التصوف مابين البدعة والسنة وما جاء في السبحة والاحجبة وغيرها

 


 

 


كثر السؤال عن معني البدعة و عن بعض أفعال الصوفية وبدعيتها فأحوج هذا الي سؤال أهل العلم والبحث في الكتب المختصة وعند العودة اليها وجدنا العلماء قد بحثوا هذه المسألة كما يلي :-
فقالوا البدعة اسم هيئة من الابتداع كالرفعة والارتفاع ومن كل شيء أحدث على غير مثال سابق سواء أكان محموداً أو مذموماً .
والبدعة في الاصطلاح :- اختلفت انظار العلماء في تحديد معني البدعة في الشرع وتنوعت تعبيراتهم عنها فمنهم من توسع في هذا التحديد فاتسع عنده مدلول البدعة وما يندرج تحت هذا المفهوم  ومنهم من ضيق هذا المفهوم وما يندرج تحته من الصورة والاحكام.
ويمثل الاتجاه الاول بعض العلماء المشهورين فالامام الشافعي رحمه الله بقسم البدعة الي حسنة وسيئة أو محمودة ومذمومة وهي على هذا تشمل كل حدث بعد عصر الرسول وعصر الخلفاء الراشدين فعن حرملة بن يحى قال سمعت الشافعي رحمة الله تعالي  يقول البدعة بدعتان بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم " الباعث لأبي شامة ص12 وفتح الباري ج17 ص1" وابن حزم بقول البدعة في الدين كل ما لا يأت في القران ولا عن رسول الله عليه وسلم إلا أن منها ما يؤجر صاحبه ويعذر ما قصد اليه من الخير ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ويكون حسناً وهو ما كان أصله الإباحة كما روى عن عمر رضي الله عنه نعمت البدعة هذه وهو ما كان فعل خير جاء النص بعموم استحبابه ومنها ما يكون مذموماً ولا يعذر صاحبه وهو ما قامت الحجة على فساده فتمادي القائل به ويقول الامام الغزالي رحمه الله في احيائه فليس كل ما أبدع منهياً عنه بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع امرا من الشرع مع بقاء علته بل  الابداع قد يجب في بعض الاحوال اذا تغيرت الاسباب (الاحياء ج3ص3) اما الاتجاه الثاني فينقسم الي قسمين القسم الاول لا تتقيد فيه البدعة بشئ سوي مخالفة السنة القسم الثاني تتقيد فيه البدعة فضلا عن ذلك بنسبتها للدين وجعلها مع الشرع ويمثل القسم الاول عدد من العلماء تنوعت تعبيراتهم علي مدلول واحد ما ذكرناه وهو الامر الجديد المخالف للشرع كتابا وسنة وما ليس بمخالف لا يسمي بدعة وهو الذي افتي به الشيخ صعيليك ( مسائل فهمية للنقاش ص1-11) وقد وضح في ما ذكرناه ان البدعة قد اختلف العلماء فيها والمهم في الامر ان يكون هؤلاء المختلفون اهل تقوي وصلاح وعلي طالب الحقيقة ان ياخذ براي من يثق في علمه وتقواه وقد يخطئ المجتهد او يصيب وفي هذا يقول الامام السبكي رحمه الله فاذا كان الرجل ثقة مشهودا له بالايمان والاستقامة لا ينبغي ان يحمل كلامه والفاظه وكتاباته علي غير ما تعود منه ومن امثاله بل ينبغي التاويل الصالح وحسن الظن الواجب به وبامثاله وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان كثيرا من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ماهو بدعة اما الاحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة  واما الايات فهموا منها ما لم يرد منها واما لراي راوه وفي المسالة نصوص لم تبلغهم واذا اتقي الرجل ربه ما اسطتاع دخل في قوله تعالي (ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطانا )وفي الصحيح ان الله تعالي قال فعلت فان هذا الخطا لا ينقص من قدر المجتهد من كان من اهل القدم في الصلاح والتقوي فانه مع خطئه قد يكون صديقا عظيما فليس من شرط الصديق ان يكون قوله كله صحيحا او عمله كله سنة (اقتضاء الصراط المستقيم ج2ص990) ويقول ابن القيم رحمه الله من له علم بشئ والواقع يعلم قطعا ان الرجل الجليل الذي له في الاسلام قدم صالح واثار حسنة وهو من الاسلام واهله بمكان قد تكون منه الهفوة والذلة وهو مقدور فيها بل ماجور لاجتهاده فلا يجوز ان تهدد مكانته وامامته في قلوب المسلمين (اعلام الموقعين ج4ص283) كما يقول رحمه الله في مدارج السالكين لو كان من اخطا او غلط ترك جملة واهدرت محاسنه لفسدت العلوم ج3 ص39  ويقول الذهبي رحمه الله ولو ان كلما اخطا امام في اجتهاده في احاد المسائل خطا مغفورا قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا احد والله هو الهادي الخلق للحق ونعوذ بالله من الهوي والفظاظة ( اعلام النبلاء ج14ص4)علي ضوء ما ذكرنا من اقوال في البدعة وراي العلماء فيها يكثر تساؤل الناس عن حكم بعض الافعال التي اختلف الناس عليها منها تقبيل اليد واستعمال السبحة والاحجبة والتبرك بالنبي واثاره واثار الصالحين اما عن تقبيل يد العلماء والصالحين والابوين فهو جائز بل هو مظهر من مظاهر الاداب الاسلامية  كاحترام اهل العلم والتقي   اما ما ورد من احاديث في ذلك فعن صفوان ابن عسال قال قال يهودي لصاحبه قم بنا الي هذا النبي فاتيا رسول الله صلي الله عليه وسلم فسالا عن تسع ايات فذكرالحديث الي قوله فقبلا يده ورجله وقالا نشهد انك رسول الله رواه  الامام احمد والترمذي والنسائي اما أقوال الائمة الاربعة في تقبيل اليد قال العلامة بن عابدين في حاشيته عن كلام صاحب الدر المختار ولا بأس بتقبيل يد الرجل العالم المتورع على سبيل التبرك وقيل سنة وقال الشرنبلالى "وعلمت ان مفاد الاحاديث  سنيته او ندبه كما اشار اليه العتبى "حاشية بن عابدين المشهورة ج5ص254 اما اقوال الائمة الاربعة قال الامام مالك ان كانت قبلة اليد على وجه التكبر والتعظيم فمكروهة وان كانت على وجه التقرب الى الله لدينه او لعلمه او لشرفه فان ذلك جائز "شرح البخارى لابن حجر ج11ص48 وقال الحنابلة في غذاء الالباب شرح منظومة الاداب للعلامة السفارينى الحنبلى قال قال المروزى:سألت ابا عبد الله الامام احمد بن حنبل رحمه الله عن قبلة اليد فقال:ان كان على طريق التدين فلا باس فقد قبل عبيدة يد عمر بن الخطاب رضى الله عنهما وان كان عن طريق الدنيا فلا .وقال السادة الشافعية "يقول العلامة الفقيه محمد الشربينى :في كتابه "المعنى المحتاج ج3 ص135 ويسن القيام لاهل الفضل من علم وصلاح او شرف ويجوز ذلك لارياء ولاتفخيما قال في الروضة وقد ثبت في احاديث صحيحة .وقد ورد ان سعد عندما جاء من بنى قريظة على حمار اقمر قال النبى عليه الصلاة والسلام قوموا الى سيدكم "وقال الخطابى :في هذا الحديث من العلم ان قول الرجل لصاحبه يا سيدي غير محظور ان كان صاحب خير وفضل اما السبحة فقد قال بن تيمية في كتابه  مجموع الفتاوى ان التسبيح بالاصابع سنة اما ما عداه بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن وكان   من الصحابة رضي عنهم من يفعل ذلك وروي ان ابا هريرة كان يسبح بهااما التسبيح في نظام الخرز ونحوه من الناس من كرهه ومنهم من لم يكرهه واذا احسنت فيها النية فهو حسن اما اظهاره وتعليقه في العنق اما رياء او مشابهة للمرأة من غير حاجة والكلام لابن تيمية اما الاحجبة :وهي تدخل في العلاج بالقران فحسبنا ما جاء على لسان بن القيم راويا عن شيخه ابن تيمية قائلا :ابن تيمية كان يكتب كتابا للرعاف فكان يكتب على جبهة المصاب "وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وقيض الماء"وسمعته يقول كتبتها لغير واحد فبرأ اما التبرك بآثار النبي والصالحين يقول بن تيمية عن الامام أحمد بن حنبل قوله:"فقد رفض احمد وغيره ذلك واورد الحافظ بن كثير عن التبرك بابن تيمية بعد موته فقال :حضر جمع كثير الى القلعة واذن لهم في الدخول عليه وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرأوا القران وتبركوا برؤيته وتقبيله ثم انصرفوا ثم حضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك ثم انصرفن . وبعد الفراغ من غسله  شرب جماعة الماء الذي فضل من غسله واقتسم جماعة بقية السدر الذي غسل به ودفع في الخيط الذي كان فيه الزئبق الذي كان في عنقه مائة وخمسون درهما وقال أن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهما وحدث في الجنازة ضجيج وبكاء كثير وانتهى كلام بن كثير اما التوسل بالنبي فقد سئل شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فأجاب التوسل بالايمان به وبمحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك فهو مشروع باتفاق المسلمين.اما قول القائل اليهم اني اتوسل اليك به فللعلماء فيه قولان كما لهم في الحلف به قولان وجمهور الائمة كمالك والشافعي وابي حنيفة .واما عن الاحاديث الضعيفة فقد قال الامام النووى يجوز ويستحب العمل في فضائل      الاعمال والترقيب والترحيب بالحديث الضعيف اما الاحكام كالحرام والحلال والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها الا بالحديث الصحيح او الحسن الا ان يكون في احتياط من شيء ومن شرائط العمل بالحديث الضعيف الاول ان يكون متفق عليه الثانى ان يكون مندرجا تحت اصل عام الثالث ان لا يعتقد عن العمل به ثبوته لئلا ينسب للنبى مالا يقله .وفي الحديث الضعيف ثلاث مذاهب اولا الا يعمل به مطلقا .ثانيا يعمل به مطلقا ان لم يكن في الباب غيره .ثالثا يعمل به في فضائل الاعمال دون الاحكام وهو رأي الجمهور .بهذا نكون قد استعرضنا التصوف والمتصوفة ما لهم وما عليهم وعلى الله قصد السبيل وبه التوفيق .
ahmed altijany [ahmedtijany@hotmail.com]

 

آراء