التصوف ما بين المنهج والسلوك

 


 

 

لقد اصاب التصوف ما اصاب الاسلام هذه الايام من انحراف عن الجادة وحياد عن الطريق من افكار شاذة وتصرفات اساءت للاسلام كالذين يريدون ان يخرجوا كل من خالفهم من دائرة لا اله الا الله محمد رسول الله بالتكفير وارهبوا من يريد ان يدخل الاسلام بالتفجير وصاروا هم الفرقة الناجية وما عداهم كفرة ومشركين يستحقوا الذبح والقتل واما ما يحدث في ساحات التصوف يحتاج الى وقفة تأمل وخلوة تدبر وقد اصابه الوبال وحل به الخبال وما كان ذلك ليحدث لولا ان تركنا اقتفاء الاثر وأخلينا بالقواعد من عزلة وصمت وصيام وسهر وزهد وورع فاختلط الحابل بالنابل فترك كل وظيفته واهمل مهمته وتداخلت المهام بين المشائخ والحكام ولا شك ان هذا هز مكانة بعض المتصوفة عند الناس مما كشف ظهرهم وجعلهم عرضة للحملات الشرسة من الرافضين للتصوف والذين البسوا على الناس دينهم من غير هدى ولا كتاب منير وقد استعان هؤلاء الرافضون في هجومهم على الصوفية ببعض التصرفات التي يحسبونها على الصوفية والشوائب التي علقت بسلوك بعض المتصوفة ولا ننسى ان كثير من البيوتات الصوفية منقسمة على نفسها بعد ان كانوا موحدين والناس يقصدونهم لاصلاح الحال والمآل والمتصوف هو الذي يعجبك حاله ويدلك على الله مقاله لا يشرك بالله شيء ولا يشغله عنه شيء والمطلوب من متصوفة اليوم المواكبة والمعاصرة وهذا الذي ذكرناه لا يقدح في التصوف كمنهج وللتصوف ما يسنده من الكتاب والسنة وقد فعله السلف لكنه نقد ذاتي وجاء النقد الذاتي لنراجع السلوك لا لنتراجع عن المنهج وهو تنبيه ولفت نظر لخلفاء السجادات الصوفية ان ينتبهوا ويزنوا ما يحدث بميزان التصوف المستند على الشرع قبل ان يفوت الآوان ويصعب التدارك ولا ساعة مندم.

فللنتبه ونأخذ حذرنا من المتربصين بالاسلام عامة وبالتصوف بصفة خآصة لأنه المنهج المتسامح القائم على السنة من نشر للدعوة والاطعام والاكرام وطيب الكلام وما الصفات الجميلة التي يتصف بها السودانيون وقد نالت اعجاب شعوب العالم ماهي الا صفات صوفية لا ينكرها الا مكابر او جاحد فهم اهل القدح الكبير والفزعة والنفير وهم اهل ضيف الهجعة وهم (قشاشين الدمعة)وهم البزيلوا الوجعة وهم الذين لا زالت نار قرآنهم متقدة وابوابهم فاتحة واذكارهم متصلة ومن مدرسة التصوف تخرج صلاح الدين الايوبي الذي حرر بيت المقدس واحمد عرابي قائد الثورة المصرية وعمر المختار قائد الثورة الليبية وعز الدين القسام القائد الفلسطيني المعروف وفي احضانهم تربى الامام المهدي قائد الثورة المهدية بالسودان ومن صلبهم خرج الزعيم الازهري رافع راية الاستقلال واليهم ينتسب الدكتور عبدالله الطيب والمشير ثوار الدهب وفي ساحات التصوف ذابت القبلية وانتفت الجهوية وبفضل التصوف كان السودانيون عباد الله اخوانا مستهدين بأبيات الاستاذ عبدالمحمود نورالدائم:

قد اكتفيتم باشياء غير نافعة""""عقل الذكي ونص العلم يأباها

انا ونحن ولي عندي ابي نسبي"""علمي وجدي فدعها ان ترد جاها

من منا لا تعجبه هذه الصفات من منا يريد ازالة هذه الصفات من منا يقول هذا ليس من الدين او شرك او كفر من يريد ان يقضي على التصوف يريد ان يقضي على هذه الصفات وعلى السودان بسماحته تلك سواء اكان من بعض المتصوفة من حيث يعلمون اولا يعلمون او من الذين يرفضون التصوف جملة وتفصيلا وقد وصفوا المتصوفة بالكفر والشرك محكمين اهواءهم ومزاجهم وقد رفضوا آراء مشائخهم في التصوف كابن تيمية وابن القيم وغيرهم ونقول للمتصوفة مرة ثانية ادركوا انفسكم وسيروا على أثر السلف فما نال ذلكم السلف احترام الناس الا باتباع المنهج والالتزام به وقد نلنا نحن ما نلنا بما فعلوه هم فلنفعل كما فعلوا حتى ننال كما نالوا.

وليس الفتى من يقول كان ابي"" لكن الفتى من يقول هانذا

وعلى الذين يعيبون التصوف ان يتحدثوا عن ازالة ما علق بالتصوف من شوائب وليس التحدث عن ازالة التصوف جملة وتفصيلا والذي يعني اختفاء تلك الشيم الفاضلة التي ورثناها وعلى المتصوفة ان يعترفوا بما اصاب التصوف والعمل على تصحيحه لأن في ذلك بقاءهم واستمرارهم ولا نعني بذلك ان ينعزل المشائخ عزلة كاملة عن المجتمع والشأن العام لكن بالقدر الذي يحفظ لهم مكانتهم الدينية ووقارهم مستصحبين معهم ابيات الشيخ فرح ود تكتوك:

يا واقفاً على ابواب السلاطين"""ارفق بنفسك من هم وتحزين

فاذا دخلتم عليهم فادخلوا بعزة""""واخرجوا منهم كما دخلتم عزيزين.


ahmedtijany@hotmail.com

 

آراء