الثلاثي غير المرح في السياسة السودانية: الكيزان والشيوعيون والحركات المسلحة (2)

 


 

د. زاهد زيد
29 April, 2022

 

كتبت في مقالي السابق عن الضلع الأول من هذا الثلاثي غير المرح في السياسة السودانية وهو مجموعة المتأسلمين ( كيزان السوء ) الذين أفسدوا على الناس دنياهم وصرفوهم عن دينهم ، في أكبر عملية لتشويه صورة الإسلام المشرقة ، وقلت حسنا أن فعل بهم حكام مصر سابقا وحاليا ما فعلوه ، لأنهم يستحقون أكثر من هذا بكثير ، بل ذهبت لأبعد من هذا وقلت لو أن عبد الفتاح ( تبعنا ) فعل ما فعله عبد الفتاح السيسي بالإخوان لأيدته بلا تحفظ ، ولكنه للأسف يلاعب الثعلب ويحاول أن يعبر بهم للسلطة ونقول له ( كان غيرك أشطر ) فالنميري مثال والبشير مثال ثان ، وكلاهما حاول استغلالهم ولكنهم للخبث المتأصل فيهم تغدوا بهما قبل أن يتعشيا بهم ، وهذا ما سيحدث للبرهان عاجلا أم آجلا .
وننعطف للضلع الثاني من الثلاثي غير المرح وهو اليسار بعمومه والشيوعيون بالخصوص ، فهم كالكيزان فكر قادم من وراء الحدود لا أصل له في التربة السودانية ، ومن الغريب أن الفكر الشيوعي انتهى في بلاده وتفرق شمله ولكن شيوعيي السودان لازالوا على غيهم القديم ، وهنا يتميز عليهم الكيزان بأنهم قادرون على التلون والظهور في كل مرة بلباس جديد ، أما غرمائهم فهم لازالوا تحت الراية الحمراء ، ولا يمكن أن نصدق أن الشيوعيين يؤمنون بالديمقراطية فهم حزب شمولي ، لا يؤمن بالتعديدية إلا مرحليا فقط .
أما ما أحدثه الشيوعيون في السياسة السودانية فحدث ولا حرج ، فإن كان الكيزان خلف الإنقاذ فإنهم هم من طان خلف مايو 1969 م ، قوضوا الديمقراطية بانقلاب الجيش ، وأرادوا استغلال النميري لتنفيذ ذلك ، تماما كما استغل الكيزان عمر البشير في تنفيذ انقلاب 1989 م . والنهايات تبدو متقاربة لحد بعيد .
في أيامنا الآنية أكبر خطأ ارتكبه اليسار عموما والشيوعيون خصوصا ، أنهم سرقوا الثورة من المناضلين الحقيقيين وكان الفشل حليفهم في كل الحكومات التي اعقبت سقوط الإنقاذ ، بل هم الذين بغبائهم مهدوا لعودة الكيزان التي تجري الآن.
لم يكونوا مستعدين لا فكريا ولا تنظيميا للحلول محل الكيزان ، وكانوا ولا زالوا عبئا على الثورة ، وما لم تعزلهم قوى الثورة الشبابية فسيظل ولاءهم للحزب أكبر من مصلحة البلد ، والشيء الجيد أن الغطاء قد انكشف عنهم ، فظهر عجزهم وقلة حيلتهم وأنهم كالطبل تماما ، صوت عال وفراغ أجوف .
لا أجد غضاضة في المقارنة بين الكيزان والشيوعيين والفرق بينهم أن الكيزان لصوص وفاسقون وفاسدون على المستوى العام والشخصي . أما الشيوعيون فبالرغم من خطلهم في السياسة وقصر نظرهم ، فهم من الناحية العامة والشخصية أشد نظافة من الكيزان بما لا يقارن ، ويا للعجب أن من يتبني الكلام باسم الدين أبعد الناس عنه ، وأن من يرمون بالكفر والإلحاد أقرب إليه من ناحية عدم الفساد والفسق واللصوصية ،
وربما يرجع ذلك إلى أنهم لم يتمكنوا من حكم البلد يوما ، فلا نعرف كيف كان سيؤل إليه حالهم لو أنهم تحكموا في رقاب الناس وأصبحوا أوصياء على المال العام .
تبقى الضلع الثالث من الثلاثي غير المرح في سياستنا السودانية ألا وهو الحركات المسلحة ، وهذه تحتاج لمقال كامل نخصصه لها إن شاء الله .

zahidzaidd@hotmail.com

 

آراء