التعويل العالمي علي الدُخن والصمغ العربي لتحقيق الأمن الغذائي ومحاربة سوء التغذية

 


 

سيد الحسن
25 December, 2022

 

تتمثل الأهداف الثلاثة الأولي للتنمية المستدامة The Sustainable Development Goals (SDGs). في : {١} القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان. {No poverty} {٢} القضاء التام على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة. {Zero hunger} {٣} الصحة الجيدة والرفاه :ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار. {Good health & well-being} و بناءاً عليه الملاحظ إن الغذاء والتغذية كماً وكيفاً مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالثلاثة أهداف الأولي من أهداف التنمية المستدامة. ° الهدف الثاني محاربة الجوع : بالنظر للوضع الإقتصادي العربي بل العالمي لا يبشر بخير في العقود المقبلة من ناحية توفير الغذاء ووفرة المياه للزراعة ، حتي ان الإتحاد الأفريقي حدد عام ٢٠٢٢ عام محاربة الجوع .. مما حدا بأجراس الإنذار الإعلامية تقرع بالتوجه نحو السودان لإمتلاكه موارد زراعية والماء لتوفير الغذاء ولتحقيق الأمن الغذائي المستهدف .. ولا يمر يوم الا ويتناول الإعلام عن الأمن الغذائي العربي بل العالمي ، وتهافت رؤوس الأموال للإستثمار الأجنبية في السودان ،، واتفاقيات وتكامل إقتصادي جُلها مستهدفة القطاع الزراعي و تحديداً الأمن الغذائي .. وحيث أن هذه الإستثمارات والأتفاقيات تتطلب بيئة أستثمارية - غير متوفرة حالياً- وعلي رأسها الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني . مما يشير الي أنه سوف لن يتمكن السودان حصاد إيجابياتها في المدي القريب . ° الهدف الثالث الصحة الجيدة والرفاه: وحق التمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار ،، مما يعني محاربة سوء التغذية. في ١٤ ديسمبر الجاري نشر خبر لوكالة سونا للأنباء أن وزارة الصحة الإتحادية أعلنت إلتزامها بالعمل علي حل قضية سوء التغذية Metabolic Syndrome بالبلاد ، وتحسين مؤشرات التغذية المحلية والعالمية وتطوير النظام القومي للمتابعة ، كما تم وضع خطة التغذية القومية متعددة القطاعات للفترة ٢٠٢٧/٢٠٢٣. ° مؤشرات سوء التغذية تتمثل في التقزم ، الهزال ، الكساح ، زيادة الوزن وفقر الدم .. سوء التغذية هو أكثر من مجرد نقص في الغذاء ، فهو ناجم عن نقص البروتين والطاقة والمغذيات الدقيقة، و إنتشار العدوى و الأمراض المتكررة ، وسوء الرعاية وممارسات التغذية غير السليمة ، وعدم كفاية الخدمات الصحية . . والسودان ليس ببعيد عن محيطه العربي والإفريقي، بل يتمتع بنسب أعلي من الإصابات بمتلازمة سوء التغذية بمحيطه العربي والافريقي، وإرتفاع معدلات سوء التغذية ناتج عن المعتقدات الخاطئة عميقة الجذور ، والعادات الغذائية الضارة ، والوعي العام المنخفض لدي كل من المواطنين والدولة بشأن التغذية ونقص الخبرة الفنية الكافية في مجال التغذية التكميلية. ° دول منظمة التعاون الإسلامي (OIC) ودول الاتحاد الأفريقي (AUC) ، بما في ذلك السودان ومنطقة القرن الإفريقي ، تعاني من معدلات سوء التغذية المرتفعة جداً في جميع مؤشرات سوء التغذية الرئيسية (التقزم ، والهزال ، الكساح ، وزيادة الوزن ، وفقر الدم). التقزم : معدل التقزم في منظمة المؤتمر الإسلامي هو 33٪ ، هذا المعدل أعلى بنسبة ١٣٪ مما هو عليه في الدول النامية . الهزال : حوالي ١١ ٪ من الأطفال في منظمة المؤتمر الإسلامي ودول الإتحاد الأفريقي يعانون من الهزال ، وهو ما يعادل وضعاً خطيراً وفقاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية ، وهو ما يزيد بنسبة 18٪ عن البلدان النامية غير الأعضاء في الإتحاد الإفريقي ودول منظمة التعاون الإسلامي. من المحتمل أيضاً أن تعاني دول منظمة التعاون الإسلامي من العبء المزدوج للتغذية ، حيث أن كل من نقص التغذية والإفراط في التغذية أكثر حدة مما هو عليه في بقية العالم مما يتسبب في زيادة الوزن ، حيث تؤثر نسبة زيادة الوزن على ٧.٤ ٪ من الأطفال في دول منظمة التعاون الإسلامي ، مقابل ٤.٦٪ في البلدان النامية. كذلك ينتشر ما يسمي "بالجوع الخفي" أو نقص المغذيات الدقيقة بشكل كبير في دول منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الإفريقية. بالرجوع للخبر المنشور في ١٤ ديسمبر الجاري أن وزارة الصحة الإتحادية أعلنت إلتزامها بالعمل علي حل قضية سوء التغذية بالبلاد ، وتحسين مؤشرات التغذية المحلية والعالمية وتطوير النظام القومي للمتابعة، كما تم وضع خطة التغذية القومية متعددة القطاعات للفترة ٢٠٢٧/٢٠٢٣. حبانا المولي عز وجل بموارد تشكل النظام الغذائي المثالي الطبيعي وعلي قمة هرمها الصمغ العربي بنوعيه الهشاب والطلح والتي تشكل أهم دعامات التمثيل الغذائي الذي يحمي من متلازمة سوء التغذية وما شاكلها من متلازمة أمراض الشيخوخة وأمراض نقص المناعة ضد الأمراض والفيروسات ، و ذلك بناء علي البحوث والدراسات التي تمت في العقدين الماضيين .. لذا إن الحد من مخاطر متلازمة سوء التغذية موجود بالداخل يتمثل في التصنيع للصمغ والكركدي والتبلدي والدوم حسب المواصفات العالمية وتشكل أغذية ومشروبات طبيعية ، وتغيير الثقافة الغذائية بالتركيز علي منتجاتها كمكملات غذائية طبيعية (حالياً المكملات الغذائية تباع في أجنحة الصيدليات جلها صناعية) بديلاً للأغذية والمشروبات المتداولة حالياً من المشروبات الغازية والتي تعد من اكثر مسببات متلازمة سوء التغذية . التصنيع بالمواصفة العالمية لهذه المكملات الطبيعية سوف يجعل السودان هدفاً من الدول التي تعاني من متلازمة سوء التغذية ، بنفس القدر للهجمة الحالية للأمن الغذائي . وللعلم تصنيع الصمغ بالمواصفات العالمية يؤدي لتحقيق ١٢ هدف من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر ، ثلاثة منها وردت في مقدمة المقال وتسعة منها تحققه عوائد القيمة المضافة العالية جداً من التصنيع بالمواصفات العالمية .. وتحقيق ١٢ هدف من أهداف التنمية المستدامة يضمن الإستقرار الإقتصادي والسياسي والصمود أمام الهزات الغير منظورة منها (مثالاً لا حصراً) تغير المناخ . °° ختاماً إتضح إن التعويل علي السودان للأمن الغذائي ومحاربة سوء التغذية سيكون حافزاً وفرصة ذهبية لإستغلالها افضل إستغلال في ظل الظروف العالمية الحالية ، تتطلب الإهتمام و التجويد في إدارات القطاع الزراعي والإقتصادي إضافة لتصافر الجهود بين المواطن والقطاع العام والخاص بناء علي ما ورد بعاليه إضافة الي : {١} تكمن أهمية الدُخن حيث أنه في دورتها الخامسة والسبعين المنعقدة في مارس/ آذار 2021، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، سنة 2023 (السنة الدولية للدُخن) . وتعبر منظمة الأغذية والزراعة الوكالة الرائدة للاحتفال بهذه السنة الدولية بالتعاون مع أصحاب مصلحة معنيين آخرين ، نسبة لتفرد وتميز الدُخن بالمنافع التغذوية والصحية للدُخن ، وكذلك مدى ملاءمته للزارعة في ظلّ الظروف المناخية غير الملائمة والمتغيرة وقدرته على الصمود في وجه تغيرات المناخ . ومما يؤسف له الدُخن والحبوب الأخري المستهدفة للأمن الإقتصادي مهملة تمام من القطاع الحكومي ، بل سياسات الحكومة اقعدت الكثير من المنتجين لتقليل مساحات كبيرة من تلك التي كانت يقوم المزارعون بزراعتها حتي التي كانت تتم بالتمويل الذاتي في غلاء المدخلات الزراعية ، إضافة لعدم الإستقرار الأمني . {٢} تفرد الصمغ العربي بخصائصه الغذائية المتفردة والمتميزة ، إضافة لأن السودان يعد من أكبر المنتجين حيث كان يمثل ٨٠٪ من الإنتاج العالمي تدني الي ما دون ال ٧٠٪ ومستمر في التدني لسوء الإدارة وعدم الإهتمام والذي يتحمله كل القطاع المرتبط به من الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص من تجار ومصدرين ومجلس الصمغ العربي . لذا يجب معالجة اسباب تدني الإنتاج والمتمثل جُلها في عوائد المنتجين حيث تشكل أقل من ٢٠٪ من قيمة سعر الصادر ، حتي أصبحت المهنة طاردة بل دفعت الكثير المنتجين لقطع الأشجار وحرقها وبيعها فحم ، وإحلالها بزراعة حبوب نقدية {في مساحتها} سريعة ومحفزة العائد إذا ما قُورنت بعوائد الصمغ . السؤال : ° هل نحن جاهزون ومستعدون للإستفادة القصوي من هذا التهافت الإستثماري؟ ° الإجابة : بلغة الأرقام لا أعتقد أن هناك اية جاهزية او إستعداد ملموس حيث إن التجهيز يبدأ من المنتجين قاعدة الهرم الإنتاجي بحلحلة مشاكله ، و مثالاً : ١. في الأمن الغذائي : مشروع الجزيرة كأكبر مشروع مروي زرع في موسم ٢٠٢٠/٢٠١٩ الشتوي مساحة قاربت ال ٥٠٠ الف فدان قمح ساهمت بما يقارب ال ٨٠٠ الف طن قمح ، الموسم الشتوي الحالي الذي تمت زراعته في حدود ١٠٠ ألف فدان أمام كمية من التحديات اهمها الري في المتبقي من الشهور قبل الحصاد ، وذلك حسب تصريحات إدارة المشروع والتي تناولتها الأجهزة الإعلامية ، وفي تدني مستمر علماً بأن الإدارة الحالية تم تكليفها قبل عدة سنوات - وما زالت - دون إنجازات ملموسة في تحسن الإنتاج او تحسين عائدات المنتجين .. هذا المثال في سلعة استهلاكية يومية لكل بيت سوداني ، ما بالك بالدخُن والذي ينحصر إستهلاكه في مناطق معينة .. ٢. أما سلعة الصمغ فتدني الإنتاج توضحه الأرقام التالية ومصدرها مجلس الصمغ العربي : :: صادر عام ٢٠١٧ كان ١٠٠ الف طن :: صادر عام ٢٠١٨ كان ١١٥ ألف طن ، :: صادر عام ٢٠١٩ كان ٨٨ ألف طن، :: صادر عام ٢٠٢٠ بلغ ٧٩.٦٨٤ طن حقق عائدات ٩٧ مليون دولار :: صادر ٢٠٢١ بلغ ٨٠.٨٩١ طن حقق عائدات ١٠٣ مليون دولار. {المصدر إحصائيات مجلس الصمغ العربي} . علماً بأن مجلس الصمغ العربي الحالي تم تكليفه قبل أربعة سنوات دون أي إنجازات ملموسة أو حتي سياسات وخطط سواء لزيادة كمية الإنتاج أو تحسين الأسعار وعائدات التصدير . المسؤولين عن القطاعين قراراتهم وتصريحاتهم محصورة في قمة الهرم ، دون حلحلة مشاكل المنتجين قاعدة الهرم {جعجعة دون طحين} ..
سيد الحسن عبد الله ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٢م

elhassansayed@hotmail.com
//////////////////////////

 

آراء