الرقم الوطنى والجواز الجديد : القاعدة والإستثناء !

 


 

فيصل الباقر
12 August, 2015

 

 

هناك قصص وحكاوى، يشيب لها الولدان، بعضها أقرب إلى الخيال، فى الذاكرة السودانية، عن تعامل الإدارات الحكومية المختلفة، مع المواطنين السودانيين، فى الداخل والخارج، فى تقديم الخدمات، ونُخصّص موضوعنا اليوم، للرقم الوطنى والجواز الإلكترونى ( الجديد)، والأخطاء التى تُصاحب هذه العملية، التى من المُفترض أن تكون بسيطة، وأن تمر بدون " أخطاء غبيّة "، ولكن هيهات!. نبدأ بالتذكير السريع، بالأخطاء فى الأسماء، والأعمار، وغيرها، من الأخطاء القاتلة، التى تُجبر المواطنين، لتكبُّد مشاق " الإعادة"، وما تلحقه بـ( الضحايا) من أضرار معنوية وماديّة، إذ كشفت مُتابعاتنا الصحفية - ومُتابعات غيرنا- أنّ هناك تجارب لمواطنين كُثُر، إكتشفوا عدم (إعتراف) بعض مؤسسات الدولة - سلطات الأراضى نموذجاً- بالجواز الإلكترونى (الجديد)، حيث يُواجهون - عند تقديمه كوثيقة رسمية - بالإصرار العجيب، على المُطالبة بإحضار (البطاقة القومية )، (الجديدة ) رُغم وجود الجواز (الجديد)، والذى لا يُستخرج أصلاً، إلّا بعد الحصُول على الرقم الوطنى، وذلك بحجج واهية، بل سخيفة، من بينها أنّ الجواز الجديد فيه " مشاكل" !...ومن غرائب وعجائب و " مشاكل " الجواز (الجديد)، أن يكتشف المرء فى " لحظة ميلاد" / إستلام الجواز الجديد، أنّه/ا مُقيّد/ة ومحسوب/ة ومكتوب/ة وموصوف /ة فى ( سِفر الدولة العظيم ) ، وفى وثيقة حكومية رسمية، فى خانة " الجندر" أى ( النوع ) العكس تماماً، أى (يتحوّل) ويصبح هُنا ( آدم ) أُنثى و( حواء) ذكر!..أمّا " تصحيح الخطأ "، وتصويبه، فهو أيضاً عذاب، وله تكلفته ومشاقه " معنوياً وماديّاً " ، ولا يقوى عليها إلّا الأشدّاء، من ذوى الصبر الأيوبى !..نقول هذا، وهو القاعدة، ونُشير إلى أنّ لكل قاعدة إستثناء، وفى الحالتين، هناك الملايين من مواطنين والمواطنات ، مازالوا ينتظرون - على أحر من الجمر- هذه الخدمة، التاريخية، فى الداخل، وفى  الخارج، على وجه الخصوص، قبل أن تتسرّب من بين أيديهم/ن الفرصة التاريخية، بإنقضاء المدة المحدّة لإنتهاء العمل بالجواز( القديم ) والمقرّرة بتأريخ 25 نوفمير 2015، والتى - ربّما - يضطر بعدها حملة الجوازات القديمة، لأن " يبلُّوها ويشربو مويتها"!. فى نيروبى، التى أقيم بها منذ سنوات، كانت عملية إستخراج الرقم الوطنى والجواز الإليكترونى ( الجديد)، سانحة كًبرى للكثيرين والكثيرات لإجتياز " إختبار أوإمتحان " (دخول السفارة السودانية) ..إذ دخل كثيرون وكثيرات، مبنى السفارة، لأوّل مرّة، وفى الذاكرة تجارب محزنة، وبعضها مُرعب، فى التعامل الرسمى مع المواطنين، وفى دخول السفارات والقنصليات السودانية فى كثيرٍ من البلدان، حيث الداخل" مفقود"والخارج " مولود"، ومن بين تلك التجارب العجيبة والمؤسفة، تجربة المهندس " المُغترب" الذى دخل قنصلية وطنه بمدينة جدّة السعودية، للحصول على خدمة، إستخراج جواز لطفلته المولودة حديثاً، وإستبدال جواز زوجته ( القديم)، بالجواز الإلكترونى ( الجديد)، فتعرّض فيها للإهانة والإساءة والتحقير والضرب و"التعذيب"، ومازال موضوع المُساءلة والإنصاف، وجبر الضرر فى هذه القضية الـ(حقوق إنسانية) يقف " محلّك سر"، فى ذمّة لجنة أو لجان التحقيق!.( تفاصيل تلك الحادثة، موجودة على الشبكة الإلكترونية ). من الإستثناءات الجديرة بالتوثيق، تجربة استخراج هذين الكائنين الهامّين (الرقم الوطنى والجواز) فى السفارة السودانية بنيروبى، إذ لاحظ كثيرون ممّن دخل مبنى السفارة، فى تلك الأيّام المشهودة، حُسن التعامل، والإحترام والتقدير، والتعاون التام، من العاملين بالسفارة، بدءً بالسفير وكُل العاملين، مُضافاً إلي ذلك،الإحترافية العالية، والتفانى فى تقديم الخدمة وأداء الواجب، على أحسن وأنضر وجه، من فريق إجراءات إستخراج الرقم الوطنى والجوازات، القادم من الخرطوم، بمعاونة كبيرة و قيادة حكيمة ومُحترفة، للقسم القنصلى، لسفارة السودان بنيروبى، ورغم (طارىْ )الإستثنائى "الشبكة طشّت"، فإنّ جهود وعزيمة إستعادتها، بالسرعة الفائقة، كانت هى القاعدة، والبلسم الشافى، للجموع  المنتظرة للخدمة ... ولن أنسى الجُهود التنسيقيّة والتويرية والإعلامية المقدرة، التى قامت بها الجالية وقيادتها. نختم بوصايا ومقترحات عدد مُقدّر من المواطنين والمواطنات السودانيين بكينيا ، وقد جائتنى بصفتى الصحفية الدائمة، وبحكم وضعى الحالي فى قيادة الجالية، ولجنتها التنفيذيّة، ولأنّ "الوصيّة فى الذمّة"، فى قيم وتقاليد أهلنا البسطاء، لن أتردّد فى أن أرفع الصُوت عالياً، فى الثناء على تجربة إستخراج الرقم الوطنى والجواز الإلكترونى بنيروبى، وفى طرح السؤال المشروع : لماذا لا تُستكمل هذه الجهود الخدمية الضرورية والهامة، وتأخذ صفتى (الإستمرار والإستقرار)، وذلك، بإفتتاح (مركز دائم) لخدمة إستخراج الرقم الوطنى وإجراءات تجديد وإستخراج الجواز الإلكترونى، بأقليم شرق أفريقيا، أسوة بدول الخليج ومصر، وغيرها، ومن المحفّزات الإستفادة من الوضع الجغرافى، واللوجستى، والمحورى، لـ(نيروبى) فى المنطقة كُلّها، فهى مؤهّلة  للقيام بالدور، لأسباب كثيرة، معلومة للجميع. بقى أن نُضيف، غادر نيروبى، فريق إستخراج الرقم والوطنى، وإجراءات الجوازات، يوم 12 أغسطس، إلى العاصمة التنزانية، دار السلام، ليعودوا منها يوم 14 أغسطس الجارى، وليغادروا كينيا فى نفس اليوم، إلى يوغندا، لقضاء عشرة أيّام عمل بكمبالا، ثُمّ يعودوا لنيروبى، لبضعة أيّام أخيرات، لإستكمال مهمّتهم التاريخية فى شرق إفريقيا، ويعودوا بعدها للخرطوم، فى الثالث من سبتمبر المقبل !.. وحتماً، فبمثلما شهد الناس لتجربة كينيا بالنجاح، " حتّى إشعار آخر " ، فإنّ للتجربة فى البلدين الآخرين ( تنزانيا ويوغندا)، كما فى تجارب البلدان الأُخرى، من يشهد لها أوعليها !.

faisal.elbagir@gmail.com

كككك

 

آراء