الجيش السوداني السابق .. الحاضر الغائب في ذكراه التاسعة والستين

 


 

محمد فضل علي
16 August, 2023

 

قيادة الحركة الاسلامية السودانية استعانت بخطة المؤسسة الدينية الايرانية بعد عودة الخميني من منفاه في تفكيك الجيش السوداني واحتلال البلاد في يونيو 1989 .
الاعترافات الكاملة لزعيم الحركة الاسلامية السودانية الدكتور حسن الترابي بعملية الاحتلال الاخواني المسلح لقيادة الجيش السوداني السابق في 30 يونيو 1989 وبقية الاعترافات عن كيف تحولت العملية تدريجيا الي الاستيلاء الكامل علي مؤسسات الدولة السودانية وتشريد العاملين في الخدمة المدنية والعسكرية الذين حلت مكانهم عناصر وكوادر الحركة الاسلامية السودانية بصورة تكاد تكون متطابقة مع ماحدث للجيش الايراني السابق ومؤسسات الدولة الايرانية بعد عودة الخميني من منفاه الي ايران في العام 1979 .
لقد تعرض الجيش السوداني السابق ايضا في الثلاثين من يونيو 1989 الي عملية تفكيك منهجي بواسطة الحركة الاسلامية السودانية علي نفس الطريقة التي تم بها تفكيك وحل الجيش القومي العراقي السابق بواسطة سلطة الاحتلال الامريكي والاحزاب العراقية الدينية الموالية لايران 2003 .
اليوم تاتي هذه الحرب المدمرة في السودان كنتيجة طبيعية لسوء التقدير الخطير في فهم وتحليل ماحدث في السودان منذ يونيو 1989 وحتي لحظة السقوط الغير مكتمل للنظام السابق في 2019 والمعالجات الكارثية لقضايا العدالة الانتقالية وحصر التعامل القانوني مع هذا التنظيم العقائدي الخطير في محاكمة هزيلة ومستفزة في كل فصولها للرئيس المعزول عمر البشير وبعض قيادات الاسلاميين حفلت بتطاول هولاء المتاسلمين وبعض المكلفين بالدفاع عن زبانية التنظيم الاخواني من المدنيين واعوانهم من بعض العسكريين الذين ملكوهم كلمة السر لاحتلال قيادة الجيش السوداني وتعطيل شبكة الاتصال العسكرية التي كانت تربط قيادة الجيش السوداني السابق بكل وحدات القوات المسلحة في كل مدن واقاليم البلاد اضافة الي سوء التقدير القانوني والسياسي الانتقالي الذي وصل الي درجة محاكمة قيادات الاسلاميين المشار اليهم في قضية عنوان الاتهام الرئيسي فيها غير حقيقي ومحاكمتهم بتهمة تدبير انقلاب عسكري بينما تنسف الاعترافات الحية لزعيم الحركة الاسلامية ومدبر العملية نفسها والمشرف علي تنفيذها فرضية حدوث انقلاب عسكري .
لقد نفي الشيخ الترابي تماما وقوع الانقلاب العسكري المزعوم اوحتي علم العسكريين من اعوان الحركة الاسلامية المعزول البشير واخرين او مجرد المامهم بتفاصيل ما حدث في البلاد ليلة الثلاثين من يونيو 1898 وكشف بالتفصيل عن كيف تمت الاستعانة بهم لتمرير مخطط الحركة الاسلامية في احتلال القيادة العامة وبقية وحدات الجيش السوداني وبسط سيطرتهم التامة علي البلاد في اقل من 72 ساعة.
بعيدا عن الخوض في ملابسات وتفاصيل وخلفيات مايحدث اليوم من مواجهات وحرب دامية بين بعض اعوان الحركة الاسلامية في قيادة الجيش السوداني الراهنة وقوات الدعم السريع ومع القناعة التامة بتورط قيادة الظل الاخوانية الراهنة في اشعال هذه الحرب ولعب الدور الاكبر في ادارتها والاشراف التام علي اهم فصولها بما في ذلك عمليات القصف الجوي المخالفة للقوانين القطرية والدولية وبغض النظر عن النتائج التي من الممكن ان تترتب علي هذه المواجهة فلابديل للعودة الكاملة لكيان المؤسسة العسكرية السودانية والجيش القومي السابق بالصورة التي كانت عليها قبل يوم واحد من الاحتلال الاخواني لقيادة الجيش والاستيلاء علي الحكم والبلاد في الثلاثين من يونيو 1989 .
ولابد من التعامل الحذر مع قضية اعادة تاهيل وبناء الجيش السوداني السابق بعد نهاية هذه الحرب حتي لايطيش العيار وتستمر حالة الفوضي والانقسام والفشل الامني والسياسي بالتجنب الكامل لاي تدخل سياسي او اجندات او وصاية او توصيات اجنبية حول مصير ومستقبل الجيش السوداني لضمان قومية ومهنية القوات المسلحة السودانية وتفادي الانقسامات والصراعات والتدخلات السياسية والاجندات الشعوبية والعنصرية والقبلية ووضع حد للابتزاز المستمر في هذا الصدد وترك الامر للمتبقين علي قيد الحياة من القادرين علي العمل من العسكريين المهنيين والشخصيات المعاشية من ضباط الجيش السوداني واجهزة الامن والشرطة السابقة من المهنيين من غير عضوية الحركة الاسلامية .
لقد كانت المؤسسة العسكرية السودانية والجيش القومي واجهزة الامن والشرطة السودانية السابقة للبلاد احد ركائز الامن القومي والسلام الاجتماعي والامن الداخلي في بلد بحجم قارة مثل السودان منذ اليوم الاول لاستقلال البلاد وحتي الثلاثين من يونيو 1989 وعملية الاحتلال المسلح للقيادة العامة للجيش السوداني وبقية وحدات القوات المسلحة السودانية في العاصمة السودانية وبقية مدن واقاليم البلاد بواسطة الميليشيات المدنية للحركة الاسلامية بمساعدة عدد قليل من ضباط الجيش من بينهم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير .
لقد ظل المعزول البشير وعلي مدي ثلاثين عام واكثر مجرد واجهة صورية لحكم البلاد في ظل همينة قيادة ومجلس شوري الحركة الاسلامية علي الجيش السوداني وكل مفاصل ومؤسسات الدولة السودانية التي خضعت بدورها مثلها مثل المؤسسة العسكرية السودانية واجهزة الامن والشرطة لعملية تفكيك منهجي تحت ظل السيطرة التامة للاسلاميين علي البلاد في مرحلة مابعد الثلاثين من يونيو 1989 .
استفرد الاسلاميين بحكم البلاد بعد القضاء التام علي مراحل علي الجيش السوداني السابق علي مدي ثلاثين عام عاش فيها المواطن السوداني رحلة عذاب لم تنقطع ليوم واحد في ظل الظلم والاضطهاد وانتشار الفساد ومساومة الناس علي لقمة عيشهم من اجل ضمان الولاء والبقاء في الحكم في فصول من التراجيديا السوداء والكوابيس المتواصلة وعسكرة الدولة والمجتمع والتعبئة العقائدية المستمرة بالليل والنهار وحملات حشد البسطاء والمضللين ومغسولي الادمغة والمتهوسين من كل جنس ونوع ومن كل الخلفيات الاجتماعية السودانية وحشدهم وتحريضهم باسم الله تحت شعار الدفاع عن العقيدة التي تراجعت خلال حكم الاسلاميين في المعاملات وفي صدو الناس وعلي ارض الواقع بتراجع مقاصد الدين وشريعة الاسلام الذي تعتنقة اغلبية الناس في السودان الدين الاسلامي الذي تقبله السودانيين بطريقة طوعية وعن قناعة تامة وايمان كامل بمقاصده منذ الاف السنين بعيدا عن سيوف الفتوحات الاسلامية فكيف يتبع اليوم شريعة هولاء الخوارج المجرمين .
التحية في الختام لشهداء الجيش السوداني الميامين وابطال حركة رمضان الذين استشهدوا دون ان يخوضوا معركة من المغدورين الذين حصدهم رصاص هولاء المتاسلمين والتحية موصولة الي الشهداء الاحياء في رحاب ربهم في اخر قيادة شرعية للجيش السوداني الفريق فتحي احمد علي ورفيق دربه الفريق عبد الرحمن سعيد والاخرين الذين رحلوا عن الدنيا .
والتحية لكل الشهداء المدنيين من ضحايا الغدر والخيانة والحرب الراهنة والصبح موعده قريب .

رابط له علاقة بالموضوع :

https://www.youtube.com/watch?v=KlFK6BWJO7E

https://www.facebook.com/mohamed.siddig.355/

 

 

آراء