الراهن … صورة ثلاثية الأبعاد !!

 


 

 

عقدت حركات سلام جوبا ما أسمته(المؤتمر التداولي الاول) بمدينة الرصيرص بولاية النيل الأزرق طلع الأسبوع الماضي ، وذلك بغياب العدل والمساواة وحركة تحرير السودان (مناوي) و رموز لبعض المسارات التي إلتحقت بكيكة سلام جوبا ،و التحالف السوداني.

وقد أصدر كلا من حركة العدل والمساواة والتحالف السوداني بيانات إستباقية أوضحا فيها انهما غير معنيان بذلك المؤتمر وبالتالي فهما في حلٍ كامل عن مخرجات وتوصيات ذلك المؤتمر كما جاء في تلك البيانات . ومهما حاولت الأطراف التي شاركت في ذلك المؤتمر التقليل من غياب بعض أطراف الجبهة الثورية ووصل بها الحال الي إختلاق الأعذار للغائبين أو المغيبين إلا أن ذلك لا يخفي طبيعة الأزمة التي تعيشها (الجبهة الثورية ) سواء كان في تناقضات تركيبتها الداخلية (عقار-عرمان) نموذجا ، أو حتي في فقدان ذلك الكيان لأهدافه الاستراتيجية التي تخلي عنها طواعية بعد ان أختار العسكر (رفاق البندقية) ونفض يديه تماما عن جماهيره العريضة التي تغني بأحلامها علي مدي عقود من الزمان أي قوي الهامش التي غادرها غير آسف الي دائرة المركز وإمتيازاته .

جاء البيان الختامي (مسموما) برغائب الحالة السيادية في دعوته للتصالح مع العسكر ودون إشارة للشهداء ، ولا للنازحين الذين تضمهم معسكرات اللجوء، مع إشارة خجولة لانقلاب الحادي وعشرين من أكتوبر وحشوا لغويا من مناورات السياسة التي لا تخفي علي عين راصدة ، ثم مبادرة رمادية تكشف عن التشوهات الخلقية لتلك الجبهة وهي تختار أن تعرج إلي (جانب الحائط)في وقت باتت فيه الآشياء إما أبيض،أو اسود وقد تبينت الجماهير تماما في دغش الثورة ألوان الخيوط من أبيض وأسود .

حاشية (سددت ولاية النيل الأزرق الأزرق تكاليف المؤتمر من موارد مواطنيها الشحيحة الذين تواصوا بالصبر ).

 

(2)

حمدانوف دقلو العائد من موسكو ، لم يتأن حتي لتعصف رياح الفجر ب (آثار قدم السارق) لتصعب المهمة علي قصاصي الأثر ،ولكنه إندفع مباشرة الي الشرق والموانئ ليعد المسرح لصفقة راودت خياله كثيرا وتتراوح بين تصدير الإبل والبشر والمعادن ،ثم تلك القواعد الروسية التي تجعل البلاد في مصاف (جيبوتي ) التي يتخذها نموذجا مثاليا في رهن البلاد للقواعد الأجنبية( ومالو وكلو بقروش وبالغانون ).

ثم يجترح خطوطا حدودية لقبائل الشرق تسمح له باللعب علي المعادلات القبلية لسرقة تلك المعادن الكامنة في تربة الشرق والتي اوحت للروائي المصري صبري موسي ب(فساد الأمكنة ) في غياهب جبل الدرعية وحوافه المسننة أو حتي في أطراف الشلاتين والتي تصور الفقر الأبدي والإنسان المقهور .

ثم يعرج دقلو لنفخ جذوة القبيلة في أرض الجزيرة ليحيلهامن (أرض المحنة) الي كانتونات قبلية وحيازات متصارعة تفتح الطريق أمام أوهامه المستقرة في إقامة مملكته المسنودة بالقبائل من خور برنقة غربا إلي دلتا طوكر شرقا ومن حلفا شمالا إلي جبال طروجي جنوبا .

 

(3)

في الخرطوم البرهان يطلق أفاعي الفلول ويفك تجميد أرصدة 664 فردا و 373 شركة ومؤسسات مالية كانت قد جمدتها لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ،ثم تعود تلك الجهات وكعادتها بغمر السوق بتريليونات من العملة السودانية بحثا عن الدولارات أو ما تيسر من العملات الصعبة ،ثم تحيل حياة المواطن الي جحيم في ذلك الانفلات الجنوني للأسعار وسط تخبط البنوك في تثبيت أسعارها وصمت المركزي وكانما الجميع ضالعين في أقامة ذلك الجحيم الذي أوقدت ناره اللجنة الاقتصادية بقيادة حمدانوف .

يتزامن ذلك مع حملات الاعتقال التي طالت العديد من المناهضين للسلطة الانقلابية ، والاختفاء القسري ، وتعج مراكز الشرطة بمئات الناشطين من الشباب والأطفال ، ويحصد الخرطوش والرصاص المطاطي ، أرواح العشرات وتغطي سماء الخرطوم غازات مسيل الدموع ، ويجري السلب والنهب جهارا نهارا ، في وسط المدن وأطرافها وفي العديد من أرياف السودان ،وهناك في دارفور تجري سياسة التهجير والتطهير العرقي علي قدم وساق ومليشيات مسلحة عابرة للحدود تنفذ سياسة الإحلال والإبدال .

خلف تلك الصورة الاستباقية تتمحور إوهام الفلول وربائب الشمولية وقد أعدوا المسرح تماما لمرحلة قادمة متناسين أن التاريخ لا يعيد نفسه.

وقد عرفنا تلك الانقلابات الدرامية في يونيو 1989 ومجهودات ألوان وقصص القتل والاختفاء القسري ثم البيان الاول الذي يبني علي حالات الرعب والفزع والغلاء ثم (هي لله هي لله).

فهم الان يتحركون كالبراغيث في ثوب الوطن ، وقد أعاد البرهان الأمن الشعبي وبكامل هياكله وتم أختراق الدعم السريع حتي في قمة حصونه التي تمثلها (مخابرات الدعم السريع) وزرعوا كل ضباطهم حول مفاصله الهامة .

وانطلق كتابهم الذين كانوا يدافعون حتي الامس عن أكذوبة (تصحيح المسار) ردحا وتبشيرا بمآلاتها و لذلك الانقلاب وقادته، وها هم الان يغازلون عواطف الشعب بالأمن والأمان المفقود وجنة من صنع أخيلتهم المريضة.

يبدو أن المسرح جار أعداده لانقلاب من ذلك النسق الدرامي ،انقلابا سيتغني بالديمقراطية واحلام وأشواق الشباب وبالتداول السلمي للسلطة.ومن ثم يعيد البلاد الي قبضة الإسلاميين .

غير أن المقاومة وبمختلف أطيافها ما أنفكت تزلزل عروش الانقلابيين وذلك من أجل وطن ديمقراطي مستحق تهون في سبيله كل التضحيات .

 



musahak@hotmail.com

//////////////////////////

 

آراء