الدكتورة تابيتا بطرس.. شخصية عام 2009م
22 January, 2010
hbrayah@yahoo.com
يجرى كلامٌ ولغطٌ كثير منذ توقيع اتفاقية نيفاشا وتقسيم السلطة والثروة التي ما زال بعض الشركاء يجدون في صدورهم حاجة منها، ولكن في كل الأحداث، والملمات، والخلافات، وعلى الرغم من دخول مسئولين كثر من هذا الحزب أو ذاك في هذه "المعمعة"، لكن وزيرة الصحة الاتحادية الدكتورة تابيتا بطرس شوكاي احتفظت لنفسها بحالة اتزان غريبة، وهدوء تحسد عليه، وفوق كل ذلك عمل ونشاط متصل يؤهلها لألقاب كثيرة، لكن بني وطني لا يحتفون بالأحياء ويرددون دوماً (إن شاء الله يوم شكرك ما إجي).. فتأملوا!!
قالت إن وصية أمها لها بعد اختيارها وزيرة (خلي بالك من كلامك)، ولم تَدّعِ النضال، بل قالت إن الأمراض المستعصية تؤرقها وأن أهم أجندتها توطين العلاج بالداخل وهدفها تقليل عدد وفيات الأطفال تحت سن الخامسة.
هذه السمراء ذات الابتسامة الصافية والنظرات المريحة تُجبرك على احترامها، تستمع لتصريحاتها عند افتتاح كل منشأة صحية أو تطوير خدمة علاجية فتشعر أنك أمام "بت بلد" أصيلة، وسودانية قلبها على بلدها، تحمل هم البسطاء والمحتاجين، وتعمل ما وسعها الجهد للوفاء بالتزاماتها، ولعل بساطتها هذه هي التي أدخلتها إلى قلوب الكثيرين.
الدكتورة تابيتا بطرس أيها السادة، لها رصيد عائلي ومعرفي تعتدُّ به، لكنها لا تباهي وتفتخر به. والدها مطران الكنيسة الأسقفية، وهو أول سوداني يتولى المنصب في أبرشية الخرطوم. تخرجت في كلية التمريض العالي، وعملت في الكلية لبعض الوقت، ودرست بجامعة الإسكندرية بمصر وحصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه من المملكة المتحدة حيث عملت هناك، وعادت للسودان بعد توقيع اتفاقية السلام.
شواهد كثيرة ومواقف عديدة تُعضّد ما ذهبت إليه من اختيار الدكتور تابيتا بطرس كشخصية للعام 2009م. التقت السيدة الوزيرة مؤخراً بأجهزة الإعلام في اللقاء الدوري السنوي، مستعرضة إنجازات عام 2009م، وخطة الوزارة للعام 2010م، وقالت إن خطة الوزارة للعام 2009م، شملت مجالات الطب الوقائي والعلاجي والتعاون الخارجي. وأشارت إلى أن خطة الوزارة للعام 2009م بُنيت على التدريب والتنسيق وتوطيد العلاقات مع دول ومنظمات خارجية بهدف تعزيز وتسهيل العلاج ونبادل الخبرات والحصول على الدعم.
وفي استعراضها لما تم إنجازه في العام 2009م، قالت إن الوزارة عملت على تنفيذ موجهات رئاسة الجمهورية في علاج الأطفال دون الخامسة مجاناً ومجانية عمليات الولادة ومكافحة الإمراض الطارئة. وأكّدت أن الوزارة حققت انجازاً كبيراً في خفض معدلات وفيات الأمهات حيث حقق مستشفى الولادة بأم درمان نسبة 78% مبيّنة أن الوزارة قد دشّنت مؤخرا عيادة متحركة في طب الأسنان.
وقالت إن هنالك اتفاقيات تعاون وقعتها الوزارة مع دولة تركيا لعلاج عدد من الحالات المستعصية وإنشاء مستشفى تركي في مدينة نيالا بجانب العلاقات المتميزة مع دولة الأردن والمنظمات العالمية ذات الصلة. وأكدت عزم وزارتها المضي في سياسات الإحلال والإبدال بالمستشفيات المختلفة وإنشاء المجمعات الجراحية بولايات السودان المختلفة. وقالت إن نسبة التطعيم الروتيني في العام 2009م حتى نوفمبر بلغت 84% مبينة انه بنهاية العام 2010م ستصل التغطية إلى 93% بالجرعة الثالثة خماسي على المستوى القومي مع إيقاف سريان فيروس شلل الأطفال بنهاية العام 2010م والسيطرة على مرض الحصبة بتنفيذ حملات متابعة وإدخال لقاحات جديدة.
وفي ذات الإطار قال البرنامج القومي لمكافحة الملاريا إن السودان قد تمكّن من خفض الإصابة بمرض الملاريا بنسبة 65 في المائة، إضافة إلى خفض نسبة الوفيات إلى 55 في المائة منذ العام 2005م.
وأعلنت الوزارة أيضاً حصولها على موافقة التحالف العالمي للقاحات GAVI، لإدخال لقاحي فيروس نيمونيا Pneumonia المسبب للالتهاب الرئوي للأطفال، وروتا Rotavirus المسبب للإسهال، وتوقعت وصولهما في النصف الثاني من العام الجاري 2010م. كما أعلنت الوزارة أيضاً أن السودان قام باستئصال فيروس الشلل بصورة نهائية.
صحيح أن هذه الإنجازات والجهود يعود الفضل في تحقيقها إلى جهات أخرى، ومسئولين، وموظفين في إدارات عديدة داخل الوزارة وخارجها، ولكن ما دمنا نعمل دائماً على تحميل من هو في قمة هرم المؤسسة أوزار وهفوات وأخطاء وسلبيات أداء المؤسسة أو أي عامل فيها، فإن العدالة والإنصاف تقتضي أن نُلبس هذا الذي في هرم المؤسسة ثوب التكريم والإشادة إذا ما رأينا ولمسنا التزاماً بمنهج الجدية وعملاً مؤسسياً نافعاً للناس بعيداً عن "هرج" ساس يسوس.
* مترجم وكاتب صحفي يعمل بالمملكة العربية السعودية