الجبهة العريضة ومساعي الحادبين

 


 

 


أحدث قيام الجبهة العريضة في اكتوبر الماضي دويا هائلا علي الساحة السياسية السودانية. لقد رحب شعبنا بهذا الحدث الهام واعلن عن تشكيل فروع لها بمجرد الانتهاء من المؤتمر التاسيسي لها في مختلف اقاليم السودان, بينما ارتعدت فرائص العصابة الانقاذية وخشت ان نهايتها لابد قادمة.
الجبهة ضمت في قيلدتها خيرة ابناء شعبنا بمن عرفوا بالشجاعة والاقدام والتضحية وعاركوا النظام في عقر داره, تشرفوا بالدخول في بيوت الاشباح وفي السجون وتعرضوا للفصل من الخدمة والملاحقات الامنية والمحاربة في الارزاق ومورست فيهم شتي انواع التعذيب كما هو معروف في بيوت الاشباح.
فرحة شعبنا لم تكتمل, فقد دب خلاف داخل قيادة الجبهة العريضة, ادي الي انقسامها الي شطرين وقيادتين متنافرتين, كل منهما تدعي انها هي الشرعية, وتفصل الجناح الاخر وتكيل له ما شاءت من التهم.
ادراكا منهم علي الخطورة التي يمثلها هذا الانشقاق كون بعض مؤسسي الجبهة العريضة وقيادييها لجنة وفاق لدرأ الصدع.
لخصت لجنة الوفاق في نقطتين اساسيتين:ـ
ــ صلة الدين بالدولة
ــ الممارسات الديموقراطية داخل التنظيم.
رأت اللجنة ان هذه النقاط كان يمكن الاتفاق حولهما.
فبالنسبة للنقطة الاولي فلا يوجد اساسا خلاف جوهري حولها, فكلا الطرفين مقتنعان تماما بضرورة فصل الدين عن السياسة وان تكون المواطنة اساس الحقوق المتساوية و الواجبات لكل السودانيين. والخلاف كان حول مصطلحين, راي البعض بضرورة النص علي فصل الدين عن الدولة بينما اصر البعض الآخر ان يكون النص علي فصل الدين عن السياسة وليس الدولة. لكن الغرض من المصطلحين واضح وهو جعل المواطنة اساسا للحقوق والواجبات. كان من الممكن بل من الواجب الاتفاق علي هذا المبدأ, كما وضعه مؤتمر اسمرة للقضايا المصيرية الذي نظمه التجمع الوطني عام  1995, والذي اتفقت عليه كل الكيانات السياسية.ـ  
والنقطة الثانية اساسا لا خلاف حولها ايضا. فلا احد من الطرفين يرضي بممارسات غير ديموقراطية ولا احد من الاعضاء يرضي بديكتاتورية داخل التنظيم. هذا لا يدعو مباشرة للانشقاق. اي ممارسات ديكتاتورية يجب ايقافها من داخل التنظيم, وليس بالانشقاق. فحتي الآن لم تقدم اي انتقادات لممارسات ديكتاتورية من داخل الاطر التنظيمية للجبهة العريضة.
ان الانشقاق الذي تم يؤدي اعظم خدمة لدولة الانقاذ, اردنا ذلك ام لم نرد..تحول البعض منا وان لم يشعروا لعملاء للنظام.
وضعت لجنة الوفاق حلولا رأتها مناسبة وجديرة بالنقاش لدرء الصدع وتحقيق التلاحم, وتقدمت بها لكل اعضاء جبهة القيادة تطلب رأيهم واسهاماتهم. ولكن للاسف لم تجد الاستجابة المرجوة. فكل فريق ركب راسه, وواصل نشاطه الانشقاقي.
وتتساءل لجنة الوفاق اذا فشل قادة الجبهة العريضة البالغ عددهم 34 في تحقيق وفاق فيما بينهم وحول اجندة وضعوها معا فكيف يتخيلون قيام جبهة عريضة تضم كل الطيف السوداني بوجهات نظره المتباينة؟!!
ان كلا الطرفين لم يستوعب روح وفلسفة تكوين الجبهة العريضة, هذه الروح التي تنادي بالتفاهم والاتفاق علي الحد الادني للمبادئ, التي تجمع ولا تفرق. كلا الطرفين اصر علي موقفه المتصلب مما اضر بتكوين الجبهة وعرضها لانشقاقات لا طائل منها, والمستفيد منها هو الحزب الحاكم في الخرطوم.  
خلق جبهة عريضة حقيقية علي ارض الواقع تحت هذه الظروف مع تبني شعارات متطرفة مستفزة لتراث الشعب السوداني سيصير مجرد حلم في مخيلة بعض المثقفين ذوي النيات الطيبة الذين تنقصهم الخبرة السياسية.
فهل ستنتحر الجبهة ام سينحرونها؟ـ
 ان الحادبين من مؤسسي الجبهة سيمضون في طريقهم لتحقيق هدفهم النبيل وهو خلق قيادة موحدة, قوية, صلبة, ديموقراطية, متجانسة حتي يتم كنس النظام والرمي به في مزبة التاريخ.
 
abuamnas [abuamnas@aol.com]

 

آراء