الحوار الوطني … الأجواء شبيهة بما قبل نيفاشا
rafeibashir@gmail.com
ما قبل نيفاشا كانت هناك حرب طاحنة بين الشمال والجنوب حقق فيها الشمال منفردا انتصارات هنا وهنا ووقف في هوجاء رياح المنطقة رغم الدسائس من الاعداء والدول المجاورة التي اتحدت عليه وبعضها الذي دعم الجنوب بالسلاح والمال ، والاعلام، وحقق فيها الجنوب بذلك الدعم زخما وفورة باطل وصور على أنه يمكن ان يحقق نجاحات معاكسة ، وهذا هو عنصر الحرب النفسية التي مورست على الشمال لكي يجلس على طاولة نيفاشا ، الخداع ونيفاشا الظلم والتخويف ، فشربنا المقلب ليس بانفصال الجنوب حيث كانت هذه هي الايجابية الوحيدة في نيفاشا ، فصل الجنوب اثنيا كان ايجابي وليس جغرافيا ، اثنيا حققنا فعلا النجاحات التالية :-
- انزل عن كتوفنا وكاهلنا شعبا كان يتسكع علينا عنوة ويتمخطر في الشوارع شعبا كان لا يعمل باعتبار ان لقمته تصل لفمه من الجلابة صائغا هنيئة مريئة ، وهو نائم ، وكانت هذه علة للاقتصاد السوداني
- شعب الجنوب منذ سياسة المناطق المقفولة ، قفله المستعمر وقفل عواطفه ووجدانه وجنانه ودينه ولغته ونظرته وقلبه ضدنا فناصبنا البغض والعداء لأكبر فترة عداء في تأريخ الشعوب ، رغم انا وجدانيا اقرب الناس اليهم ولكنهم وقعوا في فخ تقسيم السودان وخدعوا والنتيجة كما نرى ، مزيد من فتنهم وتقسيمهم هم ايضا ، بالبارونة كوكس وهذا هو المقصود من تحريرهم ولكنهم لم يدركوا هذا الا بعد فوات الاوان ، وليتهم يعقلون ويعون ، كانوا بيننا كخلطة الزيت والماء ، اجتماعيا بيننا برزخا وحجرا محجورا ، ذلك الحجر والسحر الذي وضعه الاستعمار وعبأوهم بالتهميش واستعمار الجلابة ، حتى صنعوا بنا جريمة 54 فبذبحوا من قدم لهم التعليم لأن المستعمر يريدهم هكذا حفاة عراة يعبدون البقر ، انتهينا من هذا العبء وهذا محمدة .
لكن كانت نيفاشا تحمل في طياتها من السوءات ما يلي :-
- قسمت السودان جغرافيا لكي تنزع البترول الذي خسرنا لاستخراجه أي شيء ، خسرنا امريكا وللابد وما المقاطعات الاقتصادية الا تأديب لنا من امريكا ، خسرنا البترول واضيفت اليه المقاطعات الاقتصادية فانهار الاقتصاد ونحن نعيش الان على تحمل وتجمل وصبر الشعب فقط ، تضورنا جوعا وقطعت علاقاتنا الخارجية وحوربنا في سمعتنا ورئيسنا ثم قضمت ارضنا من الشرق ومن الشمال ونحن في اضعف حالاتنا وكل هذا جراء احلام وسراب نيفاشا.
- ما قبل نيفاشا كانت امريكا وبصورة ماكوكية تمارس معنا الجزرة المعسولة تمنينا برفع عصا المقاطعة وتمنينا بمهر صداقتها ويأتون الخرطوم يتجملون ونتجمل يبتسمون ونضحك ضحكاتنا الفارهة ، يوهمونا فنتوهم كالغبي ، حتى اذا وقعنا على نيفاشا ، وفرح الجنوب وهم واهمون ايضا ، بعد اسبوع واحد قامت علينا قيامة المنطقتين المحشور سم تقسيمهما في بنود نيافاشا فشهدنا ضلال الالحاد والعلمانية بكل انواعها تقيم دولتها في كاودا وجنوب النيل الازرق وفي فنادق باريس واسرائيل الفارهة ، وبدأنا في معامع الحرب والخسارة في الخطة (ب)؛ وخسرنا وخسر رعاع بني علمان المتوهمون ، نحن أمة متوهمة ، نخدع كما تخدع الاطفال بالحلوى.
- الان وقد بلغ السيل الذبى نحاول ايجاد مخرج ناعم هو الحوار الوطني ، ورؤيتي الشخصية في الحوار الوطني وعلى الرغم من بوادر حسن النية من حكومتنا ولكنه نيفاشا في نظر امريكا وال علمان اخرى وهذه دوافعي :-
- حال ال علمان عصابات دولتي المنطقتين في اضعف احوالهم ، هزائم في الميدان وشقاق في التعامل وانشقاق في الصفوف لذا جاء الوفد البرلماني الأمريكي في نفس ظروف قبيل نيفاشا كما اظن للاتي :-
- مزيد من التشجيع لنا ولحكومتنا للمضي قدما في الحوار الوطني لاخراجه انتصارا لعصابات المنطقتين ( سيكون لهم ما يشأؤون)، لأن اجندة الحوار التي نجلس عليها هي من صميم شعارات تلك العصابات ( مناقشة الهوية واقتسام السلطة والقوانين التي ستؤدي للعلمانية )، واذا تحقق هذا نالوا كل السودان بدل المنطقتين ، الاوطان قوانين وليست جغرافيا فقط.
- جاء الوفد الامريكي باجواء قبيل نيفاشا ليستعبطنا ثانية بالوعود والحلوى رفع السودان من قائمة الارهاب ورفع المقاطعات الاقتصادية ، ووالله هذا خداع وهذه نيفاشا 2 للخطة (ب) لتقسيم السودان أربع دول الان وستأتي نيفاشا 3 بهذه الطريقة ، ونحن نصفق لانبياء وفود امريكا كالمهابيل ونضحك ضحكاتنا الفارهة وخطابنا معهم اما yes في محل No واما No في محلyes .
الأجواء يا سادتي تشبه نيفاشا واجواء نيفاشا اخرى ، لأنه ببساطة تعتبر امريكا وال علمان عصاباتها للمرحلة لدولتي المنطقتين ، تعتبر ان في الامر زحزحة في المباديء وانهيار للدولة وهبوط وتنازل منها بصورة ناعمة وان ثمرة السودان الدانية الايلة للسقوط قد حان قطافها ، وأنا مسحورون بسحر امريكا ونحن نتنازل في وقت نحن فيه اقوى من اعداءنا.
لو كنت مكان البشير وحكومة البشير وقبل ان نعتمد مخرجات الحوار الوطني والتي سنكتشف انها نيفاشا 2 وsoft landing كما يردد ال علمان الان ، كنت والله سأخرط يدي من هذا الحوار واعطيه عام اخر لمزيد من المشورة ومزيد من التلاقي بين احزاب اليمين التي يمكن ان تتجمع الان في بوتقة واحدة ، لكنها الان مجتمعة للحوار والنفوس بينها ليست متطايبة بما يكفي ، نعم نجلس سويا على الموائد وفي ردهات الحوارات والمؤتمرات ، ونضحك ضحكاتنا بقهقهاتها الفارهة كقهقهاتنا الفارهة ايام نيفاشا ، لكن صدقوني أننا ايضا كأحزاب يمين ، كل فينا له دولة في رأسه وسودان بطريقته الخاصة ، سودان اخواني وسودان صوفي وسودان مؤتمر وطني وسودان حزب امة وسودان اتحادي وسودانات بقدر هذه العمم اليمينة المجتمعة ، ومن ناحية اخرى سودان علماني وسودان امريكي وسودان مهمشين وهوية وسودان كما تريده الصهيونية ، وهذه الفوضى التي نعيشها الان هي بديل ربيعنا العربي لذا لم تغش سحائب الربيع التي قصد منها تفتيت الدول لم تغش السودان لأن امريكا تعلم السوفت لاندنق وتعلم أننا كما تصفنا لهم بريطانيا شعب اندروسي عندما نهبط ونضحك ضحكاتنا الفارهة ، يمكن اكل كتوفنا ويمكن ان نتخلى عن كل شيء ، شعاراتنا وارضنا وديننا وكل شيء كل شيء ، امريكا تعلم نقاط ضعفنا واوقات انهيارنا our turning points اذا جاز التعبير كما علم ذلك اي جنوبي ولد في الغابة او عاش في ادغال الفكر الصهيوامريكي ، كما يعرفه عرابي ال علمان من منصور خالد الى الواد ياسر عرمان ويتعاملون مع حلمنا بتخديرنا الى ان ينقضوا علينا كما ادت بنا نتائج نيفاشا 1.
الاجواء يا سيادة الرئيس غير مناسبة لهذا الحوار ، ونحن والله لا نتحمل نتائج هذا الحوار وانت مسؤول عنا امام الله فلا تسلمنا لنيفاشا اخرى ، ونحن في اضعف حالنا الان مسؤول عن السودان امام الله بعد أن تركنا لك حبل القياد الى أن يشاء الله ، لم نثر عليك ولم نؤجج الربيع والفوضى الخلاقة ، فخذنا بحق الله ، وقد اتتك سانحة من الله الان في الحلف الجديد مع الخليج ، الحلف الذي اذا استثمرته فإنه سيقلب لصالحك ميزان الحال الاعوج وسيكون ظهرا لك وحماية لك من جار السوء البغيض ، ومن المتربص الخارجي ومن الارتماء في احضان المجوس ، وقد احسنت بطردهم ايضا ، وسيكفيك الخوار الداخلي وسيحل لك مشكلة الاقتصاد بالاستثمار العربي اذا غسلت ايادي بعض بطانتك عن سوأة الفساد ، وسوف يعبء يدك بالسلاح ، لأنك بالخطوة الموفقة جدا نحوه قد صرت وصيرت السودان رقما هاما في هذا الحلف قلب موازين الرؤى والتخطيط وموازين الفوضى المرصودة للسودان الخلاقة والداخلية، وسيكفيك مغبة قبول نتائج هذا الحوار التي ما اظنك قد قررت بقبول واعتماد نتائجها( مهما كانت )، الا انك كنت مجبرا على هذا القول ، وقائدا اختار ما راه اخف الضررين واقل النارين ، وركنت للسلام وتريد ان تضع الحروب اوزارها ، ولكن الحديث ذو شجون وتحت كثير من هذه الاجواخ التي تجتمع معك ، تحتها خناحر مسمومة موجهة نحو نحر السودان لنحره ، هذا الحوار يا سيدي لا نرفضه بل نؤيده ونقف في صفه اذا ضمنت لنا مخرجاته ان سوداننا سوف لن يقسم ثانية واذا ضمن لنا ان ديننا ومنهجنا سوف لن يكون منهج ال علمان ، واننا سوف لن نرتمي في احضان غل الشيوعية ، وان اممنا موفور وعيشنا على كفافه شريف ومكفول ، واننا لم نخدع بامريكا مرة ومرات اخرى ، وأن جيوب دولتك بعده قد رشدت وطهرت من الفساد .
نحن لا نقف ضد هذا الحوار (ان كان شعاره من كل الاطراف) ، وان جنحوا للسلم فأجنح لها ، لكن كثير منهم جاءك اخي الرئيس وفي جعبته امال عراض ، وفي قوله لحن وفي لسانه عوج وفي قلبه سواد واحقاد.
لو كنت مكانك لأجلته بنفس الشجاعة التي طرحته بها ، ولرفعته لوقت لاحق ، سيكون حتما افضل من هذا ، ولأدخلت قلمي المنصوب للتوقيع على نتائجه (كيفما كانت ، هذه ) في غمده.
لك كل الود يا ريس فنحن شعب نحبك ونعبر عن ذلك صبرا ومصابرة مع دولتك التي استمرت بنصف اعمارنا ، ذقنا فيها الويل من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات ، ان كان بفعل بطانتك او بفعل فاعل ، او كان قدرنا من الله ، صبرنا عليك فاصبر علينا ، ولا توقع كيف ما يكون ، صبرنا عليك فاصبر علينا برفع هذا الحوار لاجل مسمى ، حتى تهيأ النفوس وتتواطأ له بصورة افضل ، وتأتي وفي حدقاتها الوطن كل الوطن ، وان تكون اجندة هذا الحوار اجندة كرامة حقيقية ووحدة حقيقية وهوية حقيقية ومشاركة في الحكم حقيقية تستوعبنا جميعا ، يسارنا ويمننا ووسطنا ، ولك في اردغان أسوة حسنة ، وان يكون نتاجه ، وجود لنا جميعا لا نزيل من الوجود بعده (عربي) ولا (غرابي) والتهميش ، المصطلحات البغيضة التي ادخلها علينا اصحاب الصراع الطبقي من ال علمان وتكون نتائحه تجويد لادارتنا ممن كانت ، وخدمتنا وامننا ورفاهنا ان بقي فيها رفاه .
نحن لا نريد ان يخرج هذا الحوار بحكومة (الاخوة الاعداء )، وزاراتها جهوية وتمثل دولة داخل دولة ، ومنطقة عن منطقة ، تشخصن ويزداد فيها الفساد ، ولا نريد برلمانا تكون لغته الكراسي وخطابه السب والبنادق ، ولا نريد خدمة مدنية ننالها باللون واو الجنس او القبيلة او الدين فأصبر علينا ، فأنت قوي بربك وقوي بشعبك وقوي بتحالفك الجديد وقوي بضعف اعداءك في الداخل والخارج حتى امريكا الصلفة ، ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون ان كنتم مؤمنين .
توقيعك يا اخي الرئيس ليس كلل التواقيع ، انه توقيع دولة وتوقيع باسم شعب ، وقد وقعت قبلها عنا ، نيفاشا ولك ان تحسب سوءاتها وخيرها ، فهذا في ميزانك ، ولكن ان توقع هذه الان (كيف ما كانت)، فاعتقد ان الله ثم نحن ثم التأريخ سوف لن يغفر هذا ان كانت نتائجه نيفاشا اخرى وتقسيم السودان لمناطق اخرى
ونحن نحبك فننصحك نصيحة مثل هذه في منحنى تاريخنا فأقبلها ولا تعجل ، عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
اللهم بلغت فأشهد
الرفيع بشير الشفيع
جنوب افريقيا