرت عميقا في الأرقام الرسمية المتعلقة بإنتاج وتصدير البترول و من هذه التقارير :ما تم كشفه عن عمليات التلاعب في صادرات البترول والذهب في السودان في الفترة من 2012- 2018. والذي بلغ بلايين الدولارات، لم تدخل الخزينة العامة نتيجة الغش في الفواتير والمعايير المتعلقة بالتجارة الدولية, وقد قامت منظمة الشفافية العالمية باستخدام بيانات من إدارة الاتجاهات الإحصائية للتجارة التابعة لصندوق النقد بإعداد تحليل لفجوة القيمة، للكشف عن التلاعب في الفوترة ذات الصلة بالصفقات السودانية في التجارة العالمية. وتعرف المنظمة فجوة القيمة بأنها هي الفرق في القيمة بين ما تعلن عنه بلدان في تبادلتها السلعية الثنائية. من إجمالي 374 علاقة تجارية ثنائية تم فحصها ما بين السودان وسبعين من شركائه التجاريين خلال الأعوام 2012-2018، أورد السودان أن قيمتها الإجمالية بلغت 65 بليون دولار. غير أن تحريات المنظمة بينت فجوة في القيمة مقدارها 30,9 بليون دولار. وهي تقارب 50% من إجمالي صادرات السودان خلال تلك الفترة .فقد أفصح السودان عن تصدير 62,3 مليون برميل من النفط، أما شركاء السودان التجاريين فقد كشفوا أنهم استوردوا 112,2 مليون برميل، وهي فجوة تبلغ 49,9 مليون برميل، تمثل 80,1% من إجمالي ما أفصح عنه السودان من صادرات بترولية.و بذات منهج التلاعب بأرقام صادرات البترول تم التلاعب بأرقام صادرات الذهب. حيث أورد بنك السودان ما بين 2012 - 2018 تصدير 205446 كيلو غرام من الذهب، بينما أورد شركائه التجاريين واردات من الذهب بلغ حجمها 404732 كيلو غرام بفجوة بلغت (200 طن). وهذا يساوي 97% من حجم ما أعلنه السودان كصادرات. وتبلغ فجوة القيمة 4,1 بليون دولار. إذًا بنك السودان أورد أن قيمة صادراته من الذهب بلغت 8,6 بليون دولار بينما أورد الشركاء التجاريين أن واردات الذهب من السودان قيمتها 12,7 بليون دولار. وتبلغ فجوة القيمة ما نسبته 47,7% من إجمالي القيمة التي أعلنها السودان لصادراته و لمزيد من التفاصيل انظر( قرشي عوض الراكوبة مارس 2022(
اضافة الى الاحتيال السياسي و صناعة الكذب بخصوص البيانات الرسمية و التي كانت تصدر أرقامها حول كميات الإيرادات العامة من قبل وزارة المالية وبنك السودان و الوزارات المعنية الأخرى من مثل وزارة الطاقة و التعدين.اعتمدت سلطة الراسمالية الطفيلية على تعظيم تراكم الثروة اضافة على الوسائل السياسية علي اليات الدولة التشريعية و القانونية و من هنا أبدت السلطة عبر مفاوضيها حول الحرب و السلام اهتمامها بتمرير النصوص القانونية و التي تؤمن لها تعظيم ثروتها من عائدات البترول و ربما نشير هنا على سبيل المثال الفصل الثالث من اتفاق السلام الشامل و الذي وقعته حكومة المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية بقيادة قرنق ، الذي يعالج تقاسم الثروة ، يبدأ بـ بشأن المبادئ التوجيهية لضمان التقاسم العادل للثروة المشتركة. الجزء الثاني تتعلق بملكية الأراضي والموارد الأخرى. ويلي ذلك ثلاثة أقسام (مفصلة) تتناول النفط وإدارته وتطويره وتقاسمه بالإضافة إلى إنشاء هيئة وطنية للبترول. القسم السادس مخصص لتقاسم الإيرادات غير النفطية. عناوين الأقسام الأخرى هي في تفاصيل عدالة و كيفية تخصيص الموارد على المستوى القومي ، ومستوى الجنوب (قبل الانفصال). بشكل عام، هذا من بين أمور أخرى يشير بوضوح: (أ) مركزية قضية النفط ، (ب) الجهود الهائلة المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الشواغل الاقتصادية الرئيسية (ج )الطابع الناشئ المتميز للجنوب إزاء الشمال( مرجع ).و نضيف أن هذا الاغراق في التفاصيل يعكس أهمية البترول و عوائده النقدية التي تفوق عدة مليارات سنويا في الاقتصادي السياسي للترول و أهميته لحكومة المؤتمر في تراكم الثروة ورأس المال و هي هي مثل عوائد الذهب ضربت عليها السرية التامة.بالضرورة النظرية و العملية بمكان توظيف مناهج الاقتصاد السياسي للقانون في الدراسة الملموسة لكيف أن حكومة المؤتمر الوطني قد وظفت القانون ليخدم تراكم الثروة بيد الاقلية الحاكمة.
و قد كانت العوائد المليارية – مليارات الدولارات المجنبة – من البترول مثلا بمثابة باب دائري(revolving door) تمر عبره علاقة الترابط بين السلطة و الشركات المتعدية الجنسية (مثلا الشركة الصينية للبترول) و منه تعبر أموال مجنبة الي المؤسسات التنظيمية والأيديولوجية للحركة الاسلاموية بهدف تمكينها الاقتصادي (مثلا منظمة الشهيد و الدعوة الإسلامية الخ) ومنها تعبر أموال مجنبة الى المؤسسات الامنية و الشركات المتفرعة منها و منه تعبر اموال من اجل شراء الولاء السياسي و منه تعبر اموال الي شركات خاصة تعمل في مجالات الزراعة والتجارة من صادرات و واردات الخ.و كان يتم كل هذا في مناخات النيوليبرالية و التي مورست عمليا منذ 1992. يلعب دور توازن القوة بين الدولة و الية السوق والسوق هنا يقرا بكونه غير محايدا علي الاطلاق- ليس هناك ما يسمى بسوق محايد و أيد خفية عن التاريخ الاجتماعي الطبقي – بل سوق توجهه الدولة و التي هي هي سلطة المؤتمر الوطني في صالح تراكم الثروة و التراكم الرأسمالي للكتلة الاجتماعية الحاكمة و تداخلها مع شرائح الرأسمالية المختلفة و منها الزراعية و التجارية و الصناعية و المالية و العقارية و رأس المال (الاسلاموي القادم من خارج السودان ).
تعمل الإمبريالية بأشكال متعددة منها الاقتصادية والسياسية والثقافية. من ناحية يمكن وصف الإمبريالية بارتباطها بالاقتصاد السياسي بأنها "نظام اقتصادي للاستثمار الأجنبي واختراق الأسواق والسيطرة عليها ومصادر المواد الخام. وهكذا ، إذا كانت الإمبريالية ينظر إليها على أنها مجموعة أساسية من العلاقات الاقتصادية الدولية تتمظهر في العلاقات البينية بين الدول و في المؤسسات الاقتصادية الدولية و الشركات المتعدية الجنسية .يتم تفعيل الإمبريالية من خلال أنواع مختلفة من السلطة: السلطة المؤسسية ( مثل صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية ، والبنك الدولي) ، والسلطة الاقتصادية (للشركات والدول القومية) ، والسلطة الخطابية التي تبني وتصف المفاهيم غير المتنازع عليها حول (التنمية) ، و(التخلف) مع منع ظهور الخطابات النظرية الأخرى.التراكم الرأسمالي بما هو استراتيجية سياسية استهدفت بها حكومة الجبهة الاسلامية الاستحواذ على أكبر قدر من الثروة الاجتماعية من خلال السيطرة المطلقة على الدولة وآلياتها السياسية و التشريعية و القانونية و احتكار العنف من خلال الجيش والشرطة والاجهزة الامنية و والمليشيات المرتبطة بالدولة.ان إنتاج البترول و الذهب بما هو مصدر من مصادر الدخل الريعي لحكومة الجبهة الاسلاموية كان يتم عبر شركات دولية :صينية و هندية وماليزية و روسية (في انتاج الذهب)و فرنسية (في انتاج الذهب) و هذا يستدعي الاشتغال حول مفهوم الامبريالية و حضوره في مشهد الاقتصاد الريعي السوداني و بالتحديد هنا نعني ريع البترول و الذهب.نستدعي هنا بشكل أكثر تحديد مفهوم شبه الامبريالية اوsub imperialism و الذي تصنف تحته 5 دول :البريكس ( (BRICS هي البرازيل و روسيا و الهند و الصين و اخيرا جنوب افريقيا.هنا نجد ان 3 من الدول شبه الامبريالية اشتغلت كمستثمر اجنبي في انتاج البترول و الذهب اضافة الي فرنسا و التي تنتمي الي الامبريالية(ست الاسم( واحدة من الامبرياليات المتوهطة منذ ما قبل الحرب العالمية الاولي في النظام الاقتصادي العالمي الاميركية و البريطانية و اليابانية و غيرها)).على الرغم من إمكاناتها المعادية للإمبريالية ، شجعت دول البريكس الممارسات النيوليبرالية والإمبريالية التي تسهل تراكم رأس المال واستخراج الموارد وتوسيع أسواقها.تقاطعت المصالح المشتركة بين حكومة الجبهة الاسلامية و 3 من دول البريكس (الصين و الهند و روسيا) في الاستحواذ علي ريع البترول و الذهب في 3 سمات اساسية:الاولي تبني حكومة الجبهة الاسلامية و هذه الدول لسياسات النيولبيرالية و التي تطلق العنان لراس المال الخاص الاجنبي و استثماراته في استغلال الموار الطبيعية و هنا نعني بترول و ذهب السودان و الثانية غض طرف الدول شبه الامبريالية للشفافية( تعاون ما بين حكومة الجبهة الاسلامية و الصين و الهند و روسيا في اخفاء الارقام الحقيقية الخاصة بكميات انتاج البترول و الذهب) و غياب حرية تداول المعلومات العامة و بالنتيجة التلاعب بأرقام الإنتاج و الريع المتحصل لم يتمظهر لا البيانات الرسمية لحكومة الجبهة الاسلاموية و لا في مواقع الشركات الصينية و الهندية و الروسية العاملة في انتاج البترول و الذهب.و ثالث السمات ان هذه الدول شبه الامبريالية بكونها اقتصادات تحاول في تأسيس مكانتها الاقتصادية الدولية لهذه الدرجة او تلك تشهد عمليات للتراكم الراسمالي قد تتصالح مصالحها مع عمليات التراكم الرأسمالي و التي تمارسها الجبهة الاسلامية.
يعد بعد 2011 الاقتصاد السوداني الثالث إفريقيا في مجال إنتاج وتصدير الذهب بعد الاقتصاد الجنوب افريقي و الاقتصاد الغاني و ال 15 دوليا وبعض البيانات الحديثة تضع السودان بكونه الاول انتاج للذهب في الشرق الاوسط. و يمتلك السودان اضافة الي الانتاج الحالي احتياطات هائلة في مجالات الذهب و النحاس و الحديد اضافة الى معادن أخرى . على سبيل المثال، وزارة المعادن (2013) تشير إلى أن احتياطيات الذهب 374.1 ألف طن بما في ذلك 200 مليون طن من الزنك والنحاس القابل للتعدين.و 2000 مليار طن من خام الحديد. يقدر عدد تلك الشركات المشتغلة في مجال الذهب بحوالي 370 شركة، منها 102 شركة أجنبية لها امتيازات في مواقع متفرقة في 14 ولاية من أصل 18 ولاية.الدولة – تحت سيطرة المؤتمر الوطني و لاحقا تحت سيطرة الجنرالات (بعد 11 ابريل 2019) هي اللاعب الأساسي في إدارة الدخل الريعي من الذهب.
بين عامي 1991 و 2012، منحت الدولة 12 شركة رسمية مناطق امتياز لتعدين الذهب تبلغ مساحتها حوالي 100 ألف كيلومتر مربع، منها شركة ارياب للتعدين (AMC)، أكبر شركة عاملة في هذا القطاع. وهي كمشروع مشترك بين حكومة السودان وشركة لا مانشا الفرنسية و مع شركة أخرى مغربية ينتجون ما قدره 74 في المائة من الإنتاج الرسمي للذهب في عام 2012.اضافة لتشابك الدولة مع راس المال الخاص الفرنسي و المغربية كان للدولة تشابك اخر مع رأس المال الاستثماري الروسي و الذي اصبح يستحوذ على مساحات اكثر في انتاج الذهب و بكميات قد تصل مئات الأطنان من الذهب حسب ما تشير اليه بعض التقارير و التي منها ما أصدرته صحيفة نيويورك تايمز و ترجمته صحيفة مداميك ( رابط للتقرير اضغط هنا) تُظهر سجلات لشركة فاغنر و اخري هي شركة Meroe Gold - شركات ذات صلة مقربة بالحكومة الروسية و تعمل لصالح الحكومة السودانية في مجال الذهب - هناك منجم ذهب تحيط به السرية التامة يقع شمال الخرطوم تديره فاغنر، كما تظهر السجلات – وهو تعزيز محتمل لمخزون الكرملين من الذهب البالغ 130 مليار دولار والذي يخشى المسؤولون الأمريكيون أنه يتم استخدامه لتخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية على حرب أوكرانيا، من خلال دعم الروب .أن حضور الإعلام الأمريكي ممثلة في النيويورك و غيرها من الصحف و مراكز الدراسات الامريكية و اضافة الى الكونغرس و وزارات الخارجية و التجارة و الخزانة في مشهد انتاج و تصدير الذهب في السودان ربما يشير إلى كبر حجم هذا الانتاج و اليان مناجم الذهب علي غير ابار البترول استدعت حضور المصالح الامريكية جنب الي جنب الحضور الروسي المستحوذ علي اكبر مناجم الذهب في المناطق المشار اليها.
ويقدر ما بين 2 الي 4 مليون فرد يعملون في المهن المصاحبة للتعدين و منها مثلا تكسير حجارة الذهب يدويًّا، وجلب المياه وإعداد الطعام وغيرها وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن الصادر في عام 2017 و يمضي نقرير خاص للجزيرة (تقرير الجزيرة) و يشير الي ان إنتاج السودان من الذهب بـمناطق إنتاج شملت 12 ولاية خلال أعوام (2015-2016-2017) ب وصل ما قدره من 73,4 طنا إلى 93,4 طنا، و وفق تقرير أداء وزارة المعادن للنصف الأول لعام 2018 أن إنتاج الذهب بلغ ما قدره 63 طنا اشترى بنك السودان منها ثمانية أطنان، وبلغ صادر الشركات 1,4 طن، لتصبح جملة صادرات الذهب 10,7 أطنان بقيمة 422.5 مليون دولار، وكشف التقرير نصف السنوي ذاته أن ما فُقِد بين الذهب المُنتَج والمُصدَّر والمُصنَّع والمُخزَّن بلغ 48,8 طنا بنسبة وصلت إلى 77% لفاقد الذهب بين منطقة الإنتاج وبنك السودان كمشترٍ، في وقت يُمثِّل فيه صادر الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات السودان بالكامل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة -2015 الي 2017 - حسب تقرير وزارة المعادن المذكور أعلاه.
و في دراسة اخري نشرتها صحيفة الديمقراطي في 18 يونيو 2022 يصل فيها الباحث الي أنه في عام 2020 بلغت قيمة الذهب المصدر رسمياً ( 1.48 ) مليار دولار ، فيما بلغت قيمة فجوة الذهب أي الفرق بين المنتج والمصدر رسمياً ( المهرب ) ، (3.97) مليار دولار.. وبلغت قيمة فجوة الذهب (4.41) مليار دولار عام 2019 . وفي عام 2018 بلغت فجة الفجوة ( 3.02) مليار دولار .
وبحسب إحصاءات بنك السودان المركزي ، صدر السودان في الفترة ما بين 2011 إلى 2021 ، (292) طن من الذهب ، في حين كان اجمالي الكمية المنتجة (884) طن من الذهب ، مما يعني وجود فجوة ( تهريب ) تبلغ (591) طن من الذهب .وتبلغ القيمة الاجمالية لفجوة تهريب الذهب خلال الفترة مابين 2011 إلى 2021 ، (27.8) مليار دولار ، فيما بلغت صادرات الذهب الرسمية (14) مليار دولار شركة Alliance الروسية حازت على (51%) من إنتاج الذهب في السودان عام 2020، بحسب البنك المركزي ، وهي تعمل بالطبع في تنسيق وشراكة مع قوات الدعم السريع وشركات آل دقلو . ولقوات الدعم السريع عدد من المنافذ في مطار الخرطوم تسيطر عليها بصورة كاملة ( انظر صحيفة الديمقراطي هنا).
يُوضح تقرير مجلس الأمن الدولي security council2005 الصادر في 2016 الخاصة بالسودان، أن ميليشيا الجنجويد أو قوات الدعم السريع، تفرض إتاوات غير قانونية على تعدين الذهب التقليدي. ويقدر المجلس أن الميليشيا قادرة على جمع نحو 54 مليون دولار سنويًا من تلك الإتاوات المفروضة على منقبي الذهب.ويُفصل التقرير تلك الإتاوات على النحو التالي: 28 مليون دولار إتاوة على المنقبين ودعم الأعمال، و17 مليون دولار على التنقيب المباشر من المناجم، و9 ملايين دولار على تهريب الذهب المُستخرج للخارج.كما يُشير تحليل مجلس الأمن الدولي إلى أنه خلال الفترة من 2010 إلى 2014، هُرب من السودان ما لا يقل عن 96 طنًا من الذهب السوداني إلى دولة الإمارات. من بينها 48 طنًا تم تهريبها من منطقة دارفور إلى الإمارات.إلى ذلك، يُوضح تقرير سويسري صدر عن جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، أن إمارة دبي تعد واحدة من أكبر مراكز تداول ومعالجة الذهب في العالم. إذ تستحوذ على نسب تتراوح بين 20 إلى 25% من الذهب المتداول عالميًا. ويأتي من ثلاثة بلدان فقط هي السودان والكونغو الديموقراطية وليبيريا. لاقتصاد البترول و الذهب صلة بالدولة و التي تتحكم فيها الاجهزة العسكرية و الامنية و هذا فيما بعد 11 ابريل2019 و هذا ما سوف نتاوله في المقال القادم:التراكم الراسمالي و اقتصاد الجيش(الجيش +الدعم السريع + الاجهزة الامنية).

 

آراء