الجنرال عبد الفتاح البرهان.. إلى أين يقود الوطن والشعب؟؟؟

 


 

 

ليس مستبعدا أو مخيفا أن يمر أي بلد بأزمات سياسية أو أمنية َأو إقتصادية أو غير ذلك، لكن المخيف ان تقع الأزمات وأصحاب السلطة تعوزهم الخبرة والكفاءة والحكمة في التصدي لها.


   المخيف أكثر أن الذين يجلسون في قمة السلطة هم من يصنعون الأزمات، فإن لم يكونوا من صناعها،  فهم يستثمرونها لمصالحهم الذاتية ضاربين عرض الحائط مصير بلادهم وشعوبهم.


  الأكثر خوفا أن تأتي الاقدار بغير أهل الحكمة والكفاءة في قمة السلطة محاطين بمستشارين، يدفعونهم نحو هاوية تذهب بشعوبهم وبلادهم نحو الهلاك والدمار، ثم لا تكون فيها حتى نجاتهم.


لا أقصد تجريح الفريق أول عبد الفتاح البرهان، فهو محل احترام شخصا ومنصبا، إلا أن ذلك لا يحول دون القول بأن من يستمع إليه في المقابلة التي أجرتها معه قناة العربية والحدث، سيدرك خطورة الإتجاه الذي يقود إليه  الثورة والبلاد بكاملها.


لم تكن المذيعة تسابيح خاطر تملك المعلومات الكافية التي تمكنها من إدارة الحوار بشكل أفضل، لكن ما طرحته من أسئلة ذكية ومواكبة، كانت كافية للقول بأن الجنرال البرهان يحمل نوايا غير حميدة تجاه الثورة وغاياتها، وأن سيادته في حاجة ماسة لمستشارين من ذوي الخبرة والتجرد والحكمة لمساعدته في الوقوف على خطورة الإتجاه الذي يقود إليه البلاد في هذا الظرف العصيب .


سألته المذيعة عن التفلتات الأمنية وقطع الطرق الحيوية في شرق السودان، ودور المكون العسكري في حلها، فأجاب بأنهم كمكون عسكري لا علاقة لهم بالأمن الداخلي وأنهم جزء من مجلس السيادة وسلطاته معروفة، وأن الأمن الداخلي مسؤولية رئيس الوزراء لأن وزير الداخلية يتبع له وكذلك مدير عام الشرطة.!


يقول ذلك على الملأ وسيادته يعلم أن للأمن الداخلي جناح آخر مختطف بواسطة المكون العسكري وهو جهاز الأمن والمخابرات العامة، وهو أيضا  يجب أن يتبع لرئيس الوزراء، وهو المعني بتعيين مديره ونائبه، وإزالة ما به من تمكين وإعادة هيكلته ليتوافق ومطلوبات المرحلة، لكن المكون العسكري السيادي برئاسة البرهان هو من بادر وقام بالتعدي على إختصاصات رئيس الوزراء، بأن قام بتعيين مدير الأمن ونائبه وبإعادة هيكلة الجهاز ليناسب نوايا المجلس العسكري في تعطيل المهام الإنتقالية واحداث الفشل.!


يقول ذلك وهو يعلم أن مجلس الأمن الوطني هو المختص بالتخطيط للسياسة الأمنية والإشراف على سير العمل الأمني والتنسيق بين الأجهزة الأمنية،وأن اللجنة الفنية العليا هي المختصة بالتنبيه المبكر بالمهددات الأمنية وتقديم المقترحات، وأن لجان أمن الولايات هي المسؤولة عن حفظ الأمن بالولاية وتلقي ورفع التقارير للجنة العليا.. الخ، وهو يعلم أن  سيادته هو من قام، وتعديا على إختصاصات رئيس الوزراء، بتشكيل مجلس الدفاع الوطني ليكون برئاسته وعضوية آخرين منهم أعضاء مجلس السيادة، بمكونه المدني المغيب ومكونه العسكري الذي يعمل حثيثا على إجهاض الثورة. !!


يقول ذلك وهم كمكون عسكري يقفون ضد إزالة التمكين وإعادة الهيكلة في جهازي الشرطة والأمن، وضد أن يكونا تحت القيادة العليا لرئيس الوزراء كما تنص الوثيقة.!! فكيف يتسنى له القول بأن الأمن الداخلي مسؤولية رئيس الوزراء وحكومته .؟!

ولكي يعلم الناس الحقيقة، تأبي عفوية نائبه إلا وأن يصرح بأنهم لن يسلموا جهازي الشرطة والأمن للحكومة الإنتقالية، ورغم خطورة ما يكشف عنه هذا التصريح من الوقوف ضد الوثيقة الدستورية والإنتقال الديمقراطي الآمن، لكن الأخطر هو التناقض وعدم الشفافية في حديث السيد البرهان بغرض إلقاء المسؤولية على الآخرين، وهو في الواقع يرمي لذات نوايا نائبه في إجهاض الوثيقة الدستورية ومطلوباتها .!


ردا على سؤال حول علاقة المكون العسكري بمشكلة الشرق، يقول سيادته أن ما يحدث في الشرق قضية سياسية بدأت بتقاسم السلطة والثروة في اتفاقية جوبا، مسؤولية حلها تقع على الجهات السياسية، ولما فاجأته المذيعة بأنكم من قمتم بإدارة ملف مفاوضات جوبا وتوصلتم للمسارات محل الإعتراض، إمتعض لكنه لم يخف تمسكه بالمسارات مؤكدا أن قفل الطرق عمل مرفوض، ثم عاد وناقض نفسه بالقول بإن قفل الطرق وسيلة معروفة ومعمول بها للاحتجاج المطلبي، وأن المشكلة تحتاج لحل سياسي من اهل السياسة.!!

وهكذا جاءت إفادات السيد البرهان بعيدة عن الشفافية، وفي إطار التحدي بين المكونين العسكري والمدني وتصعيد الخلافات، ومحاولة إدخال القوات المسلحة كطرف في الصراع، معتقدا أن ما بدر تجاههم من بعض أفراد المكون المدني فرصة لتحقيق النوايا المبيتة، لكن فات عليه أن هذه الثورة ليست ملكا للمكون  المدني أو العسكري، وأن للشعب رأيه السالب في أداء كليهما، وانه يفرق بين المكون العسكري وقوات الشعب المسلحة.


السيد البرهان يتبوأ مقاعد حساسة تحتم عليه أن يتحلى بصفات رجل الدولة من حكمة وصبر وتجرد، وأن يحرص على تحصين  نفسه بكل أدوات النجاح وأهمها المستشارين الخلصاء الذين يدفعونه في الإتجاه الذي يعلي من شأنه وأسرته وأهله جميعا، وهو إتجاه واحد حدده الشعب السوداني يوم أن أسقط الشمولية وإلى غير رجعه، ودخل في فترة انتقالية لتحقيق مهام محددة تقود للإنتقال الديمقراطي الآمن النزيه.


نعلم أن هناك هواجس تنتاب أفراد المكون العسكري من المضي في طريق الثورة، لكن طوق النجاة ليس فيما يفعلونه الآن، بل ، طوق نجاتهم الحقيقي في الانتصار لوطنهم وتحقيق آمال شعبهم، والمراهنة على مقدرة هذا الشعب في العفو والتجاوز، ودون ذلك حتما سينقلب السحر على الساحر، والعاقل من إتعظ.

عبد القادر محمد أحمد

المحامي


aabdoaadvo2019@gmail.com

 

آراء