الحرية لـ عمر عشاري ورفاقه والرفيقات
عبد الله الشقليني
6 October, 2013
6 October, 2013
الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ،
ومالت عليَّ السَّنابلُ،
والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ
*
أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،
وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ،
واتَّهموا الذِّئب;
*
محمود درويش
(1)
سيأتي يومٌ يكون للزهرة أسنان وللريح خناجر ، وللشعب عقابٌ يلثم الريح حين يهدر بالأسماء الحقيقية للجُناة ، فيتشقق قصر كافور ، ويعصف المطر .
الحرية له ولألف عمرٍ وألف ماجدةٍ ولكل منْ ذاق مرارة حنظل الاعتقال ،أو إبرة التعذيب التي تُخيط الجلد بعد تمزيقه ولا أحد من أهلنا يعلم . الله يعلم.. ، وعصافيرهم تُغرد صباح مساء ، بل تُزغرد أن حيّ على الفلاح ، أولي أمر القضية شمروا عن السواعد .والأنبياء الكذبة يعلمون . فهم قد أمروا بالرفقة غير الحسنة لأطياف الشباب في الفراغ الضيق من زحمة الزنازين ، ليتفرغ شيوخ التنظيم ، يدورون على القاصرات بأم الكتاب ليشتروا اللحم النيئ لنزواتهم ، ويقولون هي حلال بوضع اليد !.
لن تروي ظمأهم إلا المآرب الوضيعة ...، يكتمون المكيدة ، ويرفعون المصاحف على أسنة الرماح واللحّية الحرباء ، تأتمر مع أترابها لتقول :
( هي لله ، لا للسلطة لا للجاه) !!!،
(2)
لقد رأى الشاهد بأم عينيه ، كيف لم تنتظر العِصي أن ينقلوا الضحية إلى محبسه . انهالوا عليه بالضرب وهو مُسجى في أرضية السيارة وهي تسير .لعله الآن يقضي في عتمة الأبالسة ساعة لجُرعة الآلام ، بين اللئام .سيأتي يوماً وسيماً للفرح دون شك . ننحِتُ من لغتُك البهية بيت شِعر من عافية الكلام . من بضع مُجتمِعَاتٍ ، وقفت جموعهنَّ ، والفقر يراوح مكاناً وجنا الجنتين دان .
(3)
إن مُت من تعذيبهم ، رسموا على جسدك ورق الحُزن وكتبوا عليه (مات شهيدٌ ، قتلته الفئة الباغية) . يريدون لكل النضار على أوجه شبابنا أن يزوي، والشمس أن تَعْتَمّ .يريدون أن يكون السواد بُرقُع لباسنا عند الفرح . سمموا مزرعة الأنس والوداد بالكراهية . أغاروا على كل القيم النبيلة ، وملئوا صحائف الطعام الملائكي بالتُراب .
(4)
كم من يوسف يحاولون الآن رميه في أي بئر كانت ، أو أي أرض يباب يرونها على ظهر البسيطة .كم من ذئب مظلوم قالوا إنه قد أكل وشبِع من لحم يوسُف . هاهي أرض الوطن ، الخير والعافية بها كانت ترفُل ، الآن أحالوها أرضاً للخراب ، ومُتعة للئام . القناصة من صائدي القلوب اليافعة والرءوس الليِّنة بالرصاص. احتفلوا بأن العاصفة الهوجاء سوف تمُر بأقل الخسائر، مائتين ونيِّف هي في نظرهم أقل الخسائر..!!!!. لكن شباب الثورة أكبر من المكر ، ولا يردع القتلة إلا أن يتذوقوا طعم المُر مثل الذي أذاقوه غيرهم ، وأن يتذوقوا طعم الذل في أنفسهم .
(5)
الجيل الذي صعدت أصواته عنان السماء ، غير الذي كانوا يحتسبونه ضمن رصيدهم .قد كسر فخار الجرار التي يسرقون بها المال العام في سكون الليل وفي رابعة النهار ، ينقلونه لحوزة التنظيم ويبتنون به " نعيم أولي الأمر " في دُنياهم ، ورصيداً للمنظمة العالمية ، التي ضمِنت لهم البقاء منذ أيامهم الأولى .
(6)
من وراء كل ذلك أشعل الثورة شباب لم يكونوا في الحسبان، فقد مهد التنظيم لهم في الأيام الأولى ، جلبوا لهم أناشيدهم يخادعون الله وهم لا يخادعون إلا أنفسهم ،حين تغنوا ( في حماك ربنا ... )، صباح كل يوم دراسي ، وكتبوا للعقيدة واللغة العربية أن تكون رفيقة مع الدراسة الجامعية ، ليصبح الجميع في مقبل أيامهم ثمارهم الحلوة التي يقطفون ، وقد بذروا من قبل فسائلها في الأرض .صار التنظيم يُسابق الخُطى لحفر المُخطط في أذهان الناشئة ، منذ الطفولة الناعمة إلى زهو الشباب، ليكونوا ورثة الأيديولوجية العجفاء التي تريد أن تعود بالحياة كلها إلى غيابة الماضي ، ليكن الطريق سالكاً للأغراض الدفينة . لكن خاب فألهم وهاهم " الشباب " و قد أصبحوا في خاتمة الحكاية من أعداء التنظيم ، فقد خبرتهم الحياة السودانية ، ومدتهم الأمهات بحليب العافية من القُبح . يريد التنظيم إقصاء الجميع لتصبح الدولة " حوزة لهم " والعالم " دولة لخلافتهم والإمامة " وقادة الجماعة في أحسن الظن بهم " ورثة أنبياء " ،صمديون منزهون من الأخطاء!!.
فماذا حل بالوطن من جراء أفعالهم ؟!
: انقسمت البلاد ، وقال قائلٌ منهم " لو أصيبت ذراعي بالسرطان لبترتها "، وعجبنا ليس من عِقم التشبيه وافتقاره للخيال ، بل لأننا لأول مرة نسمع بسرطان الذراع . نعلم أن الجهل يزوي بانتشار العلوم ، وإن الجهالة وإن طالت سلامتها ، على آلة حدباء سنحملها ونقبُرها ، ولكن جهل الجماعة ينشط في وكر الهزائم ، وهم في صراعهم مع الآخرين المختلفين ،يريدون الدُنيا مغنماً لهم دون شراكة مع أحد . يريدون هدم الحاضر ليعود الماضي ملوناً في أحلام الفقراء ، ليصمتوا . يمنونهم بالعودُ والعودُ أحْمَد . وليبقوا هم في نعيم الدنيا أباطرة ، يلبسون ناعم الثياب ، قصيرها ، ويعيشون بطر مال السحتِ ، ويغنمون زينة الحياة الدُنيا ، وفق ما تصوره أذهانهم من نعيم .
هاهم قد عبروا الصراط .وفي كل مرة يؤكدون للجميع أنهم مُجرد " قتلة " ،و لن يحميهم من سلطة المحاكمة العادلة اللاحقة أنهم قتلة، يلبسون لباس أهل التُقى أو قتلة حفروا في جباههم أختام الصلاح .
(7)
الأستاذ "عمر عشاري أحمد " المحبوس مثل غيره من الأفاضل والفضليات ، هو من خريجي كلية الاقتصاد الجامعة الأهلية وخريج كلية القانون جامعة الخرطوم . اجتاز المعادلة عام 2004 وعمل في مكتب الأستاذ / عمر عبد العاطي أربع سنوات وعمل في ( CSR ) في مجموعة " دال " 2005 وتم انضمامه للقيد الصحافي وأسهم بالعديد من المقالات الصحافية في ألوان والسوداني والتيار والوفاق . وهو نشط في المنتديات المختلفة وقدم من خلال منتدى دال الثقافي العديد من المثقفين والفنانين العرب والسودانيين والأجانب
.الحرية له ولجميع الذين يرفلون في حُلل المحابس ، أوسمة لن يخبو لمعانها . سيأتي صباحٌ وسيم جديد ، ونرى بسمك الضاحك يغزو القلوب كما عودتنا .
عبد الله الشقليني
3/10/2013 م
عبد الله الشقليني
abdallashiglini@hotmail.com