الذبابة.. بين أوباما والترابي!! … بقلم: ضياء الدين بلال
20 June, 2009
ربما.. تعجب الكثيرون للاهتمام الاعلامي الكبير، الذي وجدته ذبابة البيت الابيض، وهي تلقى مصرعها بضربة قاضية من يد الرئيس الامريكي باراك أوباما ، اثناء مقابلة تلفزيونية كانت تجرى معه، واذا بذبابة مجهولة تصر وتلح في استهداف الرئيس، الذي أطال لها حبال الصبر، ما أمكنته طاقة الاحتمال. وعندما تفلتت الحبال وطفا التوتر على وجهه، قرر في ثوان عابرة ان ينصب لها كميناً. فأرخى احدى يديه وأسكن حركتها تماماً- كأنها بلا حياة- وعندما اطمأنت الذبابة السوداء. وطاب لها المقر. عاجلها أوباما سريعاً بضربة خاطفة وقاضية أنهت مهمتها في الحياة..!
الحدث رغم بساطته البادية، وإنصرافيته التامة عن موضوعات المقابلة التلفزيونية، التي لا تبدأ بالازمة المالية ولا تنتهي بمعتقلي غوانتنامو، إلا انه صعد على جناح تلك الذبابة الفدائية الى مرتبة الخبر الأول في بعض الفضائيات ذائعة الصيت...والسبب في ذلك متعدد الاوجه:
أولها/ ان الحدث يأتي كأول رد فعل عنيف يبديه باراك تجاه جهة ما منذ قدومه للبيت الابيض..فهو قد صبر على استفزازات كوريا الشمالية وعناد طهران ومضايقات روسيا،ولكنه اختار المواجهة الحاسمة مع تلك الذبابة التلفازية.
ثانيها/المهارة الفائقة التي ابداها الرجل في الانقضاض السريع على حشرة تعتبر أهم وأبرز مقوماتها الدفاعية سرعة الهروب من المفاجآت..حيث أوردت وكالات الانباء على خلفية الحدث ان تقريرا صدر في أغسطس الماضي لباحثين أمريكيين كشفا فيه سر صعوبة ضرب الذباب، وقالا في التقرير الذي نشرته مجلة «كيورنت بايولوجي» الأمريكية العلمية، ان للذباب مقدرة على تفادي الضربات مهما بلغت سرعتها لأن دماغ الذبابة سريع التصرف ويستبق أي تخطيط، وأظهرا في تسجيل فيديو عالي السرعة أن الذبابة تتعرف الى المصدر الذي يأتي منه الخطر فتعد مسارها لهروبها منه مسبقا.
وقالا إن أفضل وسيلة للقضاء على ذبابة هي الزحف بشيء ما نحوها ببطء واستهداف موقع أمام مكانها بسنتيمترات قليلة ثم ضربها بسرعة، وهو ما فعله أوباما تماما..!
الشئ الغريب ان قدماء العرب كانوا يصفون الذبابة بأنها حشرة شجاعة فيقولون: (فلان أشجع من ذبابة)..لان الذبابة تحط على عين الملك وذي السلطة..واذا ما (ذبها)- أي طردها- عادت من جديد ولا تبالي..!
والجانب الثالث من حظو ذبابة أوباما بالاهتمام، هو السؤال المشروع، عن كيفية وصولها للجانب الشرقي من البيت الابيض، رغم اجراءات النظافة التي من المتوقع ان تكون سائدة وفق أعلى درجات الجودة في «مطبخ» القرار العالمي..؟!
صديقي اللماح محمد عبد القادر العائد قبل أشهر من أمريكا يوسع دائرة الاستفهام..ليتساءل عن كيفية ومواقيت وصول تلك الذبابة الاراضي الامريكية..!
بالنسبة لي حادثة الذبابة كشفت بوضوح طريقة تفكير ابن عمنا باراك ومنهجيته التكتيكية في التعامل مع الخصوم.. فهو يبحث - ما استطاع- عن أسلم الطرق لتحقيق أصعب المكاسب. وما أن تضيق عليه الخيارات أو تنعدم كان خياره تكتيك الهدوء العاصف..الاسترخاء مقابل الاطمئنان ثم الانقضاض السريع الخاطف ،تحقيق أكبر المكاسب في أسرع الاوقات بأقل جهد..عكس السابق بوش الذي تعود ان يصل الى أقرب الاهداف عبر أطول الطرق وبأغلى الاثمان..!
اطلعت قبل نيفاشا على رواية منقولة عن الراحل دكتور جون قرنق وهي انه اثناء زيارة قام بها لقواته في الغابة كان يتحدث معهم وجميعهم جلوساً على الارض «قرص» من قبل حشرة مجهولة..فظل الرجل لمدة ساعة يتحدث عن المعارك القادمة وأوضاع الحركة الشعبية، وعيناه على الارض، تبحث بتوتر عن الحشرة المعتدية. الى أن وجدها فلقيت حتفها على يده..!
اذا كان أوباما قد نجح في القضاء على الذبابة - مجهولة المصدر- فان ذبابة أخرى معلومة النسب ظلت تطارد الدكتور حسن الترابي منذ السبعينات الى اليوم، فكلما فتح فمه للفتوى حطت على شفتيه..!