الخاشوقجية: أىّ مصير مُظلم ينتظر الصحافة والصحفيين فى العالم العربى ؟!.

 


 

فيصل الباقر
25 October, 2018

 



منذ اكتشاف فضيحة جريمة إغتيال وتقطيع أوصال الصحفى السعودى جمال الخاشوقجى فى مقر قنصلية بلاده فى العاصمة التركية أنقرة، والعالم الحُر يتساءل عن أسرار تلك العملية التى نفّذتها أجهزة مخابرات المملكة العربية السعودية، بطريقة حاطّة للكرامة الإنسانية، بكل ما تحمله الكلمة من مدلولات، وفى ذات الوقت، تنم عن غباء استخباراتى عجيب ومُريب، إن لم نقل غير مسبوق! . وحتّى الآن- لم تتّضح – بعد - بصورة دقيقة الأسباب الحقيقية، وراء تنفيذ تلك العملية، وبتلك الصورة الهمجية، رُغم اجتهادات الميديا العالمية فى تفسير ما حدث !.

وبدلاً عن توحيد الصوت الإعلامى العربى، فى إدانة ورفض تلك الجريمة النكراء، انقسم الإعلام العربى الرسمى فى مُعسكرين، تُسيّره وتُغذّيه دوائر وأبواق دعائية / بروباقانديّة بحتة، ليتجلّى الهدر الإعلامى العربى فى خطابين، أحدهما مُدافع بالـ(باطل) عن السعودية، والآخر تمترس فى الخندق المُضاد، الذى تقوده دولة قطر، وقناة الجزيرة، فغابت المهنيّة أوغُيّبت، كما غُيّب جمال الخاشوقجى عن الحياة، وتفرّق دمه بين الدول التى تمضى بعضها بدمٍ بارد فى طريق صفقة اغلاق ملف جريمة ( تصفية ) جمال الخاشوقجى، ليبدأ مُسلسل البحث عن كبش أو اكباش فداء!.

الواجب الأوّل المقدّس يُحتّم رفع الصوت عالياً ضد جريمة اغتيال الصحفى جمال الخاشوقجى، من كُل المجتمع الصحفى والإعلامى، بل، ومن كل إنسان له ضمير حى، بعيداً عن الوقوع فى فخاخ ما بدأنا نسمعه من بعض الزملاء والزميلات- أنّه ( أخ مسلم ) أو إنّه ( ليبرالى) أو حتّى إن كان موقفه الفكرى " جن أحمر أو أخضر أو بنفسجى "، لأنّ التفريق بين صحفى وصحفى بحجج الإنتماء الآيديولوجي والفكري، يعنى – ببساطة – الموافقة على الجريمة، ضد الآخر( الهُم )، طالما أنّه ليس من خيمة ( الأنا ) و(النحن)...فيا صحفيي العالم اتّحدوا، حتّى لا يصدق عليكم المثل العربى المعروف " أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض " !.

الواجب الثانى المقدّم، يفرض علينا مواصلة البحث الصحفى الإستقصائى المستقل والحُر، لفك طلاسم وأسرار مقتل الصحفى الخاشوقجى، وهو واجب تفرضه المهنية ، ويُلزم به الدور والمهام الحقيقية للإعلام، كما علينا المُطالبة بكشف الحقيقة – كل الحقيقة – للناس، والمطالبة بتقديم مرتكبى الجريمة، من مُخططين، ومُنفذين، للعدالة، حتّى نضع حدّاً لمثل هذه الجرائم البشعة بحق الصحافة والصحفيين.

أقول كُل هذا، ونحن على أعتاب (( اليوم الثانى من نوفمبر)) وهو (( اليوم العالمى لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين ))، الذى أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة . فلنوحّد جهودنا للدفاع عن مهنة الصحافة، ولنواصل مُناصرتنا للحق الذى يعلو ولا يُعلى عليه.. وأخيراً، لن نبارح هذا المقام، ولن نختم هذا المقال، دون التعبير عن أصدق الحزن، على فقد صحفى، تمّت تصفيته بطريقة وحشية، وتمّ قتله خارج القانون.. وها نحن نبعث بأصدق آيات العزاء لأسرة الفقيد جمال الخاشوقجى..ولنواصل مشوار البحث عن العدالة وتحقيق الإنصاف، فى الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، لأنّ الإفلات من العقاب، يؤدّى إلى المزيد من جرئم القتل والمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ..ومعاً، فى طريق العدالة والإنصاف. وأخيراً دعونا نتساءل : تُرى أىّ مصيرٍ مظلم ينتظر الصحافة والصحفيين فى العالم العربى، إذا ما سمحنا لظاهرة ( الخاشوقجية ) بالإستمرار ؟!.

فيصل الباقر
faisal.elbagir@gmail.com
//////////////

 

آراء