الخرطوم متى يتعافى كامل جسدها (١/٢)
عواطف عبداللطيف
1 March, 2022
1 March, 2022
منذ ٢٠ اكتوبر ٢٠٢١ حتى ٢٠ فبراير ٢٠٢٢ كنت بالخرطوم " الجميلة ومستحيلة "
من الملامح البارزة غير الباعة المتجولين وجود اسواق للدجاج والبيض وللخضر والفاكهة بجل مواقف الحافلات والركشات وبالقرب من المؤسسات وهي منتجات شتوية خضراء ونضرة مانجو وبطيخ شمام وموز ونبق فارسي ليمون ونعناع بامية وملوخية ولم يغيب الجزر والفجل والبصل والقرنبيط والملفوف .. اسواق البهارات هي الاخرى تتصدرها المنتجات الذاهية تمور وصمغ عربي كركدي وعرديب وقنقليز وجل بهارات رمضان المعروفة صحيح اسعارها مرتفعة جدا لكن تتزاحم النساء حولها وتباشير شهر رمضان استعدادا لعمل مشروب الحلو مر والرقاق مع عروض مغرية لكثير من البقوليات من كبكبي ولوبيا وعدسية وسمسم وفول الخ ..
الموظفات ما عدن يجدنا صعوبة في التسوق ولا ضرورة للذهاب للاسواق الكبيرة فكل المتطلبات اليومية معروضة في كثير من الاذقة والساحات وبقرب المجمعات السكنية يجاورها ستات الشاي والكسرة والعطورات المشهورة والمركبة محليا ووفرة واضحة في الخبز والعيش البلدي ..
في مقابل كل هذه الاشراقات اعداد كبيرة من الاطفال .. وكبار السن ومعاقين .. وفاقدي هوية وكانهم يجلسون فقط باجسادهم الهالكة امام المساجد والاسواق وتقاطعات الشوارع المكتظة ثيابهم رثة وشعورهم متدلية لا تدل هيئاتهم ان قطرات الماء لامستهم لسنوات وتحكي ملامحهم الموجعة انهم تائهون في عوالم اخرى لا علاقة لها بالاسرة او المجتمع .. يكتفون بما يتدفق امامهم من ملاليم قد لا تكفيء رهق العطش والجوع … هذا غير الصبايا والنساء حاملات اطفال رضع يلاحقون العربات مع كل اشارة حمراء حتى ولو اغلق سائقها زجاجها ..
كل المتناقضات تتجلى تحت ناظري سريعة سيارات تتدافع بالدفع الرباعي و المظلل والدبابات والحافلات الهالكة وركشات تخطف الشوارع وتختصر المسافات هي بالمشوار وبالمشاركة وما ان يمر موتر إلا وتحسن الفتيات القبض علي شنط مدارسهن او خرتايات أغراضهن والموبايل سيد الموقف الكل يتحدث .. علوية سحبت بالكاد مبلغ ٢٧ جنيه سوداني بالتمام والكمال من احد افرع البنوك كانت تحويشة ابنها البكر من اول راتب بعد بطالة امتدت لسنوات فاذا احدهم ينتزعه منها انتزاعا وهي علي غفلة غايصة في همومها رغم ان الساعة لم تغادر الحادية عشر نهارا جهارا .. ولم يتحرك أحد لنجدتها إلا بعد ان افترشت الارض هلعا ورعبا ورجعت بخدوش تحمد العلي القدير ان الوريقات فدى عمرها حينما تقاطرت الجارات لمؤازرتها وحكايات خطف وضرب يشيب لها الولدان ..
في احد المتاريس ما ان بدأ احد الشباب تسهيل حراكنا إلا اعترضه اخر .. هذا الاخر كان راقيا اذا جاء لعربتنا معتذرا ان طريقنا يتقاطع مع ندوة يحضرون لها وساعد في ان نجد مسارا اخر وسط الحي وقد كان رغم الحفر والبالوعات واكرام الاوساخ العاتية ..
هل مجدي ان نكرر سؤال اطلقه في زمان غير هذا الزمان الروائي الطيب صالح من أين جاء هؤلاء ؟ بل الي أين سترثوا سفينة البلاد ؟ لصالح المواطن الاغبش أم لصالح الممسكين بمقاليد الامور دون دراية ولا فكر ناضج .
عواطف عبداللطيف
إعلامية مقيمة بقطر
awatifderar1@gmail.com
من الملامح البارزة غير الباعة المتجولين وجود اسواق للدجاج والبيض وللخضر والفاكهة بجل مواقف الحافلات والركشات وبالقرب من المؤسسات وهي منتجات شتوية خضراء ونضرة مانجو وبطيخ شمام وموز ونبق فارسي ليمون ونعناع بامية وملوخية ولم يغيب الجزر والفجل والبصل والقرنبيط والملفوف .. اسواق البهارات هي الاخرى تتصدرها المنتجات الذاهية تمور وصمغ عربي كركدي وعرديب وقنقليز وجل بهارات رمضان المعروفة صحيح اسعارها مرتفعة جدا لكن تتزاحم النساء حولها وتباشير شهر رمضان استعدادا لعمل مشروب الحلو مر والرقاق مع عروض مغرية لكثير من البقوليات من كبكبي ولوبيا وعدسية وسمسم وفول الخ ..
الموظفات ما عدن يجدنا صعوبة في التسوق ولا ضرورة للذهاب للاسواق الكبيرة فكل المتطلبات اليومية معروضة في كثير من الاذقة والساحات وبقرب المجمعات السكنية يجاورها ستات الشاي والكسرة والعطورات المشهورة والمركبة محليا ووفرة واضحة في الخبز والعيش البلدي ..
في مقابل كل هذه الاشراقات اعداد كبيرة من الاطفال .. وكبار السن ومعاقين .. وفاقدي هوية وكانهم يجلسون فقط باجسادهم الهالكة امام المساجد والاسواق وتقاطعات الشوارع المكتظة ثيابهم رثة وشعورهم متدلية لا تدل هيئاتهم ان قطرات الماء لامستهم لسنوات وتحكي ملامحهم الموجعة انهم تائهون في عوالم اخرى لا علاقة لها بالاسرة او المجتمع .. يكتفون بما يتدفق امامهم من ملاليم قد لا تكفيء رهق العطش والجوع … هذا غير الصبايا والنساء حاملات اطفال رضع يلاحقون العربات مع كل اشارة حمراء حتى ولو اغلق سائقها زجاجها ..
كل المتناقضات تتجلى تحت ناظري سريعة سيارات تتدافع بالدفع الرباعي و المظلل والدبابات والحافلات الهالكة وركشات تخطف الشوارع وتختصر المسافات هي بالمشوار وبالمشاركة وما ان يمر موتر إلا وتحسن الفتيات القبض علي شنط مدارسهن او خرتايات أغراضهن والموبايل سيد الموقف الكل يتحدث .. علوية سحبت بالكاد مبلغ ٢٧ جنيه سوداني بالتمام والكمال من احد افرع البنوك كانت تحويشة ابنها البكر من اول راتب بعد بطالة امتدت لسنوات فاذا احدهم ينتزعه منها انتزاعا وهي علي غفلة غايصة في همومها رغم ان الساعة لم تغادر الحادية عشر نهارا جهارا .. ولم يتحرك أحد لنجدتها إلا بعد ان افترشت الارض هلعا ورعبا ورجعت بخدوش تحمد العلي القدير ان الوريقات فدى عمرها حينما تقاطرت الجارات لمؤازرتها وحكايات خطف وضرب يشيب لها الولدان ..
في احد المتاريس ما ان بدأ احد الشباب تسهيل حراكنا إلا اعترضه اخر .. هذا الاخر كان راقيا اذا جاء لعربتنا معتذرا ان طريقنا يتقاطع مع ندوة يحضرون لها وساعد في ان نجد مسارا اخر وسط الحي وقد كان رغم الحفر والبالوعات واكرام الاوساخ العاتية ..
هل مجدي ان نكرر سؤال اطلقه في زمان غير هذا الزمان الروائي الطيب صالح من أين جاء هؤلاء ؟ بل الي أين سترثوا سفينة البلاد ؟ لصالح المواطن الاغبش أم لصالح الممسكين بمقاليد الامور دون دراية ولا فكر ناضج .
عواطف عبداللطيف
إعلامية مقيمة بقطر
awatifderar1@gmail.com