الخميس العظيم

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم


تخرج اليوم خمائس الشعب السوداني غير المسلحة إلا بالإيمان بالمقاومة السلمية، بالسواعد وأغصان النيم وجريد النخل والحناجر، وليس الخناجر، في مواجهة جيش النظام العرمرم المؤلف من الأمن الشعبي وشرطة مكافحة الشغب والمليشيات الإخوانية وكتائب الظل الخاصة بعلي عثمان محمد طه (باريا النظام)، وكافة أنواع الشبيحة وشذاذ الآفاق والربابيط ببنادق القناصة والعصي الغليظة والبمبان. غير أنهم ظلوا يبطشون بشعبنا في الطرقات طوال الأربعة أسابيع المنصرمة بكل ما اختزنوا من غيظ وحقد ومشاعر سوداوية تجاه الشعب والوطن، حرصاً على المصالح والثروات التى كنزوها عبر الثلاثة عقود المنصرمة، ولم ينفعهم ذلك ولم ينقذهم من غضبة الشعب التى لن تهدأ إلا بذهاب النظام، وبس.

ليس هذا وقت الكتابة، وسوف لن يجد أحد زمناً في هذا النهار الملتهب لقراءة الصحف، ناهيك عن أخواتها الإسفيرية، ولكنها على كل حال مشاركة من على بعد المهجر، وجهد المقل، بينما يتم الآن حسم المعركة في الحواضر والدساكر والبوادي السودانية. ولقد ظللنا نكتب منذ نيف وعشرين سنة مناشدين النظام أن يرعوي ويثوب لرشده ويجمع أبناء السودان حول مائدة مستديرة حقيقية وشفافة بغرض الوصول لحل لأزمة الوطن التى أدخله فيها حسن الترابي وقومه، ولكن البشير ظل مكابراً ومنفوخاً بالعزة بالإثم ومخدوعاً من قبل منتفعين وداعرين لصوص لا يتعدون المائة رجل وإمرأة من أسرته وخاصته وبقايا تنظيم الإخوان المسلمين ونفر من عملاء الأحزاب الطائفية المرتشية، فتراكم الوقر في أذنيه وزاغ بصره وطاش عقله واستكبر استكبارا، إلى أن وجد نفسه في هذه اللجة الحالكة بلا أي بوصلة أو مغيث أو ناصح مخلص أو صديق يتكئ عليه. إنه يوم يفر المرء من أمه وأبيه.

لقد حانت لحظة الحساب النهائية، وما هي إلا ساعات حتى يفرنقع التنظيم وتفر جلاوزة كتائبه كأنها حمر مستنفرة فرت من قسورة، ويتحول المؤتمر الوطني إلى فص ملح سريع الذوبان، مثلما حدث للإتحاد الإشتراكي يوم 5 أبريل 1985 - الذى توارى أمام زخم الإنتفاضة كأنه لم يكن. وسوف يتلفت البشير يمنة ويسرى ولا يجد إلا هذا الشعب المتوثب العبقري الذى يسد كل الآفاق ويحاصر كل المنافذ، ولن يكون أمامه إلا أن يذيع على الشعب نفس بيان الفريق الراحل إبراهيم عبود فى أكتوبر 64 :(ما كنت أحسب أن الشعب يكرهنا لهذه الدرجة...). ولكن عبود كان به شيء من التربية الوطنية التى تحلي بها جيله، وبه كثير من نبل الأخلاق والشجاعة الأدبية، وما أحسب أن البشير يدرك هذه المعاني وإلا لما ظل يبطش بأهل السودان طيلة هذه السنوات الثلاثين المنصرمة. وأحسب أنه سيهرب إلى دولة مجاورة كما فعل بن علي من قبله؛ فهذا صنف أناني شهواني إجرامي كلصوص المنازل أو أحط أنواع ال hustlers القرويين الأجلاف المتعطشين لشهوات البطن والفرج، الذين ليس لهم مكان إلا في مزبلة التاريخ.

إن الله عز وجل وأولياءه الصالحين مثل أزرق طيبة والشعوب المحبة للسلام والعدالة تقف مع أهل السودان الأشاوس الصناديد في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخهم، وسوف يكتب لهم النجاح المؤزر في بحر هذا اليوم بإذنه تعالى.

النصر معقود لواؤه بشعب السودان!
ثورة ثورة ثورة سلمية حتى نهاية دولة الإخوان المسلمين!
ولا نامت أعين الجبناء والمترددين والمنافقين والمرائين والمراوغين!
والسلام.
إبنكم الفاضل عباس محمد علي
Fdil.abbas@gmail.com

 

آراء