الدكاترة الثلاثة وكاذب ربيعة

 


 

محمد الربيع
11 December, 2023

 

أمرتهم أمري بمنعرج اللوي - فلم يستبينوا النصح إلّا ضحي الغدِ
فلما عصوني كنتُ منهم وقد أري - غوايتهم وإنني غير مهتدِ
وما أنا إلّا من غزية إن غوت - غويتُ وإن ترشد غزية أرشدِ
،،، دريد بن الصُمّة ،،،،

✍️يطرح المسرح السياسي بين كل حينٍ وآخر شخصيات قيادية غريبة الأطوار متقلبة المباديء متعرجة المسارات تقلب الأمور والمواقف إلي النقيض وتسير في الإتجاه المعاكس وتسجل أسماءها في نقاط تهدم كل تاريخها ،،،،
والمتابع لسجل التاريخ الإنساني الممدود تطالعه في كل الأزمنة وبين ثنايا الأحداث الكبري شخصيات حربائية مثيرة بنوا أمجادهم من خلال التلفيق والتلوّن والمصحوب بالإستخفاف بعقول البسطاء حتي بلغت قمة سقوطهم من خلال إنضمامهم إلي الركب البائس الخاسر وصوغهم لمعاذير أقبح من الذنب.

🔥في تاريخنا الإسلامي فإن قصة مسيلمة الكذاب تتجاوز إطارها التاريخي لتحيا مجدداً في عالمنا السياسي عبر ثلاث من "المثقفين المفترضين" تسبق أسماءهم حرف الدال ولهم أتباع ومعجبين وكشفتهم هذه الحرب عندما إنحازوا إلي التكتل الخاسر وإعلان مساندتهم للجيش "الكيزاني" !!
أن ما يهمنا هنا هو دور من يُفترض أنهم مثقفون معارضون ينحدرون من الشاطيء الآخر للأيديولوجيا أي "يساريون" وكان عليهم أن يكونوا من أصحاب المباديء وسلامة الرأي وأنهم علي علمٍ ويقين بأن ما يُسمي ب "المؤسسة العسكرية" إن هي إلا أكذوبة كبيرة لأنها مؤسسة ظلت جهوية ثم أضيفت عليها الأدلجة!! وكلمة القومية منها براء وقائدها كذّابٌ أشر وهو "مسيّر وليس مخيّر" ومع ذلك قرروا الإنحياز إليه ،،،،،

☀️أما الدكتور الأول : فهو عبدالله علي إبراهيم، الاكاديمي والكاتب الشيوعي المعروف والذي وصفه أحد قيادات حزبه بأنه "عنصريّ يغطي عنصريته بالعويش الثقافي" وبحكم يساريته كان أشد أعداء الإسلامويين والإنقاذيين في بداية حكمهم ثم هادنهم لاحقاً طمعاً في بعض الفتات وعاد إلي السودان حالماً برفيع المنصب لكنهم ضحكوا عليه وقنع هو من الغنيمة بالإياب !
والدكتور الثاني : هو محمد جلال هاشم الأكاديمي التربوي والكاتب المنتمي للحركة الشعبية جناح الحلو ،،، والذي ظل ينظّر ويطالب بضرورة التغيير الجذري خاصة للمؤسسة العسكرية الفاسدة وضرب مثلاً برواندا والقرن الأفريقي وعدد من دول العالم وظل يقدم نفسه كمفكر حداثي وفيلسوف ويهاجم حكومة الثورة وخاصة رئيسها دكتور عبدالله حمدوك ووصفه بالفاشل لكن إتضح بأنه هجومه كانت (غيرة الأنداد) لأن حمدوك حقق نجاحات دولية وقومية لم يلحقه هو فظل "يجدعه" قبل أن تفضحه حرب الخامس عشر من أبريل وأسقط قناعه المزيّف !!
واما ثالثهم : فهو عزيز سليمان وهو ليس له تاريخ كبير في النضال او الحقل السياسي عامة لكنه من الوجوه التي ظهرت بعد الثورة ودعم الخط الثوري بقوة من خلال لايفاته وإكتسب شعبية وسط الثوار كوجه جديد يمكنه لعب دورٍ ما في دولة المدنية القادمة حتي جاءت حرب أبريل لتكشف الزيف المقنع بإنحيازه إلي تكتل الخاسرين والبلابسة ،،،،،

🌻هؤلاء الثلاثة ينطبق عليهم قول زهير ….
ومهما تكن عند إمريء من خليقةٍ - وإن خالها تخفي علي الناس تعلم
لأنهم فضحوا أنفسهم أو بالأحري فضحتهم حرب أبريل وإنضموا إلي الجيش الكيزاني "جهوياً وقبلياً " لأنهم جميعاً ربائب دويلة ٥٦ فساندوا القبيلة وأن خالفت الحق وإقتفي أثر الضلال وأصبح معيار الأخلاق عندهم ما قامت به القبيلة وإنتهي الرأي إليه كما قال المتعصب القبلي طلحة النمري لقريبه مسيلمة الكذاب : "أشهد انك لكاذب وأن محمداً لصادق لكن كذّاب ربيعة أحب ألينا من صادق مضر" ويا لخسارة العلم عندما يكون وبالاً علي صاحبه!! قال الأمام علي لكميل بن زيّاد : الناس ثلاثة ، فعالمٌ ربّاني ومتعلم علي سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلي ركنٍ وثيق.

✍️أن موقف هؤلاء الدكاترة الثلاثة يسلط الضوء علي دور المثقف والفاعل الإجتماعي في تخصيص علمه ومهارته لقادة الباطل ضد علي ما يفترضه العقل السليم والمنطق السديد وهو تصرف يعجز المرء عن تفسيره لأن للمعرفة والوعي دورهما في حمل الفرد علي لزوم السداد والمنطق قولاً وعملاً لكنه السعي وراء مكاسب وإمتيازات أسقطتها الايام والرهان علي الروافع المتوهمة ( Imaginary levers ) التي تخون صاحبها لحظة الحقيقة ومواجهة الواقع.

 

m_elrabea@yahoo.com
//////////////////////

 

آراء