الرأي الشعبي : متى يُحترم ؟ ومتى لا يُحترم ؟

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الرأي الشعبي أو الرأي العام هو ذلك الصوت القادم من العمق يحمل أنات وآلام جسام تعبر عن معاناة صاحبه أو أمته أو وسطه الذى يعيش فيه غالباً غير مسموع ونظر الساسة اليه مجرد كلام لا يهتم به ولا يُحترم ، كذلك لأصحاب السلطة رأى مخالف للعامة يتحول في أغلب الأوقات إلى سلطة مستبدة بعض الساسة يتلاعبون بعقول الشعب يصرحون ويقولون وكأنهم في واد والعامة في وادٍ آخر وحينما تسمع أقوالهم وتصريحاتهم يصيبك الوهم هل ما سمعته صحيح ؟ وإذا كان كذلك لماذا المعاناة والمشقة والضيق وارتفاع الأسعار ومصادرة الصحف أمر محير للغاية إنها مسألة تضليل للعقول وبهذه الصورة يعتبر الرأى إحدى أدوات القهر التى تسعى السلطة من خلالها الى تطويع الشعب لأهدافها الخاصة التى تعمل على ترسيخ النظام وتثبيت دعائمه وهنا تغيب كلمة الحق ويظل الشعب المسكين غير آبه بما تقوله السلطة ويعتبر كل ذلك تضليل يعبر عن واقع مزيف ، سياسي يتحدث عن أن اقتصاد البلاد متين وأنه يعمل بخطة خمسيه  ومرة يسهو ويسميها عشرية والمواطن يلهث للحصول للقمة عيش شريفة وارتفاع في الأسعار وارتفاع العملات الأجنبية وانخفاض فى سعر الجنيه السوداني والغريب الساسة يضربون الأمثلة ببعض الدول وكأنهم يتحدثون الى أنفسهم، أيها الساسة أن الاستخفاف بالشعب ليس من منهج الإسلام لان الإسلام يبنى خطابه على أساس كرامة الإنسان لذلك يجب احترامه وتقديره فالإنسان هو المخاطب بشرائع الإسلام تلقياً وممارسة ومسؤولية هذه الشرائع لا تخاطب كائناً هامشياً مهملاً وإنما تخاطب انساناً كريماً معتبراً  فالشعب له قيمة واعتبار لذلك فإن الرأي العام معتبر فى المنهج الإسلامي من حيث الأصل مادام رأياً مستنيراً ذا معايير سليمة ومعقولة ومتوازنة .نحن فى دولة إسلامية كما صورها الساسة إلينا لذلك علينا أن نسمع آراء الآخرين وأن لا نضع عبارة معارض فى أذاننا فهى تمنعنا عن معرفة الحقيقة والشاهد أن كل من يقول هذا خطأ يعتبر معارض الآن قيلت كلمة خطأ من داخل الحزب الحاكم جاءت عبر مذكرات رفعت لرئيس الجمهورية هل الذين كتبوها ووقعوها معارضين ؟ علينا أن نقف ونسمع ونحترم الرأي العام حتى نُصلح مسار البلاد التى تجزأت وتقسمت بفعل السياسيات الخرقاء الجوفاء التى لا يزينها سواء الكلمات الرنانة التي تجعل كل الحضور يرقص طرباً وعندما ينفض السامر تظل الحقيقة ثابتة فى مكانها توسعنا فى التعليم دون دراسة توسعاً سياسياً كانت نتائجه سالبه على مستوى الخريج شجعنا التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي فكانت النتيجة شريحة غير قادرة تركت مقاعد الدراسة وذهبت للشارع للبحث عن عمل ، الصحة تحولت الى مراكز جابية أكثر منها شافيه . الصورة واضحة والشعب مدرك واع عارف والذين يقولون أن ربيع البلاد قد ذهب دون رجعة واهمون ، فالشعب محتار فى البديل سلطة عاجزة معارضة سالبة لا تحرك ساكن  فمن الحكمة أن نقف فى هذه النقطة دون حراك ونترك الأمور تسير ببطء فالقادم أخطر . أيها الساسة انظروا إلى واقع البلاد بعين مجرده عيشوا الواقع بصوره حقيقية  وحاسبوا ضمائركم وتذكروا أن الله سبحانه ينزع الملك نزعاً وأنك أيها السياسي سوف تكون بين يديه لحظة الحساب وتذكر أن الفاروق عمر بن الخطاب  قال والله لو عثرت ناقة أو بغلة فى احد الروايات بأرض العراق أنا مسئول عنها ، وتذكروا حديثه مع ابن اللتيبه إذا لم تكن فى السلطة حُمِلت هذه الهدايا قال لا فأخذها ووضعها فى بيت مال المسلمين ، وتذكروا أن أحد ولاة مصر بلغ عنه ابن الخطاب بأنه جمع مالاً كثيراً طلبه الخليفة وسأله فقال عندى متسع من الوقت عملت فيه بالتجارة فعزله أريدك حاكماً وليس تاجراً هذا صفات الإسلام لماذا نقض الطرف عنها ؟ علينا أن نحترم الرأى الآخر وأن نحترم أنفسنا قولاً وفعلاً وليعلم أهل السلطة بأن المواطن محتاج لإعادة الثقة فى قولهم وفعلهم . الرأى الشعبى يمكن أن يتحول الى موجه غضب دفينه فى الإعماق وقد تتكسر عند شاطئ الخطاب السياسي المدعوم بقوة الدين التى تهز وتراً حساساً لعبت به السلطة كثيراً ، وعندما تأتى موجة أقوى مدعومة بفقر وجوع ومرض عندها تكون الخيارات مفتوحة ويظل الرأي العام محترماً ورأى السلطة غير محترماً . والله المستعان .

Elfatih eidris [eidris2008@gmail.com]

 

آراء