الرجل الذي فقد ظله وقبعته وصديقه الذي فقد حذائيه في بيت البكاء

 


 

 

=======

هناك علاقة وطيدة،وذات دلالة اجتماعية ،وأحيانا ذات تطابق غريب ،بين عالم السينما والأفلام والمسلسلات العربية وكتب الخيال العلمي ودراسة الحالة في العيادات النفسية ،وواقع الحياة السياسية واسقاطاتها في السودان.
ولعل ابسط مثال عن تلك المقاربات، عندما يفقد الساسة عندنا أهم قدراتهم العقلية والنفسية ولا يفكرون الا في حماية أنفسهم ويتحولون الي كائنات خرافية ،بحيث تصبح تركيباتهم الذهنية مختلفة عن تركيبة البشر العاديين، كما عبر عن ذلك الكاتب ( أوليفر ساكس ) الطبيب النفسي الامربكي ، في كتابه الشهير ( الرجل الذي حسب زوجته قبعة) وهي شبيهة بقصة ( الرجل الذي فقد حذائه في بيت البكاء) في السودان..
وهناك ايضا، الكثير من القادة السياسيين ،عندنا، ممن فقدوا قباعتهم...كانوا يمتلكون السلطة والقوة والفرصة لدخول التأريخ من أوسع أبوابه.. ولكنهم اضاعوها وفقدوا قبعاتهم..وفقدوا احترام ذواتهم بين الناس.
وهناك ( الرجل الذي فقد ظله ) ...والعنوان مأخوذ من رواية الكاتب المصري ( يحيي غانم) ،التي تحولت الي فلم سينمائي، بذات الإسم، بطولة ماجدة، وصلاح ذو الفقار،وكمال الشناوي،حيث الصراع بين ( الثوري) و( الانتهازي).. حيث يتجرد الاخير من كل القيم والأخلاق والتقاليد الاجتماعية في سبيل تحقيق منافعه الخاصة، في مقابل الثوري الذي يسعي لبناء عالم جديد لوطنه تسوده الحرية والعدالة والمساواة واحترام الحقوق.
ومن الأفلام العربية المشهورة ذات الاسقاطات السياسية لواقعنا المحلي في السودان، فلم( الرجل الذي باع ظهره) للتونسية ( كوثر بن هنية ) ،وكان من الأفلام المرشحة لجائزة( الاوسكار) عام 2021 في مهرجانات السينما العالمية في نيويورك..وفيه قصة البطل الذي ( يبيع) ظهره لأحد الرسامين التشكيليين، ليحوله الي لوحة فنية متجولة ومتنقلة بين الدول بمثابة التأشيرة التي سوف يعبر بها الحدود والوصول الي حيث توجد حبيبته في بلاد المنفي.. والحبيبة ،هنا، قد تكون الوطن المفقود الذي نبحث عنه في قلوب ووجدان الدول الكبري الصديقة والشقيقة ..كما فعل بعضنا في المنافي.
ايضا ،من المسلسلات العربية الجميلة ،مسلسل ( الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين) للكاتب العربي المعروف نجيب محفوظ..بطولة احمد زكي وهالة فؤاد. ..وهو قريب في قصته من فلم( الرجل الذي فقد عقله) للكاتب ( علي الزرقاني) وبطولة عادل إمام وفريد شوقي...وكذلك فلم ( الرجل الذي فقد وطنه)..من رواية ( فتحي غانم) بذات الاسم.
وتشترك الأحداث الدرامية في تلك الأعمال بأن أبطالها ينسون ولا يتذكرون ما يقولونه او يعدون به لسبب او اخر ..ماعدا الفلم الأخير حيث ظل البطل يبحث عن وطنه ويخوض المعارك لاسترداد أرضه وشعبه كما يعمل أبطالنا الثوار في وقفاتهم وتظاهراتهم اليومية من اجل العزة والكرامة وبناء الوطن.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4y4f@ hotmail.com

 

آراء