الجيش والدعم السريع .. دراما الصدام .. دافننو سوا

 


 

د. زاهد زيد
20 March, 2023

 

في مقال سابق استبعدت أي صدام بين قوات الدعم السريع والجيش . والسبب بسيط وهو أنهم شركاء منشأ و مصير ، فكلاهما تربية كيزان بدرجة ممتاز.
فالجيش طيلة ثلاثينية الإنقاذ تم تغيير عقيدته وولائه ليصبح جيش الإنقاذ ، ولم يكن يترقى للرتب العليا إلا من ثبت ولاؤه لها ، وكل القيادات الحالية له كيزانية لا مراء في ذلك ، هذه حقيقة وإن تكن مرة لكن علينا أن نفهمها بعقل مفتوح . ولم يكن قادة الجيش الكيزاني هذا على درجة من الذكاء تؤهلهم لكسب ثقة الناس ، ولا دراية لهم بحكم البلاد ، فهم ببساطة نالوا هذه الرتب العالية ليس لكفاءتهم ولكن بالولاء الأعمى ، وكانوا فقط مجرد ديكورات في قيادة الجيش بينما كان قادة الكيزان الذين يقبعون في كوبر هم القادة الحقيقين له ، من هنا نجد تخبطهم وعجزهم عن إدارة البلد والسيطرة على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي . لم يكن المطلوب منهم قبل الثورة وابان مشاركتهم أيام الإنقاذ إلا الجلوس والاستماع للقادة الحقيقين وتنفيذ مخططاتهم بالحرف الواحد .
ولسنا في حاجة لاثبات منشأ الدعم السريع ، فأمره معروف ، فهو وقائده حميدتي صنيعة الإنقاذ . ولم يكن للدعم السريع أي دور في العملية السياسية أيام الإنقاذ فقد كان البشير يتعامل معهم كحارس شخصي له ولمنصبه في مواجهة أي تهديد أو غدر من الجيش يقوم به قادة التنظيم الكيزاني ، وليس هذا بغريب أوبعيد عليهم فقصة الترابي أوضح من يضرب بها المثل .
ويعرف الفريقان أنهما مكروهان من الشعب بسبب هذه النشأة ، فالشعب الذي لفظ الكيزان كحكم وكنتظيم لا يمكن أن يثق في أي مكون نشأ تحت رعاية وعناية التنظيم الكيزاني اللئيم .
كل ما هناك هذا الصراع في قمة الجيش مع قيادة الدعم السريع ، صراع مصالح وخوف من المصير المجهول . وكلاهما متوجس من الآخر ، وخائف من غدره .
لا يمكن الوثوق بهما ، فكلا القيادتين لها تاريخ أسود من سواد الليل في التعامل مع الشعب .
فالبرهان أسير العجز وقلة الحيلة ، والخوف من المجهول ، لا يعرف ما هي الخطوة التي ينبغي عليه القيام بها ، جرب كل الحيل والأساليب للانفراد بالحكم ولم يستطع أن يتقدم خطوة واحدة تضمن له الكرسي الذي يجلس عليه ، من فض اعتصام القيادة وحتى انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر ، لايزال الرجل يتخبط ، لم يعرف كيف يقلبها كالرجال ولا تركها كالرجال أيضا ، وظل يتمرجح وحتى في الاتفاق الاطاري نجده في تناقض كبير بين القبول والرفض المبطن .
في الدعم السريع الخوف من المستقبل ، وما ستسفر عنه الجولات القادمة يتملك حميدتي ومن هو خلفه ، فهم يعلمون ان لا مستقبل لهم في اي نظام يقام في المستقبل فهم ليسوا أكثر من مليشا ، ولا صديق ولا حليف لهم . لا في الجيش ولا عند المدنيين ولا في الشارع الثائر . لذا نجد أن الباب الأقرب لهم ليطرقوه هو مداعبة أحلام الثورة وشباب الثورة ، ومحاولة استمالتهم لعل وعسى أن يجدوا فيهم حليفا . وهذه مجرد امنيات فقط ، فحميدتي مكروه من الشباب تماما كالبرهان ، ولن يجد من يستمع إليه من الشباب . لذا فالتمسح بالشباب ومحاولة الظهور بمظهر الثوري ليست جديدة عليه ، وتاريخه لا يسعفه للعب أي دور في المستقبل.
طال الزمن أو قصر سيعاد تكوين الجيش ولن يتمكن الكيزان اللئام مهما فعلوا من ايقاف التحول الديمقراطي ، فكل محاولاتهم للرجوع للسلطة باءت بالفشل ، وحميدتي ومليشياته ستتفكك ومعها الحركات المسلحة ولن يجد له مكانا في سودان الغد .
هذه ليست نبوآت أو احلام ، لكن هذا هو التطور الطبيعي للامم ، الذبد سيذهب جفاء ويبقى ما ينفع الناس .

zahidzaidd@hotmail.com

 

آراء