الجنّة والجحيم في عيون الأطفال!!

 


 

مأمون التلب
14 August, 2023

 

(1)
بينما أسيرُ في دروب الغابة الوعرة إلى الأسفل باتجاه البحيرة، بعكّازٍ يُميّز عجائز القرية الصغيرة فقط، ثمّ صعوداً مرةً أخرى منها، رأيتُ مشهداً خلاباً: سربٌ من الأطفال ينحدرون عبر دربٍ لا يُرى، وبسرعةٍ هائلةٍ دون توقّف، بأيديهم سنّارات الصيد صوب الماء كالسهام ويضحكون بصوتٍ عالٍ. ربما كانوا يتسابقون، ولكن في هذه الوعورة؟ بعدهم ألقي نظرة على البوت البلاستيكي العالي الذي أرتديه اتقاء الحشائش وأغصان الأشجار والأوراق اليابسة وسط الخضرة الهائلة. دروب الغابة كتبتها أقدامُ هؤلاء الأطفال –مثلما "الفتوحات في الأرض مكتوبةٌ بدماء الخيول- ولو لا ركضهم ومشيهم هم وأهلهم حفاةً، يلامسون الأرض مباشرةً، لما رُسمت هذه الدروب. يأتي الهائمون من أمثالنا -حيواناتٌ مدنيّةٌ مُدلَّلة- يجدون الدرب الضعيف المكتوب ويسيرون عليه كمن يقرأون كتاب الأرض، ويأخذهم إلى أجمل المشاهد حيث يمكن أن تجلس وتقرأ.
تذكّرت، وأنا أشاهدهم ينحدرون بهذه السرعة، مشهدنا أنا وصديقي أيمن الدسوري في الصخور الكبيرة المؤدّية إلى شلال كُلْبي بمدينة كادوقلي، في أول زيارةٍ لي إليها ضيفاً على أيمن، وفي أول رؤية لهذا الشلال. كُنَّا حرفيَّاً نسيرُ على أربع بينما نتسلّق توقاً لصوت الشلال، ثمَّ فجأةً يعبرنا سربٌ من الأطفال، وبذات السرعة العجيبة، يتقافزون من صخرةٍ إلى صخرة ويضحكون على مشهدنا. ثمَّ -إمعاناً في إذلالنا- صعد طفلٌ منهم بسرعةٍ الشلال ذاته حتَّى وازى منبعه، ثمَّ قفز، ببراعةٍ خطفت أنفاسنا، إلى قلب بحيرة الشلال الصغيرة.

(2)
يمكنني أن أتصوّر مدى صدمة الأطفال وهم يشاهدون الأسلحة والقذائف والطائرات تدكّ حياتهم! لنا نحن الكبار فقد أدركنا التسلسل التاريخي وتراكمه ويمكننا أن نفهم، بطرقٍ مختلفة طبعاً، لماذا تحدث الحرب؟ أتذكّر اليوم حديث أختي العزيزة والروائية الشاعرة كلتوم فضل الله عن مدى الجنّة التي كانت تتمدّد من حولهم في "الليري" بولاية جنوب كردفان، وكيف خُطفَت منهم فجأةً، ودون سابق إنذار. لقد بدأت حربنا في الجنان حقيقةً، ضدّ أشدّ الشعوب مسالمةً، وها هي تنتهي ضدّ أقوى الثورات سِلميَّةً!. ذلك كلّه سيظلّ ضبابيّاً بالنسبة للأطفال، وكيف يجدون أنفسهم، -وهم الراكضون الحفاة، السابحون العُراة في الجنّة- فجأةً في جحيم مدينةٍ لا يعرفون لقلبها القاسي تعريفاً.
الأطفال المحظوظون الذين كان لأهلهم سيارات أقلّتهم مباشرةً عند اندلاع الحرب إلى الخارج، يجتهد أهلهم في تفسير ما جرى! قالت عزّة لابنتها إبّان قصف السبعة أيامٍ الأولى أن كلّ ذلك ما هو إلا تجريب للألعاب الناريّة استعداداً للعيد، وهذا هو الفِعل الصحيح، أن لا يُدرك الأطفال ما الذي حدث. لكن ما الذي يُمكن أن يُفسَّر لمن رأى والدته تُقتلُ أمامه بقذيفة؟.

(3)
في مدينة الرنك، خلال أسبوعٍ قضيناه هناك إبّان عبورنا، كان صادماً دخولنا إلى جامعة أعالي النيل، حيث يتكوّم اللاجئون الجنوبيوّن في أغلبهم –نساء، أطفال، كبار سن- لأسبوعين تحت الأمطار وبلا غطاء ولا طعام. إنه لمن المدهش كيف يتصرّف الأطفال، وصادم أيضاً، إذ أنهم يُتقِنون فنَّ الحياة دون تعليمٍ حتَّى! ففي حين تكون نظرات الكبار زائغة، سيبتسم لك الأطفال ولسوف يلعبون بعد قليل.
اليوم، يتساقط الأطفال قتلى بوحشيّةٍ لا يُمكن أن يمتلكها من رأى طفلاً في حياته. في تقريرٍ عن النازحين من مدينة الجنينة، قالت امرأة إنهم، في طريق عبورهم عبر الغابة إلى تشاد، كانوا يفرزون الأطفال بالجنس، ثمّ يقتلون الذكور أمام أمهاتهم. وفي الرنك، حكت لي امرأة وهي تغسل الملابس في العراء، أنهم هربوا لأن قذيفةً قتلت أطفال جيرانهم. كانت تبتسم لأن أطفالها كانوا جميعهم من حولها.

(4)
عندما كنت شاباً يافعاً كان من أشدّ الأسئلة قسوةً على قلبي –وقد كنتُ المسلم المؤمن جدّاً- هو كيف لكل أطفال السوق العربي وشماسة الخرطوم أن ينجو دون أن يُمنحوا فرصةً، أصلاً، في فهم كيف تكون الحياة؟ وفي كلّ مرةٍ دخلتُ حراسة شرطة كنتُ فقط أحدّق في هؤلاء "المجرمين" الصغار، المخدّرين لأجل إذهاب الجوع من البطن الخاوية أبداً، والذين ربما يسرقون مرآة سيّارتك. لقد قضينا معظم فترة شبابنا في السوق العربي، ورأيناه يختفي رويداً رويداً، وشهدنا مقتلة أطفال الشوارع النائمين في خيران المدينة بالإسبريت السام، تلك الحادثة الشهيرة التي وثّقها الروائي عبد العزيز بركة ساكن في كتابه "ذاكرة الخندريس"، وقد كانت جبهات مدنيّة حيّة قد أقامت لأجلهم عزاءاً بدار حزب الأمّة بأمدرمان.

(5)
واحدٌ من الكتب التي تشرّفت بتحريرها -بينما كنتُ أبكي- هو كتاب "الجحيم والأمل: تجنيد الأطفال في السودان" لكاتبه الدكتور محمد حسين موسى.
كتبت مباشرةً بعد أن انتهيت منه، وهو مجلد ضخم يضمّ عمليات تجنيد الأطفال من قبل الجميع: الجيش، مليشيات الجنجويد، حركات دارفور، الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ الدكتور جون قرنق، جميعهم جنّدوا الأطفال بطرقٍ مُختلفة. الكاتب كان حاضراً في جميع هذه المراحل، وجمع مادة علميّة غاية في البراعة، لكنّني، عندما كتبت عن الكتاب، وقد كنتُ غاضباً حينها، عارضني الدكتور وطلب مني عدم الزج به في صراعاتٍ لا تدور إلا في رأسي. عذرته بالتأكيد، فهو –خلال عمله- لم يضع سوى حبّه للأطفال كعاطفة دافعة لإنجازه لهذا البحث المهم.
كتبتُ – غفر الله لي-:
"عن كتاب محمد حسين موسى الذي كان لي شرف تحريره مؤخراً، الجحيم والأمل: تجنيد الأطفال في السودان"
يُخبرنا الكتاب، بكثيرٍ من القسوة والغضب البائنين، بعيداً، خلف اللغة العلمية التي كُتب بها نصّ الكتاب – البحث؛ يُخبرنا بتفاصيل ومعلومات دقيقة في حدّتها ووخذها للقلب، حول الأحوال التي عايشها أطفال السودان، في جميع مناطق حربه في مختلف أقاليم السودان، جرّاء التجنيد القسري أو الطوعي – التحريضي. ولا يُشفق الكاتب على الحكومة السودانية مثلما لا تأخذه رأفة بالحركات المسلّحة أيضاً؛ فقد جاب الباحث مناطق وأجرى مقابلات شخصيّة وحصر إفادات وبحث في الوثائق والتقارير الحكومية والدوليّة، ثمّ أتانا بحصيلة مفصّلة ومبوّبة حول تلك الحيوات المريرة التي عاشها الأطفال.
وليس بعيداً عن هذه الهموم، كنتُ أشاهد فيلماً دراميّاً تدور أحداثه في الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية؛ ما بين فرنسا التي تُظهر اللحظات الأخيرة لانسحاب الجيوش الألمانية المُحتلَّة، وبلجيكا، ثمّ أطراف ألمانيا. وهي عن علماء فنون وآثار يُبتعثوا من الولايات المتحدة الأمريكية لحصر التماثيل والأعمال الفنيّة التي حُرق الكثير منها ودُمِّر الكثير، وبفضلهم لا تزال ملايين الأعمال الفنية (5 ملايين) موجودة في متاحف العالم. في معمعة الفيلم، يظهر الأطفال يُحاربون بشراسة في اللحظات الأخيرة، يتبعون للجيش النازي، وإنهم لمؤمنون بحقّ. هذه الأحداث ليست بعيدة من حاضرنا اليوم، وفي الحقيقة فقد وُضعت الكثير من القوانين للجيوش النظاميّة حول العالم بعد ذلك الجنون المتمرّد على الخيال البشري، ولكن الحرب لا تزال تدور في كلّ مكان، فبعد أن كانت محصورةً في عوالمنا الفقيرة البائسة، انتقل البؤساء المُحبطين والمكتئبين لينقلوا الحربَ، فرديَّةً، في بلاد الأمان والسلام "المُتحضّرة"؛ لا تزال الأسلحة تُباع، ليمتطيها أطفال العالم الموحش الفقير، وتُصنّع وتُطوَّر في ذات الدول التي حفظت جيوشها من استغلال الأطفال، وتُحاكِم حروبنا بعنجهيّة لا تُطاق.
الكاتب، في هذا المبحث المهم للغاية، يُرينا جانباً مُرعباً من الحرب، بتفاصيله المهولة، ويُخبرنا أننا، مهما تعاطفنا حقيقةً، وعبّرنا عن غضبنا من الحرب، فإننا لن نعرف عنها شيئاً على الإطلاق، ليس ما يعرفه من عايشوا الحرب.
إنني أتحدث، طبعاً، ككاتب خرطومي سمع صوت الحرب من بعيد، مرةً واحدة، في الهجوم الشهير لحركة العدل والمساواة على أمدرمان، حيث كنتُ صحفيّاً أعمل في الخرطوم وقد سُدَّت العاصمة تماماً، حيث كانت تدور المعارك في الكباري، ثمّ رأيتُ أجزاءً منها في صباح اليوم التالي؛ خرابها، الملاحقات المؤلمة للناس، وسرادق العزاء، وثقوب مهولة في المباني والبيوت، وعملتُ مصوّراً مع صحفيين آخرين. فما الذي نعرفه حقّاً عن الحرب؟ وعن استغلال الأطفال فيها بالتحديد؟.
ثمّ، ألن تستطيع الحروب أن تقوم على قدمين إلا بالأطفال والشبّان الصغار؟ نعم، أعتقد ذلك، لا شأن للكبار بالأمر، الذين يُشعلون الحروب باللغة مجرَّدةً؛ منثورةً في الشعارات والخطب الحماسيّة والآيات الدينية وجميع أنواع الآلهة والرسل والأنبياء والمفكرين والفلاسفة والشعراء!.
إنه من أكثر الكتب إيلاماً وكَيًّاً، ولكنه يداوي قلّة المعرفة". انتهى.
غضبي كان على "ثوّار الهامش" أعلى من الجيش الحكومي وميليشيَّاته، ولم أندهش اليوم من بيعهم لأنفسهم وتفاوضهم الدائم على "اقتسام السلطة والثروة"، ما دام الأطفال لا يُهمّونهم في شيء.
على أرض المعركة، لا أعتقد أنني أفهم شيئاً عن غضب الأطفال من ما حلَّ بعائلاتهم وأرضهم وحياتهم، لن أُدرك ذلك، لكنّني أفهم شيئاً واحداً: لا يمكنك استغلالُ غضب طفلٍ ليكون في صفوفك الأماميّة. الجيش السوداني كان يختطف الأطفال –عبر معسكرات الدفاع الشعبي- حتّى من الحافلات، ويزجّ بهم تماماً في الخطوط الأماميّة في حربه ضدّ ثوّار جنوب السودان. سمعتُ قصَّةً من عسكري، قال إنهم كانوا، لأيامٍ، يسيرون عبر الغابات وقد نفد الماء. وعندما وصلوا بحيرةً صغيرةً ركض "شفَّع" الدفاع الشعبي مباشرةً إلى الماء، بينما ربض أفرادُ الجيش ليستكشفوا المكان، حسب القواعد العسكريَّة: الأطفال الذين ركضوا إلى بركة الماء مرحين تمّت تصفيتهم عن بكرة أبيهم خلال دقائق.
ذلك ما أراه الآن: "المجاهدون" الإسلاميّون الصغار، الذين لا يعرفون كيف يصمدوا خلال الاشتباكات وكيف يحموا أنفسهم، هم من يموتون في الخطوط الأماميّة في قتالٍ بريٍّ بلا خبرة ضدّ قوّاتٍ بريَّة درَّبها الجيشُ نفسه! كذلك علمنا أن الثوّار كذلك –من كان يقتلهم ذات الجيش خلال مظاهراتهم السلميَّة- يدافعون عنه في معسكر الشجرة، ويموتون في الخطوط الأماميّة.
يا للعار!.

(6)
وأخيراً، في أغسطس من 2018م، كتبت بوستاً غاضباً على فيسبوك، عن حادثةٍ قَتَلَت طفلات صغيرات، لم أُدرك أنه سيتكرر في مدينتي ذاتها بعد أعوامٍ قليلة، وكان عنوان البوست، لحكمةٍ تعلمها الكوميديا الإلهية: "الجحيم الآن وهنا". وهو عنوان مأخوذ من كتاباتٍ كثيرة، ليس أقلّها ما قاله شكسبير: "الجحيم فارغ، كل الشياطين هنا":
[دائماً، وأبداً، لن ينجو ضميرٌ حيٌّ، كامنٌ في جسدٍ يُسمَّى بشريّ، مهما كان شريراً وحاقداً وغافلاً وتافهاً، من حقِّ الأطفال في العيش. إذ: ما الحياة إذاً؟ إن لم تكن في بدايتها تستحق هذا السؤال؟ كائنٌ لم يُسأل أصلاً عن معنى الحياة، عن تطورها، ومعاناتها، ونهاياتها، بل يُقتَلُ في المَهد، إنه إنهاءٌ لوجودٍ لم يُوجد. هكذا، كلما تفكّرت في حيوات الطفلات المقتولات، قتلاً عَمداً، تحت أطنان الأسمنت الجداري؛ هكذا تأتي إلى قلبي الأسئلة الأساسيَّة: لم يكنَّ الوحيدات، كان غيرهنّ من شُفَّعٍ وشافعات في أنحاء الحروب الغاشمة في الجنوب والشرق والغرب والشمال، بلادٌ اسمها السودان، تنهدم الأسئلة الأساسيّة حول الحياة قبل أن تبدأ أصلاً، اقتلاع الأشجار من جذورها، وهضم محتويات مستقبلها في الخطابات السياسة، كأنك تلوك لبانةً، أو كأن لا وجود لما يُسمَّى إزهاراً.
في الماضي، والحاضر والمستقبل. تقول مديرة المدرسة "الخاصَّة" –ما الذي يعنيه هذا بحق الشيطان؟- إنهم لم يعلموا بأن الجدار آيلٌ للانهيار، وتقول الطفلة، في ذات الصفحة المنشورة بصحيفة ورقية أن الأستاذات والأساتذة قد نبهوهنَّ، مراراً وتكراراً، بأن لا يقتَربنَ من (هذا الجدار) وخصوصاً في الخريف! أيتها الرأسمالية المنهارة على أسقفنا جميعاً، أيها العالم المنهار إلى أبدِ الآبدين، متى تعترف؟
هكذا تعيش الأرض، كل يومٍ من أيام حياتها القاسية، وهكذا نتأقلم مع كل ما يحدث. وما من عاطفةٍ تأخذ بتلابيبنا، وتقذف بنا إلى جحيمٍ يقولون أنه في انتظارنا. جحيمٌ أشدُّ من هذا؟ لا أعتقد، ولن أعتقد. الجحيم الآن، وهنا.
نتفهَّم (هل قلتُ نتفهَّم؟) أن يحدث موت الأطفال خلال الحرب، لكن في السِلم، أثناء الحياة التي ترجو أن تكون مُستقبلاً، كيف نظلّ صامدين بثِقل الدم الذي لا يُوصف أمام حوادثٍ كهذه؟ إذ أنها ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما انصاع التعليم لجشع العالم المعاصر اللامبالي بتكويم ذات الأطفال في إعلاناته التلفزيونيّة المقززة لإرضاء العوائل التي تظنّ، ظنّاً آثماً، أنها في منأى عن الجحيم. تعليمٌ خاص؟ بميزانيات مهولة؟ وجدران تتهاوى؟ الأفظع أنه لا من مُستَقيل.
قبل سنوات، في القضارف، تهاوى جدار مؤسسة تُعنى بالحج، على صفوف الحُجاج لبيت الله، سبحانه وتعالى، ومات 12 شخصاً تحت الأنقاض. وبكل صفاقة لا يُحسدُ عليها مدير تلك المؤسسة التي طالبه مجلِسُها بأن يستقيل، قال: (الاستقالة تقليد غربي، ونحن لا نقلّد الكفار، لأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال ....(إلى نهاية الحديث)، ثانياً، فإننا قومٌ نؤمن بالقضاء والقدر. يا إلهي، أيُّ جحيمٍ يُمكنُ أن يكون أشدَّ من قضائكَ وقدركَ الذي ابتليتنا به بهؤلاء؟ ماذا فعلنا لنُلقى في جحيمٍ كهذا؟ ما الذي جنيناه؟ هل كانت لنا حيواة أخرى أخطأنا فيها ونُعاقب عليها بولادتنا في هذا الحيّز الزماني المُحيِّر؟ حيث تحكمنا الأوراق ذات الأرقام؟ والأجهزة العاجزة عن مداواة أشدّ ما في أنفسنا من عجزٍ وخيانة؟.
قصف التحالف السعودي باصَّاً يقل أكثر من 25 طفلاً وقَتَلهم، بدمٍ بارد، إذ قالوا إن كل ذلك مشروع، وقد ذكروا كلمة مشروع هذه في (بي بي سي) العربيَّة! ودون أدنى اعتذار!
هذه هي صلاةُ جُمعتك، ولم يتحدث أيُّ خطيبٍ، في العاصمة المرفَّهة البعيدة عن الحرب، عن موت الطفلات الثلاث. تحدثت الصحف، ولكن، كيف يشتري الناس الصحف؟ وكذلك لم يَستَقل أحد. إلى الأبد. سيستمر الجميع في جني مستحقَّاتهم من سلطة المال والتعليم ودال الدكتوراة ونجمة الكَتِف. هكذا تدور الأرض، ولن تدور من غير ذلك.
آمين]

12 أغسطس 2023م.

mamoun.elfatib1982@gmail.com

 

آراء