الجبهة الإسلامية والجبهة الإسلامية! … بقلم: د. مجدي الجزولي

 


 

 

فينيق

m.elgizouli@gmail.com
باصدار مذكرة التوقيف بحق السيد رئيس الجمهورية الأربعاء الماضي، بل قبل إصدارها، انطلقت آلة النظام الحاكم ترسم "ميس" اللعبة السياسية وفق قاعدة "يا معانا يا مع الخيانة"، فنشرة التلفزيون القومي التي تستمر ساعة على الأقل مشغولة جلها إن لم يكن كلها بجمع الإجابات الصحيحة على السؤال: ما موقفكم من قرار أوكامبو؟ هذا وقد جمع السيد الرئيس أطرافا من الحركة السياسية في البلاد داخل بيت الضيافة وطرح عليهم ذات السؤال، منهم من أجاب تقية ومنهم من صدق ولا تثريب.
المهم أن قضية المحكمة الجنائية الدولية غدت في يد الحكومة مقياس رسم للالتزام الوطني حتى أنها بعثت عبارات ومقولات عهد التحرير تريد بها رتق ما انفتق فمرة الاستعمار الحديث وأخرى عدل "الرجل الأبيض". كما انتشت الخرطوم بنصرة مناضلين من حزب الله وفلسطين المحتلة تصوروا الخرطوم رابعة حرب احتلال العراق 2003 وحرب لبنان 2006 والهجوم الاسرائيلي الأخير على غزة، بالذات وقد صرحت جهات نافذة في دوائر السياسة الأميركية نيتها الضغط على إدارة الرئيس أوباما لفرض منطقة حظر جوي في دارفور (الإندبندنت، 05/03/09)، ذلك على خلفية طرد الخرطوم لعدد من منظمات الإغاثة والعون الإنساني العاملة في الاقليم.
وفق هذا المقياس الجديد تبرز أجندة لاعبين إثنين، المؤتمر الوطني الذي يبدو أنه اختار "مواجهة" المجتمع الدولي على طريقة "منو البكورك أول" وحركة العدل والمساواة التي دعى قائدها، الدكتور خليل ابراهيم، مجلس الأمن إلى تطبيق حزمة إجراءات على غرار خطة "الغذاء مقابل البترول"، السابق تنفيذها في عراق صدام حسين بعيد احتلال الأخير للكويت عام 1990، بحيث يحظر المجلس على حكومة السودان بيع البترول وجمع ريعه وتؤول هذه المهمة للأمم المتحدة التي تخصص من جانبها جزءا من هذا الريع لتمويل أعمال الإغاثة الخاصة بالنازحين واللاجئين جراء الحرب في دارفور (سودان تربيون، 07/03/09). إن الأجندة التي يدفع بها طرفا المعادلة الحالية ليست بمستجدة فقد سبقت إليها قوى عراقية وبعث صدام حسين وكانت النتيجة النهائية أن تدهور العراق إلى دولة انتداب ثم دولة محتلة ثم ساحة قتال طائفي، ولما يتجاوز محنته.
هذه نهاية الطريق الذي تقودنا إليه أجندة الجبهة الإسلامية، حكومة ومعارضة مسلحة، فالإخوان على ما بينهم من شقاق مجتمعون على انغلاق مستقبلنا ضمن ما يرسمون من مخططات، الإنقاذ تلد الإنقاذ المضادة. أما النقاش المحتدم حول مذكرة المحكمة، عدل هي أم استعمار جديد، فانعكاس لغلبة هذه الأجندة على خيالنا السياسي إذ غابت عنه أولوياته - ديموقراطية راسخة، تنمية مستدامة، وطن واحد، سلم وطيد – هذا مقياس رسمنا وسواه صراع الديكة على ملك الخرائب.
07/03/09

 

آراء