الثورة أو القيامة 

 


 

فيصل بسمة
5 April, 2022

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

تخيل أنك شاب سوداني مُطَّلِع على ما يجري حولك في العالم من تقدم و إزدهار و رفاهية ، و تخيل أنك ترى أقرانك من شباب شعوب العالم ماضون في حياتهم بصورة طبيعية يحققون طموحاتهم و أحلامهم و يسعون و يسعدون ، بينما أنت قابع في مستنقع الفقر و العطالة و الإحباط في دولة يسودها العبث و الفوضى و الفساد...

و على هذه الخلفية تخيل و ضع نفسك مكان شاب سوداني عاطل سدت أمام وجه كل سبل المنافسة و التوظيف و العمل و تطوير المهارات و الكسب الشريف ، حتى أصبح لا يرى في الأفق أي مجال لتحقيق طموحاته و أحلامه في مستقبل أفضل...

تصور هذا الحال على خلفية من الفساد العظيم المستشري الذي يمشي أمامك برجليه و الذي يزحف ليملأ و يغطي كل المجالات ، فساد و فوضى و عبث و جهل يمارسه المسئولون و المتنفذون و بصورة خانقة و مستفزة تنقص عليك العيش و تسود أمام ناظريك كل الأفق...

تصور و أنت المحبط الفقير المعدم و الأمم و الشعوب من حولك تزدريك و تحتقرك و تتسابق في نهب خيرات و موارد بلدك بمساعدة الفاسدين من أبنآء شعبك من الخونة ضعاف الأنفس و الجهلة و المرتزقة و العملآء...

تخيل أنك أنت العاجز و أمامك ساسة و مسئولون جهلآء فاشلون و إنتهازيون يغدون و يروحون يعبثون في حلل من الفساد و الفحش و السفه...

تخيل الفاسدون الفاشلون و الجهلآء ماضون في عبثهم و غيهم يسفهون أحلامك و لا يقيمون لك وزناً بل و يصفونك بالفاشل و العاطل و يرمونك بكل نقيصة و جريرة...

تخيل أنك إذا ما تجرأت بالإحتجاج على الفساد و السفه و الفشل و العبث و خرجت ، و في سلمية ، مطالباً بحقوقك الأساسية في العدالة و الحرية و السلام ، و عبرت عن طموحاتك و أحلامك في التغيير و في مستقبلٍ أفضل جوبهت بالقمع و الكبت و الحبس و التعذيب و القتل...

تصور كل هذه الأحاسيس من: الإحباط و الهوان و الذل و الإنكسار و تدني القيمة و إنسداد الأفق تملأ دواخلك و تخنقك و تحيط بك خارجياً و من كل الجوانب...

في هذه الأحوال و في هذه البيئة النتنة الفاسدة الفاشلة و المحبطة ليس أمام الشباب السوداني سوى خيارين:

إنجاح مشوار الثورة و البلوغ بالثورة إلى غاياتها في التغيير و الوعي و إحقاق العدالة و الحرية و السلام و الإستقرار و العمل و الإنتاج و الرفاهية...

أو

سؤال الله الخالق العزيز الحكيم و بإلحاح شديد أن يُعَجِّلَ بقيام الساعة و القيامة...

و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.


فيصل بسمة


fbasama@gmail.com

 

آراء