الحركة الشعبية هل تعيد شريط قانون الانتخابت

 


 

 

الخرطوم : علاء الدين محمود

 

alaaddinadwa@hotmail.com

 كان السابع من يوليو  م2008 الموعد الذي ضربه المجلس الوطني الانتقالي لاجازة قانون الانتخابات . المشهد خارج المجلس الوطني كان ملهما ومؤثرا ،تجمع حاشد لنساء التجمع الوطني الديمقراطي ونساء الحركة الشعبية ، وناشطون في مجال حقوق الانسان وجماهير الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني يلوذون جميعهم بالظل القصير لمبنى قصر الشباب والاطفال يهتفون بالحرية ويرفعون شعارات تطالب بالتحول الديمقراطي ، النساء كن يهتفن معا ويتبادلن العناق فاليوم كان بالنسبة للجمع المحتشد يوم تاريخي  يوم تتوأم فيه القوانين السائدة والسارية مع الدستور الانتقالي  وبالتالي الخطوة الاولى نحو التحول الديمقراطي خاصة ان الحركة الشعبية لتحرير السودان قد بزلت وسكبت وعودا كثيرة تبشر خلالها بقانون ديمقراطي وانها لن تسمح بتمرير قانون شمولي استجابة منها لما اسهمت به القوى السياسية المختلفة من ملاحظات داعمة لفكرة قانون ديمقراطي، وعلى هذا الوعد تداعى الجمع السياسي السوداني صوب المجلس الوطني ليشهد اجازة اول قوانين التحول الديمقراطي ، كان هذا هو واقع الحال خارج المجلس الا ان الوضع تحت قبة المجلس الوطني ساعة اجازة القانون كان مختلفا تماما وبدأ ان الشريكين متفقين على كل شيء ، على تمرير قانون لا ينسجم مع روح الدستور الانتقالي فكان ان أقرّ المجلس الوطني الانتقالي باغلبية الشريكين  مشروع قانون الانتخابات الذي أثار الجدل طويلاً في البلاد وقد انتقدت قوى سياسية معارضة  ذلك القانون وطالبت القوى السياسية المعارضة الممثلة في المجلس الوطني الانتقالي وخارج المجلس الوطني  ان تمس القانون يد التعديل وكانت هذه القوى في اصطفافها تحسب ان يد الحركة الشعبية فوق ايديهم خاصة وان التعديلات التي تطالب بها جوهرية وفي صلب قضية التحول الديمقراطي غير ان الذي حدث في المجلس الوطني الانتقالي ان القانون تم تمريره بالاغلبية الساحقة للمؤتمر الوطني وبتصويت الحركة الشعبية لتحرير السودان لصالح تمرير القانون فيما عارضت كتلة التجمع الوطني الديمقراطي الا ان رئيس كتلة الحركة الشعبية السيد ياسر عرمان جاء ليقول للصحفيين انهم وجدوا انفسهم في الحركة الشعبية في موقع المضطر والمجبور ذلك ان المؤتمر الوطني سيستخدم اغلبيته لاجازة القانون وان الهدف وراء دعم اجازة القانون ـ بحسب عرمان ـ هو المحافظة على مكتسبات السلام رغم ان رأي الحركة في القانون وقوانين اخرى انها مقيدة للحريات ويبرر كذلك عرمان دعم الحركة اجازة قانون انتخابات يخص النساء بقوائم منفصلة برغبة الحركة في منع تأجيل الانتخابات مرة اخرى. ليمضي عرمان قائلا: نحن نفرق بين قانون الانتخابات والانتخابات، ويرى عدد من المراقبين السياسين  ان ياسر عرمان قد وقع خلال دفوعاته التبريرية تلك في تناقضات عدة مما اظهر الامر وكأن عرمان قد فوجيء بالقانون داخل الجلسة ولم يتم الاتفاق عليه بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في خطوة لا تقبل ـ بحسب اتفاقهما ـ المساس. ومن اهم هذه التناقضات التي وقع فيها عرمان بحسب المراقبين ان قانون الانتخابات لا ينفصل عن الممارسة الانتخابية الديمقراطية، فالقانون الديمقراطي المتفق عليه هو الذي يقود الى انتخابات ديمقراطية يتفق على نتائجها خاصة وان ياسر عرمان يقول في نفس اللحظة ان القانون مقيد للحريات وبالتالي كان يمكن لمعركة قانون الانتخابات ان تكون من اهم معارك التحول الديمقراطي حتى لو اقتضى الامر الى تأجيل اجازة القانون غير ويبدو ما ذهب اليه ياسر عرمان ما هو الا تغطية لاتفاق مسبق مع المؤتمر الوطني  رددتها مجالس المدينة السياسية كثيرا خاصة وان مرحلة اجازة القانون داخل المجلس الوطني سبقها اجتماع لجنة الشريكين في جوبا مما يفتح باب الاشاعت خاصة تلك التي ترجح وجود لمساومات ومناورات ويبدو ان نفس ما حدث في طريقه الى ان يحدث مرة اخرى عبر مشروع قانون الصحافة والمطبوعات  وهو مشروع قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م الذي ينتظر امام منضدة المجلس الوطني و الذي اجيز من قبل مجلس الوزراء باتفاق كامل من قبل الشريكين وهو القانون الذي يرى فيه المجتمع الصحافي انه قد نقل اسواء مافي قانون 2004م  وجاء من وراء الصحافيين رغم الورش العديدة التي عقدها وشارك فيها الصحافيون وهو نفسه مشروع القانون الذي اعترفت الحركة الشعبية اخيرا انه قد خرج من كنانة افكارها بالرغم من الانتقادات التي وجهها له ياسر عرمان عندما قال ان المكتب السياسيي للحركة الشعبية وجه الهيئة البرلمانية بالتأكد من أن القوانين المجازة من البرلمان لاسيما قانوني الصحافة والامن، ستحقق حرية التعبير وتمكن من اجراء انتخابات حرة ونزيهة،ويرى متحدث من شبكة الصحافين السودانين ان عرمان يريد ان يمارس نفس الدور الذي مارسه ابان اجازة قانون الانتخابات ليقع في نفس التناقضات وقع الحافر على الحافر دونما بزل الجهد في ابتداع وسائل جديدة في التبرير والمراوغة عندما أقر بإعداد الحركة مسودة قانون الصحافة المثير للجدل، ليقول في نفس الوقت ان المؤتمر الوطني ادخل عليه تعديلات، واكد استعداد الحركة لاجراء تعديلات جوهرية عليه، رافضا ان يكون القانون محل استقطاب ويرى عضو الشبكة ان عرمان لم يخبر الصحافين كما لم يفعل في المرة السابقة كيف ادخل المؤتمر الوطني تعديلاته واين كان ممثلو الحركة الشعبية . ويبدو ان نفس موقف عرمان يرد مرة اخرى في تصريحات رياك مشار الذي دافع عن مشروع قانون الصحافة الجديد وقال ان القانون وضعته لجان الحركة والمؤتمر الوطني واستشارت فيه رجالات الصحافة، وقال ان هدفنا ان تكون الصحافة سلطة رابعة تراقب نفسها لوحدها وذكر ان الغرامة المضمنة فى القانون تمثل نوعا من الترشيد واضاف «اذا تحدثنا عن حكم راشد لابد من صحافة راشدة على الاقل والصحفى يكون مسؤولا عن قلمه» واكد ان اجتماع المكتب السياسي الاخير وجه نواب الحركة بالعمل مع الوطني لتحسين القانون قبل ان يدافع مشار بشدة عن العقوبة التى وردت فى قانون الصحافة بالنسبة للصحفيين، واعتبرها ضمانة لصحافة راشدة . ويعلق عضو شبكة الصحافين السودانين ياسر هرون على ما ذهب اليه مشار بالقول  انه المنطق نفسه الذي يرى في الوصاية رشدا وفي العقوبات ضمانة للرشد ليتساوى الشعبية والوطني في العقلية التي تحكم ممارساتهما وهي العقلية الشمولية.  ولان غالبية  المجتمع الصحافي رفض مشروع القانون بحسب استطلاع  المنظمة السودانية لدراسات المجتمع وقياس اتجاهات الرأى العام (مصداقية)،التي كشفت  عن ان 70% من الصحفيين الذين شاركوا فى استبيانها الاخير حول قانون الصحافة والمطبوعات الجديد اعلنوا رفضهم له ، فان الحركة الشعبية تحاول فيما يبدو التراجع عن بعض ما جاء في مشروع القانون الذي صاغته بالتعديل على مسودة القانون غير ان هذا يصطدم باتجاه المجتمع الصحافي الذي يطالب معظمه بالغاء المسودة تماما الا ان الحركة الشعبية فيما يبدو تحاول ان تقنع الصحافين بالتعديل بدل الالغاء وتستخدم الحركة الشعبية في حملتها هذه الهادفة الى اقناع الصحافين عدد من القانونين الذين يشار اليهم بالبنان ممن يتربعون على معارف ربما يرونها كافية  لتجعلهم مفوضين بالحديث وبالاقناع دون مراجعة من احد وفي ندوة نظمتها طيبة برس قال قانوني وكاتب بارز ان اسقاط القانون بالكامل امر غير منطقي وان الخيار الافضل هو التعديل متهما من يطالب بالغاء مشروع القانون بفقدان العقل الا ان عدد من شباب الصحافين المطالبين بالغاء مشروع القانون تصدوا للرجل واكدوا له مشروعية مطالبهم وقال الصحافي محمد احمد عبدالحي ان المتحدث القانوني بدأ جاهلا بلائحة المجلس الوطني غير ان عبد الحي عاد ليؤكد ان ماذهب اليه القانوني البارز قصد منه تبرير موقف الحركة الشعبية  وفي اتصال للصحافة بالقانوني البارز وعضو المجلس الوطني يحي الحسين اكد ان اي قانون خاضع لان يتغير وان يتبدل وقال ان مشروع القانون الحالي غير ملزم للكتل البرلمانية ويمكن لهذه الكتل ان ترفضه او تسقطه او ان تعدله كما يمكن للمجلس الوطني ان يبادر بمشروع من قبله وكشف الحسين انهم في التجمع الوطني الديمقراطي عندما تقدموا للمجلس الوطني  بمشروع قانون للصحافة قدم لهم رئيس المجلس الوطني مقترحا بان تتكون لجنة ثلاثية من التجمع والحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وتطرح المشروعات الثلاث للخروج بمشروع اكثر قبولا واكد الحسين ان ذلك الاقتراح وجد منهم قبولا ، مضيفا ان المؤتمر الوطني لم يكن لديه مشروع قانون في ذلك الوقت وكان المشروعين المطروحين هما للحركة الشعبية والتجمع الوطني وقال ان التجمع والحركة تداولا في لجنة مشتركة الرؤى وتوصلا الى رؤية واحدة تقريبا وان الذي قطع الطريق امام هذه العملية قيام اللجنة المشتركة للشريكين والتي _ بحسب الحسين _ انتجت هذا المسخ المشوه ( مشروع قانون الصحافة والمطبوعات الجديد) وقال الحسين ان موقف الحركة الشعبية بالنسبة لهم في التجمع موقفا رماديا باعتبار ان اعضاء الحركة في مجلس الوزراء لم يتحفظوا على مشروع القانون . جدل كثيف برز بين من يطالبون بالغاء القانون بالكامل محتجين بان القانون شموليا ولا يقود الى تحول ديمقراطي وغير قابل للتعديل وبين من يطالبون فقط باجراء تعديلات عليه مدعومين من قبل الحركة الشعبية أو ربما مبررين لسياساتها .

 

آراء